مساع أفريقية لوقف الحرب بالسودان
تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT
بمكتب اتصال في بورتسودان، وحوار غير رسمي مع الحكومة، يسعى الاتحاد الافريقي إلى إحداث اختراق في الأزمة السودانية، من أجل إيقاف الحرب الدائرة بين قوات الجيش والدعم السريع، منذ أبريل/نيسان من العام 2023.
فتح مكتب الاتصال وإطلاق الحوار غير الرسمي، طرحهما “مجلس السلم والأمن” التابع للاتحاد الأفريقي، خلال اجتماع عقده في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا أمس الإثنين.
مساعٍ أفريقية لاختراق جدار الصراع السوداني.. لقاء خماسي مثقل بالتحديات
ومجلس السلم والأمن مكلف بحفظ السلام والاستقرار في القارة السمراء، وجرى إنشاؤه كهيئة تعمل على تسوية النزاعات في يوليو/تموز 2002، ودخل حيز التنفيذ في ديسمبر/كانون الأول 2003.
قرارات مجلس السلم والأمن
وشدد المجلس على ضرورة التواصل مع جميع الأطراف السودانية المعنية، معربا عن تطلعه إلى إجراء “حوار غير رسمي مع ممثلي الحكومة السودانية”.
وطالب المجلس، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، بإعادة فتح مكتب اتصال في مدينة بورتسودان، مقر الحكومة السودانية، بأدنى حد من الموظفين، مراعاة للوضع الأمني، بهدف التواصل مع مختلف الأطراف الفاعلة وتقديم الدعم الفني.
ودعا المجلس، طرفي الصراع، الجيش والدعم السريع، إلى التعاون الكامل مع اللجنة الرئاسية التي يقودها الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، والمقرر أن تجتمع في 23 أكتوبر/تشرين الأول الجاري لبحث سبل جمع قائدي الجيش عبد الفتاح البرهان، والدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف بـ«حميدتي»، على طاولة المفاوضات.
ومن المقرر أن تحتضن العاصمة الأوغندية كمبالا، قمة خماسية في 23 من الشهر الجاري، وضعت على أجندتها الترتيب لعقد لقاء بين البرهان وحميدتي، لمناقشة أوضاع الحرب في السودان.
وستكون القمة بمشاركة إقليم شرق أفريقيا برئاسة موسفيني، وعن إقليم غرب أفريقيا الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو، وعن وسط أفريقيا رئيس غينيا الاستوائية تيودورو أوبيانغ نغيما، وعن شمال أفريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وعن جنوبها الرئيس الأنغولي جواو لورينسو.
وحث “مجلس السلم والأمن”، مفوضية الاتحاد الأفريقي ومنظمة “الإيغاد” ودول الجوار، على دعم اللجنة الرئاسية في تنفيذ خارطة طريق الاتحاد الأفريقي، والتي تشمل وقف إطلاق النار غير المشروط، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وحماية المدنيين، وإطلاق عملية سياسية شاملة.
وأكد المجلس على أهمية التشاور مع المسؤولين السودانيين بشأن مقترحات البرهان لإنهاء النزاع، والتي تشمل إنشاء نقاط تجميع للقوات، واستعادة العملية الانتقالية الديمقراطية بقيادة مدنية، ورحب باستعداد البرهان لتشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية.
وعلى ضوء توصيات بعثته التي زارت السودان في 3 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، شدد المجلس على إعطاء الأولوية لرفع تعليق عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي في أقرب وقت ممكن.
وفي 27 أكتوبر/تشرين الأول من عام 2021، أمر الاتحاد الأفريقي، بتعليق مشاركة السودان في جميع أنشطته “بأثر فوري”، على خلفية “استيلاء الجيش السوداني على السلطة وحل الحكومة الانتقالية”.
مباحثات العودة إلى “الإيغاد”
وفي تطور لافت، بحث رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، مساء أمس، مع وزير خارجية جيبوتي، محمود علي يوسف، سبل عودة السودان إلى عضوية الهيئة الحكومية للتنمية “الإيغاد”.
وجمَّد السودان عضويته في المنظمة في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، احتجاجا على مشاركة قائد قوات الدعم السريع، حميدتي، في قمة استثنائية للمنظمة عُقدت في أوغندا قبل يومين من قرار التجميد.
و”الإيغاد” منظمة حكومية أفريقية شبه إقليمية تأسست عام 1969، تتخذ من جيبوتي مقرا لها، وتضم في عضويتها كلا من إثيوبيا، وكينيا، وأوغندا والصومال، وإريتريا، والسودان، وجنوب السودان.
والتقى البرهان في مدينة بورتسودان، بوزير خارجية جيبوتي، الذي سلمه رسالة خطية من رئيس بلاده، إسماعيل عمر جيله، الرئيس الحالي لـ “الإيغاد”، تتعلق بالعلاقات الثنائية وسبل تعزيزها.
