تأثيرات مواقف هاريس من تطورات المنطقة على حملتها الانتخابية
تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT
واشنطن- كيف للمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس ممارسة مهامها في البيت الأبيض كنائبة للرئيس الأميركي وسط كل ما يشهده الشرق الأوسط من توتر وتصعيد وأعمال عنف غير مسبوقة، في وقت تنشغل فيه بحملة انتخابية رئاسية صعبة تتطلب الكثير من الوقت والتركيز والسفر لولايات مختلفة؟
سؤالٌ يدور بأذهان خبراء ومراقبين في واشنطن في وقت لا يبدو فيه -واقعيا- تصور أي هدوء قادم إلى جبهات القتال المشتعلة قبل 3 أسابيع على الانتخابات الرئاسية الأميركية.
ومع اقتراب الانتخابات، فإن تورط واشنطن المباشر والمتزايد ضد إيران ووقوفها بجانب إسرائيل، والذي كان من آخر خطواته إرسال منظومة صواريخ "ثاد" و100 عسكري لتشغيلها في إسرائيل، قد يجعل الصراع في الشرق الأوسط قضية ذات أولوية أعلى للناخبين الأميركيين خاصة المسلمين واليهود.
تعقيد الحملةفي بيانها تعقيبا على الهجمات الصاروخية الإيرانية على إسرائيل في أول أكتوبر/تشرين الأول الجاري، قالت هاريس "كنت في غرفة العمليات برفقة الرئيس جو بايدن وفريق الأمن القومي في وقت سابق من اليوم، وكنا نراقب الهجوم بشكل مباشر، وأكدنا على أن حماية جنودنا في المنطقة هي أقصى أولوياتنا".
وتابعت "وأنا أدعم بشكل كامل الأمر الذي وجهه الرئيس بايدن للجيش الأميركي القاضي بإسقاط الصواريخ الإيرانية التي تستهدف إسرائيل".
وبعد ساعات من هجمات إيران، صعدت هاريس إلى الطائرة الرئاسية الثانية في طريقها إلى ولاية جورجيا المتأرجحة حيث تفقدت آثار إعصار هيلين المدمر الذي ضرب الولاية، وشاركت كذلك في عدة فعاليات انتخابية.
وبرأي جيريمي ماير الأستاذ بكلية السياسة والحكومة في جامعة جورج ميسون بولاية فرجينيا، فإن التوتر في الشرق الأوسط يُعقد حملة هاريس، إذ لا تزال في منصب نائب الرئيس ولها دور كبير في صنع القرار الحالي بالبيت الأبيض.
وقال للجزيرة نت إن هاريس تتلقى اللوم من كلا الجانبين مع تفاقم الأزمة، و"مع ذلك فهي ليست مسؤولة بأي شكل من الأشكال عن سياستنا. فهي لم تستطع أو تؤثر على مواقف بايدن، فقط كان عليها أن تدعم سياسته بحكم منصبها وقلة خبرتها في الشؤون الخارجية".
ويترك الانقسام بين الديمقراطيين المرشحة هاريس تسير مع خط رفيع يدعم إسرائيل من ناحية، ومن ناحية أخرى يحاول معالجة مخاوف الأميركيين المسلمين.
مجازفةوفي حين أعربت هاريس -مرارا وتكرارا- عن دعمها لإسرائيل ولإستراتيجية بايدن في الصراع، فإن لديها تاريخا في الإدلاء بتعليقات تشير إلى أن دعمها أقل ثباتا من دعمه. وقد غازلت هاريس باتخاذ موقف أكثر تشددا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن غزة، في وقت ترغب فيه بالظهور بمظهر الصارم والداعم الكامل لإسرائيل في وقت الخطر.
في الوقت ذاته، لا يمكن لها أن تجازف بالظهور بمظهر المتساهل مع إيران، التي تتمتع الولايات المتحدة بتاريخ طويل من العداء معها، والذي يعود إلى الثورة الإسلامية وأزمة الرهائن في الفترة من 1979 إلى 1981. ومع ذلك، فإن الوضع الحالي المحفوف بالمخاطر قد يكون خبرا سيئا لهاريس.
كما أن الامتناع عن القيام بدور في معاقبة طهران سيستغله منافسها الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب الذي كان لسنوات يتهم بايدن بأنه رئيس ضعيف أوصل الردع الأميركي إلى أدنى مستوى له على الإطلاق.
ومن ناحية أخرى، إذا عادت إدارة بايدن-هاريس إلى سياسة "العصا الغليظة"، وانضموا إلى إسرائيل في توجيه ضربات لإيران، فقد تكون هذه هي الورقة الحاسمة لمصير هاريس الانتخابي.
وفي هذا الإطار قال ساؤل أنزوزيس رئيس الحزب الجمهوري السابق بولاية ميشيغان للجزيرة نت "بغض النظر عن الجانب الذي تقف فيه، فإن كل صراع تقريبا يفضل قائدا قويا وهذا يساعد ترامب".
