بعد فيديو سحل رجل لزوجته وحلق شعرها بالشارع.. موقف الشرع من هذا العقاب؟
تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT
أثار مقطع فيديو جدلا واسعًا عبر مواقع التواصل الإجتماعي، يظهر فيها خلافات بين رجل وزوجته بسبب عدم استجابتها لطلبه بالتوقف عن تصوير مقاطع فيديو عبر تطبيق “تيك توك” دون ارتداء الحجاب رغم انها محجبة وطالبها مرارًا بعدم الظهور دون حجاب، لكنها لم تنصت له، مما ادى الى غضب زوجها وقام بسحلها ومزق شعرها فى الشارع، مما جعل الكثيرون يسألون موقف الدين من هذا النوع من العقاب هل يقره الشرع .
فى هذا السياق علق الدكتور محمود مهنا، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، قائلاً: إن هذه الزوجة مخطئة، لعدة أسباب: أولا: لأنها كانت محجبة وخلعت الحجاب حتى تصور فيديوهات، ثانيًا: لم تطيع كلام زوجها بارتداء الحجاب وعدم كشف شعرها أمام الأخرين، فلا يجوز للمرأة أن تظهر بشعرها أمام الناس لأن الحجاب فرض بالكتاب والسنة وإجماع الأمة.
وأضاف “مهنا”، أن الزوج كذلك مخطأ فطالما لم تسمع كلامه فكان عليه أن يستعين بأحد من أهلها للفصل فى هذا الخلاف، وذلك لقوله تعالى { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35)}.
وأشار الى أنه لا يجوز للزوج أن يفعل ما فعله بزوجته من سحلها وحلق شعرها، فهو مخطأ ومذنب، وعليه أن يعاملها معاملة حسنة، وكان يجب عليه أن يأتي بحكم من أقاربها واقاربه ليحكموا فى الأمر.
هل يجوز ضرب الزوجة وإهانتها ؟قالت دار الإفتاء المصرية، إن ضرب الزوجة أو إهانتها أو الاعتداء عليه سواء بالضَّرْب أو بالسب- أمر محرم شرعًا، وفاعل ذلك آثمٌ، ومخالف لتعاليم الدين الحنيف.
وأضاف «الإفتاء» في إجابتها عن سؤال: « هل ضرب الزوج لزوجته حلال ؟» أن الحياة الزوجية مبناها على السكن والمودة والرحمة؛ قال تعالى: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» (الروم: 21).
ورداً على مَنْ يبيحون ضرب الزوجة نبهت دار الإفتاء على أن الشرع الشريف أمر الزوجَ بإحسان عِشْرة زوجته، حتى جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم معيار الخيرية في الأزواج قائمًا على حُسْن معاملتهم لزوجاتهم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي» (رواه الترمذي).
وأكملت دار الإفتاء في تأكيدها على رفض ضرب الزوجة : أن الشرع حَثَّ على الرِّفْق في التعامل بين الزوج والزوجة، ودعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفق في الأمر كله؛ فقال: «إنَّ الرِّفقَ لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنْزَعُ مِن شيء إلا شانَه» (رواه مسلم).
هل أباح النبي ضرب الزوجة ؟شددت دار الإفتاء على أنه لم يَرِد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قد أهان أو ضرب أحدًا من زوجاته أبدًا، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: «مَا ضَرَبَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئًا قط بيده، ولا امرأةً ولا خادمًا، ...» (أخرجه مسلم).
العقاب المباح من الشرع للزوجةوأفاد بأن الضرب الرمزي هو الخيار الثالث بعد النصح والهجر، وهو ليس فرضًا ولا واجبًا ولا سنة ولا مندوبًا، بل هو مباح للزوج إذا وجد نفسه أمام زوجة ناشز وتأكد له أن هذه الوسيلة الوحيدة هي التي سترد الزوجة، فيباح له أن يلجأ إلى الضرب الرمزي هنا، وهذا استثناء من أصل الممنوع، فالضرب كأصل ممنوع في الإسلام، ولأنه استثناء فقد وضعت له شروط حازمة، فغير الناشز يحرم ضربها حتى لو وقع بين الزوجين خلاف، ويحرم على الخاطب أن يمد يده على خطيبته، وشرط آخر أن يكون ضرب الزوج للزوجة بهدف الإصلاح لا العدوان.
