وكيل الأزهر: أجيال المستقبل لهم حق الانتفاع بثروات الأرض ومواردها
تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT
شهد الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، صباح اليوم الثلاثاء، افتتاح المؤتمر العلمي الخامس، لكلية الشريعة والقانون بتفهنا الأشراف، والذي يقام تحت عنوان "التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر من منظور الفقه الإسلامي والقانون الوضعي"، حيث أكد أن مفهوم التنمية ينبغي أن يتجاوز المحافظة على الثروات الطبيعية والموارد المادية إلى المحافظة على كل ما يتعلق بالإنسان من جوانب ثقافية واقتصادية ودينية واجتماعية، وصيانة حياته حاضرا ومستقبلا.
وأوضح وكيل الأزهر، خلال كلمته بالمؤتمر، أن مفهوم التنمية في الإسلام أكثر شمولا وعمقا عن غيره، حيث أنها لا تقف عند الجانب المادي وحده، بل تجعله جنبا إلى جنب مع البناء القيمي والأخلاقي والروحي، الذي يصون هذه التنمية ويحفظها من العبث بمكوناتها وبرامجها، مثمنا دور مبادرة «بداية جديدة لبناء الإنسان»، والتي تحظى برعاية كريمة من سيادة رئيس الجمهورية في تلبية هذا التكامل الواجب والضروري.
ولفت الدكتور الضويني، إلى اتجاه بعض المجتمعات نحو الاهتمام بتحقيق تنمية مادية كبيرة، في مقابل إهمال الشق الروحي والمعنوي والقيمي، فكانت النتيجة ما يشهده الواقع من موجات إلحاد، وتفكك أسري، وشذوذ، وحالات يأس وانتحار، واضطرابات نفسية، موضحا أن التنمية في الإسلام لا تقف عند إصلاح الدنيا بشقيها المادي والروحي، بل تتجاوزهما إلى الآخرة، وذلك كله تحت اسم «الإعمار» الذي كلفنا به، والذي يشمل القلب والعقل، والعلم والعمل، والدنيا والآخرة.
الربط بين التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضروبين وكيل الأزهر، أن الربط بين التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر ليس غريبا على فكرنا الإسلامي، وتراثنا الحضاري، وأن الفكر الإسلامي حي، وتراثنا متجدد، حيث أن الفكر والتراث يقوم على حفظ الحياة ومكوناتها ومواردها وإنسانها وما يتعلق به من نفس ودين وعقل ونسب ومال، مضيفا أن المتأمل لهذا الفكر الإسلامي الثري يجد عند علمائه إشارات تؤكد ملمح استدامة التنمية، وتظهر سبق العلماء لزمانهم.
وأشار الدكتور الضويني، إلى أن ما يتداوله العالم الآن من كلام حول حق أجيال المستقبل التي لم تأت بعد في الانتفاع بثروات الأرض ومواردها، هو كلام حكيم لا شك، ورأي سديد لا ريب، وهو ما أكده كلام العلماء الأوائل، كالإمام الماوردي المتوفى سنة أربع وستين وثلاث مائة للهجرة؛ وهو يصور وجوب التواصل بين الأجيال المتعاقبة في الانتفاع بالموارد، كما جاء أيضا في كتابات الشاطبي وابن خلدون وابن حزم وغيرهم.
وحذر وكيل الأزهر، من اعتماد التنمية ومشروعاتها على المقومات المادية وحدها، مؤكدا أن ذلك سرعان ما تؤدي إلى انهيار تنموي وتراجع حضاري، حيث أن النجاح في الجانب المادي وحده لم يستطع القضاء على الجرائم، ولم يقدم حلا للأسر المفككة، ولم يضع علاجا للاضطرابات النفسية والسلوكية، موضحا أن الفكر الإسلامي يتميز بأنه ليس موقوتا بعصر معين أو زمن مخصوص ينتهي أثره بانتهائه، كما أنه ليس محدودا بمكان ولا بأمة ولا بشعب ولا بطبقة، بل يمتاز بالشمول؛ فهو يخاطب كل الأمم، وكل الأجناس، وكل الشعوب، وكل الطبقات، وهذا الشمول يتجلى في العقيدة والإيمان، والعبادات والمعاملات، والأخلاق والفضائل.
