الجزيرة:
2025-04-11@02:40:29 GMT

العفو عن جميع المعتقلين في سوريا.. هل هو وعد حقيقي؟

تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT

العفو عن جميع المعتقلين في سوريا.. هل هو وعد حقيقي؟

منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، تواجه سوريا أزمات سياسية وإنسانية متواصلة. ومع مرور الوقت، أصبح جليًا أن نظام بشار الأسد لا ينوي تغيير نهجه أو الانخراط في عملية سياسية تفضي إلى حل شامل ومستدام.

ومن أبرز الأدوات التي يعتمدها النظام للتلاعب بالمشهد السياسي إصدار مراسيم تمنح العفو عن المعتقلين السياسيين والرجال في سن الخدمة العسكرية الذين تهربوا من التجنيد الإجباري.

يُقدّم النظام هذه المراسيم على أنها خطوات تصالحية، غير أن الحقيقة بعيدة كل البعد عن ذلك.

المرسوم التشريعي رقم 27، الصادر في 22 سبتمبر/ أيلول، هو المرسوم الرابع والعشرون من نوعه منذ اندلاع الثورة السورية، ويعكس إستراتيجية النظام المستمرة في التهرب من الضغوط السياسية والمماطلة في تقديم تنازلات جوهرية لتحقيق حل سياسي.

يستخدم الأسد هذه المراسيم كوسيلة لخداع المجتمع الدولي وإيهامه بأنه يسعى إلى تحقيق الاستقرار والمصالحة.

لكن الفحص الدقيق لهذه المراسيم يكشف أنها تترك مساحة واسعة أمام الأجهزة الأمنية للتلاعب بمصائر الأفراد الذين يُفترض أنهم مشمولون بالعفو. فعلى الرغم من أن المراسيم تنص على العفو عن بعض الجرائم، فإن التهم الملفقة التي يوجهها النظام إلى معارضيه السياسيين، مثل "الإرهاب" و"الخيانة العظمى"، لا تزال مستثناة من هذا العفو. وهذا يعني فعليًا أن غالبية المعتقلين السياسيين والنشطاء يبقون خارج نطاق هذه المراسيم، مما يجعلها غير فعالة في توفير بيئة آمنة لعودة اللاجئين.

المشكلة الأساسية التي تعيب هذه المراسيم هي غياب الرقابة القضائية المستقلة. إذ تمنح هذه المراسيم الأجهزة الأمنية سلطة مطلقة في تحديد من يستفيد من العفو، مما يخلق بيئة مواتية لارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وبدلًا من أن تكون هذه المراسيم وسيلة لتحقيق العدالة، تُستغل كأدوات للابتزاز واستدراج المعارضين الذين قد يظنون أن النظام جاد في مساعيه المزعومة نحو المصالحة.

وقد واجه العديد من العائدين في الماضي الاعتقال والتعذيب، بل حتى الاغتيال، فور عودتهم إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.

لقد أثبتت دمشق مرارًا وتكرارًا عدم استعدادها للانخراط في عملية سياسية حقيقية، بل تفضل التلاعب بالأدوات القانونية والسياسية لتأجيل أي حل فعلي، مع الاستمرار في تعزيز سلطتها عبر القوة العسكرية والدعم الخارجي.

وتبقى قرارات الأمم المتحدة، مثل قرار مجلس الأمن 2254 الذي يدعو إلى وقف إطلاق النار والشروع في عملية انتقال سياسي، مجرد حبر على ورق بالنسبة للنظام، إذ يرفض الالتزام بأي مسار يؤدي إلى انتقال للسلطة، ويرفض إجراء أي تغييرات هيكلية في مؤسسات الدولة، لا سيما بعد فقدانه جزءًا كبيرًا من سيادته لصالح حلفائه الأجانب.

وفي ظل هذه المعطيات، يجب على المجتمع الدولي أن يدرك أن هذه المراسيم التي يصدرها الأسد ليست سوى محاولات يائسة للتهرب من متطلبات الحل السياسي. إن الاستمرار في منح النظام المزيد من الفرص لتغيير سلوكه لا يعدو كونه إضاعة للوقت ويزيد من معاناة الشعب السوري.

لا بد للمجتمع الدولي من اتخاذ موقف أكثر حزمًا، وربط أي تعامل مع دمشق بإحراز تقدم ملموس في العملية السياسية، بما في ذلك الشروع في انتقال سياسي يضمن حقوق جميع السوريين ويحقق العدالة والمحاسبة.

