الجزيرة:
2024-10-15@09:22:19 GMT

جائزة نوبل التحذيرية

تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT

جائزة نوبل التحذيرية

مُنحت جائزة نوبل للسلام يوم الجمعة 11 أكتوبر/ تشرين الأوّل الجاري لمنظمة "نيهون هيدانكيو" اليابانية المناهضة للأسلحة النووية، التي تجمع ناجين من القصف الذرّي على هيروشيما وناغازاكي عام 1945، في وقت تهدد فيه دول بكسر هذا المحظور.
وقال رئيس لجنة نوبل النرويجية يورغن واتني فريدنيس لدى إعلانه اسم الفائز، إن اللجنة اختارت تكريم المنظمة "لجهودها المبذولة من أجل عالم خالٍ من الأسلحة النووية، ولإثباتها، عبر شهادات، أن الأسلحة النووية يجب ألا تُستخدم مجددًا بتاتًا".

ليس من باب الصدفة أن تقوم اللجنة بتقديم الجائزة لهذه الجمعية في هذا الوقت من تاريخ البشرية، الذي يترنح على وقع قرع طبول الحرب النووية. تُمنح جائزة نوبل "للذي بذل قصارى جهده لتعزيز أواصر الإخاء بين الأمم، وتسريح الجيوش أو خفض أعدادها الدائمة، وإنشاء هيئات أو مؤتمرات تروج للسلام".

فقد تأسست هذه الجمعية عام 1956 من مجموعة ناجين من القنبلتين الذريتين، وعملت على إظهار مخاطر التعرض لضربة نووية، محذرةً العالم من نشوب أي حرب مستقبلية؛ لأنها ستقضي حتمًا على حياة الملايين من البشر، إضافة إلى ما تتركه من آثار جانبية على الصحة والبيئة، وتشوهات جينية في الخلق لأجيال متعاقبة.

نالت هذه الجمعية الجائزة في وقت يبدو فيه العالم مقبلًا على حرب عالمية ثالثة غير تقليدية، بعدما تحوّلت مجموعة من الحروب القائمة إلى حرب وجودية أو استفزازية قد تدفع إلى استخدام تلك الأنواع من الأسلحة، أو حتى حروب تهدد أمن الدولة القومية.

شهدت الفترة الممتدة منذ عام 1945، أي منذ استخدام القنبلة الذرية لأول مرة، وحتى يومنا هذا عشرات الحروب بين الدول، وآلاف الاعتداءات ذات الطابع الدموي كما حصل في اعتداء 11 سبتمبر/ أيلول 2001 في الولايات المتحدة، إلا أن اللافت أن أي دولة لم تهدد باستخدام القنابل النووية، لا التكتيكية ولا الإستراتيجية، لإنهاء صراع قائم، رغم أن بعض الدول المتحاربة تمتلكها.

تُعرف أسلحة الدمار الشامل بأنها أسلحة "ردعية"، والهدف منها ليس الهجوم على العدو المفترض، بل تهديده أو ردعه عن الاستمرار في الحرب إذا شعرت الدولة التي تمتلكها بأن الحرب تشكل خطرًا حقيقيًا عليها. لهذا، تضع كل دولة تمتلك هذا النوع من الأسلحة ما يُعرف بـ"العقيدة النووية"، التي تحدد السبل المتاحة لاستخدامها، وتُبيّن حجمها إن كانت تكتيكية أم إستراتيجية.

تشهد الساحة الدولية تصاعدًا في الأزمات والصراعات، مما يثير قلق المجتمع الدولي، خاصة مع امتلاك بعض الدول المتورطة في هذه النزاعات أسلحة ردع متقدمة. وقد بدأت بعض القيادات في هذه الدول بالمطالبة بتعديل العقيدة النووية، ما يفتح الباب أمام احتمالية تبرير استخدام الأسلحة النووية لإنهاء الحروب القائمة.

تشهد الحرب الروسية الأوكرانية، التي قاربت دخول عامها الثالث، تطوّرات ميدانية خطيرة تمثلت في اقتحام القوات الأوكرانية مناطق داخل روسيا، وعلى رأسها منطقة كورسك واحتلالها، مما شكّل صدمة للقيادة الروسية، التي تُعدّ صاحبة أكبر ترسانة نووية في العالم.

لكن حديث الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن أن الدول الكبرى أصبحت قريبة من السماح لقواتها باستخدام الأسلحة لضرب العمق الروسي، اعتبرته موسكو تجاوزًا لكافة الخطوط الحمراء.

هذا التطور الميداني، مع التقارير التي تصل إلى روسيا بشأن الاندفاعة الغربية لإطلاق يد القوات الأوكرانية في استهداف مناطق حيوية روسية، دفع المسؤولين الروس إلى المطالبة بتعديل العقيدة النووية الروسية لتصبح أكثر مرونة، بما يسمح للجيش الروسي بضرب أوكرانيا ومن يدعمها بمثل هذه الأسلحة.

وتشير التقديرات إلى أن لجوء روسيا لاستخدام هذا النوع من الأسلحة قد يوسّع دائرة الحرب، لينتقل الصراع من الوكيل الأوكراني إلى الأصيل: حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الذي تمتلك بعض دوله، مثل فرنسا، أسلحة نووية. كما تنشر الولايات المتحدة مجموعة من القنابل النووية والصواريخ ذات الرؤوس النووية في عدة دول أوروبية، مما دفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى نشر ترسانة نووية في بيلاروسيا.

