منذ حوّل العدو الإسرائيلي ما سُمّيت بجبهة الإسناد اللبنانية، إلى حربٍ دموية بأتمّ معنى الكلمة، لا يكاد يمرّ يوم من دون أن يكسر المزيد من الخطوط الحمراء في سياق المواجهة والصراع، فتارةً يتعمّد استهداف المدنيّين، ولا سيما الأطفال والنساء، وطورًا يضيف المسعفين إلى "بنك أهدافه" بذرائع واهية، وبين هذا وذاك، لا يتردّد في توسيع دائرة استهدافاته، لتشمل مناطق لبنانية عدّة، خارج نطاق المواجهات، بما في ذلك العاصمة بيروت.


 
رغم ذلك، فإنّ المجزرة الوحشيّة التي ارتكبها العدو في بلدة أيطو الواقعة في قضاء زغرتا، في استهدافٍ هو الثاني من نوعه، بعد الغارة على جرود البترون في عطلة نهاية الأسبوع، قد تعكس "نقطة تحوّل" أخرى في مسار الصراع، باعتبار أنّ العدو يوجّه من خلالها رسائل في غاية الخطورة والسلبية، في مقدّمها تكريسه منطق أنّ "لبنان بأكمله في مرمى النيران"، وأنّ لا شيء اسمه "منطقة آمنة" على كامل الجغرافيا اللبنانية، إن جاز التعبير.
 
ولعلّ ما هو "أخطر" من ذلك، يكمن الدلالات "الطائفية" للمنطقة المُستهدَفة، ما يعطي الاستهداف بعدًا "تحريضيًا" واضحًا، خصوصًا في ظلّ مأساة النزوح المفتوح على امتداد مساحة الوطن، وهو ما يدفع كثيرين للحديث عن مخطّط إسرائيلي "خبيث" خلف المجزرة، يقوم على تأليب اللبنانيين على بعضهم البعض، ما يتكامل مع "الأجندة" الإسرائيلية المعتمدة منذ اليوم الأول، على صعيد "تأليب" البيئة الحاضنة لـ"حزب الله" ضدّه، بشكل أو بآخر!
 
"انتقام وثأر"؟!
 
صحيح أنّ هناك من وقع مرّة أخرى في "فخّ" السرديّة الإسرائيلية المضلّلة، بتحويل مجزرة وحشيّة ومروّعة كالتي وقعت في بلدة أيطو، إلى مجرّد "محاولة اغتيال" لأحد القياديّين، غير المعروفين للمفارقة، في "حزب الله"، وهو الفخّ نفسه الذي وقع فيه كثُر بعد المجزرة الأخيرة في منطقتي النويري والبسطة، عندما تمّ تصويرها على أنّها محاولة اغتيال لمسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا، والذي قيل إنّه لم يكن موجودًا في المكان.
 
لعلّ المشكلة الجوهرية في هذه السرديّة "الخبيثة" تكمن في أنها تتجاهل حقيقة ثابتة في كلّ الأعراف والقوانين الإنسانية والدولية، تقوم على مبدأ أنّ "محاولة الاغتيال" لا تبرّر "المجزرة" بأيّ شكل من الأشكال، وأنّ استهداف شخصية محدّدة، مهما كبر حجمها، لا يمكن أن يشكّل "غطاء" لقتل عددٍ كبير من المدنيّين الموجودين في بيوتهم بأمان، إلا إذا كان من يريد تكريس وهم إسرائيلي آخر يقوم على اعتبار الناس، مجرّد "أضرار جانبية".
 
وأبعد من هذه السردية المضلّلة، ثمّة من وضع المجزرة الأخيرة في أيطو في خانة "الانتقام الإسرائيلي" من عملية "حزب الله" مساء الأحد في حيفا، والتي خلّفت أكبر عدد من الإصابات في صفوف الجيش الإسرائيلي، فقرّر أن يضرب حيث لا يحتسب أحد، ولا سيما أنّ الضربات على الضاحية الجنوبية لبيروت لم تعد تشفي غليله، ما يدفعه إلى الضرب كلّ يوم في مكان جديد، ليقول للناس إنهم ليسوا في أمان، أينما حلّوا.
 