وأضاف وكيل الأزهر، أن الفكر الإسلامي عني بالعناصر الأساسية التي تقوم عليها التنمية المستدامة (الاقتصاد والمجتمع والبيئة)، وذلك في سبك عجيب، يجعل من المحافظة على الموارد واستثمارها شعيرة ربانية، تتجلى آثارها عقيدة وشريعة وسلوكا، ويضيف إليها فوق ذلك هذا البعد المعنوي الذي يركز على بناء الإنسان وتنميته ذاتيا، وتربيته دينيا وروحيا وخلقيا وقيميا؛ ليقوم بالدور المنوط به، بما يضمن تنمية مستدامة في الدنيا والآخرة، لافتا إلى أننا إذا أضفنا إلى ذلك عناية الفكر الإسلامي بالاقتصاد الأخضر، وتوجيه الإنسان إلى تبني مقومات هذا الاقتصاد لأدركنا «عبقرية التراث»؛ فحماية البيئة، والمحافظة على نظافتها، ومنع الإسراف في استخدام الموارد والسلع والمنتجات، ليس تفضلا ولا واجبا اجتماعيا، بل هو فريضة إيمانية، وهذه من الدعائم الأصيلة في الاقتصاد الأخضر.
وفي ختام كلمته، دعا وكيل الأزهر الباحثين المهرة من أبناء الأزهر الأوفياء، بالعمل على اكتشاف عناية تراثنا الفقهي والفكري بالاستخدام الأمثل للموارد، وتعظيم القيمة الاقتصادية لها، والتنبيه على أهمية التقليل من النفايات، وتحقيق التوازن الشامل بين الإنتاج والاستهلاك القائم على التوسط، وغير ذلك من مقومات يعتمد عليها الاقتصاد الأخضر، مؤكدا أن هذا هو ما ننتظره من مؤتمر كلية الشريعة والقانون بتفهنا الأشراف، خاصة أن أبنائها قادرون من خلال الاستعانة بأدبيات فكرنا وتراثنا، على صياغة قوانين أو لوائح تنفيذية تسهم في المحافظة على الكون، وتعظيم استفادة الأجيال منه.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: وكيل الأزهر الأزهر الدكتور محمد الضويني الإسلام التنمية المستدامة التنمیة المستدامة الاقتصاد الأخضر الفکر الإسلامی المحافظة على وکیل الأزهر
إقرأ أيضاً:
المشاط: تمويلات شركاء التنمية دعمت توسع البنوك في التمويل الأخضر وتنمية المشروعات
ألقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، الكلمة الافتتاحية بالدورة الـ18 للمؤتمر الاقتصادي "الناس والبنوك"، الذي ينظمه المركز الإعلامي العربي.
وفي كلمتها، قالت الدكتورة رانيا المشاط، إن المؤتمر يمث لمنصّة مهمة للحوار وتبادل الرؤى والأفكار حول أبرز القضايا التي تشغل المعنيين بالشأن الاقتصادي المصري، موجهة الشكر للدكتور مصطفى الفقي - رئيس مجلس إدارة المركز الإعلامي العربي، على الإعداد والتنظيم للمؤتمر، الذي تأتي أهميته في ضوء ما يتناوله من موضوعات وقضايا محورية؛ لعلَّ أبرزها التحديات والفرص التي تواجه الاقتصاد المصري في ظل المتغيّرات الإقليمية والدولية الراهنة.
مجتمع الشركات الناشئة يرحب بتشكيل المجموعة الوزارية لريادة الأعمال.. فيديو الإحصاء: 26.3% ارتفاعاً في الصادرات المصرية للسعودية خلال 9 أشهر من 2024 المشاط: حوار مستمر مع الشركات الناشئة للحفاظ على المواهب المصرية ووصولها للأسواق العالميةوأوضحت أن النظام المالي العالمي، يتعرَّض لاختبار غير مسبوق، يتَزامن مع تباطؤ النشاط الاقتصادي من جرَّاء الأزمات الصحية والاقتصادية والجيوسياسية المتتالية التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة، هذا بالإضافة إلى التحديات الناجمة عن التغيّرات المناخية، فقد أثرت هذه الأزمات والتحديات بالسَلب على قدرة الدول على الوفاء بالتزاماتها المالية والتنموية.
وأكدت أن تلك التحديات كشفت عن قصور قدرة النظام المالي العالمي على حشد التمويل المستقر وطويل الأجل على نطاقٍ واسع للاستثمارات اللازمة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة خصوصاً مع تزايد الاحتياجات التنموية للدول، حيث اتسعت فجوات التمويل للدول النامية بين 2.5 تريليون دولار و4 تريليونات دولار سنويًا، وتفاقمت التحديات الإنمائية والتي طالت جميع الدول دون استثناء، خاصة الدول النامية والأق نمواً.
