شهد أ.د محمد الضويني، وكيل الأزهر، صباح اليوم الثلاثاء، افتتاح المؤتمر العلمي الخامس، لكلية الشريعة والقانون بتفهنا الأشراف، والذي يقام تحت عنوان "التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر من منظور الفقه الإسلامي والقانون الوضعي"، حيث أكد أن مفهوم التنمية ينبغي أن يتجاوز المحافظة على الثروات الطبيعية والموارد المادية إلى المحافظة على كل ما يتعلق بالإنسان من جوانب ثقافية واقتصادية ودينية واجتماعية، وصيانة حياته حاضرا ومستقبلا.

وأوضح وكيل الأزهر، خلال كلمته بالمؤتمر، أن مفهوم التنمية في الإسلام أكثر شمولا وعمقا عن غيره، حيث أنها لا تقف عند الجانب المادي وحده، بل تجعله جنبا إلى جنب مع البناء القيمي والأخلاقي والروحي، الذي يصون هذه التنمية ويحفظها من العبث بمكوناتها وبرامجها، مثمنا دور مبادرة «بداية جديدة لبناء الإنسان»، والتي تحظى برعاية كريمة من سيادة رئيس الجمهورية في تلبية هذا التكامل الواجب والضروري.

ولفت الدكتور الضويني، إلى اتجاه بعض المجتمعات نحو الاهتمام بتحقيق تنمية مادية كبيرة، في مقابل إهمال الشق الروحي والمعنوي والقيمي، فكانت النتيجة ما يشهده الواقع من موجات إلحاد، وتفكك أسري، وشذوذ، وحالات يأس وانتحار، واضطرابات نفسية، موضحا أن التنمية في الإسلام لا تقف عند إصلاح الدنيا بشقيها المادي والروحي، بل تتجاوزهما إلى الآخرة، وذلك كله تحت اسم «الإعمار» الذي كلفنا به، والذي يشمل القلب والعقل، والعلم والعمل، والدنيا والآخرة.  

وبين وكيل الأزهر، أن الربط بين التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر ليس غريبا على فكرنا الإسلامي، وتراثنا الحضاري، وأن الفكر الإسلامي حي، وتراثنا متجدد، حيث أن الفكر والتراث يقوم على حفظ الحياة ومكوناتها ومواردها وإنسانها وما يتعلق به من نفس ودين وعقل ونسب ومال، مضيفا أن المتأمل لهذا الفكر الإسلامي الثري يجد عند علمائه إشارات تؤكد ملمح استدامة التنمية، وتظهر سبق العلماء لزمانهم.

وأشار الدكتور الضويني، إلى أن ما يتداوله العالم الآن من كلام حول حق أجيال المستقبل التي لم تأت بعد في الانتفاع بثروات الأرض ومواردها، هو كلام حكيم لا شك، ورأي سديد لا ريب، وهو ما أكده كلام العلماء الأوائل، كالإمام الماوردي المتوفى سنة أربع وستين وثلاث مائة للهجرة؛ وهو يصور وجوب التواصل بين الأجيال المتعاقبة في الانتفاع بالموارد، كما جاء أيضا في كتابات الشاطبي وابن خلدون وابن حزم وغيرهم.

وحذر وكيل الأزهر، من اعتماد التنمية ومشروعاتها على المقومات المادية وحدها، مؤكدا أن ذلك سرعان ما تؤدي إلى انهيار تنموي وتراجع حضاري، حيث أن النجاح في الجانب المادي وحده لم يستطع القضاء على الجرائم، ولم يقدم حلا للأسر المفككة، ولم يضع علاجا للاضطرابات النفسية والسلوكية، موضحا أن الفكر الإسلامي يتميز بأنه ليس موقوتا بعصر معين أو زمن مخصوص ينتهي أثره بانتهائه، كما أنه ليس محدودا بمكان ولا بأمة ولا بشعب ولا بطبقة، بل يمتاز بالشمول؛ فهو يخاطب كل الأمم، وكل الأجناس، وكل الشعوب، وكل الطبقات، وهذا الشمول يتجلى في العقيدة والإيمان، والعبادات والمعاملات، والأخلاق والفضائل.

وأضاف وكيل الأزهر، أن الفكر الإسلامي عني بالعناصر  الأساسية التي تقوم عليها التنمية المستدامة (الاقتصاد والمجتمع والبيئة)، وذلك في سبك عجيب، يجعل من المحافظة على الموارد واستثمارها شعيرة ربانية، تتجلى آثارها عقيدة وشريعة وسلوكا، ويضيف إليها فوق ذلك هذا البعد المعنوي الذي يركز على بناء الإنسان وتنميته ذاتيا، وتربيته دينيا وروحيا وخلقيا وقيميا؛ ليقوم بالدور المنوط به، بما يضمن تنمية مستدامة في الدنيا والآخرة، لافتا إلى أننا إذا أضفنا إلى ذلك عناية الفكر الإسلامي بالاقتصاد الأخضر، وتوجيه الإنسان إلى تبني مقومات هذا الاقتصاد لأدركنا «عبقرية التراث»؛ فحماية البيئة، والمحافظة على نظافتها، ومنع الإسراف في استخدام الموارد والسلع والمنتجات، ليس تفضلا ولا واجبا اجتماعيا، بل هو فريضة إيمانية، وهذه من الدعائم الأصيلة في الاقتصاد الأخضر.

