الصين تنهي مناوراتها وتجدّد التأكيد على خيار القوة لاستعادة تايوان
تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT
سرايا - أكدت الصين في ختام يوم من المناورات العسكرية في محيط تايوان نشرت خلالها مقاتلات وسفنا حربية، أنّها لن تتخلّى "أبدا" عن خيار "استخدام القوة" لغزو الجزيرة.
وجاءت هذه المناورات في إطار ما وصفته بكين بأنه "تحذير شديد اللهجة" إلى القوى "الانفصالية" في الجزيرة التي تحظى بالحكم الذاتي.
وتعتبر الصين تايوان جزءا من أراضيها وتعهدت بتوحيدها مع البرّ الرئيسي، بالقوة إن لزم الأمر.
وقال وو تشيان المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية في بيان نُشر بعد اختتام المناورات، "نحن مستعدّون للعمل من أجل إعادة التوحيد السلمي بأكبر قدر من الإخلاص وبكل جهودنا".
وأضاف "لكننا لن نعد أبدا بالتخلّي عن استخدام القوة ولن نعطي أدنى مساحة لأولئك الذين يناضلون من أجل استقلال تايوان".
125 طائرة صينية
عند قرابة الساعة السادسة مساء (10,00 ت غ)، بعد 13 ساعة على بدء المناورات، أعلنت بكين بأنها "أنجزتها بنجاح".
ورصدت تايوان 125 طائرة صينية، بينها مقاتلات ومسيّرات، في محيط الجزيرة بين الساعة الخامسة صباحا (21,02 ت غ) والساعة 16,30، وفق ما أفاد مسؤول في وزارة الدفاع في تايبيه، واصفا العدد بأنه "قياسي" بالنسبة ليوم واحد. كذلك، تم رصد 17 سفينة حربية.
وذكرت وزارة الدفاع التايوانية بأنه تم إعلان "حالة تأهب عالية" في الجزر المحيطة التابعة لتايوان.
وتفيد بكين بأن المناورات ترسل "تحذيرا شديد اللهجة بشأن الأعمال الانفصالية لقوى +الاستقلال في تايوان+".
وقال المتحدث باسم الجيش لي شي في بيان إن المناورات التي أطلق عليها اسم "السيف المشترك 2024ب" (Joint Sword-2024B) "اختبرت بالكامل قدرات العمليات المشتركة المتكاملة لجنودها".
وأضاف أن "القوات تبقى في حالة تأهب دائمة، وتواصل تعزيز جهوزيتها القتالية من خلال التدريب الشاق، وستحبط +المحاولات الانفصالية لاستقلال تايوان+".
وقال لي في وقت سابق إن المناورات جرت "في مناطق تقع شمال جزيرة تايوان وجنوبها وشرقها".
وأضاف أن المناورات ركّزت على "دوريات الاستعداد القتالي البحري والجوي وحصار الموانئ والمناطق الرئيسية" و"الهجوم على أهداف بحرية وبرية.
ومنذ توليه منصبه في أيار/مايو، يشدد الرئيس التايواني لاي تشينغ-تي على تعهّده الدفاع عن سيادة تايوان، ما يثير غضب بكين التي تصفه بأنه "انفصالي".
وجاءت هذه المناورات بعد أيام قليلة من خطاب ألقاه لاي. فقد تعهّد الخميس "مقاومة الضم"، مشيرا إلى أنّ الجزيرة والبر الرئيسي للصين "ليسا تابعين لبعضهما البعض". ويبدو أنّ بكين فسّرت تصريحاته على أنها انفصالية.
وتعهد لاي الإثنين "حماية تايوان الديموقراطية وصون الأمن القومي"، بينما لفتت وزارة الدفاع إلى أنها وضعت "القوات المناسبة" في حالة تأهب استجابة للمناورات.
وردّت الناطقة باسم الخارجية الصينية ماو نينغ بالقول إن "استقلال تايوان وإرساء السلام في مضيق تايوان هما أمران متعارضان".
وأُقيمت آخر مناورات صينية واسعة النطاق في أيار/مايو، بعد ثلاثة أيام على تنصيب لاي وأطلق عليها "السيف المشترك 2024أ" (Joint Sword-2024A) وتواصلت ليومين.