لا يمكن لسوريا الخروج من دوامة الحرب والمعاناة دون حل سياسي شامل يستند إلى قرارات الأمم المتحدة. ويجب أن يشمل هذا الانتقال السياسي تشكيل هيئة حكم انتقالي تتمتع بكامل الصلاحيات التنفيذية، بحيث تمثل جميع مكونات الشعب السوري، وتتمكن من تنظيم انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة. وفي غياب هذه التدابير، ستبقى سوريا غارقة في الفوضى، وسيستمر النظام في استخدام الأدوات القانونية والسياسية للتلاعب بمصير الشعب السوري.

الشعب السوري، الذي ناضل لسنوات من أجل حقوقه الأساسية في الحرية والكرامة والعدالة، لن يقبل بحلول جزئية أو تسويات. ما يتطلبه الوضع هو عملية سياسية حقيقية تنهي معاناة ملايين السوريين داخل البلاد وخارجها، وتضع حدًا للسياسات المنهجية التي ينتهجها النظام في القمع والاعتقال التعسفي والتعذيب. وكلما طال تأخير الحل السياسي، ازدادت الأزمات الإنسانية تفاقمًا.

في نهاية المطاف، يبقى الحل السياسي المسار الوحيد لاستعادة السلام في سوريا وضمان استقرارها. فلا يمكن للنظام أن يواصل الاعتماد على مراسيم العفو لتأجيل سقوطه المحتوم، كما لا يجوز للمجتمع الدولي أن يظل صامتًا إزاء هذه المحاولات البائسة.

يجب على جميع الأطراف المعنية، محليًا ودوليًا، أن تتحمل مسؤولياتها بجدية، وأن تعمل بإخلاص لتحقيق حل سياسي عادل ومستدام يضمن حقوق جميع السوريين، ويعيد بناء الدولة على أسس ديمقراطية.

 

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الشعب السوری

إقرأ أيضاً:

في ظل الحكم الجديد في سوريا.. هل تولد نسخةٌ مطورة من “داعش”..!

 

 

الجديد برس|

 

تشهد الساحة السورية مؤخراً تحركات مقلقة تشير إلى عودة تنظيم «داعش» إلى واجهة المشهد الأمني، بعد سنوات من التراجع.

 

وفي ظل الحكم الجديد في سوريا والذي كان جزءاً من هذه الدائرة المتطرفة فإن المخاوف تتحول الى استقراء لما يمكن ان تمثله الوضع القائم في سوريا من بيئة مناسبة ليس لعودة التنظيم فحسب بل لولادة نسخة ارهابية مطورة منه .

 

فبحسب تقييمات أممية وأميركية، بدأ التنظيم المتطرف بإظهار نشاط متجدد، شمل تصعيداً في عدد الهجمات وتجنيد مقاتلين جدد، ما أعاد إشعال المخاوف من زعزعة استقرار بلد لم يتعافَ بعدُ من أزمات عقد كامل من الحرب والاضطرابات السياسية، وفق تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز».

 

وتستغل واشنطن هذا التطورات لمضاعفة وجودها العسكري في سوريا، ليصل إلى نحو 2000 جندي، بعد ان كانت تدعي ان ستتقلص وجودها العسكري في المنطقة .

 

ونفذت واشنطن عدة ضربات جوية استهدفت أوكار التنظيم في مناطق صحراوية. إلا أن المحللين يرون أن هذه التحركات لن تكون كافية إذا لم يتم التعامل مع التهديد من جذوره، لا سيما أن التنظيم لا يزال يحتفظ بكنز استراتيجي، يتمثل في آلاف المقاتلين المتشددين المحتجزين في سجون شمال شرقي سوريا.

 

وتحذر التقارير من أن التنظيم يسعى لتحرير ما بين 9 آلاف و10 آلاف سجين من مقاتليه، بالإضافة إلى نحو 40 ألفاً من أفراد عائلاتهم المحتجزين في مخيمات، ما قد يمنحه دفعة معنوية ودعائية كبرى، ويعزز صفوفه بشدة.

 

ويصف كولين كلارك، رئيس قسم الأبحاث في مجموعة «سوفان»، هذه السجون بأنها خزان بشري قادر على إعادة تشكيل التنظيم بوجه أكثر صلابة.

