ألقى الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف كلمة في الجلسة الافتتاحية للقمة الدينية العالمية الأولى بعنوان: "دور القيم الروحية والأخلاقية في الأديان التقليدية .. وسبل تعزيز قيم الحوار بين الطوائف والأعراق في العالم المعاصر" والتي تنظمها الإدارة الدينية لمسلمي سانت بطرسبرغ . 

وأكد وزير الأوقاف أنه قد عاش في هذه المدينة عالم مصري من علماء الأزهر الشريف وهو الأستاذ الجليل الشيخ محمد عياد الطنطاوي، والذي تخرج في الأزهر الشريف ونال شهادة العالمية، ثم كلفه شيخ الأزهر حسن العطار أن يسافر إلى روسيا في رحلة استمرت سبعين يومًا، عانى فيها مشقة السفر حتى وصل إلى هنا حيث الأرض الطيبة مدينة سانت بطرسبرج العظيمة والعريقة، وأقام هنا فيها 21 سنة حتى توفي ودفن هنا في ضاحية فولكوفا، وأقام فيها يعلم اللغة العربية والعلوم الإسلامية وامتدت أواصر الصداقة والأخوة بينه وبين بقية العلماء والدارسين من جنسيات متعددة ومن أديان مختلفة.

وأشار إلى أنه كان عالمًا جادًّا، بعيد النظر، واسع الأفق، نجح في بناء الجسور في مختلف الأديان والثقافات، وحظي بتقدير الدولة الروسية؛ حيث قلده قيصر روسيا في ذلك الحين أحد أرفع الأوسمة، وأعجب به تلامذته وأصدقاؤه من الروس وغيرهم حتى ألف عنه الأستاذ الكبير كراتشكوفسكي كتابًا باللغة الروسية عن حياة هذا العالم الجليل، وقمنا في مصر بترجمة هذا الكتاب وطباعته، وسفير روسيا في مصر قبل عدة سنوات ذهب إلى القرية التي ولد فيها هذا العالم الجليل وأقام له تمثالًا في مدخل قريته، ويحرص سفير روسيا كل سنة أن يذهب لوضع إكليل من الزهور عند تمثال هذا العالم الجليل الذي يمثل صورة مبكرة لما تنادي به هذه القمة الدينية العالمية الأولى، ويمثل نظرة مبكرة لما يمكن أن نصنعه سويًّا ونقدمه من خير ومن عطاء لبلادنا ولأوطاننا وللإنسانية كلها.

وأضاف أن هذا العالم الجليل قد ألف كتابًا عن روسيا وشعبها الكريم، وعاداته، وأخلاقه، وملابسه، وأزيائه، والأكلات المفضلة عنده، وسمى هذا الكتاب "تحفة الأذكيا في أخبار بلاد روسيا" وقد طبع هذا الكتاب.

وأكد وزير الأوقاف أن هذا العالم الجليل يمثل هدية مبكرة من أرض الكنانة مصر، ومن أزهرها الشريف إلى أصدقائنا وأشقائنا في جمهورية روسيا الاتحادية، والتفاعل والتواصل والانسجام الذي حصل بين الدارسين والعلماء الروس يمثل نموذجًا مبكرًا لما يمكن لنا أن نعيد إنتاجه وتجديده وإخراجه للعالم وللإنسانية.

وأضاف : كان من أهداف الاستجابة لهذا المؤتمر أن أتشرف بأن أكون بينكم وأن أشارككم في صناعة ميثاق عالمي للسلام والانسجام بين الأمم والحضارات، وأن أتشرف أيضا بزيارة هذا العالم الجليل؛ عرفانًا وإجلالًا وإكبارًا لدوره العظيم، مؤكدًا أن بيننا عددًا من الأمور نريد العمل عليها معًا، نحن ندرس في علوم الشريعة الإسلامية أن ديننا الحنيف وأن الشرع الإسلامي جاء ليحافظ على خمسة أشياء سميت عندنا بمقاصد الشرع الإسلامي، أي: الغايات والأهداف الكبرى التي جاءت علوم الشريعة من أجل بنائها وترسيخها.

المقصد الأول: حفظ النفس، فالإسلام جاء ليحافظ على نفس كل إنسان على وجه الأرض، قال تعالى: "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا" ليغرس في وعي الإنسان المسلم، كيف يعظم ويحافظ على حياة الناس جميعًا من كل صور الموت والقتل بما يجعل الإنسان يحيا حياة كريمة.