وتابعت :"على الرغم من الجهود المبذولة من قِبَل مؤسسات التمويل الدولية والحكومات، إلا أن شدة التحديات تقتضى مواصلة التعاون بين مؤسسات التمويل الإقليمية والدولية لتوفير التمويل العادل والمُنصِف الذي يُلبي الاحتياجات التنموية للدول، إلى جانب تنسيق الجهود بين البنوك المركزية والحكومات على المستوى الدولي لمواجهة الأزمات الدولية المتفاقمة، من خلال التنسيق بين السياستين المالية والنقدية، والتأكد من اتساق تلك السياسات مع إجراءات الإصلاح الاقتصادي، بما يدعم الاستجابة المشتركة للتقلبات المالية".
إطار الاستدامة والتمويل من أجل التنمية الاقتصادية
وأضافت أنه في ظل هذه الظروف الإقليمية و الدولية الاستثنائية، سَعَت الدولة المصرية بكافة مؤسساتها لتعزيز صمود الاقتصاد المصري من خلال إصلاحات جادة، مشيرة إلى أن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، بعد الدمج، أطلقت «إطار الاستدامة والتمويل من أجل التنمية الاقتصادية »، الذي تسعى الوزارة من خلاله إلى صياغة سياسة التنمية الاقتصادية القائمة على البيانات والأدلة، لتوفير المعلومات التي تُعزز المناقشات حول الاحتياجات والفرص، وسد الفجوات في مجالات التنمية المختلفة، مع ضمان آليات مراقبة وتقييم قوية لتتبع التقدم وتحسين النتائج، بالإضافة إلى بناء اقتصاد مرن، وتعزيز استقرار الاقتصاد الكلي، من خلال تنفيذ الإصلاحات الهيكلية لزيادة القدرة التنافسية وتحسين بيئة الأعمال، ودعم مرونة السياسات المالية الكلية، والتحول نحو الاقتصاد الأخضر.
كما يعمل الإطار الجديد للوزارة، على حشد التمويلات المحلية والخارجية لتحقيق التنمية المستدامة من خلال إطار وطني مُتكامل للتمويل، يُعزز تخصيص الموارد للقطاعات ذات الأولوية، ويُحفز استثمارات القطاع الخاص، ويُسرّع وتيرة التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية
ومن خلال البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية، تعمل الدولة على تنفيذ إصلاحات متنوعة، تُساعد على تعزيز الثقة في الاقتصاد المصري، وتدعم تحقيق نمو احتوائي ومستدام .
ويستهدف المحور الأول من محاور برنامج الإصلاح الهيكلي، تعزيز صمود واستقرار الاقتصاد الكلي، بينما يتناول المحور الثاني تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري وتحسين بيئة الأعمال وتحفيز دور القطاع الخاص، في حين يستهدف المحور الثالث للبرنامج دعم التحول الأخضر، وفي هذا المحور فقد نفذت الدولة إصلاحات من شأنها زيادة استثمارات الطاقة المتجددة، وتدشين أول سوق طوعي للكربون في مصر، وغيرها من الإجراءات الطموحة.
التمويل من أجل التنمية
وأكدت أن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، تسعى إلى دفع جهود التمويل من أجل التنمية، وزيادة التمويلات الخضراء، وعلى مدار السنوات الماضية، عززنا شراكاتنا الدولية، وهو ما انعكس على زيادة محفظة التعاون بين القطاع المصرفي المصري، والمؤسسات الدولية والإقليمية، من خلال إتاحة التمويلات الميسرة، وخطوط الائتمان، والاستثمارات المباشرة في الشركات، وغيرها من آليات التعاون، لتبلغ محفظة تمويلات واستثمارات المؤسسات الدولية للقطاع الخاص في مصر أكثر من 11 مليار دولار منذ عام 2020 حتى الآن، تستحوذ البنوك والمؤسسات المالية منها على نسبة تتجاوز 57%، وقد استفاد من تلك التمويلات العديد من البنوك من بينها بنكي الأهلي، ومصر، والبنك التجاري الدولي، والقاهرة، وغيرهم من البنوك الحكومية والخاصة.