المخطط "الخبيث"
 
قد تكون فرضية "الانتقام والثأر" بالشكل البدائي الذي تتفنّن به إسرائيل، صحيحة ومنطقية، بالنظر إلى تاريخ الجرائم الإسرائيلية وردود فعلها الانفعالية، والتي تقوم بصورة عامة على ضرب المقاومة بمختلف تشكيلاته عبر "الوتر الحسّاس" المتمثل بجمهورها وبيئتها الحاضنة، لكنّ العارفين يتحدّثون عن مخطط "خبيث" خلف استهداف قضاء زغرتا، أكبر من كلّ هذه التفاصيل، يستند إلى محاولة "تأليب" الناس على الحزب، وعلى ناسه أيضًا وأيضًا.
 
بهذا المعنى، يُفهَم استهداف قضاء زغرتا بهذا الشكل، على أنّه بمثابة "إنذار" للأحزاب والقوى المسيحية تحديدًا، ولا سيما لمن فتحوا بيوتهم ومناطقهم لاستقبال النازحين، لتأليبهم عليهم، باعتبار أنّهم قد يشرّعون بذلك استهداف مناطقهم، وتعريضها بالتالي لخطر القصف الإسرائيلي، وهو ما ينطوي على أهداف قد تكون "خبيثة"، خصوصًا في ظلّ أجواء القلق والخوف التي باتت عابرة للمناطق، حتى إنّ بعض اللبنانيين باتوا يخافون من "تأجير" بيوتهم لأحد.
 
ولعلّ ما يزيد من جرعة "الخبث" في الاستهداف الإسرائيلي أنّه يستثمر من حيث يدري المعنيّون أو لا يدرون، في الانقسام اللبناني العمودي، الذي لم تشكّل الحرب مع كلّ مساوئها فرصة للحدّ منه، من أجل تحصين الساحة في مواجهة العدوان، بل على العكس من ذلك، تحوّلت إلى سبب آخر لتعميقه، في مشهد يبدو "نافرًا" في ذروة حرب يفترض أن من يشنّها هو عدوّ جميع اللبنانيين، ما يتطلب مقاربة تؤجّل بالحدّ الأدنى، أيّ رهانات أو حسابات مختلفة.
 
لا يمكن أن تكون الغارة الإسرائيلية على بلدة أيطو في زغرتا، مجرّد استهداف لقيادي في "حزب الله"، كما لم تكن الغارات على العاصمة بيروت سابقًا مجرّد استهدافٍ لمسؤول في هذا التنظيم أو ذاك، بل هي رسالة إسرائيلية "خبيثة"، عنوانها محاولة تأليب اللبنانيين على بعضهم البعض، من منطلقات يمكن أن تأخذ صبغة طائفية مقيتة، ليبقى الرهان الأساسيّ على وعي اللبنانيين وحكمتهم، لعدم الانزلاق في أتون ما قد يكون أخطر من العدوان الحالي! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

اليمن يعلن معادلة استراتيجية جديدة ويفرض حصاراً جوياً يضرب الاقتصاد الإسرائيلي في مقتل:استهداف مطار بن غوريون سيكبِّد كيان الاحتلال خسائر اقتصادية باهظة

 

