هيكل عملاق في أعماق أستراليا قد يكون مثابة أكبر تأثير لكويكب تم تسجيله!
تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT
أستراليا – حقق بحث حديث، نُشر في مجلة Tectonophysics، في ما يُعتقد أنه أكبر تأثير معروف في العالم مدفون في شكل هيكل في أعماق الأرض في جنوب نيو ساوث ويلز.
يمتد هيكل Deniliquin الذي لم يتم اختباره عن طريق الحفر بعد إلى ما يصل إلى 520 كيلومترا في القطر. وهذا يتجاوز حجم الهيكل الناجم عن تأثير Vredefort، ذاك الذي يبلغ عرضه 300 كيلومتر تقريبا في جنوب إفريقيا، والذي يعتبر حتى الآن الأكبر في العالم.
ويعد تاريخ قصف الأرض بالكويكبات مخفيا إلى حد بعيد. هناك عدة أسباب لذلك. الأول هو التعرية: العملية التي من خلالها تتسبب الجاذبية والرياح والماء في تآكل المواد الأرضية ببطء عبر الزمن.
وعندما يضرب كويكب ما كوكبنا، فإنه يخلق حفرة ذات قلب مرتفع. وهذه القبة المركزية المرتفعة هي سمة رئيسية لهياكل التأثير الكبيرة. ومع ذلك، يمكن أن يتآكل على مدى آلاف إلى ملايين السنين، ما يجعل من الصعب تحديد الهيكل.
ويمكن أيضا دفن الهياكل بواسطة الرواسب عبر الزمن. أو قد تختفي نتيجة للاندساس، حيث يمكن أن تتصادم الصفائح التكتونية وينزلق بعضها تحت بعض في وشاح (لبّ) الأرض.
ومع ذلك، فإن الاكتشافات الجيوفيزيائية الجديدة تظهر هياكل هي مثابة تواقيع (آثار) الاصطدام التي شكلتها الكويكبات وربما وصلت إلى عشرات الكيلومترات – ما يبشر بتحول نموذجي في فهمنا لكيفية تطور الأرض عبر الدهور. وتشمل هذه الاكتشافات الرائدة في تأثير “المقذوفات”، وهي المواد التي يتم إلقاؤها من فوهة البركان في أثناء الاصطدام.
ويعتقد الباحثون أن أقدم طبقات هذه المقذوفات، تلك الموجودة في الرواسب التي شكلت التضاريس المبكرة حول العالم، قد تشير إلى نهاية ذيل القصف الثقيل المتأخر للأرض. وتشير أحدث الأدلة إلى أن الأرض والكواكب الأخرى في النظام الشمسي تعرضت لقصف مكثف من الكويكبات حتى حوالي 3.2 مليار سنة مضت، وبشكل متقطع منذ ذلك الحين.
وترتبط ببعض التأثيرات الكبيرة أحداث الانقراض الجماعي. على سبيل المثال، تشرح فرضية ألفاريز، التي سميت على اسم الأب وابنه العالمين لويس ووالتر ألفاريز، كيف تم القضاء على الديناصورات غير الطائرة نتيجة اصطدام كويكب كبير بالأرض قبل حوالي 66 مليون سنة.
وكانت القارة الأسترالية والقارة السابقة لها، Gondwana، هدفا للعديد من تأثيرات الكويكبات. وقد نتج عن ذلك ما لا يقل عن 38 هيكلا مؤكدا و43 تأثيرا محتملا، بدءا من الحفر الصغيرة نسبيا ووصولا إلى الهياكل الكبيرة المدفونة تماما.
وعندما يضرب كويكب كبير الأرض، تستجيب القشرة الأساسية بارتداد مرن عابر ينتج عنه قبة مركزية.
وقد تكون هذه القباب التي يمكن أن تتآكل ببطء و/أو تصبح مدفونة بمرور الوقت، هي كل ما تم الحفاظ عليه من هيكل الاصطدام الأصلي. إنها تمثل “منطقة الجذر” حيث التأثير عميق. وتم العثور على أمثلة شهيرة في هيكل الصدمات Vredefort وحفرة Chicxulub التي يبلغ عرضها 170 كيلومترا في المكسيك. وهذا الأخير يمثل التأثير الذي تسبب في انقراض الديناصورات.
