الجزيرة:
2024-12-16@07:08:32 GMT

كتاب أبلة نظيرة.. إرث المصريات في عالم الطبخ

تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT

كتاب أبلة نظيرة.. إرث المصريات في عالم الطبخ

عند الحديث عن تاريخ كتب الطهي العربية، يتبادر إلى الأذهان مباشرة "كتاب أبلة نظيرة" الذي أصبح مرجعا منزليا في مصر والعالم العربي لعقود طويلة.

من المثير للاهتمام أن الكتاب المعروف باسم "أبلة نظيرة" لا يحمل هذا الاسم فعليا، بل عنوانه الحقيقي هو "أصول الطهي". وعلى مدى قرن من الزمان، أصبح هذا الكتاب رمزا أيقونيا في عالم الطبخ المصري، حيث نجح في تقديم فنون الطهي بطريقة "مصرية" بهدف تعليم الفتيات أسس التدبير المنزلي وفنون الطهي، وهو ما جعله مرجعا مهما في المنازل المصرية.

لكن خلف هذا العمل التاريخي تقف شخصية ملهمة هي نظيرة نقولا، المرأة التي أضافت بصمة لا تمحى في تعليم الطهي للفتيات المصريات، ليس فقط كمهارة، بل كفن.

الفتاة الطموحة والبعثة العلمية

وفق ما ذكره الكاتب عمر طاهر في كتابه "صنايعية مصر"، فإن نظيرة نقولا وُلدت في مصر عام 1902، وبدأت حياتها المهنية بالتدريس في كلية التدبير المنزلي. في عام 1926، قررت وزارة المعارف المصرية إرسال بعثات تعليمية لتطوير الكفاءات في مختلف المجالات، واختيرت نظيرة مع 14 فتاة للسفر إلى جامعة غلوستر بإنجلترا لدراسة فنون الطهي وشغل الإبرة. وبعد 3 سنوات من التدريب المكثف، عادت نظيرة إلى مصر محملة بالخبرات الجديدة لتطبقها في مجال التعليم​.

بعد عودتها، انضمت إلى مدرسة السنية للبنات لتدريس مادة التدبير المنزلي، حيث قدمت منهجا مبتكرا يركز على البساطة والجمال في فنون الطهي. بتشجيعها لطالباتها على الإبداع والابتكار، تحولت من مجرد معلمة إلى رائدة في مجال التدبير المنزلي، وتم ترقيتها فيما بعد لتصبح المفتشة العامة للتدبير المنزلي بوزارة المعارف​.

"أصول الطهي"

في الأربعينيات، أطلقت وزارة المعارف المصرية مسابقة لتأليف كتاب للطهي ليكون منهجا تعليميا في المدارس. تقدمت نظيرة نقولا مع زميلتها بهية عثمان، التي تُعد من الشخصيات الرائدة في مجال التدبير المنزلي وتعليم فنون الطهي في مصر. بهية عثمان كانت جزءًا من البعثة التعليمية التي أرسلتها وزارة المعارف إلى إنجلترا، حيث درست في كلية بريدج هاوس بلندن، وتخصصت في فنون الطهي وشغل الإبرة.

بعد عودتها إلى مصر، واصلت بهية عملها في مجال التدبير المنزلي، حيث شغلت منصبًا رفيعا كمفتشة عامة في وزارة المعارف، وكانت تشارك هذا المنصب مع نظيرة. بالإضافة إلى دورها الإداري، كانت بهية معروفة بكتاباتها في مجلة حواء، حيث كانت تقدم نصائح ومقالات حول إدارة المطبخ وفنون الطهي، مما ساعد على تعزيز تأثيرها بين ربات البيوت المصريات وزيادة الوعي بفنون التدبير المنزلي.

ونجحت السيدتان في تأليف "أصول الطهي"، وهو كتاب مكون من أكثر من 800 صفحة. هذا الكتاب لم يقتصر على الوصفات فقط، بل تناول جوانب متعددة تتعلق بإدارة المطبخ وتنظيمه وتخزين الطعام والموازين، بما في ذلك نصائح حول تقديم الطعام بشكل جمالي وصحي.