وفي ختام كلمته، دعا وكيل الأزهر  الباحثين المهرة من أبناء الأزهر الأوفياء، بالعمل على اكتشاف عناية تراثنا الفقهي والفكري بالاستخدام الأمثل للموارد، وتعظيم القيمة الاقتصادية لها، والتنبيه على أهمية التقليل من النفايات، وتحقيق التوازن الشامل بين الإنتاج والاستهلاك القائم على التوسط، وغير ذلك من مقومات يعتمد عليها الاقتصاد الأخضر، مؤكدا أن هذا هو ما ننتظره من مؤتمر كلية الشريعة والقانون بتفهنا الأشراف، خاصة أن أبنائها قادرون من خلال الاستعانة بأدبيات فكرنا وتراثنا، على  صياغة قوانين أو لوائح تنفيذية تسهم في المحافظة على الكون، وتعظيم استفادة الأجيال منه.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الشريعة والقانون الدكتور الضويني المؤتمر العلمى كلية الشريعة والقانون لاقتصاد الأخضر كلية الشريعة المؤتمر العلمي الخامس السلع والمنتجات التنمية المستدامة أجيال المستقبل الاقتصاد الأخضر الفکر الإسلامی المحافظة على وکیل الأزهر

إقرأ أيضاً:

وكيل تعليم الفيوم لمديري الإدارات التعليمية: مندوب أسئلة لكل لجنة خلال امتحانات الشهادة الإعدادية

عقد الدكتور خالد خلف قبيصي، وكيل وزارة التربية والتعليم بمحافظة الفيوم، اليوم الاحد، اجتماعا مع مديري الإدارات التعليمية، ومديري الشئون المالية والإدارية بالإدارات التعليمية.

 

بحضور، الأستاذة ريحاب عريق، وكيل المديرية، والأستاذ محمد فتحي، مدير عام التعليم العام، والأستاذ محمد نادى، مدير عام الشئون المالية والإدارية بالمديرية، والأستاذ عاطف الروبي، مدير الامتحانات بالمديرية، ومسئول العلاقات العامة بالمديرية.

 

أكد وكيل الوزارة على ضرورة المتابعة الميدانية المستمرة لمديري ووكلاء الإدارات التعليمية بالمدارس فى الصباح الباكر، لمتابعة انتظام وانضباط العملية التعليمية بالمدارس، مشيرا إلى المتابعة اليومية المفاجئة واليومية لمدير تعليم الفيوم لجميع المدارس على مستوى محافظة الفيوم.

 

كما أشار وكيل الوزارة، إلى أن لجنة المتابعة الشاملة على مستوى المديرية، مستمرة فى عملها لمتابعة جميع المدارس على مستوى المحافظة، ورصد السلبيات وإزالتها فورًا بالمدارس.

 

كما أكد وكيل الوزارة على ضرورة إنهاء كافة الاستعدادات اللازمة لبدء امتحانات الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي 2025/2024م، سواء امتحانات النقل أو الشهادة الإعدادية على مستوى المحافظة، حيث أكد وكيل الوزارة على ضرورة اتخاذ كافة الإجراءات والقوانين المنظمة لأعمال الامتحانات، وتطبيق الموانع فى الامتحانات سواء امتحانات النقل أو الشهادة الإعدادية، كما نبه وكيل الوزارة على ضرورة التأكيد على عدم الغش بكافة أشكاله وصورة، وكذلك عدم اصطحاب الطلاب وكذلك المعلمين التليفون المحمول أثناء الامتحانات.

 

وأشار مدير تعليم الفيوم، إلى ضرورة المراجعة المالية لكشوف العاملين من معلمي الحصة بالإدارات التعليمية على مستوى المحافظة، وتجهيز مستحقاتهم المالية أولًا بأول.

 

كما أكد دكتور خالد قبيصي، إلى ضرورة تكليف مندوب أسئلة لكل لجنة خلال امتحانات الشهادة الإعدادية بالفيوم، على مستوى المحافظة، وإجراء مقابلات شخصية لجميع المتقدمين للعمل مندوب لاستلام وتوزيع  الأسئلة بالشهادة الإعدادية على مستوى المحافظة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وكيل تعليم الفيوم فى جولة ميدانية بالمدارس 21e99e1f-277c-41ee-998e-261c745dc351 - Copy 746f8063-50dc-40fc-a660-a7f2e2d186bd - Copy b157e635-8bcc-4088-bfb5-34cf276c3b93 - Copy

مقالات مشابهة

  • وكيل الأزهر: منطقتنا العربية تعرضت لكوارث متلاحقة نتيجة أفكار وانحرافات عن جادة الصواب
  • مشروع لإنتاج محصول الزعفران في الجبل الأخضر
  • وكيل تعليم الفيوم لمديري الإدارات التعليمية: مندوب أسئلة لكل لجنة خلال امتحانات الشهادة الإعدادية
  • الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي: الفكر المنحرف والغلو خطر حقيقي
  • وكيل الأزهر: ظهور متطفلين على الفتوى ساهم بتعميق أزمات عالمنا العربي والإسلامي
  • المؤتمر الدولي للإفتاء.. وكيل الأزهر: الإمام الأكبر يتمنى الخروج بتوصيات جادَّة تحمي المجتمع
  • وكيل تعليم الفيوم يتفقد مدارس المحافظة لمتابعة العملية التعليمية
  • وكيل الأزهر: حاجة المجتمعات إلى الأمن الفكري لا تقل عن حاجتها للطعام والشراب
  • وكيل الأزهر: منطقتنا العربية تعرَّضت لكوارث نتيجة أفكار وانحرافات عن جادَّة الصواب
  • وزير الإسكان يفتتح المؤتمر الدولي للمركز القومي لبحوث الإسكان والبناء بعنوان "النظرة المستقبلية وتحديات التنمية العمرانية"