سودانايل:
2024-10-15@10:24:54 GMT

لعبة الأمم في السودان !

تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT

مناظير الثلاثاء 15 اكتوبر، 2024
زهير السراج
manazzeer@yahoo.com

* يصف (مايلز كوبلاند) احد مؤسي جهاز المخابرات الامريكية واشهر قادتها وكبار عملائها في منطقة الشرق الاوسط في خمسينيات وستينيات القرن الماضي ومؤلف الكتاب الاكثر رواجا في العالم منذ صدوره لاول مرة في عام 1969 وحتى اليوم (لعبة الأمم)، والذي يكشف فيه ادق اسرار عمل المخابرات ودهاليز الحكم .

..إلخ، السياسة الدولية بأنها "مسرح دُمى يعتقدها الجمهور حقيقةً". ويقول: "ومن السذاجة تفسير أي تصريح رسمي حول السياسة الخارجية بحُسن نيَّة، لأنَّ المناورة شرط أساسي لأيِّ زعيم في اللعبة، فهو يُظهر ما لا يُبطن، ويقول شيئًا وهو يعني به شيئًا آخر".

* تتلخص لعبة الامم في نقطتين: الأولى، أنَّ الكل خسران منذ البداية، فلا أحد من الحكام دائم في الحكم، ولكن تكمن اللعبة في عدد السنوات التي سيظل فيها الحاكم جالسا على كرسي السلطة، وكيف سيخرج منه عندما يحين وقت الخروج.

* النقطة الثانية، إن علاقة الحاكم مع القوى العظمى تلزمه باتخاذ قرارات لا تُمثِّل صالح شعبه، وعليه إقناع شعبه بأنها لصالح الوطن والشعب وتخدير مشاعر الجماهير بالوعود وهو يبطن عكس ذلك تماما، فإذا خرج عن الخط فهو على يقين إن القوى الكبرى ستتخلص منه بأي وسيلة سلمية أو غير سلمية، وهناك بديل دائم سيحل محله فورا بدعم من القوى العظمى، وهنالك العديد من الأمثلة على ذلك.

* يخطئ الكثيرون إذا اعتقدوا أن قادة الجيش بما في ذلك العناصر التي تنتمي للحركة الاسلامية والقوى الأقليمية التي تسانده سيتخلون عن السلطة للحركة الاسلامية تديرها كما تريد عند انتهاء الحرب، سواء بالانتصار العسكري أو بانقسام السودان الى دولتين أو أكثر، وهنالك من السوابق في السودان وفي العديد من الدول ما يثبت ذلك!

تخطط بعض القوى الإقليمية لترث خيرات السودان وتحقيق مطامعها الشخصية، وللأسف الشديد فإن الحظ السيئ للسودان جعل منه الضحية الأولى لتعويض بعض الخسائر التي فقدتها تلك القوى لاسباب ليس للسودان يد فيها، وإنما بسبب طموحات دول اخرى تعمل على تحسين اوضاعها، كما تسعى بعض القوى الأخرى لتنويع مصادر دخلها تحسباً من المخاطر التي قد تصيب مصدر دخلها الحالي مستقبلا فوجدت في السودان الضحية التي تعوضها عن ذلك بما له من موقع جيواستراتيجي!

* وكان من الطبيعي أن تستغل هذه القوى الحرب التي نشبت في السودان، وتعمل على تأجيجها بغية الوصول الى (نقطة اللا عودة) بانهيار السودان وتقسيمه لتحقيق مآربها على طريق المثل السوداني الشعبي المعروف (لو دار ابوك خربت، شيل ليك منها شلية)، رغم أن السودان لم يكن في يوم من الأيام دارا لاب أحد غير أهله الحقيقيين، أفارقةً أو عرباً منذ دخول الموجات الاولى للعرب الى السودان عام 31 هجرية (651 م) في عهد الخليفة الثالث (عثمان بن عفان) رضى الله عنه !

* لن تعود الحركة الاسلامية الى السلطة مرة أخرى في السودان مهما فعلت، ليس لأن السودانيين لن يسمحوا بذلك، ولكن لأن القوى الاقليمية التي سيؤول إليها السودان لن تسمح بذلك ابدا، وما يعتقده البعض الآن من تحالف بين (الاخوان) وتلك القوى ما هو الا إستغلال للاخوان المسلمين لتأجيج الحرب وتقسيم السودان ليكون جاهزا لفرض سلطة الآخرين عليه والانتفاع بخيراته، ونفس الشئ ينطبق على الطرف الآخر في الحرب الذي سيجد نفسه بعد انقسام السودان وسط اقليم معزول يعج بالحروب والارهاب والمشاكل والاختلافات والفقر والجوع بما يجعله لقمة سائغة للآخرين !

* المؤامرة التي يتعرض لها السودان اخطر بكثير من التقسيم الى دولتين او اكثر (دولة النهر والبحر) و(دولة غرب السودان)، أو كما يطلق عليه البعض السيناريو الليبي، فهى تتعلق بوجود السودان نفسه الذي يتم التخطيط والعمل لأيلولته الى بعض القوى الاقليمية، تحكمه وتتحكم فيه كيف تشاء وتتصرف في جغرافيته وخيراته كما تريد، بينما يتحول كل شعبه بمن في ذلك الذين يحلمون بالحكم او بالعودة الى الحكم إلى سلعة في سوق الرقيق !

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی السودان

إقرأ أيضاً:

خطاب حميدتي الأخير وسر التهجم على مصر

خطاب حميدتي الأخير وسر التهجم على مصر …
أكتوبر 2024م الحرب في طورها الجديد !
سواء كان الفيديو حقيقيا أو بالتضليل العميق Deep Fake فإن هذه ليست قضية على الإطلاق ، إذ أنه من الواضح أن هذه الحرب أكبر من الواجهات وأدوات التنفيذ في المسرح السياسي والجغرافي السوداني.