تحول الكتاب بسرعة إلى أكثر الكتب مبيعا في مصر، حيث تم طباعته عدة مرات ليصل إلى 12 مليون نسخة. كان يتم تحديث الكتاب باستمرار ليتماشى مع التطورات في المقاييس المستخدمة في الطبخ، حيث تحوّل من استخدام الرطل إلى الغرامات، كما أضافت نظيرة وصفات ومكونات جديدة بمرور الوقت​.

الإعلام والراديو: صوت المطبخ المصري

يشير عمر طاهر في كتابه "صنايعية مصر" إلى أن نظيرة نقولا لم تكتف فقط بما تعلمته في إنجلترا خلال بعثتها، بل حرصت على تعلم فنون الطهي الشرقية من الممارسين المحليين في مصر، مما ساعدها على اكتساب مهارات في إعداد الحلويات التقليدية مثل الكنافة والبقلاوة. بعد ذلك، قامت بدمج تلك المهارات مع التقنيات الحديثة التي تعلمتها في لندن لتضع منهجية واضحة ومتكاملة لعمليات الطهي المختلفة.

كما يضيف طاهر أن نظيرة نقولا ورفيقتها بهية عثمان قامتا ببيع حقوق نشر كتاب "أصول الطهي" لوزارة المعارف مقابل 525 جنيهًا فقط. ونتيجة لذلك، قامت الوزارة بطباعة آلاف النسخ التي انتشرت بسرعة في معظم بيوت مصر، حيث أصبح الكتاب مرجعا أساسيا لتعليم الطبخ.

ويذكر طاهر أيضًا أن الإذاعية صفية المهندس كان لها دور كبير في شهرة أبلة نظيرة، حيث طلبت منها تقديم فقرة ثابتة على الراديو، مما جعل نظيرة معروفة في كل بيت مصري. بينما استمرت بهية عثمان في تقديم مقالات ثابتة في مجلة حواء، مما ساهم في انتشار تأثيرهما.

رغم هذا النجاح الكبير، أشار طاهر إلى أن نظيرة تعرضت لنقد ساخر من الممثل الكوميدي سمير غانم في مشهد تناول الملوخية الشهير بمسرحيته "المتزوجون"، حيث سخر من وصفة في الكتاب، مما تسبب في حزن كبير لها.

رغم أن الكتاب بدأ كمنهج تعليمي، فإنه أصبح جزءا لا يتجزأ من الثقافة المصرية والعربية. استمر الكتاب في كونه مرجعا لكل من يهتم بتعلم الطهي في المنازل، وهو إرث يظل حيا، إذ لم تكن نظيرة نقولا فقط مؤلفة، بل مدرسة حقيقية للطهي وملهمة للأجيال​.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات وزارة المعارف فنون الطهی فی مجال فی مصر

إقرأ أيضاً:

البغدادي تشارك في ندوة منظمة المرأة العربية لإطلاق الكتاب التوثيقي "النساء أن حكين في السياسة"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شاركت الدكتورة نسرين البغدادي نائبة رئيسة المجلس القومي للمرأة، في ندوة إطلاق الكتاب التوثيقي "النساء أن حكين في السياسة"، والتي نظمتها منظمة المرأة العربية، بهدف عرض  منهجية اعداد للكتاب التوثيقي "النساء ان حكين في السياسة وأهم مخرجاته"، بحضور الدكتورة فاديا كيوان المديرة العامة للمنظمة، وبمشاركة السيدات الممثلات عن الدول العربية المختلفة المشاركات في إطلاق الكتاب.

حيث شاركت الدكتورة نسرين البغدادي بعرض لمخرجات دراسة جمهورية مصر العربية حول التجربة السياسية النسائية في مصر والتي جرى نشر نتائجها كجزء من الكتاب التوثيقي "النساء ان حكين في السياسة" ضمن التجارب السياسية النسائية في الدول العربية، و بدأت كلمتها بتقديم الشكر إلي الدكتورة فاديا كيوان المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية وجميع ايقونات العمل السياسي من السيدات العظيمات في مصر والوطن العربى على جهودهن المبذولة لاطلاق هذا الكتاب الهام، مؤكدة علي تشرفها بالعمل معهن.