حكم ضرب الزوجة الناشزالزوجة الناشز هي من لا تُطيع زوجها فيما يجب عليها طاعته فيه شرعًا؛ كالخروج من المنزل بغير إذنه لغير حاجة، والامتناع عنه قصدًا بغير عذرٍ، ونحو ذلك، و ضرب الزوجة الناشز موضوع أسيء فهمه وتعرض القرآن والفقه الإسلامي الصحيح للظلم في هذه المسألة، بسبب ما توقعه كلمة الضرب من جرس ثقيل على النفس البشرية التي لا تقبل أن يضرب إنسان إنسانًا.
الضرب في القرآن وجوب أم إباحةوقال الشيخ محمد متولي الشعراوي وزير الأوقاف الأسبق، إن الله تبارك وتعالى لم يأمر بضرب النساء لكنه أباحه، وفرق كبير بين الأمر والإباحة، وقد جعل الله الضرب مرحلة ثالثة بعد الوعظ والتذكير بشرع الله وبعد الهجر في الفراش، مما يؤكد أن المرأة هنا تكون مُصرة على فعل ما يكرهه زوجها وأن الموعظة لم تجد والهجر لم ينفع، موضحاً أن الشرع يشترط أن يكون الضرب غير مبرح أي مجرد إيلام خفيف بعد أن فشلت كل الطرق في إصلاحها.
وبين الشعراوي في كتابه "فتاوى النساء" أن الله أوجب على المرأة طاعة زوجها لما يبذله من جهد وما يتحمله من مشقة وما يتعرض له من مضايقات تعيده إلى البيت متعباً منهمكاً الأمر الذي يجعل واجب المرأة أن تكون سكناً لزوجها وتزيل عنه إرهاق الحياة ومتاعبها، مؤكداً أن الضرب معناه إظهار عدم الرضا عن شيء يحدث وليس الكراهية ومثله مثل ضرب الأب ابنه، مشدداً على أن الشرع الحنيف حض الزوج على الترفق بهن لضعفهن وقلة حيلتهن.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: النبی صلى الله علیه وآله وسلم دار الإفتاء ضرب الزوجة ضرب الزوج
إقرأ أيضاً:
نقاش هادئ مع جمال سلطان حول موقف السعودية من إخوان مصر
يمكن القول إن نجاح الثورة السورية في إسقاط نظام بشار الأسد بعد 14 سنة من انطلاقها، مثل محطة فاصلة في تاريخ سوريا ومنطقة الشرق الأوسط والعالم العربي بشكل عام، ليس فقط لأهمية سوريا ومكانتها الاستراتيجية، وإنما لكون من أوصل الثورة السورية إلى نيل مبتغاها والإطاحة بحكم الأسد وحزب البعث محسوب على التيارات الإسلامية الأشد يمينية.
ومع أن انتصار الثورة السورية قد اختطف الأضواء عن حرب الإبادة التي نفذها الاحتلال في قطاع غزة على مدى 15 شهرا، فإن فريقا من الخبراء والمحللين لتطورات الأوضاع في الشرق الأوسط، رأى في انتصار الثورة السورية أحد أولى ثمار الصمود الأسطوري للفلسطينيين في قطاع غزة في مواجهات آلة التوحش الصهيوني، بينما رآها آخرون انطلاقة جديدة لثورات الربيع العربي التي انطلقت أواخر العام 2010 من تونس.
