بعد 40 عامًا أو نحو ذلك من صعود الصين، تظهر الدراسات الاستقصائية أن الكثيرين في الغرب الذين أذهلتهم بكين ذات يوم، يقلقون بشأن التهديدات التي تشكلها في حالة تعرضها إلي تدهور إقتصادي وسياسي. 

 

ووفقا للتحليل الذي كتبه جورج ماغنوس، باحث مشارك في مركز الصين بجامعة أكسفورد، ونشرته صحيفة صنداي تايمز، فإن المقاومة الغربية لمحاولة الصين الطموحة لإعادة تشكيل الحوكمة والقيم العالمية لصالحها أقوى من أي وقت مضى.

 

أعلنت أمريكا مؤخرًا عن حظر شراء الصين لرقائق أشباه الموصلات اللازمة لتشغيل الذكاء الاصطناعي، بينما منعت أيضًا الشركات الأمريكية من الاستثمار في التكنولوجيا الصينية. ويبدو أن بريطانيا ستحذو حذوها.

 

هذا التحول يتزامن ظهور موجة من البيانات المقلقة من بكين والتي أثارت العديد من الأسئلة، هل الصين الهشة في حالة تدهور خطير؟ وإذا كان الأمر كذلك، فكيف يجب على بقية العالم أن يتكيف ويستجيب؟

 

أرقام الصين ليست كبيرة. أظهرت الإحصائيات الصادرة الأسبوع الماضي وصول معدل بطالة الشباب في المناطق الحضرية إلي 21 في المائة، وهو ما يرجع إلي الانخفاض الحاد في الصادرات والواردات. وأكدت هذه الإحصائيات أن الاقتصاد الصيني يعاني بشدة، وتحديداً من نقص مزمن في الطلب المحلي.

 

وبحسب تحليل الصنداي تايمز، تراجعت الصين من نمو مزدوج الرقم في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وتباطأ إلى 5-6 في المائة في أواخر عام 2010. الآن ينخفض النمو إلى النصف مرة أخرى إلى حوالي 2-3 في المائة. بعض من هذا متوقع لكن مشكلة الصين هي أن المشاكل الاقتصادية التي تواجهها معقدة وهيكلية ولها تأثير بالغ علي بقية العالم.

 

وأفاد تحليل التايمز، أن الحكومات المحلية والشركات الحكومية ومطورو العقارات في الصين لديهم ديون كبيرة للغاية. تجاوز قطاع العقارات، الذي يُقدر أنه يمثل نحو ربع الاقتصاد، نقطة تحول، ويواجه سنوات من الانكماش وضعف الأسعار. 

 

تحت حكم شي جين بينغ، نشر الحزب الشيوعي والمؤسسات الحكومية المرتبطة به نفوذهم عبر جزء كبير من الاقتصاد. لكن هذا أخضع مصالح رجال الأعمال والشركات الخاصة، التي كانت محرك صعود الصين، لمصالح دولة الحزب الواحد.

 

ساهمت التداعيات الاجتماعية والسياسية لإخفاقات نموذج التنمية الصيني في التركيز على "الأمن" الذي أدى إلى إزاحة "الاقتصاد" تقريبًا.

 

دفع هذا الحزب الشيوعي الصيني إلى تكثيف القمع والسيطرة على المجتمع في الداخل، والشروع في سياسة خارجية أكثر عدوانية أيضًا، مما أدى إلى تعارض مصالح الدولة الأسيوية مع مصالح الولايات المتحدة وجيرانها مثل الهند وكوريا الجنوبية.

 

وبحسب الصنداي تايمز، إذا كان النفوذ الاقتصادي الصيني في طريقه إلى الانحسار، فقد تكون التداعيات على توازن القوى العالمي هائلة. 

 

الشيخوخة السريعة في الصين والتركيبة السكانية الضعيفة والإنتاجية الضعيفة وعبء الديون الثقيل يعني أن ميزانيات الجيش والتكنولوجيا المتقدمة التي تقودها الدولة ستكون أكثر إحكامًا.

 

قد تؤدي نقاط الضعف الاقتصادية المحلية هذه إلى تقليص خطط الصين في الخارج. منذ عام 2021، أطلقت الصين العديد من المبادرات لجذب البلدان النامية إلى نموذج "الرأسمالية المدعومة". كانت الصين تسعي من خلال مبادرة الحزام والطريق، إلى تمويل مشاريع البنية التحتية في جميع أنحاء العالم لكنها الأن تواجه عراقيل بسبب تلك الظروف الأقتصادية الجديدة.

 

لكن تمويل مبادرة الحزام والطريق بلغ ذروته عام 2017 وتضاءل مع تعرض البنوك الصينية لعدد من تجارب الديون المعدومة. يشير هذا إلى أن الصين التي تواجه تحديات اقتصادية ستنشر موارد أقل في برامجها الاستثمارية العالمية، مما يقلل من نفوذها.