وقال وزير الخارجية السوداني، حسين عوض، في بيان صادر عن مجلس السيادة، أطلعت عليه “العين الإخبارية”، إن اللقاء تناول إمكانية عودة السودان إلى “الإيغاد”.
وأشار إلى أن “نقاشا مطولا دار بين البرهان ومبعوث الرئيس الجيبوتي، حول الأخطاء والمنعرجات السلبية، التي اتخذتها الإيغاد تجاه الأزمة في السودان”.
وأكد عوض ضرورة الفصل بين علاقة السودان بجيبوتي وعلاقته بمنظمة “الإيغاد”، إلى حين “تصحيح موقفها والاعتراف بالأخطاء التي ارتكبتها تجاه السودان”.
وسعت “الإيغاد” إلى عقد لقاء بين البرهان وحميدتي في جيبوتي لبحث وقف إطلاق النار في أواخر عام 2023، إلا أن وزارة الخارجية السودانية أعلنت تأجيل اللقاء لـ “أسباب فنية”، وفقا لما أبلغتها به نظيرتها الجيبوتية.
وأشار عوض إلى أن الرئيس الجيبوتي أبدى في رسالته استعداد “الإيغاد” لتجاوز الخلافات، معربًا عن تفاؤله بعودة السودان إلى المنظمة كعضو فاعل.
من جهته، أكد وزير خارجية جيبوتي، أن زيارته تأتي بتكليف من الرئيس جيله، بصفته رئيسا للمنظمة، لحث السودان على استئناف دوره المؤثر فيها.
العين الاخبارية
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: مجلس السلم والأمن الاتحاد الأفریقی
إقرأ أيضاً:
البرهان وحميدتي.. “سباق الحكومتين” يعقد فرص حل الصراع في السودان
تتجه قوات الدعم السريع في السودان إلى تشكيل حكومة تضم مجموعة من القوى السياسية والحركات المسلحة في مناطق "قوات الدعم السريع"، تكون "موازية" للحكومة التي يقودها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وتعمل من مدينة بورتسودان.
وذكرت وسائل إعلام سودانية، أن "القوى السياسية والحركات المسلحة التي تؤيّد قوات الدعم السريع أرجأت للمرة الثانية، الثلاثاء، التوقيع على الميثاق السياسي الممهّد لتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة القوات بناءً على طلب تقدم به رئيس الحركة الشعبية شمال، عبد العزيز الحلو، وذلك خلال فعاليات المؤتمر التأسيسي في العاصمة الكينية نيروبي.
وتم تأجيل مراسم توقيع وثيقة الإعلان السياسي المؤسس للحكومة الموالية للدعم السريع إلى، يوم الجمعة المقبل، لإتاحة الفرصة لمزيد من المشاورات.
وبعد نحو أكثر من 20 شهراً من القتال الطاحن بين الجيش والدعم السريع، ينتقل الوضع إلى مربع جديد يحمل معه تغييراً "جيوسياسياً" بحثاً عن شرعية وخلق مشهد جديد لصالح أحد الطرفين.
خارطة طريق البرهان وميثاق حميدتي
خارطة الطريق، التي أعلنها رئيس مجلس السيادة في السودان عبد الفتاح البرهان، قبل أسبوعين، تشمل تشكيل حكومة تصريف أعمال، "الغرض منها إعانة الدولة على إنجاز ما تبقى من الأعمال العسكرية، والمتمثلة في تطهير كل السودان من المتمردين"، وفق البرهان.
ولفت البرهان إلى أن "تعديلات الوثيقة الدستورية تجعلها مختلفة عما كانت عليه مع الشركاء السابقين الذين أصبحوا أعداءً اليوم"، مشيراً إلى أنه "بعد إجازة الوثيقة الدستورية سيتم تشكيل الحكومة، واختيار رئيس وزراء ليقوم بمهام في إدارة الجهاز التنفيذي للدولة دون أي تدخل".
وفي هذا الصدد، قال رئيس التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية مبارك أردول، وهو أحد المشاركين في الدفع بوثيقة الحكم لرئيس مجلس السيادة لـ"الشرق"، إنه من "الضروري حالياً التركيز على الحوار بين السودانيين الذي سيفرز وضعاً دستورياً".
وأضاف أردول: "بحسب الخطة التي قُدمت ستكون هناك فترتين، تأسيسية وأخرى انتقالية، الأولى تمتد عاماً على الأقل، من أجل ترتيب الأوضاع، وتقودها حكومة تصريف الأعمال، بمشاركة القوى السياسية الأخرى".
وشدد على أن "الأطراف المشاركة تحدد عبر آليات بعينها، منها مجلس الحكماء لاختيار شاغلي المناصب الدستورية بما فيها رئيس الوزراء وأعضاء المجلس التشريعي الانتقالي".
