بعد مجزرة أيطو في زغرتا.. مخطّط إسرائيلي خبيث يتجدّد!
تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT
منذ حوّل العدو الإسرائيلي ما سُمّيت بجبهة الإسناد اللبنانية، إلى حربٍ دموية بأتمّ معنى الكلمة، لا يكاد يمرّ يوم من دون أن يكسر المزيد من الخطوط الحمراء في سياق المواجهة والصراع، فتارةً يتعمّد استهداف المدنيّين، ولا سيما الأطفال والنساء، وطورًا يضيف المسعفين إلى "بنك أهدافه" بذرائع واهية، وبين هذا وذاك، لا يتردّد في توسيع دائرة استهدافاته، لتشمل مناطق لبنانية عدّة، خارج نطاق المواجهات، بما في ذلك العاصمة بيروت.
رغم ذلك، فإنّ المجزرة الوحشيّة التي ارتكبها العدو في بلدة أيطو الواقعة في قضاء زغرتا، في استهدافٍ هو الثاني من نوعه، بعد الغارة على جرود البترون في عطلة نهاية الأسبوع، قد تعكس "نقطة تحوّل" أخرى في مسار الصراع، باعتبار أنّ العدو يوجّه من خلالها رسائل في غاية الخطورة والسلبية، في مقدّمها تكريسه منطق أنّ "لبنان بأكمله في مرمى النيران"، وأنّ لا شيء اسمه "منطقة آمنة" على كامل الجغرافيا اللبنانية، إن جاز التعبير.
ولعلّ ما هو "أخطر" من ذلك، يكمن الدلالات "الطائفية" للمنطقة المُستهدَفة، ما يعطي الاستهداف بعدًا "تحريضيًا" واضحًا، خصوصًا في ظلّ مأساة النزوح المفتوح على امتداد مساحة الوطن، وهو ما يدفع كثيرين للحديث عن مخطّط إسرائيلي "خبيث" خلف المجزرة، يقوم على تأليب اللبنانيين على بعضهم البعض، ما يتكامل مع "الأجندة" الإسرائيلية المعتمدة منذ اليوم الأول، على صعيد "تأليب" البيئة الحاضنة لـ"حزب الله" ضدّه، بشكل أو بآخر!
"انتقام وثأر"؟!
صحيح أنّ هناك من وقع مرّة أخرى في "فخّ" السرديّة الإسرائيلية المضلّلة، بتحويل مجزرة وحشيّة ومروّعة كالتي وقعت في بلدة أيطو، إلى مجرّد "محاولة اغتيال" لأحد القياديّين، غير المعروفين للمفارقة، في "حزب الله"، وهو الفخّ نفسه الذي وقع فيه كثُر بعد المجزرة الأخيرة في منطقتي النويري والبسطة، عندما تمّ تصويرها على أنّها محاولة اغتيال لمسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا، والذي قيل إنّه لم يكن موجودًا في المكان.
لعلّ المشكلة الجوهرية في هذه السرديّة "الخبيثة" تكمن في أنها تتجاهل حقيقة ثابتة في كلّ الأعراف والقوانين الإنسانية والدولية، تقوم على مبدأ أنّ "محاولة الاغتيال" لا تبرّر "المجزرة" بأيّ شكل من الأشكال، وأنّ استهداف شخصية محدّدة، مهما كبر حجمها، لا يمكن أن يشكّل "غطاء" لقتل عددٍ كبير من المدنيّين الموجودين في بيوتهم بأمان، إلا إذا كان من يريد تكريس وهم إسرائيلي آخر يقوم على اعتبار الناس، مجرّد "أضرار جانبية".
وأبعد من هذه السردية المضلّلة، ثمّة من وضع المجزرة الأخيرة في أيطو في خانة "الانتقام الإسرائيلي" من عملية "حزب الله" مساء الأحد في حيفا، والتي خلّفت أكبر عدد من الإصابات في صفوف الجيش الإسرائيلي، فقرّر أن يضرب حيث لا يحتسب أحد، ولا سيما أنّ الضربات على الضاحية الجنوبية لبيروت لم تعد تشفي غليله، ما يدفعه إلى الضرب كلّ يوم في مكان جديد، ليقول للناس إنهم ليسوا في أمان، أينما حلّوا.
المخطط "الخبيث"
قد تكون فرضية "الانتقام والثأر" بالشكل البدائي الذي تتفنّن به إسرائيل، صحيحة ومنطقية، بالنظر إلى تاريخ الجرائم الإسرائيلية وردود فعلها الانفعالية، والتي تقوم بصورة عامة على ضرب المقاومة بمختلف تشكيلاته عبر "الوتر الحسّاس" المتمثل بجمهورها وبيئتها الحاضنة، لكنّ العارفين يتحدّثون عن مخطط "خبيث" خلف استهداف قضاء زغرتا، أكبر من كلّ هذه التفاصيل، يستند إلى محاولة "تأليب" الناس على الحزب، وعلى ناسه أيضًا وأيضًا.
