واشنطن- كيف للمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس ممارسة مهامها في البيت الأبيض كنائبة للرئيس الأميركي وسط كل ما يشهده الشرق الأوسط من توتر وتصعيد وأعمال عنف غير مسبوقة، في وقت تنشغل فيه بحملة انتخابية رئاسية صعبة تتطلب الكثير من الوقت والتركيز والسفر لولايات مختلفة؟

سؤالٌ يدور بأذهان خبراء ومراقبين في واشنطن في وقت لا يبدو فيه -واقعيا- تصور أي هدوء قادم إلى جبهات القتال المشتعلة قبل 3 أسابيع على الانتخابات الرئاسية الأميركية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2فعالية انتخابية لترامب في بنسلفانيا تتحول إلى حفل موسيقيlist 2 of 2أكسيوس: حملة هاريس تحوّل سلاح ترامب المفضل ضدهend of list

ومع اقتراب الانتخابات، فإن تورط واشنطن المباشر والمتزايد ضد إيران ووقوفها بجانب إسرائيل، والذي كان من آخر خطواته إرسال منظومة صواريخ "ثاد" و100 عسكري لتشغيلها في إسرائيل، قد يجعل الصراع في الشرق الأوسط قضية ذات أولوية أعلى للناخبين الأميركيين خاصة المسلمين واليهود.

تعقيد الحملة

في بيانها تعقيبا على الهجمات الصاروخية الإيرانية على إسرائيل في أول أكتوبر/تشرين الأول الجاري، قالت هاريس "كنت في غرفة العمليات برفقة الرئيس جو بايدن وفريق الأمن القومي في وقت سابق من اليوم، وكنا نراقب الهجوم بشكل مباشر، وأكدنا على أن حماية جنودنا في المنطقة هي أقصى أولوياتنا".

وتابعت "وأنا أدعم بشكل كامل الأمر الذي وجهه الرئيس بايدن للجيش الأميركي القاضي بإسقاط الصواريخ الإيرانية التي تستهدف إسرائيل".

وبعد ساعات من هجمات إيران، صعدت هاريس إلى الطائرة الرئاسية الثانية في طريقها إلى ولاية جورجيا المتأرجحة حيث تفقدت آثار إعصار هيلين المدمر الذي ضرب الولاية، وشاركت كذلك في عدة فعاليات انتخابية.

وبرأي جيريمي ماير الأستاذ بكلية السياسة والحكومة في جامعة جورج ميسون بولاية فرجينيا، فإن التوتر في الشرق الأوسط يُعقد حملة هاريس، إذ لا تزال في منصب نائب الرئيس ولها دور كبير في صنع القرار الحالي بالبيت الأبيض.

وقال للجزيرة نت إن هاريس تتلقى اللوم من كلا الجانبين مع تفاقم الأزمة، و"مع ذلك فهي ليست مسؤولة بأي شكل من الأشكال عن سياستنا. فهي لم تستطع أو تؤثر على مواقف بايدن، فقط كان عليها أن تدعم سياسته بحكم منصبها وقلة خبرتها في الشؤون الخارجية".

ويترك الانقسام بين الديمقراطيين المرشحة هاريس تسير مع خط رفيع يدعم إسرائيل من ناحية، ومن ناحية أخرى يحاول معالجة مخاوف الأميركيين المسلمين.

مجازفة

وفي حين أعربت هاريس -مرارا وتكرارا- عن دعمها لإسرائيل ولإستراتيجية بايدن في الصراع، فإن لديها تاريخا في الإدلاء بتعليقات تشير إلى أن دعمها أقل ثباتا من دعمه. وقد غازلت هاريس باتخاذ موقف أكثر تشددا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن غزة، في وقت ترغب فيه بالظهور بمظهر الصارم والداعم الكامل لإسرائيل في وقت الخطر.

في الوقت ذاته، لا يمكن لها أن تجازف بالظهور بمظهر المتساهل مع إيران، التي تتمتع الولايات المتحدة بتاريخ طويل من العداء معها، والذي يعود إلى الثورة الإسلامية وأزمة الرهائن في الفترة من 1979 إلى 1981. ومع ذلك، فإن الوضع الحالي المحفوف بالمخاطر قد يكون خبرا سيئا لهاريس.

كما أن الامتناع عن القيام بدور في معاقبة طهران سيستغله منافسها الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب الذي كان لسنوات يتهم بايدن بأنه رئيس ضعيف أوصل الردع الأميركي إلى أدنى مستوى له على الإطلاق.

