في أعقاب إطلاق مجموعة M42 لتقنية AIRIS-TB للتصوير بالأشعة السينية المدعومة بالذكاء الاصطناعي لمراكز تشخيص السل في شهر مايو الماضي ، أصبح بإمكان مركز العاصمة للفحص الصحي التابع لها الآن، والمتخصص في فحوصات تأشيرات الإقامة، تنفيذ يومياً 2000 فحص للسل باستخدام الأشعة السينية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، بزيادة بمعدل 10 أضعاف مقارنة بالطريقة التقليدية .


ولايزال مرض السل يمثل مدعاة قلق كبير في القطاع الصحي على مستوى العالم. ولذلك، حددت منظمة الصحة العالمية أهدافاً طموحة لوضع حد لهذا الوباء بحلول عام 2030، وبالتالي فإن توافر الفحوصات الفعالة يلعب دوراً حاسماً في تحقيق هذه الاستراتيجية. وتشمل الأعراض الفارقة لمرض السل النشط السعال المستمر، وألم الصدر، والسعال المصحوب بالدم و/أو البلغم، والحمى، والتعرق الليلي وفقدان الوزن.
واستجابة لذلك، أطلق مركز العاصمة للفحص الصحي مبادرة سباقة لتحسين فحوصات مرض السل من خلال إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي و الذي يتم تبنيه و دعم استخداماته من قبل دائرة الصحة أبوظبي و مركز أبوظبي للصحة العامة من خلال إعداد المعايير التنظيمية التي تضمن الاستخدام الأمثل لهذه التقنيات للحصول عل نتائج دقيقة و فعالة، ويمكن لنظام الذكاء الاصطناعي الثوري، الذي لايزال في مرحلته التجريبية وسيتم إطلاقه في مركز العاصمة للفحص الصحي التعرّف بدقة وسهولة على صور الأشعة السينية الطبيعية وغير الطبيعية، والإشارة إلى أي تغيرات ليتمكن أخصائي التصوير الإشعاعي من تقييمها بمعدل حساسية يبلغ 99.73%. ومن خلال تبسيط إجراءات التشخيص، يمكن لأخصائي الأشعة تحديد حالات الإصابة بالسل بسرعة ودقة، بما يحسن بشكل كبير من كفاءة عمله. وتقلص هذه التحسينات من الوقت المطلوب لعملية التشخيص. وقد تم تحسين هذا النموذج ليقلل من النتائج السلبية الخاطئة، والتي يمكن توضيحها دون الحاجة لتدخل بشري. وبلغ معدل مخرجات الفحوصات السلبية الخاطئة ضمن نتائج الفحوصات باستخدام هذا النظام حتى اليوم 0.26%، ومعدل الحساسية 99.73%، ونسبة تقليل عبء العمل 37%. ويلبي هذا النظام بسهولة معدل الحساسية الذي أوصت به منظمة الصحة العالمية، والذي يجب ألا يقل عن 90% مقارنة بالطرق التقليدية، بما يمكّن من تقديم التدخلات والعلاجات في وقت مبكر. ولا تساهم هذه المعدلات المرتفعة في إنقاذ الأرواح فحسب، بكل كذلك في تحقيق أهداف الصحة والعافية العالمية.
وفي هذا السياق، قال علي ابراهيم الصفار المدير التنفيذي لمركز العاصمة للفحص الصحي: “من المتوقع لنظام AIRIS-TB أن يكون أكثر أنظمة فحوصات الأشعة السينية المدعومة بالذكاء الاصطناعي فاعلية على مستوى العالم. إن دخول AIRIS-TB قلل بشكل كبير من أعباء العمل اليدوي على المتخصصين في التصوير الشعاعي، ومكن فريق الرعاية من التركيز على أمور أخرى، الأمر الذي أرسى معايير جديدة لمساعدتنا في تعزيز قدرات التشخيص المبكر وتقديم العلاج في الوقت المناسب. وتم تدريب نموذج الذكاء الاصطناعي على ملايين من فحوصات الأشعة السينية، وأظهر دقة لافتة، ومنح أملاً جديداً باستشراف عالم خالٍ من مرض السل لأجيال المستقبل”.
زيادة استخدامات الذكاء الاصطناعي
تؤكد إضافة تقنيات الذكاء الاصطناعي على فحوصات السل في مركز العاصمة للفحص الصحي على التزام دولة الإمارات بالاستفادة من التقنيات المبتكرة، وتفتح آفاقاً أوسع لاستخدامات إضافية لهذه التقنية في قطاع الرعاية الصحية. وأشارت تقديرات منظمة الصحة العالمية في عام 2021 إلى أن معدل انتشار مرض السل في دولة الإمارات العربية المتحدة هو أقل من 1 لكل 100 ألف شخص من سكانها، أدنى بشكل كبير من نسبة انتشار المرض العالمية التي تبلغ 134 إصابة من كل 100 ألف شخص.
وأضاف الدكتور جيريميجينكو المدير الطبي لمركز العاصمة للفحص الصحي: “بينما يتمحور التركيز المبدئي لإدخال الذكاء الاصطناعي حول فحوصات مرض السل، إلا أن هذه التقنيات الثورية تنطوي على إمكانات واعدة ليتم تدريب نماذجها للكشف عن أمراض إضافية مثل سرطان الرئة والالتهاب الرئوي وانتفاخ الرئة. ويتوّج ذلك خطوة هامة نحو توسيع نطاق استخداماتها في عمليات التشخيص بقطاع الرعاية الصحية”.
تجدر الإشارة إلى أن استخدام M42 لتقنيات الذكاء الاصطناعي ينسجم مع مكانتها العالمية كشركة رائدة في قطاع الصحة مدعومة بأحدث التقنيات واستراتيجيتها الأوسع الرامية للاستفادة من قدرات البيانات والتكنولوجيا لتحسين المخرجات الصحية. ومن خلال إدخال الذكاء الاصطناعي في فحوصات السل، يعمل مركز العاصمة للفحص الصحي على تحسين قدراته التشخيصية وترسيخ مكانته الرائدة في ابتكارات الذكاء الاصطناعي الطبية. ويأتي استخدام التقنيات المتطورة مثل AIRIS-TB في المركز ليؤكد على القوّة الكامنة في الابتكار وقدرته على الدفع نحو تحول نوعي للتغلب على التحديات التي يلقيها مرض السل.