من جهتها، اعتبرت واشنطن الداعمة لتايبيه أن هذه المناورات "غير مبررة" وتزيد خطر التصعيد، بينما دعا الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف إلى "ضبط النفس"، محذّرا من أي "تحرّكات أحادية الجانب" يمكن أن تغيّر الوضع القائم.
- "عمليات تفتيش" لخفر السواحل -
وشارك خفر السواحل في هذه المناورات العسكرية عبر إجراء "عمليات تفتيش"، وفق مصادر رسمية.
وأظهر رسم نشره خفر السواحل الأساطيل الأربعة تحيط بتايوان وتبحر في محيطها في اتجاه عكس عقارب الساعة.
وأفاد خفر السواحل في محافظة فوجيان بشرق الصين، أقرب مناطق البرّ الرئيسي من الجزيرة، بأنهم ينفّذون "دوريات إنفاذ قانون شاملة" في المياه قرب جزر ماتسو التي تسيطر عليها تايوان.
من جهتهم أعلن خفر السواحل التايوانيون أنهم رصدوا مجموعات سفن تابعة لنظرائهم الصينيين حول تايوان.
وعززت الصين نشاطاتها العسكرية في محيط تايوان في الأعوام الأخيرة، ونشرت مقاتلات وطائرات وسفنا حربية للإبقاء على حضور شبه دائم حول مياه الجزيرة.
وأكدت وزارة الدفاع التايوانية الاثنين بأنه "في مواجهة تهديدات العدو، فإن جميع ضباط وجنود البلاد في حالة تأهّب تامة".
ودعا الرئيس لاي إلى اجتماع أمني "رفيع المستوى" ردا على المناورات، وفق ما أعلن الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي التايواني جوزف وو الذي أكد أن المناورات "تتعارض مع القانون الدولي واللوائح الدولية".
وتعهّد الرئيس التايواني في خطاب لمناسبة العيد الوطني الخميس "مقاومة ضم" الجزيرة، وشدد على أن بكين وتايبيه "غير تابعتين لبعضهما بعضا".
لطالما دافع حزب لاي "الديموقراطي التقدمي" عن سيادة وديموقراطية تايوان التي تحظى بحكومة وجيش وعملة خاصة بها.
أكدت بكين من جانبها الاثنين على أن المناورات "عملية مشروعة وضرورية من أجل حماية سيادة الدولة والوحدة الوطنية".
"الانتقال إلى القتال"
شدد الباحث في الأكاديمية الصينية للدراسات العسكرية اللفتنانت كولونيل فو جنغنان في فيديو نشره الإعلام الرسمي على أن المناورات قد "تنتقل من التدريب الى القتال في أي وقت".
أضاف "في حال قام انفصاليو تايوان باستفزاز واحد، ستقدم عملية جيش التحرير الشعبي (الجيش الصيني) على خطوتها الأولى".
وأعلن خفر السواحل في تايوان احتجاز رجل صيني على إحدى الجزر التابعة لتايبيه بعد "اقتحام محتمل للمنطقة الرمادية"، في إشارة الى تكتيكات لا ترقى إلى مستوى أعمال حربية مباشرة.
وفي ساعات الذروة الصباحية، بدا سكان تايبيه غير مبالين بالمناورات.
وقال المهندس بنجامين هسياو (34 عاما) لفرانس برس "لن أشعر بالذعر كثيرا لأنهم غالبا ما يجرون مناورات"، موضحا "هذه ليست المرة الأولى خلال السنوات الأخيرة".
وشاهد مراسلو فرانس برس خمس مركبات عسكرية محمّلة بأسلحة رشاشة تسيّر دورية بعد ظهر الاثنين في محيط مطار سونغشان في تايبيه، علما بأنه قاعدة عسكرية جوية أيضا.