لكن الجدل الرئيس الذي بدأ مع انتصار الثورة السورية أن من قاد هذا الانتصار هو زعيم هيئة تحرير الشام، المحسوب حاليا على التيار الإسلامي، والقادم من أقصى اليمين الإسلامي، أي تنظيم القاعدة قبل أن يتطور إلى مشروع سياسي سوري انتهى إلى استلام الدولة..
وكان لافتا للانتباه، ليس فقط مستوى النضج السياسي والانفتاح الذي عكسته تصريحات قادة الإدارة السورية الجديدة بزعامة أحمد الشرع المكنى بـ "أبو محمد الجولاني"، وإنما أيضا استعداد العالم العربي والإسلامي بل والمجتمع الدولي للتعاون مع الإدارة الجديدة، غير آبهين بالتصنيف الدولي الذي يضع هيئة تحرير الشام وزعيمها في خانة الإرهاب..
ومبعث الاستغراب هنا يكمن في أن العالم الذي رفض التعامل مع مخرجات الربيع العربي التي مكنت تيارات الإسلام السياسي من تصدر المشهد، وأحكم عليها الخناق وصولا إلى الانقلاب عليها والتنكيل برموزها، هو نفسه الذي يفتح الباب واسعا للتعامل مع الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع القادم من التيار الإسلامي..
ولقد كان الاستقبال الكبير الذي حظي به الرئيس السوري أحمد الشرع في السعودية مطلع الأسبوع الجاري، حدثا لافتا اعتبره البعض تغيرا في الموقف السعودي إزاء التيار الإسلامي، بينما رآه آخرون تميزا لأحمد الشرع عن باقي تيارات الإسلام السياسي وخصوصا منها تيار الإخوان.
"عربي21"، تفتح النقاش حول الموقف السعودي من التطورات الجارية في سوريا وما إذا كان ذلك يعكس تحولا في العلاقة مع الإسلاميين، أم أن الأمر يتعلق بتطورات في موقف الإسلاميين أنفسهم؟ وأين يختلف الموقف السعودي في الموقف من إخوان مصر وإسلاميي سوريا؟
وقد نشرنا مساهمة للكاتب والباحث المصري في شؤون الفكر الإسلاميجمال سلطان، وأخرى للكاتب والباحث المصري قطب العربي، واليوم ننشر مساهمة للكاتب والباحث السعودي سعيد بن ناصر الغامدي.
الربيع العربي أخاف السعودية
قرأت تحليلاً لأحد الكتاب عن سبب انقلاب السعودية على مرسي واحتفالها بالشرع. وفيه جَنَف ظاهر، وإسقاطات نفسية عديدة منها :
ـ تعليله بأن مرسي ومن معه يتحملون عواقب الانتشار العالمي لفكر الإخوان واصطفافهم مع ثورات الربيع العربي الذي أخاف السعودية وغيرها !
هذا التعليل بعينه (لو صح) يمكن القياس به من باب أولى على الجًًًهاديين الذين طبقوا عكس شعار "السلميّة أقوى من الرصاص "ونجحوا.. ويمكن السؤال هنا لماذا تقف العربية لسان النظام السياسي ضد حكومة كابل مع أنها تشترك مع ثوار سوريا في طرد المحتل بالقوة المسلحة، وتحجيم دور إيران، والسعي لطمأنة الجميع بنحو مما فعله ثوار سوريا؟!
ـ زعمه أن مرسي والإخوان كانوا مع إيران فتلك أكذوبة تليق بالذباب الإلكتروني الجاهل لا بكاتب موقّر.
ـ قوله بأن نصر الله لإخواننا في سوريا أفرح الجميع إلا إيران ودولة الاحتلال والإخوان، فلا أدري هل رأى بياناتهم في التهنئة لإخوانهم بالنصر وهل اطلع على كتابات رموزهم أم لا؟ فإن اطلع عليها فقد كذب عليهم عامداً، وإن لم يطلع عليها فقد اقتفى أمراً ليس له به علم وحكم بظلم.
