مختار جمعة: الحرب في غزة ولبنان قد تفتح بابا لصراعات وحروب لا تبقي ولاتذر
تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT
أكد وزير الأوقاف السابق الدكتور محمد مختار جمعة أننا في وقت أحوج ما نكون فيه لرابطة إيمانية وإنسانية ووازع إيماني وإنساني يكف غلواء يد بعض البشر عن الفتك ببعض، مما يتطلب عملا دؤوبا لإيقاف الحروب حقنا للدماء ومنعا لاستهداف وقتل النساء والأطفال بلا وازع من دين أو ضمير إنساني حي في عالم يجنح نحو شريعة الغاب وتأصيل نظرية البقاء للأقوى، مما قد يفتح بابا لصراعات تسلح وحروب واسعة لا تبقي ولاتذر ما لم يتدارك ذلك حكماء الإنسانية، داعيا لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان، ويناشد كل حكماء العالم ومنظماته الدولية سرعة العمل على وقف هذه الحرب.
جاء ذلك في كلمة وزير الأوقاف السابق الافتتاحية اليوم بمؤتمر "الإيمان في عالم متغير" الذي تعقده رابطة العالم الإسلامي بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء بالعاصمة المغربية الرباط .
ودعا جمعة، لوقف العدوان على غزة ولبنان، مناشدا كل حكماء العالم ومنظماته الدولية سرعة العمل على وقف هذه الحرب قبل اتساع نطاقها، كما دعا إلى وقف آلة الحرب وإحلال السلام في كل أرجاء الدنيا، فجميع الأديان السماوية تجمع على حرمة الدماء والأموال والأعراض .
وشدد على أننا في حاجة إلى وازع إيماني يعين المنكوبين على الثبات على دينهم وأرضهم من جهة وعلى تحمل الصدمات والنكبات القاسية من جهة أخرى، إذ لا قوة سوى الإيمان بالله عز وجل يمكن أن تخفف من آثار تلك الويلات المميتة للنفوس قبل الأجساد، كما أننا في حاجة ملحة لترسيخ الإيمان بالله في نفوس شباب يفزعهم هول ما يرون من جبروت عدو متغطرس يعيث فسادا في بعض بلادنا لا يثنيه عن سفك الدماء وصرخات النساء والأطفال شيء .
وأوضح أنه لا أمن ولا أمان حقيقيين إلا بإيمان صادق بالله عز وجل، حيث يقول سبحانه "الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ"..مشيرا إلى أن الإيمان الصادق سبيل العزة والنصر، حيث يقول الحق سبحانه: "وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ"، شريطة أن نكون مؤمنين حقا، ولفت إلى أن الإيمان الحقيقي قول وعمل وسلوك، منوها بأن الإيمان الحقيقي هو مبعث الفداء والتضحية في سبيل الله.
ولفت إلى أن مصالح الأوطان من صميم مقاصد الأديان، وأن الحر الشريف يفتدي وطنه بنفسه وماله وكل ما يملك في ضوء ما ينظمه القانون والدستور في كل دولة من الدول، وأن كل ما يسهم في قوة الوطن ورقيه وتقدمه وحفظ أمنه وأمانه هو مطلب شرعي ووطني وإنساني .
كما أكد أن التسلح بالإيمان والتحصن به يشكل حصنا حصينا للفرد والمجتمع والأمة من كل ذلك، محذرا من موجات الإلحاد الموجه ولاسيما نحو الأمم الشعوب المتحصنة بإيمانها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: وزير الأوقاف السابق محمد مختار جمعة رابطة العالم الاسلامي الحرب في غزة ولبنان
إقرأ أيضاً:
في الحرب كما في الهُدنة: غزة تأسِرُ العالم
في الحروب عادة، ينتبه المتابعون إلى ما هو عسكري في بعده التقني ويتعاملون مع ما هو أرقام، سواء ما تعلق بعدد الجنود والطائرات والدبابات والجرافات أو ما تعلق بعدد القتلى والأسرى والجرحى، ولكن في غزة وحدها كانت المعايير مختلفة وزوايا النظر غير معهودة، وكانت الكتابة حول الطوفان كتابة شاعرية تتجاوز وصف الأحداث لتنفذ إلى أعماق المعاني وأسرار الوجود وعوالم المعجزات والجماليات والكمالات الإنسانية، لقد كان وسيظل طوفان الأقصى عَرْضا مُبهِرا تعجز كل لغاتِ العالم عن تحويله إلى نصّ يُقرأ بتهجّي حروفه وتأويل كلماته.
كل المعايير التقليدية لا تسعف المحللين لا بالفهم ولا بالتوقع ولا بالوصف، إننا لسنا بصدد متابعة معركة عسكرية تتحكم بها الآلات وأعداد الجنود وطبيعة الجغرافيا ولا حتى الأحوال الجوية.