ومن ناحية أخرى، إذا عادت إدارة بايدن-هاريس إلى سياسة "العصا الغليظة"، وانضموا إلى إسرائيل في توجيه ضربات لإيران، فقد تكون هذه هي الورقة الحاسمة لمصير هاريس الانتخابي.

وفي هذا الإطار قال ساؤل أنزوزيس رئيس الحزب الجمهوري السابق بولاية ميشيغان للجزيرة نت "بغض النظر عن الجانب الذي تقف فيه، فإن كل صراع تقريبا يفضل قائدا قويا وهذا يساعد ترامب".

ومع حاجة هاريس لتأمين تصويت كتلة الناخبين المسلمين لصالحها، تضيق الخيارات الجيدة أمامها. ويرى حسين الرفاعي الناخب المسلم بولاية نيويورك أن "نهج هاريس المتمثل في اللعب على كلا الجانبين، هو محاولة للحفاظ على جاذبيتها الانتخابية ليهود ومسلمي أميركا".

وفي حديثه مع الجزيرة نت، قال الرفاعي إن مثل هذه السياسة يمكن أن تأتي بنتائج عكسية بسهولة، "فقد يرى الناخبون المسلمون أن هاريس لا تكترث بالدماء الفلسطينية واللبنانية والإيرانية بشكل كافٍ، في حين قد يشعر الناخبون اليهود أن هاريس لا تتخذ موقفا قويا بما فيه الكفاية للدفاع عن إسرائيل".

وبرأيه، فإن هذا التوازن يخلق نقاط ضعف لها، حيث سيتم التدقيق في مواقفها من كلا الطرفين، وهو ما قد يكلفها خسارة دعم أغلبية الكتلتين.

تخبط

وعن تأثير التصعيد في الشرق الأوسط على حملة هاريس، أكد غريغوري كوجر مدير مركز هانلي للديمقراطية، والأستاذ بقسم العلوم السياسية بجامعة ميامي -للجزيرة نت- أن أنباء هذا التصعيد بمثابة أخبار جيدة لحملة ترامب بقدر ما هي تعقيد لحملة هاريس.

وأكد كوجر أن الصراع في الشرق الأوسط يُعقد حملة هاريس حيث يسلط الضوء على التوتر بين مجموعتين من الناخبين الذين تحتاج إليهم؛ اليهود الذين يميلون إلى دعم الحكومة الإسرائيلية أو على الأقل لا يعترضون على الاحتجاجات ضد سياساتها، والعرب والمسلمون الذين يميلون إلى أن يكونوا أكثر تعاطفا مع القضية الفلسطينية.

بالإضافة إلى ذلك، هناك فئات انتخابية أميركية أخرى (خاصة الأصغر سنا والملونين) عبّرت عن دعمها الواسع للجانب الفلسطيني، ومن الصعب على هاريس صياغة سياسة ترضي تصويت هاتين الكتلتين لها، خاصة أنها يجب أن تكون -في الغالب- مخلصة لسياسة إدارة بايدن الداعمة بشدة لإسرائيل، بحسب كوجر.

في حين ذكر أنزوزيس أنه من الواضح أن سياسات بايدن-هاريس والتخبط فيها يحبط العديد من الأميركيين العرب في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وقال "لقد رأيت حملة غير ملتزمين تختار عدم التصويت لكلا المرشحين، بايدن وهاريس. ومؤخرا أظهرت استطلاعات الرأي انقساما كبيرا بين الأميركيين العرب، وهو ما يصب في صالح ترامب".

وفي حديث للجزيرة نت، قالت كانديس توريتو مديرة برنامج التحليلات السياسية التطبيقية بجامعة ولاية ميريلاند، "في نهاية المطاف، لا يعرف الناخبون سوى القليل جدا عن الشؤون الخارجية، وهذا يساعد ترامب أيضا".

وتابعت "كل ما عليه فعله هو تعكير المياه قليلا من حيث مدى مسؤولية هاريس عن كل ما تفعله إدارة بايدن. أضف بعض اللغة المخيفة حول إمكانية توسع الحرب، وسيكون العديد من الناخبين غير مرتاحين بما يكفي لمسلك بايدن، وقد يصب ذلك في مصلحة ترامب".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی الشرق الأوسط حملة هاریس للجزیرة نت فی وقت

إقرأ أيضاً:

عُمان وإيران تؤكدان دعم الجهود الدبلوماسية لخفض التصعيد في الشرق الأوسط

العمانية: استقبل معالي الفريق أول سلطان بن محمد النعماني وزير المكتب السلطاني بمكتبه اليوم معالي الدكتور عباس عراقجي وزير الخارجية بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، جرى خلال المقابلة استعراض مجالات التعاون المشترك بما يحقق المصالح المتبادلة للبلدين الصديقين، والتطرق إلى عدد من القضايا الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية، كما تم التأكيد على أهمية تضافر الجهود الدبلوماسية لخفض التصعيد في منطقة الشرق الأوسط، والتأكيد على العلاقات التاريخية التي تجمع سلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية الصديقة.