بين عامي 1995 و2000، افترض توني ييتس أن تكون الأنماط المغناطيسية تحت حوض موراي في نيو ساوث ويلز تمثل بنية تأثير ضخمة مدفونة. وأكد تحليل البيانات الجيوفيزيائية المرسومة في المنطقة بين عامي 2015 و2020 وجود هيكل بقطر 520 كيلومترا مع قبة محددة سيزمياً (زلزالياً) في مركزها.
ويحتوي هيكل Deniliquin على جميع الميزات المتوقعة من هيكل تأثير واسع النطاق. على سبيل المثال، تكشف القراءات المغناطيسية للمنطقة النقاب عن نمط تموج متماثل في القشرة حول قلب الهيكل. ومن المحتمل أن يكون هذا قد حدث في أثناء التأثير حيث أن درجات الحرارة العالية للغاية خلقت قوى مغناطيسية شديدة.
وتقابل المنطقة المغناطيسية المنخفضة المركزية تشوها بعمق 30 كم فوق قبة الوشاح المحددة زلزاليا. وقمة هذه القبة ضحلة إذ تعلو حوالي 10 كيلومترات عن علو الوشاح الإقليمي.
وتظهر القياسات المغناطيسية أيضا دليلا على “عيوب شعاعية” هي كناية عن كسور تتفرع كالأشعة من مركز هيكل تأثير كبير. ويصاحب ذلك أيضا شذوذ مغناطيسي صغير قد يمثل “سدودا نارية”، هي عبارة عن صفائح من الصهارة المحقونة في كسور جسم صخري موجود مسبقا.
وتعتبر الصدوع الشعاعية، والصفائح النارية من الصخور التي تتشكل داخلها، نموذجية لهياكل الصدمات الكبيرة ويمكن العثور عليها في هيكل Vredefort وهيكل تأثير Sudbury في كندا.
حاليا، يعتمد الجزء الأكبر من الأدلة على تأثير Deniliquin في البيانات الجيوفيزيائية التي تم الحصول عليها من السطح. ولإثبات التأثير، سنحتاج إلى جمع أدلة مادية على الصدمة، أدلة لا يمكن أن تأتي إلا من الحفر بعمق في الهيكل.
ومن المحتمل أن يكون هيكل Deniliquin موجودا في الجزء الشرقي من قارة Gondwana، قبل أن ينقسم إلى عدة قارات (بما في ذلك القارة الأسترالية) في وقت لاحق.
وقد يكون التأثير الذي تسبب فيه قد حدث خلال ما يُعرف باسم الانقراض الجماعي المتأخر في Ordovician. على وجه التحديد، يعتقد أنه قد يكون سبب ما يسمى بمرحلة التجلد Hirnantian، والتي استمرت ما بين 445.2 و443.8 مليون سنة مضت، ويتم تعريفها أيضا على أنها حدث الانقراض الأوردوفيشي-السيلوري.
وقد قضى هذا الحدث الجليدي والانقراض الجماعي الضخم على حوالي 85٪ من أنواع الكوكب البيولوجية. وكان تأثيره أكثر من ضعف حجم تأثير Chicxulub الذي قتل الديناصورات.
ومن الممكن أيضا أن يكون هيكل Deniliquin أقدم من حدث Hirnantian، وقد يكون من أصل كامبري قديم (منذ حوالي 514 مليون سنة). وستكون الخطوة التالية هي جمع العينات لتحديد العمر الدقيق للهيكل. وسيتطلب ذلك حفر ثقب عميق في مركزه المغناطيسي وتأريخ المادة المستخرجة.
ومن المأمول أن يلقي المزيد من الدراسات حول هيكل تأثير Deniliquin الضوء على طبيعة الأرض القديمة.
التقرير من إعداد أندرو جليكسون، الأستاذ المساعد بجامعة نيو ساوث ويلز في سيدني.
المصدر: ساينس ألرت
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
إقرأ أيضاً:
هكذا تؤثر الإبادة الإسرائيلية بغزة على أصوات الناخبين في أستراليا
تعد حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة إحدى القضايا المؤثرة على أصوات الناخبين في أستراليا، والذين يتوجهون إلى صناديق الاقتراع في الثالث من أيار/ مايو المقبل، وهو ما أكدته المتطوعة بحزب العمال الحاكم آز فهمي، أثناء توزيعها منشورات من أجل إعادة انتخاب ممثلها المحلي، وهو وزير الشؤون الداخلية توني بيرك.