في معادلة جديدة ولأول مرة منذ قيام الكيان الصهيوني المتغطرس على أرض فلسطين العربية، وعلى مدى ثمانين عاماً من الصراع العربي مع إسرائيل، أعلنت القوات المسلحة اليمنية معادلة ردع استراتيجية جديدة فرضت فيها حصاراً جوياً على الكيان الصهيوني، وهو تحول استراتيجي في مسار الصراع، حيث أصدرت القوات المسلحة اليمنية بيانًا، في إحدى ليالي القدر المباركة، وفي مسار الإسناد اليمني للمقاومة الفلسطينية بغزة حذرت فيه شركات الطيران العالمية من أن مطار بن غوريون بات غير آمن.. خبراء اقتصاد ومهتمون أكدوا أن هذه المعادلة، ستضرب الاقتصاد الصهيوني في مقتل، وستكبد الكيان الغاصب خسائر باهظة، على اعتبار أن مطار «اللد» بن غوريون له أهمية استراتيجية أمنية وسياسية واقتصادية كبيرة بالنسبة لحكومة الاحتلال، نوجزها في التقرير التالي:

الثورة / أحمد المالكي

يؤكد الخبراء أن اليمن نجحت في فرض حصار بحري أدى إلى إغلاق ميناء إيلات وتكبيد العدو خسائر اقتصادية فادحة، وبعد خرق الاتفاق الذي اعلن بعد اكثر من ٤٧٥ يوما من الإجرام والحصار والقتل والتهجير بحق الفلسطينيين في غزة، والعودة إلى الحرب على القطاع مرة ثانية، ونتيجة لإصرار الصهاينة على قتل الأبرياء وحصارهم وتجويعهم، قامت القوات المسلحة اليمنية بفرض حصار جوي جديد سيضاعف تلك الخسائر ويشلّ الحركة الجوية للاحتلال، وأعلنت أن مطار بن غوريون غير آمن، الجيش اليمني حذر شركات الملاحة الدولية من خطورة الطيران اليه باعتباره هدفا عسكريا للصواريخ اليمنية حتى وقف العدوان ورفع الحصار على الشعب الفلسطيني بغزة

خسائر

خبراء اقتصاد أوضحوا أن هناك العديد من الخسائر التي سيتكبدها الكيان الصهيوني بسبب الحصار الجوي اليمني الجديد ، منها خسائر اقتصادية وأمنية وسياسية واجتماعية جسيمة، على رأسها التداعيات على الأمن القومي الإسرائيلي، حيث أن وصول الصواريخ اليمنية إلى عمق الكيان، وفرض حصار جوي وفق الخبراء، يعني أن المفاعلات النووية الإسرائيلية باتت في مرمى القوات المسلحة اليمنية ،وهذا سيزيد المخاوف لدى المستوطنين، ويؤدي إلى اضطرابات نفسية حادة، خصوصًا مع تعذّر مغادرة الأراضي المحتلة بسبب الحظر الجوي، ومن شأن ذلك أن يفضي إلى انفلات أمني داخلي وانهيار غير مسبوق للأمن القومي الإسرائيلي، ناهيك عن تدهور الخسائر الأمنية والسياسية، وتراجع العلاقات الدولية للكيان الصهيوني، وفقدان القدرة على مراقبة التهديدات الخارجية والتحرك بحرية، بالإضافة إلى العزلة السياسية المتزايدة عن العالم، وتقويض اتفاقيات التطبيع التي عقدها مع بعض الأنظمة العربية وغيرها .

خسائر اقتصادية

وأكد خبراء الاقتصاد أن استهداف مطار بن غوريون سيكبد دولة الاحتلال خسائر اقتصادية باهظة أهمها انخفاض حركة الطيران والسياحة، وتراجع صادرات قطاع الطيران، وارتفاع تكاليف النقل وأسعار السلع، وتأخير وصول البضائع، مما يؤثر على الأسواق المحلية وخسائر اقتصادية أخرى.

وأشار الخبراء إلى أن إسرائيل كذلك ستتكبد خسائر لوجستيه، حيث سيُجبر الحصار الجوي العدو للبحث عن طرق بديلة طويلة ومكلفة، مما يُعيق حركة الشحن الجوي ويبقيه تحت ضغط الحصار البحري والجوي معًا، حتى يوقف عدوانه على غزة.