هناك محورين جديدين ظهرا في هذا الخطاب.
المحور الأول : التنصل من الإتفاق الإطاري.

المحور الثاني : الهجوم الصريح ضد مصر واعتبارها السبب من خلال مشاركة سلاح الطيران في النكسات العسكرية واستهداف البنيات التحتية السودانية ثم إصدار قرار حظر صادر المنتجات السودانية لمناطق سيطرة الجيش.

أولا التنصل من الإتفاق الإطاري :
إن هذا التنصل يشابه تنصل حميدتي من فض الشراكة بين العسكريين والمدنيين في 21 أكتوبر 2021م حين تراجع ووصف ماحدث بالإنقلاب وأعتذر عنه وكان ذلك الإعتذار تمهيدا للتحالف مع قحت وقبول إعتماده من القوى الخارجية كزراع عسكري لقحت وقتها وتقدم لاحقا ولينال الاعتراف كجيش مواز في حرب أبريل 2023م.

حسنا ، طالما في هذه المرة أكتوبر 2024م تنصل من الإطاري فإن المنطق يقتضي أن سيمفونيات الحكم المدني والديموقراطية وغيرها قد بطل سحرها ولابد من إعتماد سيناريو جديد يبرر إستمرار الحرب في طورها الجديد ، ما هو ؟

إنه سيناريو الحرب ضد مصر والمتحالفين معها وهم الشماليين وهو سيناريو تم التأسيس له منذ سنوات من خلال دمغ الشماليين بأنهم أحفاد المصريين والترك والأرناؤوط ومواليد بيوت الطرابيش وعبيد المستعمر وأصحاب الإمتيازات التاريخية !

قرار حظر تصدير المنتجات :
وفي هذا السياق يأتي قرار حظر صادرات منتجات المناطق الواقعة تحت سيطرة الدعم المتمرد إلى مناطق سيطرة جيش السودان ثم صاروا أكثر تحديدا من خلال خطاب أبو شوتال حين قرر أن المقصود مصر ويأتي هذا متسقا مع أوهام تم تسويقها عبر سنوات ومفادها أن مصر ستموت جوعا وستنهار إذا منعت منها المنتجات السودانية.

المكاسب المرجوة :
من خلال هذه الإتهامات ضد مصر وحظر المنتجات فإن الدعم السريع يسعى إلى الحصول على مكاسب منها على سبيل المثال لا الحصر :

+ بلورة وجوده ككيان مستقل جغرافيا وإقتصاديا ومحاولة دفع الدولة المصرية وربما دول أخرى لفتح قنوات التفاهم معه بعيدا عن الحكومة السودانية.

+ من خلال الأسف والتباكي على البنيات التحتية التي يزعم تدميرها بواسطة الطيران المصري فهو يضرب عصفورين بحجر واحد إذ يعرض نفسه ككيان مواز لدولة 56 ويتنصل من مسئولياته تجاه ماحدث من تخريب.

+ إصدار مستندات تصدير جديدة خاصة بجغرافيا سيطرة الدعم إذ من البداهة ألا يستمر التصدير عبر المعابر الغربية والجنوبية بنفس مستندات صادر حكومة السودان وبنك السودان المركزي.

+ تسلسل العمليات سيؤدي حتما إلى تأسيس كيان نقدي مواز لبنك السودان لإدارة عمليات التجارة الخارجية وسيؤدي ذلك حتما إلى تأسيس بنوك تجارية جديدة تتعامل مع الكيان المركزي الجديد.

+ وقد يطلب الكيان النقدي الموازي الجديد الإعتراف به في المنظومة النقدية العالمية من خلال النظام الدولي لإدارة الإعتمادات وعدم تطبيق القيود المفروضة على الدولة السودانية دولة 56 باعتباره لم يكن مشاركا في صناعة مبرراتها.

هي إذن حرب التقسيم في طورها الجديد الواضح تتخلص من أعباء تقدم وديموقراطية وحكم مدني وهلمجرا من إدعاءات مزيفة استنفدت خلال المرحلة السابقة وتأتي هذه المرحلة مدججة بحججها ومبرراتها ومسنودة بالمزيد من تحريض وتحشيد القبائل ولكنه تقسيم لا يكتفي بدارفور وحدها بل يسعى ليبتلع معه حزام الصمغ في كردفان مرورا بنطاقات المشاريع الزراعية في الجزيرة انتهاءا بمساحات من العاصمة الخرطوم وولاية الخرطوم.

هذا هو السيناريو الجديد في أبسط تجلياته.
وكان الله في عون جيشنا ، والوقت كالسيف في معركة وجود أدواتها البندقية والحنكة السياسية والقانونية ، والله المستعان.


#كمال_حامد ????

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • خطاب حميدتي الأخير وسر التهجم على مصر
  • تحتَ سماءِ الحربِ / هبة طوالبة
  • الشعب على بعد خطوات من إعلان النصر. ومن ثم الاحتفالات الكبيرة التي تعم جميع أنحاء السودان
  • لصوص !!
  • الخروج من الأزمة و أفكار ما بعد الحرب
  • حرب السودان المريعة التي لن تنهيها القنابل الأمريكية
  • “تقدم” تعترف بشأن الإتفاق الإطاري بعد خطاب حميدتي
  • الحرب المجتمعية !!
  • وراق يري الكيزان والCIA خلف كل موقف وحتي تحت كباية الشاي التي يرتشفها !!