وأشارت الى التجربة السياسية النسائية في مصر واستعرضت التاريخ النضالي للمرأة المصرية منذ ثورة ١٩١٩،مؤكدة أنه في ذلك الحدث المهم قد شهد سقوط أول شهيدتين وهن:  حميدة خليل، شفيقة محمد..وتطرقت الى عام ٢٠١٢ الذي يعد العام المظلم حيث تراجعت حقوق المرأة تراجعاً كبيراً، وحتى ثورة  يونيو ٢٠١٣ التى تصدرت فيها المرأة المصرية المشهد بجدارة، مشيدة بالمكتسبات الكبيرة التي حصلت عليها المرأة في السنوات الأخيرة التى شهدت عصرها الذهبي، حيث تضمن دستور ٢٠١٤ أكثر من ٢٠ مادة منصفة للمرأة، و شهد عام ٢٠١٦ إعادة تشكيل المجلس القومي للمرأة ليضم تمثيلا للمرأة ذات الإعاقة والمرأة الريفية والشابة، وفي عام ٢٠١٧ قد تم اعلان "عام المرأة المصرية" وقد تم إطلاق الإستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة ٢٠٣٠ في إطار أهداف التنمية المستدامة، وقد أعلنت الأمم المتحدة أن مصر هي الأولي علي مستوي العالم التي تطلق استراتيجيتها الوطنية في إطار التنمية المستدامة.

كما أضافت أنه فضلاً عن وجود إرادة سياسية قوية داعمة لحقوق المرأة المصرية قد ترجمت الاستراتيجية الي قوانين وبرامج تنفيذية وكوتة دستورية تنص علي وجود ٢٥٪ من السيدات في البرلمان، ٢٥٪ في المجالس المحلية و١٠٪  من السيدات في مجلس الشيوخ.

وفي سياق التجربة السياسية النسائية في مصر، أشارت الدكتورة نسرين البغدادي الي الإجراءات المنهجية التي اعتمدت عليها الدراسة، كما أشارت الي معايير اختيار عينة السيدات، مؤكدة أن العينة تضمنت وزيرات حاليات وسابقات وعضوات مجالس حاليات وسابقات، واللاتي بلغ عددهن ١٩ وتم اختيارهن من مجالات محددة وفقاً لمعايير دليل المقابلة المرسل من منظمة المرأة العربية.

كما استعرضت نائبة رئيسة المجلس خلاصة التجربة السياسية النسائية في مصر، وأهمها إجماع السيدات أنهن يعيشن العصر الذهبي، وحصلن على العديد من المكتسبات من أهمها عمل المرأة بالنيابة العامة، وكسر الحاجز الزجاجي أمام وصول المرأة للكثير من المناصب التي لم تشهد تمثيل لها من قبل.

واختتمت كلمتها بالتوصيات ، ومن أهمها تأكيد غالبية العينة علي ضرورة الاهتمام بالتعليم والتدريب، وضرورة تغيير صورة المرأة في المناهج الدراسية، وأهمية وجود ثقافة مجتمعية داعمة للمرأة، ووجوب العمل علي تغيير صورة المرأة في الدراما والاعلام.

ويذكر ان المرحلة الأولي من الكتاب تتضمن سير ذاتية لسيدات من ست دول عربية هي مصر وفلسطين، والأردن، وتونس، والجزائر، والمغرب. على أن تلي ذلك مراحل أخرى تغطي باقي الدول العربية.

مقالات مشابهة

  • بالصور: درجات اللون الأخضر في الديكور المنزلي يشعرك بالهدوء 
  • تنظيم معرض لتوزيع الأثاث المنزلي والأجهزة الكهربائية بالمنيا
  • بين الكتاب والسينما والصورة الفوتوغرافية برنامج ثقافي حافل بمعرض جدة للكتاب
  • معرض جدة للكتاب 2024 يُثري زوَّاره بتاريخ الطهي بمدينة جدة
  • كيف تساهم زيوت الطهي في زيادة خطر سرطان القولون بين الشباب؟
  • نظر دعوى إلغاء اشتراط حصول المصريات على تصريح للسفر للسعودية .. غدا
  • البغدادي تشارك في ندوة منظمة المرأة العربية لإطلاق الكتاب التوثيقي "النساء أن حكين في السياسة"
  • الدورة 56 لمعرض الكتاب| القاهرة تستضيف العالم.. هل أزمات الشرق الأوسط ستكون على طاولة النقاش؟
  • نضال وكفاح المصريات.. “المرأة العربية” تطلق كتاب النساء إن حكين في السياسة
  • منطقة أسوان الأزهرية تفتتح معرض التربية الفنية والخط العربي والاقتصاد المنزلي