 

وجاء في تقرير للاستخبارات الأميركية، عُرض أمام الكونغرس مؤخراً، أن التنظيم قد يستغل أي فراغ أمني يخلّفه تفكك النظام السوري أو انشغال خصومه، ليشن عمليات تهدف إلى إطلاق سراح عناصره واستعادة قدراته السابقة في التخطيط وتنفيذ الهجمات.

 

ووسط هذا المشهد المعقد، تظهر المؤشرات أن التنظيم المتطرف، المنبثق عن تنظيم «القاعدة» في العراق، لم يعد مجرد خطر من الماضي. ففي عام 2024 وحده، أعلن مسؤوليته عن نحو 294 هجوماً في سوريا، مقارنة بـ121 هجوماً في العام السابق، فيما قدرت لجنة المراقبة الأممية العدد بنحو 400، ما يعكس تصاعداً خطيراً في أنشطته.

 

ويعزز هذا التصعيد القلق من تكرار سيناريوهات دامية، خصوصاً أن التنظيم استعاد زخمه سابقاً مستغلاً فوضى الحرب الأهلية السورية، ليعلن دولته التي امتدت على مساحات واسعة من سوريا والعراق، وارتكب فيها فظائع وثقتها منظمات دولية.

 

وفي الشمال الشرقي من سوريا، حيث تُشرف قوات سوريا الديمقراطية على تأمين سجون ومخيمات مقاتلي التنظيم، ويتعرض الوضع الأمني لضغوط كبيرة بسبب هجمات ميليشيات مدعومة من تركيا.

 

وتُعد هذه السجون هدفاً محتملاً لهجمات جديدة، كما حدث في سجن الحسكة عام 2022، حين فرّ مئات السجناء قبل أن تتمكن القوات الخاصة الأميركية من دعم «قسد» في استعادة السيطرة.

 

وفي مخيم الهول، الذي يأوي نساء وأطفال مقاتلي التنظيم، تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن التنظيم بدأ يختبر حدود السيطرة مجدداً، في ظل حالة من الفوضى أعقبت تراجع النظام السوري وداعميه.

 

ويحذر كاوا حسن، الباحث في مركز «ستيمسون»، من أن أي ضعف في القوات الكردية سيخلق فراغاً، وتنظيم «داعش» هو الطرف الأكثر جاهزية للاستفادة من هذه الفوضى.

 

تتجلى اليوم الحاجة إلى استراتيجية شاملة لمعالجة الأسباب الجذرية لعودة التطرف، الذي تمثل خلفية النظام الجديد الحاكم في دمشق وارتباطاته احد أسبابها ، ولابد من التأكد من أن لا تتحول السجون والمخيمات إلى محطات انطلاق لنسخة أكثر عنفاً من تنظيمٍ لطالما كان العنوان الأبرز للفوضى والدمار والقتل في المناطق التي سيطر عليها في كل من العراق وسوريا .

 

مقالات مشابهة

  • محلل سياسي: مصر لها دور حقيقي في مساندة القضية الفلسطينية.. فيديو
  • من مشاركة الدفاع المدني في حملة إزالة رموز النظام البائد التي أطلقتها محافظة حلب
  • بن جامع:مستعدون للعمل مع جميع الدول الأعضاء ..و ازدهار سوريا ضروري لاستقرار المنطقة
  • وزير العمل: جاهزون لتوفير جميع فرص العمل التي يحتاجها الجانب اليوناني
  • ماذا نعرف عن جماعة أولي البأس التي ظهرت جنوب سوريا وهل هي فعلا ذراع جديد لإيران في المنطقة؟
  • في ظل الحكم الجديد في سوريا.. هل تولد نسخةٌ مطورة من “داعش”..!
  • طقس الغد: سديمي مغبر على الجزيرة وشرق سوريا مع هبات رياح قوية على أغلب المناطق
  • العفو الدولية: عمليات الإعدام تسجل أعلى مستوياتها في عقد... من هي الدول التي تتصدر القائمة؟
  • أهالي منطقة الحولة بريف حمص يعيدون بناء وترميم منازلهم التي دمرها النظام البائد
  • مراسلة سانا في حمص: العيادة مظلة رعاية شاملة طبية نفسية واجتماعية مخصصة لتقديم خدمة متكاملة لأهلنا المعتقلين السابقين في سجون النظام البائد