 

لقد نظر الكثير في بريطانيا وخارجها إلى الصعود الحتمي للصين بقلق، وها هم الأن ينظرون إلى التراجع النسبي للصين بارتياح. بالتأكيد سيتم تشجيع مظلة الحلفاء الأمريكيين في أوروبا إلى جانب اليابان وأستراليا لتكثيف محاولاتهم للحد من نفوذ الصين وقوتها.

 

لكن قبل أن يتنفس المتشككون في الصين الصعداء، تجدر الإشارة إلى أن الصين المنهارة قد يكون لها اهتمام أكبر بالفوضى الدولية. لا يمكن للصين أن تنافس شبكة أمريكا الواسعة من الحلفاء والتوابع، لكنها ستستمر في العمل مع "الجنوب العالمي"، ولا سيما إفريقيا، حيث تتمتع بنفوذ كبير وشبكة استثمار. 

 

إنه احتمال واضح أن تتفاعل بكين المتعثرة مع النكسات من خلال السعي إلى تأجيج المشاعر القومية في محاولة منها لتشتيت الانتباه. قد تضغط على مطالبات إقليمية ضد اليابان في بحر الصين الجنوبي. لكن نقطة الاشتعال الأكثر احتمالا وخطورة هي تايوان، التي كانت موضوع مواقف عسكرية صينية متزايدة العدوانية في الأشهر والسنوات الأخيرة. إن أي محاولة صينية للاستيلاء على تايوان بالقوة ستشكل معضلة محفوفة بالمخاطر بالنسبة لأمريكا وتدفع السياسة العالمية إلى حالة من الفوضى.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الصين الغرب

إقرأ أيضاً:

لأول مرة منذ 8 سنوات.. سفينة أمريكية تزور ميناء في كمبوديا الحليف الرئيسي للصين.. وواشنطن تخشى بكين

يبدو أن العلاقات -حتى السياسية منها- قابلة للتغيير. فرغم توتر العلاقات بين واشنطن وبنوم بنه، فإن سفينة حربية أمريكية رست مؤخرا في كمبوديا، وسيبقى الأمريكيون هناك ستة أيام، ما بين يومي 16 و 20 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بهدف تطوير العلاقات بين البلدين، رغم وجود خشية من خطوات قد تتخذها الصين.

اعلان

وصلت سفينة حربية تابعة للبحرية الأمريكية يوم الاثنين إلى كمبوديا، وهذه هي أول زيارة من نوعها منذ ثماني سنوات لدولة تعد الحليف الوثيق للصين في جنوب شرق آسيا.

رست السفينة يو إس إس سافانا في ميناء سيهانوكفيل على خليج تايلاند، في زيارة تستغرق خمسة أيام. وتحمل السافانا طاقمًا مكونًا من 103 أفراد، وهي مصنفة على أنها سفينة قتالية.

وقالت حكومة كمبوديا إن الزيارة للميناء تعكس تحسنا في العلاقات التي وصفت في كثير من الأحيان بالمتوترة.

أما قائد السفينة الأمريكي دانييل إيه. سليدز، فقال في تصريحات مقتضبة للصحفيين: "إن العودة لأمر رائع، عودة الوجود الأمريكي إلى هنا بعد ثماني سنوات". قال ذلك بعد أن تسلم من ضابط كمبودي باقة من الزهور وصافح مجموعة من زملائه.

قائد السفينة الحربية الأمريكية سافانا دانييل سليدز يتحدث مع أحد أفراد طاقم البحرية الكمبودية 16 كانون الأول ديسمبر 2024Heng Sinith/APعلاقات متوترة، ولكن..

ظلت علاقات الولايات المتحدة مع كمبوديا متوترة لسنوات عديدة، حيث دأبت واشنطن على انتقاد حكومة بنوم بنه بسبب القمع السياسي وانتهاكات حقوق الإنسان. هذا بالإضافة إلى القلق الأمريكي بخصوص علاقات كمبوديا الوثيقة مع الصين، التي تخشى واشنطن من أنها قد تحصل على حق الوصول الحصري إلى قاعدة بحرية كمبودية على خليج تايلاند، لا تبعد عن المكان الذي رست عنده السافانا.

ولكن في الآونة الأخيرة، يبدو أن هناك تحركات لإصلاح العلاقات. إذ قالت وزارة الدفاع الكمبودية الأسبوع الماضي إن الزيارة كانت مقررة بعد طلب أمريكي لزيارة الميناء، ومن شأن ذلك "تقوية وتوسيع روابط الصداقة بالإضافة إلى تعزيز التعاون الثنائي" بين البلدين.

وقبل يومين من ذلك، أشارت وزارة الخارجية الكمبودية إلى "الزخم الإيجابي للعلاقات الثنائية والتعاون" و"إعادة تنشيط التعاون العسكري" بين كمبوديا والولايات المتحدة.

العلم الكمبودي يرفرف عند وصول السفينة الحربية الأمريكية سافانا إلى الميناء في كمبوديا 16 كانون الأول ديسمبر 2024Heng Sinith/APقلق أمريكي من الصين

كان وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن قد زار كمبوديا في أوائل حزيران/ يونيو الماضي، وأجرى محادثات مع رئيس الوزراء هون مانيه وغيره من كبار المسؤولين.