لقد تجلى "الإنسان" في طوفان الأقصى في أجلى حقيقته وحقانيّته، "الإنسانُ" المُعجز المبدع الشجاع المحبّ القوي اللطيف الذي يَصله بعالم الألوهية حبلٌ متين غير مرئي، لقد كان الله يُمدّ شباب المقاومة بما يفوق التقديرات البشرية من صمود وصبر وتفاؤل وثقة، لقد تحملت غزة بشموخ كل حمم الأحقاد العالمية تُصَبّ عليها طيلة عام وثلاثة أشهر، وكلما تابع العالم احتراق ما فوق الأرض تفاجأ بتدفّق صُناع الحياة من تحتها يُبدعون في تقديم مشهدية مبهرة يواجهون الآلة العسكرية الصماء بروح استشهادية لطيفة وبحركات رشيقة وبتكبيرات تخترق أزيز الحديد لتنفذ إلى عوالم الحق والحقيقة، فإذا بفطرة الله السوية التي فطر عليها عباده تنبجس في قلوب جموع واسعة من البشر في مختلف أنحاء العالم تهتف لغزة وللقدس ولفلسطين.
أصبحت غزة مدرسة في علم "الإنسان" وعلم الأخلاق وعلم الشجاعة والكرامة، مدرسة تتهاوى أمامها كل مدارس الحضارة المادية الليبرالية التي أنتجت فلسفات باردة حول كونية الإنسان وكونية الحقوق، ولكنها لم تكن إلا فلسفات ميّتة لا ينبض فيها الحق ولا تنتصر لمظلوم ولا تُدين ظالما، ولا يمتلك أصحابُها شجاعة حتى ليقولوا كفى تدميرا وتخريبا وتقتيلا للأطفال والنساء والشيوخ
لقد أصبحت غزة مدرسة في علم "الإنسان" وعلم الأخلاق وعلم الشجاعة والكرامة، مدرسة تتهاوى أمامها كل مدارس الحضارة المادية الليبرالية التي أنتجت فلسفات باردة حول كونية الإنسان وكونية الحقوق، ولكنها لم تكن إلا فلسفات ميّتة لا ينبض فيها الحق ولا تنتصر لمظلوم ولا تُدين ظالما، ولا يمتلك أصحابُها شجاعة حتى ليقولوا كفى تدميرا وتخريبا وتقتيلا للأطفال والنساء والشيوخ.
من دخل أنفاق غزة من أسرى العدو، خرج وعلى وجهه علامات الانبهار لا يقدر على إخفائها، بل إنها تجبره على إبداء سعادة تطفح من أعماقه ولا تحتاج خطابا لفهم ما حدث معهم داخل تلك الأنفاق، إنها قيم الإسلام العظيم في التعامل مع الإنسان في مختلف وضعياته، الحسمُ في الجبهاتِ واللطافة عند الأسر.
في يوم التبادل، وقع كل العالم في الأسر، لقد أسِرت غزة قلوب وأنظار وأرواح من تابعوا العرضَ الإنساني المبهر أثناء عملية تسليم أسيرات العدو، ظهرت الأسيرات الأربع في كامل رشاقتهن ولياقتهن ونضارتهن، وكأنهن لم يكنّ أسيرات حرب وإنما كنّ في حفل تكريم أو في مناسبة سعيدة، كن مبتسمات، ولا أعتقد أن مصدر سعادتهن، فقط، هو حصول اتفاق تبادل، وإنما مصدر سعادتهن هو ما اكتشفوه في أهل غزة من بعض جوهر الإنسان الكامن في قوم يقاتلون ببسالة وقسوة ويعاملون أسراهم بتلطف وترفّق.
ولا حاجة لما كتبه بعض الكتاب الإسرائيليين حول أهل غزة، ولا حاجة أيضا لمقارنة بين سلوك مقاتلي المقاومة مع أسراهم وسلوك جيش العدو، وهو يُنغّص على أهالي المحررين فرحتهم بلقاء أبنائهم بعد سنوات وعقود من السجن وما لقوه من سوء معاملة بهدف كسر إرادتهم وتهشيم كبريائهم.
سينشغل كتّابٌ ودارسون ومتخصصون في العسكرية وفي الاستراتيجيات سنوات لفهم "أسرار" طوفان الأقصى، وما يعني العدو من الفهم ليس تغيير نظرته للإنسان وللحق وللحرية، وإنما كل ما يعنيهم هو كيف يُجهزون على هذه المدرسة الملهمة حتى لا تترسخ قيمها ومعانيها في شعوب الأرض.
x.com/bahriarfaoui1