والمقصد الثاني: حفظ العقل، بأن تفكر العقول بطريقة منهجية سديدة، وأن تنطلق، وأن تبدع، وأن تفكر، وتستكشف، وتعمر، فحفظ النفس وحفظ العقل، ثم حفظ الدين وهذه القمة الدينية  العالمية لأجل التنسيق والانسجام والعمل بين الأديان جميعًا، ثم حفظ الأعراض والسمعة الشخصية لكل إنسان، ثم حفظ الأموال والممتلكات، ثم يأتي أحد علمائنا الكبار الإمام الشاطبي يقول: وهذه المقاصد الخمسة ليست مقصدًا خاصًّا بالشريعة الإسلامية فقط؛ بل إنها مقاصد للأديان جميعًا.

وأشار وزير الأوقاف إلى أنه يمكننا أن نلتقي على ضفاف هذه الكلمات الخمس ويمكن أن أضيف إليها كلمة الوطن، كلمة الوطن كلمة شديدة الأهمية ولها في تراثنا الإسلامي عمق، مشيرًا إلى أنه ألف كتابًا كاملًا حول قيمة الوطن.

وتوجه وزير الأوقاف بكلمة إلي كل المسلمين في جمهورية روسيا الاتحادية بأن يتخلقوا بهذا المعنى، وأن يكون كل واحد منهم مواطنًا صالحًا في بلده الذي ينتمي إليه، يحبه ويكون وفيًّا له، ويسعى في كل ما فيه رفعته، ويجمع شمل كل أبنائه في الأديان والأعراض كافة، مضيفًا أن هناك قيمًا تحافظ على بقاء الإنسان وتحافظ على حماية الإنسان؛ مثل: الصلة بين الناس، ومثل: بر الوالدين، ومثل: الصبر، ومثل: الرضا، وغير ذلك من القيم، لكن نوعًا آخر من القيم ليس فقط لبقاء النوع الإنساني بل قيم للانطلاق بالنوع الإنساني، منها: الأمل، والهمة، والعلم، والتواصل، وبناء الجسور، وحماية الرحم الإنساني، منها: تعظيم قدر التعليم، منها: الاكتشاف والاختراع، إلى غير ذلك من القيم التي نقدمها اليوم هدية لتكون لبنة نتعاون معًا من خلال خلفياتنا وأدياننا كافة في ترسيخها.

واختتم وزير الأوقاف كلمته بأنه قد ظهر مؤخرًا عدة صيحات وفلسفات هنا وهناك تنادي بنظرية "صدام الحضارات" وكان أحد أكبر المتحدثين الفيلسوف أو الكاتب صامويل هامبيتون، وتكاد تكون هذه الأطروحة قد حظيت بانتشار كبير، ولعلها شكلت وعي عدد من المؤسسات بل وبعض الدول التي ترسخ لفكرة الصراع والصدام.

ودعا وزير الأوقاف في القمة العالمية إلى طرح مصطلح يكون بديلًا لـ"صدام الحضارات" وهو "تعارف الحضارات"، بحيث يكون التعارف بين الحضارات والأديان والثقافات والأعراف والشعوب كافة، مختتمًا كلمته بقول الله عز وجل: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"، فالناس جميعًا ينتمون إلى أصل إنساني واحد مهما اختلفت أديانهم وثقافاتهم.

وطالب وزير الأوقاف في تعقيب له جميع المشاركين في القمة الدينية العالمية الأولى بروسيا إلى تأييد شعب فلسطين الأعزل، والذي يواجه آلة القتل والإجرام على يد إسرائيل، مضيفًا أننا كمصريين نرفض قطعًا تهجير الفلسطينيين من أرضهم، حتى لا يتم تصفية القضية الفلسطينية، ولدعم ثبات الأشقاء الفلسطينيين نسعى بكل ما نملك لإدخال المساعدات الإنسانية، وأن الحل الوحيد للأزمة هو قيام الدولة الفلسطينية على حدود ٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: وزير الاوقاف أسامة الأزهري أرض الكنانة الإسلام روسيا صدام الحضارات الفلسطينيين القضية الفلسطينية القدس وزیر الأوقاف جمیع ا

إقرأ أيضاً:

وزير الأوقاف: العدوان الإسرائيلي على غزة جريمة حرب تستهدف إفشال التهدئة

يدين الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، بأشد العبارات الغارات الجوية الإسرائيلية الغاشمة التي استهدفت قطاع غزة فجر اليوم الثلاثاء، وأسفرت عن استشهاد أكثر من 300 فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، في جريمة نكراء تنتهك كافة المواثيق الدولية، وتمثل تصعيدًا خطيرًا يهدد استقرار المنطقة بأسرها، وأكد أن هذا الاعتداء يعد خرقًا صارخًا لاتفاق وقف إطلاق النار، ويفضح سياسة الاحتلال القائمة على العدوان والتنكيل بالشعب الفلسطيني الأعزل.