وقالت وزارة الدفاع الأمريكية في ذلك الوقت، إن مناقشات أوستن لها علاقة "بفرص تعزيز العلاقة الدفاعية الثنائية بين الولايات المتحدة وكمبوديا لدعم السلام والأمن الإقليميين" ومسائل أخرى.

لكن واشنطن لا تزال تشعر بالقلق من أن تطوير قاعدة بحرية في كمبوديا تدعى "ريام" -تقع بالقرب من سيهانوكفيل- سيخدم مصالح بكين الاستراتيجية في المنطقة.

Relatedكمبوديا تطلق مشروع قناة تمولها الصين رغم مخاوف التوتر مع فيتنامالصين تستعرض جيش "الكلاب الآلية" القاتلة في مناورات مشتركة مع كمبودياخشية من الاتجار بالبشر واضطهاد النساء.. كمبوديا تسعى للحد من تأجير الأرحام فيها رغم ارتفاع الطلب

وكان الجدل حول النشاط الصيني في هذه القاعدة قد نشأ أول الأمر في عام 2019 عندما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن الولايات المتحدة اطلعت على مسودة مبكرة للاتفاقية، على أن يسمح المسؤولون للصين باستخدام القاعدة لمدة 30 عامًا.

لكن حكومة كمبوديا نفت وجود مثل هذا الاتفاق، أو أي نية لمنح الصين امتيازات خاصة في القاعدة، على الرغم من أن بكين تولت عملية تمويل التوسعة الخاصة بها.

المصادر الإضافية • أ ب

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية دعوات غير مسبوقة: ترامب يدعو زعماء من العالم بينهم الرئيس الصيني لحضور حفل التنصيب قبل عودة ترامب.. بايدن يدفع لوضع استراتيجيات جديدة للتعامل مع روسيا وإيران وكوريا الشمالية والصين كمبوديا تطلق مشروع قناة تمولها الصين رغم مخاوف التوتر مع فيتنام تايلاندالصينالولايات المتحدة الأمريكيةكمبودياتدريبات عسكريةعلاقات دوليةاعلاناخترنا لك يعرض الآن Next الحرب بيومها الـ437: قتلى في غزة ولبنان وقصف على سوريا وكاتس يعلن عن جهوزية الجيش لضرب إيران يعرض الآن Next المستشار سولتش يفشل في الحصول على ثقة البرلمان.. والألمان يستعدون لانتخابات مبكرة يعرض الآن Next مشاورات لتشكيل حكومة فرنسية جديدة.. رئيس الوزراء المكلف فرانسوا بايرو يتحرك تحت ضغط ميزانية 2025 يعرض الآن Next تقرير: ربع سكان إسرائيل يعيشون الفقر ويعانون من انعدام الأمن الغذائي يعرض الآن Next مجموعة دول غرب أفريقيا "الإيكواس" تمنح مهلة أخيرة للدول الثلاث التي شب انقلابيوها عن الطوق اعلانالاكثر قراءة بشار الأسد: لم أغادر الوطن وبقيت في دمشق حتى 8 ديسمبر الكرملين: لا قرارات نهائية بشأن مستقبل القواعد الروسية في سوريا حتى الآن زلزال بقوة 4.9 درجة يهز الجزائر مارس الجنس مع 400 من زوجات كبار الشخصيات أمام الكاميرا.. فضيحة مسؤول كيني يعتقد أنه مصاب بمرض الإيدز لصوص بالعشرات بينهم رجال ونساء وأطفال.. جرائم نهب وحرق للبيوت داخل مجمع سكني قرب دمشق اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومسوريابشار الأسدضحاياإسرائيلهيئة تحرير الشام دونالد ترامبإعصارقطاع غزةروسياتغير المناخنيجيرياداعشالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

مقالات مشابهة

  • الانقسام السياسي بالسودان في ظل الحرب الراهنة: تحليل مختلف للمشهد السياسي والاجتماعي
  • هل تنجح الصين في تجنب نموذج ركود اقتصاد اليابان؟
  • لأول مرة منذ 8 سنوات.. سفينة أمريكية تزور ميناء في كمبوديا الحليف الرئيسي للصين.. وواشنطن تخشى بكين
  • نيويورك تايمز: الشرع طالب الولايات المتحدة برفع العقوبات التي فرضت على سوريا
  • السوداني يؤكد دعمه لعملية تحديث وتطوير وتأهيل مناطق بغداد التاريخية
  • «معلومات الوزراء» يستعرض في تحليل جديد صناعة بناء السفن عالميا
  • تدهور قيمة الجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية.. الأسباب والآثار
  • أستاذ علوم سياسية: مصر شريك مهم للصين في الشرق الأوسط ولديهما رؤى مشتركة
  • طارق فهمي: مصر تعتبر شريكًا مهمًا للصين في الشرق الأوسط
  • غزة أكثر مناطق العالم التي يعيش فيها مبتورو الأطراف .. والسبب العدوان الإسرائيلي