وذكرت أن تلك التمويلات والاستثمارات، ساهمت في إتاحة المزيد من الموارد للبنوك المصرية من أجل إعادة توجيهها نحو تنمية قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، فضلًا عن تعزيز التزامها بالتوسع في تمويل المشروعات الصديقة للبيئة، بما يمكنها من المساهمة بفعالية في جهود التحول الأخضر في مصر.
وأشارت إلى توقيع اتفاقية برنامج الصناعة المستدامة الخضراء (GSI)، مع بنك الاستثمار الأوروبي، بهدف مساعدة ودعم الصناعة على تحسين الأداء وتقليل استهلاك الموارد وخفض انبعاثات الكربون و الامتثال للوائح البيئية. ومن خلال برنامج الصناعة المستدامة الخضراء يتيح الشركاء الدوليون 271 مليون يورو، لتمويل مشروعات كفاءة وترشيد الموارد و الطاقة المتجددة، والهيدروجين منخفض الكربون وكذلك مشروعات ازالة الكربون، موضحة أن النجاح في هذا البرنامج يفتح الآفاق لمزيد من التعاون مع المؤسسات الدولية.
كما أطلقت الوزارة الاتفاق التنفيذي لبرنامج الاتحاد الأوروبي لدعم التجارة والصناعة والنمو والوصول السريع للأسواق (EU Tigara)، الذي يعمل على تحقيق هدفين رئيسيين هما تحسين قدرة وكفاءة المنظومة المصرية المعنية بتنمية المنشآت والتجارة، وثانيًا زيادة مشاركة المنشآت المصرية الصغيرة والمتوسطة الحجم في سلاسل القيمة الصناعية المختارة.
وأوضحت أن المؤسسات الدولية ساهمت في تمكين البنوك المصرية من إصدار أول سندات خضراء للقطاع الخاص في عام 2021، فإننا نشهد اليوم تطورًا كبيرًا وتنوعًا في الأدوات المالية المبتكرة التي تتيحها مؤسسات التمويل الدولية للبنوك المصرية، حيث أعلن البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية مؤخرًا، توقيع أول اتفاقية من نوعها لضمان المخاطر بقيمة 70 مليون يورو، مع بنك QNB، لدعم نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر في مصر والحد من مخاطر الائتمان، بما يُدعم قدراتها التنافسية والتشغيلية ويضمن استمرارية أعمالها.
وأوضحت أن هذه الاتفاقية تعزز الحلول المبتكرة التي تتيحها المؤسسات الدولية وتعكس الثقة الكبيرة بين القطاع المصرفي ومؤسسات التمويل الدولية، كما تفتح الآفاق لمزيد من التعاون البناء بين الشركاء الدوليين والبنوك في مصر.
ومن أجل تعزيز تلك العلاقة أطلقت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي منصّة "حافز" للدعم المالي والفني للقطاع الخاص، في إطار جهود الدولة للاستفادة من أفضل بدائل التمويل المُبتكرة المتاحة من مؤسسات التمويل الدولية، وشركاء التنمية لتمكين القطاع الخاص، وتعظيم الاستفادة من التمويلات التنموية والدعم الفني والاستشارات في تحفيز دور القطاع الخاص لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
كما تطرقت إلى الجهود التي تقوم بها الحكومة من أجل تعزيز بيئة ريادة الأعمال والابتكار في مختلف القطاعات، من خلال تشكيل مجموعة عمل وزارية متخصصة لريادة الأعمال، للنهوض بالقطاع، وتشجيع ريادة الأعمال من أجل بناء اقتصاد تنافسي جاذب للاستثمارات، موضحة أنه من خلال تلك المجموعة، نعمل جاهدين على التنسيق بين مختلف المبادرات الحكومية الداعمة للشركات الناشئة، وإشراك مجتمع الشركات الناشئة، والقطاعات الداعمة، ومختلف الأطراف ومن بينها ممثلي البنك المركزي والبنوك، من أجل ترسيخ مكانة مصر كمركز إقليمي محوري للشركات الناشئة وريادة الأعمال.
و ذلك بمشاركة و حضور علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، والدكتور مصطفى الفقي، رئيس المركز، و طارق الخولي، نائب محافظ البنك المركزي، و محمد الإتربي، رئيس اتحاد بنوك مصر والرئيس التنفيذي للبنك الأهلي، و هشام عكاشة، الرئيس التنفيذي لبنك مصر، و يحيى أبو الفتوح، نائب الرئيس التنفيذي للبنك الأهلي، ونخبة من المصرفيين وشركات القطاع الخاص.