وتعود جذور الخلاف الراهن بين الصين وتايوان الى الحرب الأهلية التي هزمت فيها القوى الشيوعية بقيادة ماو تسي تونغ القوى القومية بقيادة شيانغ كاي-شيك، وفرار الأخيرة الى الجزيرة.إقرأ أيضاً : بن غفير يغازل نتنياهو: فرصتنا الآن لقطع رأس إيرانإقرأ أيضاً : قبل 5 نوفمبر .. هل حدد موعد انتقام "إسرائيل" من طهران؟إقرأ أيضاً : نتنياهو: نستمع لأميركا لكننا نتخذ قراراتنا وحدنا
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: الصين بكين الصين الدفاع بكين الدفاع الدفاع بكين الرئيس الدفاع بكين بكين الدفاع الوضع الصين الدفاع الرئيس الرئيس بكين بكين الدولة الصين الصين الوضع بكين الدولة الدفاع الرئيس القوات هذه المناورات وزارة الدفاع خفر السواحل فی محیط على أن
إقرأ أيضاً:
من "الحافة" إلى "بكين".. سيرة ومسيرة
خالد بن سعد الشنفري
من بكين إلى الحافة ومن الحافة إلى بكين هي حقيقة رحلتين لشخصيتين مميزتين كلٍ في موطنه وبينهما تماس في أمور وتجمع بينهما مشتركات؛ الأولى لشخصية رحالة وتاجر صيني من حقبة مضت وأصبحت تاريخاً، والثانية لدبلوماسي وسياسي عُماني عريق لا زالت أحداثها مَعِيشة أطال الله في عمره وأبقاه.
هوة زمنية لا شك تفصل بين الحدثين.. ولكنهما يشتركان في كونهما حدثا في الحافة وانطلقا من شاطئها تحديدًا في زمنين مختلفين ومن غريب الصدف ظهورهما الآن معاً في الحافة كلٌ بطريقته ففي العام 2024 الذي ودعنا قريبا دشنت الصين النصب التذكاري احتفاء برحالتها شنغ خه على شاطئ الحافة وعلى نفس الشاطئ ونفس العام دشنت عُمان كتاب (شاهد على مسيرة دبلوماسية الحكمة) لسعادة السفير والدبلوماسي العُماني المُحنك عوض بن بدر بن عوض مرعي الشنفري.
تعودت أن أختار عناوين كتبي ومقالاتي في الأخير بعد الانتهاء من كتابة العمل أو أثنائها أما قبل ذلك فنادرا ما يحصل، فكما يُقال الكتاب يُعرف من عنوانه، ولكنني هذه المرة اختلف معي الأمر فتبادر إلى ذهني عنوان "من الحافة إلى بكين" واستحضرته مخيلتي بيسر وسرعة دون جهد مني؛ بل برز من أول ما أمسكت يدي القلم لتختط أولى كلمات هذا المقال فبعد أن فرغت مباشرة من قراءة كتاب من 200 صفحة من الحجم المتوسط والذي لم تتركه يدي حتى انتهيت من قراءته كاملاً؛ من الجلدة للجلدة (كما يقول الطلبة عن كتبهم المدرسية).. كل ذلك رغم أني مؤخرا أصبحت قليل القراءة عمومًا لأني- لا أراكم الله مكروهاً- أصبحت أعاني من مرض النوم القهري وأفضل أوقات هجوم هذا النوم عليّ وتمكنه مني هو وقت القراءة بالذات.
سعادة السفير عوض بن بدر بن عوض مرعي الشنفري مؤلف كتاب شاهد على دبلوماسية الحكمة غادر شاطئ الحافة في العام 1957، وهو في سن الثالثة عشرة من عمره على ظهر قارب خشبي شراعي ركيك مخصص لحمل البضائع تكدس فيه مع 30 راكباً آخرين ميممًا وجهه شطر بلاد المهجر حال معظم الظفاريين، إلا أن مقصده لم يكن طلب الرزق كحال أقرانه.. أبحر بهم هذا القارب إلى مسقط ابتداء في رحلة مُعاناة استغرقت عشرين يومًا وهم وقاربهم كقشة وسط البحر؛ بل هاجر لطلب العلم والعلم فقط بعد أن فتحت الصفوف الخمسة المتاحة للتعلم في مدرسة سعيدية ظفار من شهيته للازدياد والنهل من هذا المنهل.