حضر اللقاء سعادة سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية المعتمد لدى سلطنة عمان.

كما استقبل معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية، اليوم معالي الدكتور عباس عراقجي وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية بديوان عام وزارة الخارجية.

وأكّد الوزيران خلال المقابلة متانة علاقات حسن الجوار القائمة بين البلدين الصديقين وما يجمعهما من صلات تاريخيّة وثقافية ومصالح اقتصادية متنامية.

وتناول الجانبان عددا من القضايا والتحديات الراهنة في المنطقة وخاصة حالة التصعيد الناجم عن استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان وعلى قطاع غزّة فضلا عن رفض إسرائيل الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة امتثالا لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي.

وأكّد الوزيران مواصلة ودعم الجهود المبذولة لوقف التصعيد والتوتر في المنطقة عبر الحوار والوسائل السلمية وتسخير الدبلوماسية أداةً أساسية لحلّ الخلافات والصراعات، والتزامهما بتعزيز الشراكة الثنائية والجماعية في سبيل تطوير التعاون الرامي لاستدامة الأمن والاستقرار والنماء للمنطقة بأسرها.

كما عقدت لجنة الصداقة العسكرية العُمانية الإيرانية المشتركة اليوم اجتماعها السنوي ويستمر يومين، وترأس الجانب العُماني في الاجتماع العميد الركن حامد بن عبدالله البلوشي مساعد رئيس أركان قوات السلطان المسلحة للعمليات والتخطيط رئيس الجانب العماني للجنة الصداقة العسكرية العمانية الإيرانية المشتركة، فيما ترأس الجانب الإيراني العميد الركن الدكتور محمد أحدي رئيس الجانب الإيراني للجنة.

وتناول الاجتماع عددًا من الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال التي تسهم في توثيق أواصر التعاون القائم في المجالات العسكرية بين البلدين الصديقين، والأنشطة والفعاليات المنبثقة من هذه اللجنة.

وفي سياق متصل، أكّد معالي الدكتور عباس عراقجي وزيرُ الخارجية الإيراني أنّ العلاقات بين سلطنة عُمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية قائمة على الصداقة، والاحترام المتبادل، والتعاون المشترك في كثير من القضايا التي تجمع البلدين الصديقين.

وقال معاليه في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية إنّ مناقشاته خلال لقائه مع معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية بمسقط كانت مثمرة، وتناولت الأحداث الجارية في المنطقة، مُشيرًا إلى أنّ سلطنة عمان تقوم بأدوار كبيرة في حلحلة العديد من القضايا الإقليمية والدولية.

ولفت معاليه إلى أنّ المنطقة تعيش حالة من التأهب، وقد تكون على حافة صراعات واسعة، خاصة في ظل الأوضاع المتوترة التي تشهدها حاليًّا.

وأكّد معاليه أنّ بلاده في وضع الاستعداد التام لأي سيناريو، مشددا على أنّ الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لمنع الأزمات الكبيرة في المنطقة، وتجنُّب تصعيد التوترات والحروب، مُشيرًا إلى أهمية الاستمرار في التعاون مع سلطنة عُمان والدول الأخرى لمواجهة التحدّيات الإقليمية عبر التنسيق والمشاورات لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • الصفدي: إسرائيل تدمر الشرق الأوسط
  • الاقتصاد يدفع ثمن الحرب في المنطقة| مصر.. التحديات تتزايد وجهود لمواجهة الأزمة
  • أبو الغيط: أي حرب ستكون لها تأثيرات على إقليم الشرق الأوسط والخليج
  • عُمان وإيران تؤكدان دعم الجهود الدبلوماسية لخفض التصعيد في الشرق الأوسط
  • فقدان النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط يجهض مشروع السلام
  • «فوربس الشرق الأوسط»: الإمارات تتصدر قائمة قادة الاستدامة في المنطقة لعام 2024
  • كيف يزيد تصعيد إسرائيل بالمنطقة حظوظ ترامب الانتخابية؟
  • ترامب يظهر خلف زجاج مضاد للرصاص: سأعمل على تهدئة الصراع في الشرق الأوسط
  • مشروع «الشرق الأوسط الجديد» استحالة تحقيقه في ظل تعدد الأقطاب والقوى