ومنذ بداية طوفان الأقصى واستهداف مطار بن غوريون تكبد قطاع السياحة في إسرائيل خسارة بغلت 26.7 مليار شيكل، وفق ما ذكرت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، وبلغت الخسائر في قطاع السياحة الدولية 22.4 مليار شيكل فيما سجّلت خسائر في قطاع السياحة الداخلية بلغت 1.6مليار شيكل، ووفق ما نشرته صحيفة جيروزاليم فقد تقلص عدد المستخدمين للمطار من 14.8 مليون إلى 6:2. مليون حالياً.

وبحسب تقارير إسرائيلية فإنّ خسائر دولة الاحتلال بسبب مقاطعة مطار بن غوريون قد تصل لنحو 500 مليون دولار أمريكيّ، وفق ما نقلته صحف عبرية.

أهمية بن غوريون

ويتمتع مطار بن غوريون بأهمية استراتيجية قصوى بالنسبة لإسرائيل نظرًا لكونه أحد نقاط الدخول إلى البلاد لمعظم المسافرين بل يشكل العصب الاقتصادي في إسرائيل، ويصل عدد المسافرين الذين يستخدمون مطار بن غوريون نحو 24.8 مليون مسافر سنويا وفق آخر الإحصائيات الإسرائيلية، كما يعتبر مطار بن غوريون مركز عمليات رئيسي لشركات الطيران الإسرائيلية، وشريان رئيسي للسياحة الإسرائيلية، وبالنسبة للغالبية العظمى من الإسرائيليين فإن بن غوريون يمثل رمزًا وطنيًا، كما أن حوالي 30% من الإسرائيليين اليهود هم مهاجرون من بلدان أخرى والكثير منهم لديهم أفراد من عائلاتهم في الخارج، ولاسيما في الولايات المتحدة وأوروبا، لذلك فإن السفر إلى الخارج هو شائع للقاء العائلات ولرجال الأعمال وللسياح، ويعتبر المطار رابط حاسم مع بقية العالم.

كما إن السياح الأجانب ورجال الأعمال يعتمدون أيضًا على المطار، وإغلاق مطار بن غوريون سيتسبب بسهولة في تحويل الاستثمارات إلى أماكن أخرى.

دولة خطيرة الأعمال

مسؤولون إسرائيليون قالوا : إنّ حصارًا جويًّا على الدولة العبريّة سيمس صورتها كدولة عالمية منفتحة أمام الأعمال التجارية من جميع أنحاء العالم بشكل خطير، وأنّ حصارًا كهذا من شأنه أن يحول صورتها إلى دولة خطيرة للأعمال لأن انعدام اليقين فيها أكبر مما ينبغي، وتؤكد تقارير عبرية أن هناك عدة شركات طيران تمتنع عن الوصول إلى إسرائيل منذ إعلان اليمن مطار اللد غير آمن.

مقالات مشابهة

  • بعد استهداف سيارة في يحمر الشقيف.. الجيش الإسرائيلي يكشف الهدف
  • إستهداف سيارة في معروب
  • الرئيس السيسي يطمئن على نظيره الصومالي بعد محاولة استهداف موكبه
  • الرئيس السيسي يطمئن على صحة الرئيس الصومالي بعد محاولة استهداف موكبه
  • سيارة تحترق... وهذه حقيقة إستهدافها من قبل العدوّ الإسرائيليّ
  • 5 قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على ريف درعا
  • اليمن يعلن معادلة استراتيجية جديدة ويفرض حصاراً جوياً يضرب الاقتصاد الإسرائيلي في مقتل:استهداف مطار بن غوريون سيكبِّد كيان الاحتلال خسائر اقتصادية باهظة
  • الحوثيون: استهداف حاملة الطائرات الأمريكية ترومان ومطار بن غوريون الإسرائيلي بصواريخ باليستية
  • دمار هائل وقتلى في استهداف إسرائيلي مباشر لأكبر المرافق الطبية بجنوب غزة
  • الهلال الأحمر الفلسطيني يدين استهداف وحصار الاحتلال الإسرائيلي لطواقمه في رفح