ومن شاطئ الحافة جرت الرياح بقاربه الشراعي إلى الكويت ومدرسة الشويخ بها وجامعة القاهرة ليرتبط بمجموعة من الطلبة اليمنيين هناك ويلتقي مع وفد بلقاء الرئيسين أنور السادات وجمال عبد الناصر، وتردد بعد ذلك بين القاهرة وبغداد التي أكمل دراسة الحقوق بها وما بين هذين الشوطين يتجه إلى دمشق أحيانا واليمن ودول الخليج العربي في هذه المرحلة من التاريخ العربي التي تعج بالحركات التحررية وتتمركز بالذات في هذه الدول فدخل باب السياسة والنضال والتحرر من أوسع أبوابه ومن اليمن التي كانت ثورتها تمد جذورها ناحية جارتها ظفار ابتغاء عُمان والخليج العربي بأسره واعترك أبو ظافر السياسة وعاركها في خضم حركات تحررية يعج بها الوطن العربي كله للتخلص من الاستعمار الجاثم على صدرها فتارة بعث عربي وقومية عربية وحتى اشتراكية عالمية وغيرها؛ فالهدف الانعتاق مما هم فيه وهكذا وجد الشاب اليافع نفسه وسط هذا الخضم الهائل من الحراك السياسي وها هو يبحر بنا اليوم بعد أن أرست سفينته مراسيها في كتابة هذا الكتاب السفر بحق عن كل ذلك، وهو يحكي مرحلتين منفصلتين متناقضتين من حياته وحياة عُمان كلها.. المرحلة الأولى من معترك حياته والممتدة من الأربعينات إلى نهاية الستينات من القرن الماضي ولا صوت لديه فيها يعلو على صوت الدراسة والسياسة والتحرر من الانعتاق الذي وجد نفسه ووطنه فيه وأصبح منذ بداية مشواره الدراسي وأسفاره ومتعرجاتها، في سبيل تلقي العلم وهم التحرر بين مصر الكنانة وعراق الرافدين، ويشطر تارة إلى الشام وتارة إلى اليمن في مسيرة قلَّ أن اتيحت لأحد من أقرانه ويخرج لنا حصيلته عن هاتين المرحلتين في هذا الكتاب الذي يجعلك تعيش معه هاتين المرحلتين من تاريخ عُمان؛ الأولى كما أسلفنا من الأربعينات إلى نهاية الستينات والمرحلة الثانية بعد عصر النهضة العُمانية المباركة بقيادة السلطان قابوس بن سعيد وإلى عصر التجديد بقيادة السلطان المجدد هيثم بن طارق المُعظم- أبقاه الله.
قائمة طويلة من الأحداث والمحطات الوطنية والعديد من المشاركات المهمة والفعالة في سبيل العلم والمعرفة وتسخيرها لخدمة الوطن؛ فمنذ أول اغتراب له من شاطئ الحافة في العام 1957 إلى المجهول إلى أول اغتراب من نوع آخر في العام 1973 إلى لندن لتسلم مهام تكليف سامٍ كسكرتير أول في سفارة سلطنة عُمان بالمملكة المتحدة، ومن هروب من وطأة الظروف القاسية في المرحلة الأولى الى تمثيل بلد أصبح له مكانته بين الدول مؤثرا ومتفاعلا ومن لندن إلى بكين وإسلام أباد والولايات المتحدة الأمريكية كسفير مقيم إلى سفير مفوض غير مقيم في العديد من الدول المجاورة لهما كالنيبال والفلبين وتايلند وكندا وتشيلي والبرازيل التقى خلالها وجلس إلى العديد من الزعماء والقادة العظام والملوك والرؤساء إلى عضوية مجلس الأمن الدولي إلى الأمين العام المساعد للشؤون السياسية بمجلس التعاون الخليجي إلى عضو مكرم في مجلس الدولة وظل على رأس عمله إلى نهاية العقد الأول من القرن الواحد وعشرين. إنه فعلا كتاب سفر مشوق يحمل متعة المتابعة والقراءة وكنز معلوماتي ثمين من رجل ثمين عن مرحلتي عُمان الأخيرتين قبل وبعد النهضة جدير بالاقتناء والقراءة ومرجع وثائقي وتاريخي بمعنى الكلمة.
شكرًا سعادة السفير على هذا الكنز الثمين وجزاك الله عنَّا وعن عُمان كل خيرٍ.
رابط مختصر