بقلم: إبراهيم سليمان

قبل اندلاع الحرب في الخامس عشر من أبريل 2013م، كانت هنالك معركة حامية الوطيس، بين قوى الثورة ومدبري انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر 2021م، لنزع الشرعية عن الحكومة الانقلابية، وهي تسعى جاهدة لإقناع الشعب السوداني والعالم، أنها تمثل حكومة الأمر الواقع، مع استماتة أطراف مسارات اتفاق جوبا للسلام، لإبقاء نفسها خارج دائرة الصراع السلطوي، محاولين صبغ الحصانة الدستورية، وخلق القداسة للاتفاق، مدعين زوراً وبهتاناً أنه فوق وثيقة 2019 الدستورية، التي بموجبها تم تأسيس الشراكة بين المدنيين واللجنة الأمنية لنظام الإنقاذ البائد.


أكثر شيء أعتاد عليه الشعب السوداني تراكمياً، خلال تجربته السياسية الطويلة، هو "حكومة الأمر الواقع"، لذلك بعد عدة أشهر فقط من انقلاب الــ 25 من أكتوبر 2021، كانت القوى السياسية، على وشك الاستسلام للانقلابين، وتناسي عدم شرعيتهم، فانشغلوا بالتطورات اللاحقة، إلى أن اندلعت الحرب اللعينة، وبهذه الخطوة الكارثية، كادت السلطة الانقلابية أن "تبرد" للانقلابين، وطفقوا يبيعون يشترون في موارد وإمكانيات البلاد، بكل قوة عين، أن دون يقول لهم أحد "بغم".
وظل رئيس الإصابة الإنقلابية، الفريق البرهان، يقيل ويعين على "كيفو" دون رقيب ولا حسيب. رغم تردده المعهود، كجنرال رعديد ومتوجس.
قوى المعارضة السودانية، المعروفة بقصر النفس السياسي عبر الحقب التاريخية، تفاجأت مؤخراً، وخلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتّحدة في نيويورك، بأن الأسرة الدولية، لا تعترف بالفريق البرهان رئيساً لمجلس السيادة الانتقالي، بعد انقلابه على حكومة الثورة برئاسة د. حمدوك، وإنما مثّل السودان، بصفته قائداً عاماً للجيش السوداني!
المعارضة السودانية، بكسلها وخمولها المعهود، تعاملت مع الحدث تعامل الكرام، ولم تستثمر فيه إعلامية، بما يليق بالمرحلة الحرجة، وبما يتسق مع المنعرج السياسي الحاد الأخطر على الإطلاق في تاريخ البلاد السياسي، الذي تمر به البلاد. فقد أصبحت قوى المعارضة مشتتة الأفكار، مفتتة التنظيم وهشة التكتلات، لا تلوِ على شيء.
كان يجدر بهم، الاحتفاء بهذه الخطوة، أي عدم اعتراف الأسرة الدولية بشرعية حكومة بورتسودان أيما احتفاء، وأن يقيموا لها الليالي السياسية الملاح، محذرين دول العالم، من مغبة التعامل من عصابة بورتسودان، والتنبيه على ضرورة عدم إبرام إي اتفاق معها، لأنها ليست ذات قيمة اعتبارية، لعدم شرعيتهم، باعتراف الأسرة الدولية، ممثلة في أعلى تجمع سياسي دولي، وهي الجمعية العامة للأمم المتّحدة.
والعكس من ذلك انشغلوا بأنفسهم كأفراد، لعبت بهم النيابة العامة للانقلابين (سياسة)، أن تقدمت بطلب خجول وباهت للبوليس الدولي "الإنتربول" ملتمسين إصدار مذكرات توقيف رموزهم، والغريب في الأمر، رغم فقدان السلطات الانقلابية التي تقدمت بالطلب للشرعية، ورغم أن أي "كمساري" في السوق المركزي بالخرطوم، يعلم أنها كيدية وسياسية بامتياز، فإن رموز المعارضة الأفاضل، أخذوا الشكوى المقدمة "للإنتربول" محمل الجد، وعينوا لهم محامي لمتابعة القضية! وبذلك قد شربوا المقلب، فالنيابة العامة الانقلابية، لم تخسر شيئا من تقديم الطلب، الذي هو أعلم بمصيره، ولكنه نجح في شغلهم بأنفسهم، عن ملاحقة عدم شرعية حكومتهم الانقلابية.