بهذا المعنى، يُفهَم استهداف قضاء زغرتا بهذا الشكل، على أنّه بمثابة "إنذار" للأحزاب والقوى المسيحية تحديدًا، ولا سيما لمن فتحوا بيوتهم ومناطقهم لاستقبال النازحين، لتأليبهم عليهم، باعتبار أنّهم قد يشرّعون بذلك استهداف مناطقهم، وتعريضها بالتالي لخطر القصف الإسرائيلي، وهو ما ينطوي على أهداف قد تكون "خبيثة"، خصوصًا في ظلّ أجواء القلق والخوف التي باتت عابرة للمناطق، حتى إنّ بعض اللبنانيين باتوا يخافون من "تأجير" بيوتهم لأحد.
ولعلّ ما يزيد من جرعة "الخبث" في الاستهداف الإسرائيلي أنّه يستثمر من حيث يدري المعنيّون أو لا يدرون، في الانقسام اللبناني العمودي، الذي لم تشكّل الحرب مع كلّ مساوئها فرصة للحدّ منه، من أجل تحصين الساحة في مواجهة العدوان، بل على العكس من ذلك، تحوّلت إلى سبب آخر لتعميقه، في مشهد يبدو "نافرًا" في ذروة حرب يفترض أن من يشنّها هو عدوّ جميع اللبنانيين، ما يتطلب مقاربة تؤجّل بالحدّ الأدنى، أيّ رهانات أو حسابات مختلفة.
لا يمكن أن تكون الغارة الإسرائيلية على بلدة أيطو في زغرتا، مجرّد استهداف لقيادي في "حزب الله"، كما لم تكن الغارات على العاصمة بيروت سابقًا مجرّد استهدافٍ لمسؤول في هذا التنظيم أو ذاك، بل هي رسالة إسرائيلية "خبيثة"، عنوانها محاولة تأليب اللبنانيين على بعضهم البعض، من منطلقات يمكن أن تأخذ صبغة طائفية مقيتة، ليبقى الرهان الأساسيّ على وعي اللبنانيين وحكمتهم، لعدم الانزلاق في أتون ما قد يكون أخطر من العدوان الحالي! المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
سامح عسكر عن «مجزرة بيروت»: الاحتلال الإسرائيلي يرد على مقتل قواته بالانتقام من المدنيين
علق الباحث التاريخي والأممي سامح عسكر، على ما تداولته وسائل إعلام عديدة بشأن استهداف الاحتلال الإسرائيلي لمنطقة سكنية مكتظة في بيروت بغارة جوية، والتي أدت إلى استشهاد وإصابة العشرات من اللبنانيين.
وقال عسكر، عبر حسابه على «إكس»: «عادة الصهاينة عندما تحدث مجزرة في قواتهم، ينتقمون من المدنيين»
وأضاف: «الكرة في ملعب المقاومة اللبنانية، فهي التي يمكنها وقف هذه المجازر بإعادة توازن الردع السابق».
واستشهد 11لبنانيا وأصيب 23 آخرون، صباح اليوم السبت، في غارة إسرائيلية استهدفت مبنى سكنيا في منطقة البسطة بوسط بيروت.
وقال الدفاع المدني اللبناني، اليوم السبت، إن حصيلة ضحايا الغارة الإسرائيلية على مبنى في منطقة البسطة وسط بيروت ارتفعت إلى 11 شهيدا.
وقال مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة اللبنانية، في بيان، إن الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا في بيروت أدت في حصيلة ثانية محدثة إلى استشهاد 11 شخصا من بينهم أشلاء رفعت كمية كبيرة منها، وسيتم تحديد هوية أصحابها والعدد النهائي للضحايا بعد إجراء فحوص الحمض النووي.
وأشار المركز، إلى أن عدد جرحى الغارة الإسرائيلية على المبنى ارتفع إلى 63 شخصا.
وكانت تقارير أولية أفادت باستشهاد 4 أشخاص وإصابة 23 في غارة إسرائيلية استهدفت مبنى سكنيا في منطقة البسطة بوسط بيروت.
وذكرت وكالة الأنباء اللبنانية، في وقت سابق من صباح السبت، إن طائرات حربية إسرائيلية قصفت مبنى سكنيا من 8 طوابق في شارع المأمون بمنطقة البسطة وسط بيروت بخمسة صواريخ.
وِأفادت وسائل إعلام، بأن طائرات حربية إسرائيلية أطلقت صواريخ ثقيلة على شارع فتح الله بمنطقة البسطة الفوقا وسط بيروت.
اقرأ أيضاًالدفاع المدني اللبناني: ارتفاع حصيلة العدوان على منطقة البسطة إلى 11 شهيدا و23 مصابا
طيران الاحتلال يستهدف محيط الجامعة اللبنانية في الضاحية الجنوبية لبيروت
السفير اللبناني يشكر مصر بقيادة الرئيس السيسي على وقوفها إلى جانب بلاده
مواجهات عنيفة بين قوات الاحتلال والمقاومة في بلدة الخيام جنوب لبنان