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

رمضان ومطبخ الذكاء الاصطناعي

بعد أن جرى استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل جزئي فـي مسلسلات رمضان الماضي كمشاهد الحرب والديكورات الفخمة والمؤثرات السمعية والبصرية، هل سيتغلغل الذكاء الاصطناعي أكثر، ويوسّع دائرته، ليصبح عنصرا أكثر فاعلية فـي الدراما؟

الإجابة واضحة، ومتوقّعة، فاستعانة مخرج مسلسل (الحشّاشين) بيتر ميمي، بالذكاء الاصطناعي لتقليل التكلفة الإنتاجية، لقيت قبولا من الجمهور، فالتطورات سريعة، والطوفان الذي انطلق قبل سنوات لا يمكن إيقافه، فضلا عن أنّ مواكبة التطوّرات مطلوبة، كما أنّ توظيف التكنولوجيا الحديثة فـي الدراما صارت واقعا.

المشكلة أن الذكاء الاصطناعي بإمكانه أن يكتب، ويخرج ويمثّل ويصمم ويلحن ويغني «ويفعل ما يشاء، هو لا مخيّر ولا مسير، هو لا يؤمن إلّا بقدرته وأقداره» كما يقول الباحث السوداني يوسف عايدابي.

وخلال حضوري المؤتمر الفكري المصاحب لفعاليات مهرجان المسرح العربي، شاهدت تجربة مسرحية سورية، عُرضت بواسطة الفـيديو، ونفّذت بطريقة الذكاء الاصطناعي حملت عنوان (كونتراست) للمخرج أدهم سفر وقد بلغت مدة عرضها (17) دقيقة كانت مزيجا من الرقص التعبيري والباليه، وقد حضر الإبهار لكن غاب الإحساس، والمسرح الذي ألفناه، وتربينا عليه، وعلى عناصره التي يمكن إجمالها، بالحوار والسرد والبناء الدرامي، والرسالة، فقد حضرت التكنولوجيا بقوّة، لتزيح بعضا من تلك العناصر، عبر التركيز على الأداء الجماعي، والمشاهد البصرية، والأمر نفسه بالنسبة للدراما التلفزيونية، خصوصا أنّ المخرج محمد عبدالعزيز خاض قبل عامين تجربة من هذا النوع فـي مسلسله (البوابات السبع) فقدّم صناعة درامية كاملة لأعمال من الذكاء الاصطناعي، وبكلّ ثقة قال: «فـي المستقبل القريب لن نكون بشرا لوحدنا، بل سنندمج مع الذكاء الاصطناعي ونصبح طرفا واحدا، نحن هنا على مشارف نهاية هذا الإنسان والبدء برحلة جديدة للإنسان المندمج مع التطبيقات الذكية».