ويؤكد وزير الأوقاف أن استهداف المدنيين العزّل، وتدمير المنازل والمرافق الحيوية، يعد جريمة ضد الإنسانية، تفرض على المجتمع الدولي اتخاذ موقف حازم لوقف هذا العدوان الغاشم، كما يشدد على أن الدم الفلسطيني ليس رخيصًا، وأن الصمت الدولي تجاه هذه المجازر غير مقبول، بل يشجع الاحتلال على التمادي في جرائمه، مما يتطلب تحركًا دوليًا عاجلًا لوقف هذه الانتهاكات الجسيمة.

ويعرب الدكتور أسامة الأزهري عن رفضه القاطع لكل الممارسات الإسرائيلية الرامية إلى تأجيج الصراع وإفشال جهود التهدئة، مؤكدًا أن استمرار العدوان لن يجلب سوى المزيد من المعاناة والدمار، وسيزيد الاحتقان في المنطقة ويفتح الباب أمام موجة جديدة من العنف والعنف المضاد.

كما دعا إلى استكمال تطبيق خطة إعادة إعمار غزة في ضوء الرؤية المصرية التي اقترحتها الدولة المصرية لإنهاء الصراع، مشددًا على أن إعادة الإعمار ليست مجرد جهد إنساني، بل التزام أخلاقي تجاه الشعب الفلسطيني الذي يعاني من تبعات العدوان المستمر، وأكد أن الجهود المصرية لعبت دورًا محوريًا في دعم غزة، سواء من خلال المساعدات الإنسانية العاجلة أو عبر مشاريع إعادة الإعمار، كما شدد على ضرورة حماية البنية التحتية الفلسطينية من التدمير الممنهج، ووضع آلية دولية لضمان استمرار جهود الإعمار دون تدخل أو قيود تعيق تحسين حياة الفلسطينيين.

وفي هذا السياق، يطالب وزير الأوقاف المجتمع الدولي، ومنظمات حقوق الإنسان، والهيئات الدولية، بسرعة التدخل لوقف هذا العدوان، واتخاذ إجراءات رادعة تمنع تكرار مثل هذه الجرائم، مؤكدًا أن القضية الفلسطينية لن تموت، وستظل في صدارة الاهتمام العربي والإسلامي، وأن الاحتلال لن ينجح في كسر إرادة الشعب الفلسطيني الصامد.

وشدد الدكتور وزير الأوقاف على أن القضية الفلسطينية تظل الأولوية الكبرى للأمة الإسلامية، مؤكدًا أن الحل العادل يتمثل في إقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967م، مع رفض أي مخططات لتهجير الشعب الفلسطيني أو تصفية قضيته العادلة، مشيرًا إلى أن مصر لن تقبل بأي حل إلا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

اقرأ أيضاًبعد نجاح برنامجه «قطايف».. وزير الأوقاف ورئيس الهيئة الوطنية للإعلام يكرمان سامح حسين

رئيس الوزراء ينيب وزير الأوقاف في حضور احتفال دار الإفتاء باستطلاع رؤية هلال شهر رمضان

وزير الأوقاف ومحافظ القاهرة يتفقدان مسجد السيدة نفيسة استعدادًا لشهر رمضان

مقالات مشابهة

  • وزير الأوقاف: العدوان الإسرائيلي على غزة جريمة حرب تستهدف إفشال التهدئة
  • الأردن يؤكد دعمه الثابت للقضية الفلسطينية وسط تصاعد العدوان على غزة
  • السلام هو الحل لليمن
  • بعدما كان الوحيد في العالم…أخيراً إلغاء كونترول المزدوج لختم الجوازات بمطارات المملكة
  • وزير الاستثمار: مصر بوابة للأسواق العالمية وجاذبة للاستثمارات الهندية
  • فيديو. مضران : نهضة بركان الفريق الوحيد في العالم الذي إحتفلت الطبيعة بفوزه بلقب البطولة
  • عضو خارجية النواب تكشف دور مصر الداعم للقضية الفلسطينية
  • وزير الاستثمار يستعرض تنفيذ مشروع الرقابة على السلع الصناعية.. نواب: تضع مصر على خريطة التجارة العالمية.. والرقابة على الأسواق ودعم الصادرات أبرز فوائدها
  • مرغم: وزارة الأوقاف ليس لها سلطة على المساجد.. وأموال الأوقاف يجب أن تكون مستقلة عن الدولة
  • ستارمر: الحل الوحيد لإنهاء الحرب في أوكرانيا هو سلام عادل يصون سيادة البلاد