مرة أخرى الأسبوع المنصرم، وجُهت صفعة مؤلمة لنظام البرهان الانقلابي، خلال انعقاد المنتدى السنوي للسلم والأمن الأفريقي الذي تقيمه مؤسسة ثابو إيمبيكي في جنوب أفريقيا.
إذ أكدت مصادر لصيقة، إن مغادرة مالك عقار لجلسات المنتدى بحجة مشاركة وفد من الدعم السريع غير دقيق، مشيرا إلى أن مالك عقار، طلب من منظمي المؤتمر إلقاء خطاب، ولم يعترض منظمي المؤتمر على ذلك، وإنما طلبوا الاستفسار عن الصفة التي يقدم بها الخطاب، وأوضح “عقار” أنه يريد إلقاء خطاب بصفته نائب رئيس المجلس السيادي الانتقالي السوداني.
وتابع المصدر، أن منظمي المؤتمر رفضوا تلك الصفة، بناءً على غياب الشرعية في السودان التي تم تقويضها منذ انقلاب 25 اکتوبر2021، وتجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، ولا توجد الآن حكومة انتقالية في السودان، وأكد المصدر، أن “عقار” رفض مقترح منظمي المؤتمر، ولم يبقَ أمامه خيارا غير مغادرة المنتدى، والتذرع بمشاركة وفد من الدعم السريع!
مسألة افتقار حكومة بورتسودان إلى الشرعية الدستورية، كحوت البحر النافق على الشاطئ، ترددت المعارضة التي تتضور جوعاً سياسياً في التهامه، وقد ساقه الله إليهم بدون جهد يذكر، غير مدركين قيميته الغذائية، في هذا التوقيت!
على رموز المعارضة، بما فيهم مستشاري قوات الدعم السريع، أن تطرق على "حديد" عدم الاعتراف الدولي بالنظام الانقلابي، وهو ساخن، عليهم ترسيخ هذه النقطة في أية سانحة إعلامية متواتية، بمناسبة وبدونها، وعلى الكتاب المتعطشين للحكومة المدنية الديمقراطية، ألاّ يتوقفوا، وألا يملوا العزف على تعرية هذه الحكومة المغتصبة للسلطة المدنية، الغادرة بالوعود، وعلى منظمات المجتمع المدني، والكيانات السياسية الوطنية، مخاطبة الدول التي مصرة على التعامل مع حكومة بورتسودان، وتوضح لها، أن الفريق البرهان، مجرد قائداً للجيش، لا أكثر ولا أقل، وليس لديه أية صفة أو صلاحية، للتصرف بشأن السودان، ولا يمثل شعبه، الذي حنث بقسمه المغلظ لهم، ونكث بوعوده بتسليم السلطة للمدنيين، في ميعادها، وأنه أعاد حزب المؤتمر الوطني الفاسد، والحركة الإسلامية وكتائبها المتطرفة إلى السلطة، وهي شر مطلق على السودان، ودول الجوار وعلى العالم أجمع، وأن الأسرة الدولية، لا تعترف بشرعية حكومته المغتصبة للسلطة، ويجب عدم التعامل معها.
لا نظن أن هذا الأمر يحتاج جهد شاق، أو دروس عصر إعلامية ودبلوماسية.
مساكين قادة المعارضة السودانية، عدم مبالاتهم، بعدم شرعية حكومة بورتسودان، ذكرني، بأغنية الهرم الغنائي السامق، الطيب عبدالله
مسكين المحبة،
تمشي لناس ما بتقدر
//أقلام متّحدة ـــ العدد ــ 171//