ـ حاول تبرئة ساحة السعودية من خداع مرسي والإخوان، مع أن المنشور في الإعلام السعودي يثبت حقيقة غدر النظام السعودي بمرسي الذي خصص لهم أولّ زيارة، واستقبلوه باحتفاء كبير، وفي الوقت ذاته كان سفيرهم "القطان" في مصر يوزع الدولارات ويحيك المؤامرات.. وهذا مما شاع وذاع وكُتب عنه كثيرا.
ـ لم يشر الكاتب إلى إمكانية تكرر ذلك بطريقة مختلفة مع الشرع.. لاسيما أن هناك تجارب عديدة للنظام السعودي تدل على احترافيتهم في هذا الأسلوب وتنوّع طرائقهم فيه :
فالحريري عومل بطريقة وعبد ربه بطريقة مختلفة ومحاولة الانقلاب في الأردن كانت مختلفة عنهما.. ومحاولة استخدام عبدالله بن علي آل ثاني ضد حكومة قطر كانت بإسلوب مختلف عن الجميع.. والشاهد هنا أن هذا الأسلوب الغادر حاضر في التكوين البنيوي للنظام السعودي.. وبرغم بروزه ووجود براهينه لم يشر إليه الكاتب أدنى إشارة.. فهل هذا الإغفال معقول من صحفي لا يعمل أصلاً في عكاظ ولا الشرق الأوسط ولا العربية؟!
ـ محور المقال هو التبرير للنظام السعودي في تعامله مع مرسي والثناء على موقفهم من الشرع.. والتبكيت لمرسي وجماعته وتحميلهم مسؤولية ما حصل ضدهم.
ـ الكاتب في هذا المقال وغيره من التغريدات السابقة يدللّ على وجود حالة نفسية سلبية عميقة تجاه الإخوان؛ مع أن هذه الطريقة المكشوفة تضر الكاتب نفسه، وتؤدي إلى إضعاف صدقيّته، وتؤكد إخلاله بالإنصاف الواجب عليه.. خاصةً مع استحضار ما كان يكتبه من ثناء ودفاع عن مرسي في سنته اليتيمة!
ـ لن أستشهد هنا بقول بعض الإخوان بأن الكاتب كان يترامى على الأعتاب أيام مرسي ليحصّل منصباً؛ ذلك لأن قولهم فيه قول خصم ضد خصمه.. وجدير أن يُعامل تربّصه وقدحه في خصومه الاخوان بالطريقة نفسها.
ـ الذين اخطأوا وهم يحاولون ويعملون ويبذلون، ويقرّون بما أخطأوا فيه ولو إجمالاً، هم خير ممن يحلّق كالنسر بعيدا فإذا رأى الجمل وقد كثُرت سكاكينه هبط ينتظر نصيبه بعد انصراف الضباع !
ـ هناك فرق بين النقد البناء والتنيش الهدّام، والتصيّد المتجانف؛ فكيف إذا كان معه نوع كذبٍ وتضخيمٍ للمعايب ودفنٍ للمحاسن؟
ـ إن مما نقمه أهل العلم على فرقة "غلاة الحكام" ظلمهم وبغيهم على إخوانهم المسلمين من الدعاة والعلماء والمصلحين، واصطفافهم مع المفسدين للدين والدنيا.
ـ وخاتمة الأمر علينا أن نستحضر ونحن نكتب أو نتحدث بأننا سنقف جميعاً بين يدي حكم عدل، والخصوم حضور ينتظر كل منهم نصيبه من حسنات المتعدّي بغير حق، أو ينتظر التخفيف من سيئاته لتلقى على من ظلمه.
وليس بعد العدل إلا الظلم . والمسلم لا يتشفّى، ولا يُتبع نفسه هواها. وَمُرادُ النُفوسِ أَصغَرُ مِن أَن نَتَعادى فيهِ وَأَن نَتَفانى.
*كاتب وداعية سعودي