وإذا كان الممثل الأمريكي توم هانكس يتوقّع أنّه سيستمر بالتمثيل حتى بعد رحيله عن هذا العالم بفضل الذكاء الاصطناعي، فهذا الأمر حصل بالفعل مع الممثل المصري طارق عبدالعزيز الذي وافته المنية قبل استكمال تصوير مشاهده فـي مسلسل (بقينا اثنين)، فلجأ المخرج إلى تقنية الذكاء الاصطناعي ليستكمل تصوير مشاهده المتبقية، وبذلك قلّلت، هذه التقنية، من مخاوف المخرجين من رحيل أحد الممثلين قبل استكمال تصوير مشاهده، كما حصل مع الفنان رشدي أباظة عندما توفّي عام 1982 أثناء تصوير فـيلمه الأخير (الأقوياء)، فجاء المخرج أشرف فهمي ببديل هو صلاح نظمي، وكانت معظم المشاهد التي صوّرها للممثل البديل جانبية لإيهام الجمهور أنّ الذي يقف أمام عدسة الكاميرا هو رشدي أباظة، وهذه (الخدعة) لم تنطلِ على الجمهور، وغاب الفعل الدرامي، فكان نقطة ضعف فـي الفـيلم.

ومع هذه المحاسن، سيواجه هذا النوع من الدراما معارضة فـي بادئ الأمر، من قبل المشتغلين بصناعة الدراما والسينما، لأن الذكاء الاصطناعي سيجعل المنتجين يستغنون عن خدمات الكثير من العاملين فـي هذا القطاع، وهو ما جعل العاملين فـي استوديوهات هوليوود يضربون عن العمل مطالبين نقابة الممثلين بتوفـير حماية لهم من هذا الخطر الذي هدّدهم برزقهم! أما بالنسبة للجمهور فسيتقبلها تدريجيا، ويعتاد عليها مثلما تقبل مشاهدة اللقطات التي جرى تصويرها رقميا فـي أعماق البحر بفـيلم (تيتانك)، للمخرج جيمس كاميرون (إنتاج 1997)، وأظهر السفـينة بحجمها الكامل فـي تجربة رائدة فـي التصوير الرقمي، سينمائيا، وزاد ذلك فـي رفع وتيرة المؤثرات، والإبهار وأضاف، رقميا، الكثير من الماء والدخان، فنجح الفـيلم نجاحا كبيرا، وكان الإبهار الذي صنعه التصوير الرقمي من عوامل النجاح، تبعا لهذا، يمكننا تقبّل دخول الذكاء الاصطناعي فـي حقل الدراما إذا لعب الذكاء الاصطناعي دورا تكميليّا، كما قال د. خليفة الهاجري خلال حديثه عن التصميم المسرحي والذكاء الاصطناعي، فهو «ليس بديلًا للمصمّم البشري، بل أداة تكميليّة يمكن أن تعزّز الإبداع، والابتكار فقط» وعلينا أن نضع فـي الاعتبار احتمالية الاستغناء عن الكومبارس والإبقاء على الممثلين الرئيسيين لأسباب تسويقية، والمخيف حتّى هؤلاء سيطالهم الاستغناء، وينسحبون تدريجيا ليصيروا ضيوف شرف على مائدة دراميّة تعدّ بالكامل فـي مطبخ الذكاء الاصطناعي !!

مقالات مشابهة

  • بريطانيا تعلن عن خطط لإعادة هيكلة الدولة وزيادة استخدام الذكاء الاصطناعي
  • سوني تختبر شخصيات بلايستيشن مدعومة بالذكاء الاصطناعي
  • في روسيا FAW تطرح سيارة كهربائية مدعومة بالذكاء الاصطناعي
  • مخرج سينمائي يفشل في مقابلة سام ألتمان.. فيصنع نسخة رقمية منه بالذكاء الاصطناعي
  • رمضان ومطبخ الذكاء الاصطناعي
  • «الذكاء الاصطناعي» في خدمة المسنين
  • بتكلفة 320 مليون جنيه.. تنفيذ مشروعات الصرف الصحي بقرى مركز الزقازيق
  • بالذكاء الاصطناعي.. طرق دبي تحدث نظام التحكم بإشارات المرور
  • «الإمارات الصحية» تعزّز مراكز فحص الإقامة بتقنيات الذكاء الاصطناعي
  • لمواجهة الازمة الاقتصادية والانسانية : الرئيس اليمني يعود الى العاصمة المؤقتة عدن