ebraheemsu@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: حکومة بورتسودان الأسرة الدولیة منظمی المؤتمر

إقرأ أيضاً:

تفاصيل زيارة المبعوث الأميركي الأولى إلى بورتسودان

الخرطوم- انخرط المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو في محادثات مع المسؤولين في بورتسودان عقب وصوله، اليوم الاثنين، في أول زيارة للبلاد منذ تعيينه في فبراير/شباط الماضي.

وكان مقررا أن يزور بيرييلو بورتسودان في أغسطس/آب الماضي، لكنه اشترط لقاء المسؤولين في مطار المدينة بسبب بروتوكول أمني لعدم وجود سفارة أميركية في السودان، لكن مجلس السيادة رفض ذلك.

وقال مسؤول حكومي للجزيرة نت إن عشرات من عناصر البحرية الأميركية "المارينز" ترافقهم مروحيتان ومركبات مصفحة وباخرة عسكرية رست في ميناء بورتسودان قبل وصول المبعوث بيرييلو.

برنامج الزيارة

وحسب برنامج الزيارة التي تستمر يوما واحدا، سيجري المبعوث الأميركي مباحثات مع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه مالك عقار ووزير الخارجية علي يوسف، ومني أركو مناوي حاكم إقليم دارفور، ورئيس مفوضية العون الإنساني بثينة دينار، وقوى سياسية وقيادات قبلية ودينية.

وسيناقش مقترح الحكومة السودانية لتنفيذ "إعلان جدة" الموقع بين الجيش وقوات الدعم السريع في مايو/أيار 2023 الذي تتمسك القوات المسلحة بتنفيذه قبل استئناف أي مفاوضات جديدة لوقف الحرب، إلى جانب الأوضاع الإنسانية والعملية السياسية لإنهاء الأزمة، وفقا لمصادر رسمية تحدثت للجزيرة نت.

واستبق المبعوث الأميركي زيارة بورتسودان بجولة في المنطقة شملت كينيا وإثيوبيا ومصر أجرى خلالها مشاورات مع المسؤولين في العواصم الثلاث لتحريك جهود حل الأزمة السودانية، وأبدى تفاؤله بإحراز تقدم قبل نهاية العام.

من جانبه، قال تيموثي كارني السفير الأميركي السابق في السودان إن بيرييلو قد يواجه صعوبة في تحقيق تقدم ملحوظ خلال الفترة المتبقية من إدارة الرئيس جو بايدن. واعتبر أن الوقت المتبقي قد لا يسمح له بالقيام بالكثير من الخطوات الفعالة.

أخطاء أميركية

وانتقد السفير السابق كارني، خلال مقابلة مع قناة "الحرة" الأميركية أمس الأحد، إدارة بايدن، مشيرا إلى أنها ارتكبت خطأين رئيسيين في التعامل مع الأزمة السودانية:

الأول: عدم تعيين مبعوث رئاسي يتمتع بالصلاحيات اللازمة منذ بداية الأزمة والاكتفاء بإرسال ممثل من وزارة الخارجية. ورأى أن إرسال مبعوث أميركي بصلاحيات محدودة لا يكفي لمعالجة النزاع المسلح في السودان، قائلا إن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لا يسعيان إلى تحقيق السلام دون الحصول على انتصار عسكري. الثاني: قرار واشنطن بإغلاق سفارتها في الخرطوم وعدم فتح مقر دبلوماسي في بورتسودان، مما يعكس تراجعا في الوجود الدبلوماسي الأميركي في المنطقة، وهو ما قد يؤثر سلبا على قدرة الولايات المتحدة على التأثير في الأحداث الجارية بالسودان.

وأضاف كارني أن الوضع الحالي يجعل من الصعب على واشنطن التوصل إلى اتفاق مع السودان، خاصة في ظل تصاعد الأحداث في غزة، كما أن الظروف المعقدة في المنطقة تؤثر بشكل كبير على إمكانية تحقيق أي تقدم في هذا الملف.

مقالات مشابهة

  • حكومة البرهان والانقلاب-ما بين خوف القصاص واستثمار الحرب لتحقيق مكاسب سياسية
  • المبعوث الأمريكي للسودان: الولايات المتحدة تؤيد إنهاء الحرب والجرائم التي ترتكب في حق الشعب السوداني
  • السودان يكسب( ١٤+ فيتو)
  • السودان.. هبوط أول رحلة تجارية منذ اندلاع الحرب في مطار كسلا
  • شاهد بالفيديو .. أهم ما ورد في خطاب البرهان أمام المؤتمر الاقتصادي
  • البرهان يشيد بـ«الفيتو» الروسي… ويتمسك بمحاربة «الدعم»
  • البرهان: الحرب بنهايتها ولا هدنة مع أعداء الشعب
  • البرهان يهدد المؤتمر الوطني المحلول ويحدد شروط وقف الحرب ويرد على قرار بريطانيا في مجلس الامن ويرسل رسائل..للدعم السريع وداعميه والتحالفات مع الدول
  • في أول لقاء بين البرهان ووزير الإعلام الجديد “الإعيسر”.. كشف تفاصيل موجهات وتعهدات وخطة عمل
  • تفاصيل زيارة المبعوث الأميركي الأولى إلى بورتسودان