في المقابل، يرى النبي محمود، رئيس حركة تحرير السودان الديمقراطية، وأحد المشاركين في وثيقة التأسيس التي تدعمها قوات الدعم السريع، في حديثه لـ"الشرق" أن "الحكومة التي ستتمخض عن الوثيقة التأسيسية لن تؤدي إلى تقسيم السودان، وهي تتضمن توافقاً سياسياً وعسكرياً بين أطرافها الموقعة"، التي يعتبرها بأنها "أساسية وشرعية".
حكومات في الميزان
ولفت الكاتب الصحافي والمحلل السياسي عثمان ميرغني، إلى أنه "من الواضح أن رئيس مجلس السيادة لا يرغب في تكوين حكومة حالياً". وأضاف في حديث مع "الشرق"، أن "البرهان يلتف على ذلك بعد لقاءات بين القوى السياسية التي تدور في حلقة مفرغة"، مشيراً إلى أن هذه القوى عاجزة عن إنتاج حلول.
ويشدد ميرغني على أن إعلان حكومة موازية "خطير"، مضيفاً بأن" الخطوة ستؤدي لا محال إلى تقسيم البلاد لدويلات عدة متحاربة، كما أنها تؤثر على المفاوضات المقبلة لإنهاء الحرب".
وأعربت وزارة الخارجية السودانية، الثلاثاء، عن أسفها لتنكر الحكومة الكينية لالتزاماتها بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والأمر التأسيسي للاتحاد الإفريقي ومعاهدة منع الإبادة الجماعية، وذلك باستضافتها لمناسبة توقيع ما وصفته بـ"اتفاق سياسي بين المليشيا، المسؤولة عن جرائم إبادة جماعية مستمرة في السودان، وأفراد ومجموعات مؤيدة لها"، وفق الخارجية السودانية.
واعتبرت الخارجية السودانية أن "الهدف المعلن لهذا الاتفاق هو إقامة حكومة موازية في جزء من أرض السودان"، مشيرة إلى أن هذا يساهم في تقسيم الدول الإفريقية، معتبرة أن "احتضان قيادات المليشيا هو تشجيع لاستمرار جرائم الإبادة الجماعية والمجازر ضد المدنيين على أساس إثني"، لافتة إلى أن هذه التظاهرة الدعائية لن يكون لها تأثير على أرض الواقع.
اعتراف دولي غير مضمون
وأشارت صباح موسى، الكاتبة المتخصصة في الشؤون الإفريقية في تصريحاتها لـ"الشرق"، إلى أن "خطوة الدعم السريع لتشكيل حكومة موازية لا تستند إلى قواعد حقيقية، وهي تتقارب في شكلها مع تحالف صمود الجديد، ولا تعدو أن تكون مجرد إعلان فقط، ولن تتحول إلى حكومة ما لم تُسيطر على الفاشر شمال دارفور وهذا شأن آخر".
ورأت موسى، أن أي "المنتظم الدولي لن يعترف بالحكومة التي تشكلها قوات الدعم السريع". وأضافت: "في حالة البرهان، فإنه مشغول بأولويات أخرى عوضاً عن تشكيل حكومة في الوقت الحالي، وأجملت أولوياته في استعادة المزيد من المدن وتحقيق الأفضلية في الميدان، وهو لا يربط تكوين حكومته بحكومة حميدتي".
حمدوك خارج الحسابات
وأكد رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، على عودة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك، الذي يصفه بعض المراقبين بـ"المتقلب" في التحالفات السياسية عقب توقيعه اتفاقاً مع الجيش والدعم السريع بعد إجراءاتهما التي حلت حكومة قوى الحرية والتغيير، قبل أن ينتقل إلى تنسيقية تقدم ثم تحالف "صمود" الذي جاء رافضاً لتكوين حكومة لكونها "لا تعدو أن تكون انقساماً يلوح في الأفق".
وعلى النقيض من ذلك، وفي مقابل اتهامات التي توجه لحمدوك، بشأن فقدان التأييد الشعبي، والانحياز لطرف في الحرب، بعد توقيع إعلان مع الدعم السريع، رأى مراقبون أنه "لا يزال يتمتع بقبول أطراف دولية مهمة، وأنه يشكل صوتاً للاعتدال في خضم الحرب السودانية".
وفي هذا الخصوص، أشار المحلل السياسي عثمان ميرغني، إلى أن رفض البرهان لحمدوك، يأتي من كون "البرهان لا يتبنى موقفاً سياسياً ثابتاً أو مبدئياً، ورفضه له مرتبط بتصحيح خطابه السابق، عقب رفض البرهان لأي محاولة تقارب مع التحالف المدني السابق".
ويشرف الاتحاد الإفريقي على حوار سوداني يضم القوى السياسية المتنافرة في محاولة لإنتاج مشهد سياسي متجانس يهدف إلى نزع فتيل الأزمة.
ورأى مراقبون، أن "أطراف الصراع لا تبالي بأوضاع المدنيين في مناطق القتال والنزوح واللجوء، وأن المنافسة الحالية لا تعدو كونها تنافس على الحكم، ثمنه فقدان البلاد لمواردها الطبيعية والبشرية".
بورتسودان -الشرق/ أحمد العربي