لكن كل ذلك تغير بالنسبة لآز، الناشطة في مجال حقوق الإنسان، بعدما شن الاحتلال الإسرائيلي حملة عسكرية على غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 50 ألف فلسطيني وتشريد الملايين وتدمير القطاع.
وتشن آز الآن حملة ضد بيرك قبل الانتخابات المقررة في مايو المقبل، بسبب ما تعتقد أنه رد "محبط" من حزبه على دعوات الطائفة المسلمة للحكومة الأسترالية لدعم الفلسطينيين في غزة.
وقالت آز، وهي مسلمة ومن أصول سورية عراقية، لرويترز "الوقت الوحيد الذي سيستمعون فيه هو وقت الانتخابات".
أما هافا ميندل، وهي ربة منزل يهودية في برزبين، فقد دعمت حزب العمال في آخر انتخابات بسبب سياساته المناخية، لكنها تقود الآن حملة تضم مئات المتطوعين للإطاحة "بحكومة حزب العمال الضعيفة التي لم تفعل ما يكفي" لوقف موجة من "الهجمات المعادية للسامية"، على حد وصفها.
ويسلط استياء الناخبين، مثل آز وهافا، الضوء على تفتيت التأييد لحزب العمال، الذي يسعى إلى إبعاد المعارضة الليبرالية الوطنية المحافظة والفوز بولاية ثانية في السلطة، بسبب حرب غزة.
وتسير حكومة رئيس الوزراء أنتوني ألبانيزي منذ أواخر عام 2023 على خط رفيع، بين إبداء القلق إزاء الفلسطينيين والدعوة مرارا إلى وقف إطلاق النار، وبين دعم حق حليفتها إسرائيل في حق الدفاع عن النفس.
وقال خبراء انتخابات إن هذا النهج أثار غضب الناخبين المناصرين للفلسطينيين والمؤيدين لإسرائيل، ما جعل حزب العمال عرضة لخطر خسارة تسعة على الأقل من مقاعد مجلس النواب التي يحتاج إليها للحفاظ على أغلبيته في البرلمان المكون من 150 مقعدا.
وتعد دائرة آز واحدة من ثلاث دوائر انتخابية متعددة الثقافات وتسودها الطبقة العاملة في غرب سيدني، والتي كانت منذ فترة طويلة معاقل لحزب العمال، حيث هناك ناخب مسلم من كل ثلاثة ناخبين رغم أنهم يشكلون 3.2 بالمئة فقط من سكان أستراليا.
واليهود الأستراليون كذلك لا يشكلون إلا 0.5 بالمئة من إجمالي عدد السكان، لكنهم يمثلون ما يصل إلى سُدس الناخبين في الدوائر الانتخابية الثرية بالمدن الداخلية في سيدني وملبورن.
ويقول خبراء الانتخابات إن التركيبة السكانية للطائفتين، قد تؤدي إلى تحولات كبيرة ضد المشرعين الحاليين.
وقال محلل الانتخابات المستقل وليام بوي إن حزب العمال قد يواجه تحولا مدمرا ضده بنسبة 20 بالمئة في غرب سيدني، حيث حصل المرشحون الحاليون على ما يزيد قليلا على نصف الأصوات الأولية في عام 2022، ما يعكس خسائر حزب العمال البريطاني العام الماضي بسبب رد فعل الناخبين المسلمين بعد حرب الإبادة في غزة.
"السياسة كلها محلية"
قال آندي ماركس المدير التنفيذي لمركز غرب سيدني، وهو مؤسسة بحثية، إن الناخبين المسلمين ليسوا "متجانسين" وإن القضايا المحلية، مثل الرعاية الصحية والإسكان، عادة ما تحظى بالأولوية على حساب الأحداث على الجانب الآخر من العالم.
لكن الروابط العائلية بالشرق الأوسط أتت بحرب غزة إلى أستراليا، وتؤثر على العديد من الناخبين في هذه الانتخابات.
وتابع ماركس: "القاعدة السائدة في غرب سيدني هي أن السياسة كلها محلية".
وأضاف "سرعة (وصول) الأحداث في الشرق الأوسط، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ومن خلال الروابط العائلية، تجعل هذه القضايا تبدو محلية جدا لبعض" المسلمين.
وقال زياد بسيوني، وهو طبيب مسلم يخوض الانتخابات ضد بيرك، إنه كان يشعر بالتجاهل وهو يعيش في دائرة انتخابية آمنة بالنسبة لحزب العمال لمدة 20 عاما، لكن "قضية غزة كانت القشة التي قصمت ظهر البعير عندما حدثت".