تُعرف منطقة الشرق الأوسط اليوم بأنها منطقة ساخنة، إذ تتدحرج الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس في قطاع غزة. فقد نفذت الحركة عملية نوعية أطلقت عليها "طوفان الأقصى"، مما دفع إسرائيل إلى فتح حرب توسعت لمناطق أخرى.

ويبدو أن الساحة اللبنانية أيضًا ترزح تحت وقع حرب إسرائيلية همجية ترتفع فيها أعداد القتلى والجرحى بسرعة. خطورة هذه الحرب وصلت إلى إيران بعد أن قصفت بمئات الصواريخ الباليستية كافة الأراضي الإسرائيلية. وقد توعدت الحكومة الإسرائيلية المصغرة بردّ قاسٍ على هذه الهجمات.

في ضوء هذا التصعيد، ارتفعت أصوات من داخل البرلمان الإيراني تطالب المرشد الأعلى بتعديل العقيدة النووية لإيران، التي تنطلق من أسس دينية عبّر عنها المرشد الأعلى بأن هذه الأسس لا تسمح بامتلاك القنبلة النووية.

لكن سير الحرب والتصعيد المستمر دفع وكالات الاستخبارات الدولية إلى إطلاق تقارير تتحدث عن أن إيران باتت قاب قوسين من صناعة القنبلة. وتؤكد التقارير أن إيران قادرة على الرد بسرعة إذا تعرضت مفاعلاتها النووية لأي هجوم، من خلال تحميل بعض صواريخها الباليستية برؤوس نووية (محلية الصنع أو روسية). ويُذكر أن إيران وروسيا وسّعتا إستراتيجية التعاون والدفاع العسكري إلى أقصى حد خلال زيارة بوتين الأخيرة إلى طهران.

لا توجد خطوط حمراء للوقوع في فخ الحرب النووية بين الكوريتين، حيث وصلت الاستفزازات ذروتها، سواء من خلال المناطيد المحملة بالنفايات، أو قطع  كوريا الشمالية جميع الطرق والسكك الحديدية المرتبطة مع جارتها، في تطور غير مسبوق منذ سنوات.

كل هذه العلامات والدلالات تشير إلى أن الانزلاق إلى حرب نووية قد يكون وشيكًا، وأن هذه الحرب قابلة للتوسع مع الانقسام العالمي الحالي، مما يرفع من احتمال وقوع حرب نووية شاملة. في ظل التخوف من هذا السيناريو المأساوي الذي يتحضر له العالم، يبقى السؤال: هل سيدخل العالم مرحلة الحرب النووية؟ وهل ستبقى هناك لجنة نوبل لتمنح جائزتها لجمعية تنذر العالم بمخاطر الحروب النوويّة؟

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات العقیدة النوویة من الأسلحة التی ت

إقرأ أيضاً:

جائزة نوبل في الاقتصاد تذهب إلى 3 باحثين في مجال تحقيق الازدهار

عواصم - رويترز

أعلنت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم اليوم الاثنين فوز دارون عجم أوغلو وسايمون جونسون وجيمس روبنسون،المقيمين في الولايات المتحدة، بجائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2024 "لدراساتهم حول كيفية تشكيل المؤسسات وتأثيرها على الازدهار".

وهذه الجائزة المرموقة هي الأخيرة التي يتم الإعلان عنها هذا العام وتبلغ قيمتها 11 مليون كرونة سويدية (1.1 مليون دولار).

وقال جاكوب سفينسون رئيس لجنة جائزة العلوم الاقتصادية "تقليص الفوارق الشاسعة في الدخل بين البلدان أحد أكبر التحديات في عصرنا. وقد أظهر الفائزون أهمية المؤسسات المجتمعية لتحقيق ذلك".

وذكر المنظمون "المجتمعات التي تقدم أداء ضعيفا فيما يتعلق بسيادة القانون والمؤسسات وتستغل السكان لا تحقق أي نمو أو تغيير نحو الأفضل".

ويعمل عجم أوغلو وجونسون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، بينما يعمل روبنسون في جامعة شيكاجو.

واشترك عجم أوغلو وجونسون في إعداد كتاب يستعرض الوسائل التكنولوجية عبر العصور، والذي أظهر دور التقدم التكنولوجي في توفير فرص عمل ونشر الثراء.

جائزة نوبل في الاقتصاد ليست إحدى الجوائز الأصلية مثل العلوم والآداب والسلام التي أُطلقت بناء على وصية مخترع الديناميت ورجل الأعمال ألفريد نوبل ومنحت لأول مرة في عام 1901، ولكن البنك المركزي السويدي هو من استحدثها في عام 1968.

مقالات مشابهة

  • جائزة «نوبل» للاقتصاد من نصيب 3 علماء أمريكيين
  • الكرملين يعلّق على مناورات حلف الناتو النووية
  • جائزة نوبل في الاقتصاد تذهب إلى ثلاثة باحثين.. من هم؟
  • جائزة نوبل في الاقتصاد تذهب إلى 3 باحثين في مجال تحقيق الازدهار
  • بعد الخسائر التي مُني بها حزب الله.. هل تستطيع إيران المّهددة أن تحصل على قنبلة نووية؟
  • الفائزون بجائزة نوبل للسلام يحذرون من تزايد خطر نشوب حرب نووية
  • المنظمة الفائزة بنوبل السلام تحذّر: تزايد خطر اندلاع حرب نووية
  • رئيس الوزراء الياباني يدعو إلى اتخاذ نهج واقعي بشأن إزالة الأسلحة النووية
  • غوتيريش: الأسلحة النووية لا تزال تهدد الإنسانية