ومع حاجة هاريس لتأمين تصويت كتلة الناخبين المسلمين لصالحها، تضيق الخيارات الجيدة أمامها. ويرى حسين الرفاعي الناخب المسلم بولاية نيويورك أن "نهج هاريس المتمثل في اللعب على كلا الجانبين، هو محاولة للحفاظ على جاذبيتها الانتخابية ليهود ومسلمي أميركا".
وفي حديثه مع الجزيرة نت، قال الرفاعي إن مثل هذه السياسة يمكن أن تأتي بنتائج عكسية بسهولة، "فقد يرى الناخبون المسلمون أن هاريس لا تكترث بالدماء الفلسطينية واللبنانية والإيرانية بشكل كافٍ، في حين قد يشعر الناخبون اليهود أن هاريس لا تتخذ موقفا قويا بما فيه الكفاية للدفاع عن إسرائيل".
وبرأيه، فإن هذا التوازن يخلق نقاط ضعف لها، حيث سيتم التدقيق في مواقفها من كلا الطرفين، وهو ما قد يكلفها خسارة دعم أغلبية الكتلتين.
تخبطوعن تأثير التصعيد في الشرق الأوسط على حملة هاريس، أكد غريغوري كوجر مدير مركز هانلي للديمقراطية، والأستاذ بقسم العلوم السياسية بجامعة ميامي -للجزيرة نت- أن أنباء هذا التصعيد بمثابة أخبار جيدة لحملة ترامب بقدر ما هي تعقيد لحملة هاريس.
وأكد كوجر أن الصراع في الشرق الأوسط يُعقد حملة هاريس حيث يسلط الضوء على التوتر بين مجموعتين من الناخبين الذين تحتاج إليهم؛ اليهود الذين يميلون إلى دعم الحكومة الإسرائيلية أو على الأقل لا يعترضون على الاحتجاجات ضد سياساتها، والعرب والمسلمون الذين يميلون إلى أن يكونوا أكثر تعاطفا مع القضية الفلسطينية.
بالإضافة إلى ذلك، هناك فئات انتخابية أميركية أخرى (خاصة الأصغر سنا والملونين) عبّرت عن دعمها الواسع للجانب الفلسطيني، ومن الصعب على هاريس صياغة سياسة ترضي تصويت هاتين الكتلتين لها، خاصة أنها يجب أن تكون -في الغالب- مخلصة لسياسة إدارة بايدن الداعمة بشدة لإسرائيل، بحسب كوجر.
في حين ذكر أنزوزيس أنه من الواضح أن سياسات بايدن-هاريس والتخبط فيها يحبط العديد من الأميركيين العرب في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وقال "لقد رأيت حملة غير ملتزمين تختار عدم التصويت لكلا المرشحين، بايدن وهاريس. ومؤخرا أظهرت استطلاعات الرأي انقساما كبيرا بين الأميركيين العرب، وهو ما يصب في صالح ترامب".
وفي حديث للجزيرة نت، قالت كانديس توريتو مديرة برنامج التحليلات السياسية التطبيقية بجامعة ولاية ميريلاند، "في نهاية المطاف، لا يعرف الناخبون سوى القليل جدا عن الشؤون الخارجية، وهذا يساعد ترامب أيضا".
وتابعت "كل ما عليه فعله هو تعكير المياه قليلا من حيث مدى مسؤولية هاريس عن كل ما تفعله إدارة بايدن. أضف بعض اللغة المخيفة حول إمكانية توسع الحرب، وسيكون العديد من الناخبين غير مرتاحين بما يكفي لمسلك بايدن، وقد يصب ذلك في مصلحة ترامب".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی الشرق الأوسط حملة هاریس للجزیرة نت فی وقت
إقرأ أيضاً:
ترامب.. هل يُنهي حروب الشرق الأوسط؟
فاز ترامب بالانتخابات الأمريكية واكتسح كل الولايات المتأرجحة، والتي عادة ما تقرر هوية الفائز، وتسبب عدد من العوامل الموضوعية فـي هزيمة مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس لعل من أهمها سياسة الرئيس الأمريكي بايدن السلبية تجاه الإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني فـي قطاع غزة، رغم المظاهرات الشعبية الأمريكية خاصة بين طلبة الجامعات، كما أن انسحاب بايدن المتأخر نسبيا من سباق الانتخابات لم يعط هاريس وقتًا أطول فـي إطار الحملات الانتخابية، كما أن أصوات العرب والمسلمين فـي ولاية ميتشجين ذهبت للمرشح ترامب ومرشحة حزب الخضر. كانت هزيمة مدوية للحزب الديمقراطي على صعيد البيت الأبيض والكونجرس حيث هيمن الجمهوريون على مفاصل الدولة الأمريكية، ومن هنا يبرز سؤال مهم بعد فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية الجديد، وهو: هل ينفذ ترامب وعوده الانتخابية والتي من أهمها إنهاء الحروب والصراعات فـي الشرق الأوسط وأيضا إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية؟ هذه تساؤلات لرجل كان فـي البيت الأبيض لأربع سنوات سابقة وأيضا كان الملف الاقتصادي هو من أهم الملفات التي رجحت كفته فـي الانتخابات الأمريكية. الوعود الانتخابية شيء والتطبيق على أرض الواقع شيء آخر، ومع ذلك فإن هناك تفاؤلا بأن ترامب قد يرى من مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية اقتصاديا واستراتيجيا هو وقف الحروب والتفرغ للاقتصاد والتنمية فـي الدول النامية، وإنهاء العداء مع إيران وإقامة الدولة الفلسطينية وهذا يعني انتهاء الصراع العربي الإسرائيلي وتدخل منطقة الشرق الأوسط فـي إطار السلام الشامل والعادل. إن مهمة ترامب فـي البيت الأبيض هي المهمة الأخيرة للأربع سنوات القادمة، وهو هنا بعيد عن أي ضغوط داخلية أو خارجية، فرصة كبيرة ليدخل التاريخ الأمريكي والعالمي لأول رئيس أمريكي استطاع إنهاء الصراعات والعداء التاريخي بين العرب والكيان الإسرائيلي، كما أن ترامب وهو يأتي من خلفـية اقتصادية أن الحروب والصراعات تستنزف الميزانية الأمريكية، حيث إن الغزو العسكري الأمريكي على أفغانستان والعراق كلف الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من خمسة تريليونات دولار.. ترامب دوما يردد الخطأ الفادح الذي ارتكبه الرئيس الأسبق جورج بوش الابن، وعلى ضوء ذلك فإن إنهاء الحروب فـي الشرق الأوسط سوف يعزز من الاقتصاد الأمريكي والعالمي، ويشهد العالم نموا وازدهارا اقتصاديا وتجاريا وتعاونا أكبر لصالح الشعوب. إن تاريخ العشرين من يناير ٢٠٢٥ سوف يكون محل ترقب العالم حول سياسات الرئيس المنتخب دونالد ترامب، هل يوفر المناخ السياسي الأمريكي الفرصة الذهبية لترامب لتحقيق وعوده الانتخابية أم تنقلب تلك الوعود إلى مزيد من الانغماس خاصة فـي فلسطين ولبنان من خلال سياسة الغطرسة لرئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو وحكومته المتطرفة؟ هذه تساؤلات لا يمكن الجزم بها إلا بعد تسلم ترامب السلطة فـي العشرين من شهر يناير القادم. هناك عامل مهم سوف يساعد ترامب إذا كانت لديه الإرادة السياسية لتنفـيذ أهداف حملته الانتخابية وهو أن حزبه الجمهوري يسيطر بالأغلبية على السلطة التشريعية وهي الكونجرس بغرفتيه مجلس الشيوخ ومجلس النواب، وهذه ميزة حيوية لأي رئيس أمريكي من خلال عدم وجود عقبات تشريعية لتمرير سياسات الرئيس الأمريكي. ومن هنا فإن العوامل الموضوعية لتنفـيذ وعود ترامب فـيما يخص إنهاء الحروب والصراعات فـي منطقة الشرق الأوسط والحرب الروسية الأوكرانية متوفرة، وهناك عامل مهم وهو أن الصراع الاقتصادي تحديدا مع الصين يحتاج إلى تفرغ الولايات المتحدة الأمريكية اقتصاديا للعملاق الصيني الذي لا يدخل طرفا فـي أية حروب، وقد ينجح قريبا فـي الإطاحة بالولايات المتحدة الأمريكية من عرش الاقتصاد العالمي، وهذه مسألة فـي غاية الأهمية لرجل ذي خلفـية اقتصادية، وسوف يحلل الأمور الاستراتيجية من خلال فريقه الجديد فـي البيت الأبيض من خلال بحث عدد من الملفات المعقدة التي فشلت إدارة بايدن فـي إيجاد حلول لها، ومنها العدوان الإسرائيلي الهمجي على الشعب الفلسطيني وأيضا ضد الشعب اللبناني، وقد تكبدت الخزينة الأمريكية مليارات الدولارات من دافع الضرائب الأمريكي، وهناك أصوات فـي الولايات المتحدة الأمريكية تنادي بوقف الدعم اللامحدود للكيان الإسرائيلي على حساب الشعب الأمريكي. إن فترة الرئيس الأمريكي القادم دونالد ترامب تعد مفصلية فـي البيت الأبيض وكما أن هناك عوامل موضوعية لتنفـيذ وعود ترامب الانتخابية فإن هناك مؤشرات لتخلي ترامب عن وعوده وهذا سوف يسبب إحباطا لملايين الناخبين وأيضا للملايين من الشعوب فـي المنطقة الذين يتطلعون إلى إقرار السلام الشامل والعادل وإنهاء الحروب والصراعات، التي أنهكت الشعوب ومقدراتها وكرست الكراهية. ويظل السؤال قائما: هل ينتهز ترامب تلك الفرصة الذهبية ليدخل التاريخ من أوسع أبوابه فـي ظل فرصته الأخيرة فـي البيت الأبيض أم يدخل فـي إطار الإشكالات السياسية ومزاج السياسيين وجماعات الضغط الصهيونية داخل الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الإسرائيلي خاصة حكومة نتنياهو المتطرفة؟ |