ولم يرد ألبانيزي أو بيرك أو وزير التعليم جيسون كلير، الذي يشكل عدد السكان المسلمين في دائرته بغرب سيدني 32 بالمئة، على طلبات للتعليق.
وبموجب نظام التصويت التفضيلي المعقد في أستراليا، فإنه إذا لم يحصل أي مرشح على أكثر من نصف الأصوات في الانتخابات التمهيدية، يُستبعد المرشح الحاصل على أقل عدد من الأصوات ويعاد توزيع التفضيلات حتى فوز أحد المرشحين. ويعني ذلك أن مرشحا قد يتصدر بما يعادل 49 بالمئة من الأصوات في الانتخابات التمهيدية ويخسر في النهاية.
ويمكن للمستقلين مثل بسيوني تعويض النقص في الأصوات خلال الانتخابات التمهيدية من خلال إبرام صفقات مع مرشحين آخرين لتفضيل بعضهم البعض في بطاقات التصويت التي تُوزع في مراكز الاقتراع، وهي استراتيجية يستخدمها المرشحون الأقل شهرة أحيانا لزيادة فرصهم أو تقليل فرص منافسين مشتركين.
وقال الشيخ وسام الشرقاوي منسق مجموعة "الصوت الانتخابي المسلم"، وهي منظمة شعبية تدعم ثلاثة مرشحين من بينهم بسيوني، إن المجموعة لاحظت "رغبة قوية في الوقت الحالي في وضع حزب العمال في المرتبة الأخيرة" في بطاقات التصويت.
المحافظون يسعون لكسب أصوات اليهود
ذكرت وسائل إعلام محلية أن ائتلاف المعارضة المحافظة استبعد إجراء أي اتفاق مع الجماعات المؤيدة لفلسطين واتجه بدلا من ذلك لحشد دعم الجالية اليهودية، منتقدا ألبانيزي لضعف موقفه تجاه معاداة السامية.
ودفع ائتلاف المعارضة بمرشحين مؤيدين لإسرائيل في الضواحي الشرقية الثرية في سيدني ووسط ملبورن، موطن أكبر تجمعات يهودية في أستراليا، على أمل استعادة مقاعد خسرها المستقلون المهتمون بالبيئة في انتخابات 2022.
وفي سيدني، درس المرشح المحافظ رو نوكس في الجامعة العبرية في القدس، بينما واجهت النائبة المستقلة الحالية أليجرا سبندر انتقادات من الناخبين اليهود لدعمها تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وفي بوندي بيتش، قال شون إلياستام من سيدني إنه صوت لنوكس. وأضاف أن سبندر كان عليها أن تتبرأ من الأونروا بدلا من "محاولة اللعب على الجانبين".
وقال "لا يمكن إرضاء شخصين إذا كان واحد منهما جيد والآخر سيء. عليك أن تنحاز لأحد الجانبين".
ويدير تيم ويلسون، مرشح حزب المحافظين عن ملبورن، حملته الانتخابية تحت شعار "صهيوني وافتخر" على الرغم من أنه ليس يهوديا، لينافس بذلك المرشحة المستقلة زوي دانيال على مقعدها. ورفض نوكس وويلسون إجراء مقابلة.
وقال أليكس ريفتشين، الرئيس التنفيذي المشارك للمجلس التنفيذي لليهود الأستراليين، وهي المؤسسة اليهودية الأبرز "أرى أن لأول مرة في تاريخ مجتمعنا، سيصوت الناس في المقام الأول على قضية إسرائيل ومعاداة السامية".
ورغم أن دائرة ميندل الانتخابية في برزبين تضم عددا قليلا من السكان اليهود، إلا أنها قالت إن مجموعتها ستستهدف نحو 10 مقاعد في جميع أنحاء الولايات الشرقية لأستراليا بحملة تشمل وسائل التواصل الاجتماعي واللوحات الإعلانية، وذلك لتعزيز موقف المحافظين.
وقالت آز فهمي إنها تشارك في حملة ضد حزب العمال، لكنها تريد حكومة أقلية يقودها الحزب ويُمكن للمستقلين مثل بسيوني تولي السلطة فيها.
وأضافت "ما حدث في غزة حشد الناس حقا... لا أرى أن ممثلينا المحليين يدركون مدى أهمية تلك القضية بالنسبة لكثير من الناس".