الجزيرة:
2025-03-11@01:27:58 GMT

جائزة نوبل التحذيرية

تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT

جائزة نوبل التحذيرية

مُنحت جائزة نوبل للسلام يوم الجمعة 11 أكتوبر/ تشرين الأوّل الجاري لمنظمة "نيهون هيدانكيو" اليابانية المناهضة للأسلحة النووية، التي تجمع ناجين من القصف الذرّي على هيروشيما وناغازاكي عام 1945، في وقت تهدد فيه دول بكسر هذا المحظور.
وقال رئيس لجنة نوبل النرويجية يورغن واتني فريدنيس لدى إعلانه اسم الفائز، إن اللجنة اختارت تكريم المنظمة "لجهودها المبذولة من أجل عالم خالٍ من الأسلحة النووية، ولإثباتها، عبر شهادات، أن الأسلحة النووية يجب ألا تُستخدم مجددًا بتاتًا".

ليس من باب الصدفة أن تقوم اللجنة بتقديم الجائزة لهذه الجمعية في هذا الوقت من تاريخ البشرية، الذي يترنح على وقع قرع طبول الحرب النووية. تُمنح جائزة نوبل "للذي بذل قصارى جهده لتعزيز أواصر الإخاء بين الأمم، وتسريح الجيوش أو خفض أعدادها الدائمة، وإنشاء هيئات أو مؤتمرات تروج للسلام".

فقد تأسست هذه الجمعية عام 1956 من مجموعة ناجين من القنبلتين الذريتين، وعملت على إظهار مخاطر التعرض لضربة نووية، محذرةً العالم من نشوب أي حرب مستقبلية؛ لأنها ستقضي حتمًا على حياة الملايين من البشر، إضافة إلى ما تتركه من آثار جانبية على الصحة والبيئة، وتشوهات جينية في الخلق لأجيال متعاقبة.

نالت هذه الجمعية الجائزة في وقت يبدو فيه العالم مقبلًا على حرب عالمية ثالثة غير تقليدية، بعدما تحوّلت مجموعة من الحروب القائمة إلى حرب وجودية أو استفزازية قد تدفع إلى استخدام تلك الأنواع من الأسلحة، أو حتى حروب تهدد أمن الدولة القومية.

شهدت الفترة الممتدة منذ عام 1945، أي منذ استخدام القنبلة الذرية لأول مرة، وحتى يومنا هذا عشرات الحروب بين الدول، وآلاف الاعتداءات ذات الطابع الدموي كما حصل في اعتداء 11 سبتمبر/ أيلول 2001 في الولايات المتحدة، إلا أن اللافت أن أي دولة لم تهدد باستخدام القنابل النووية، لا التكتيكية ولا الإستراتيجية، لإنهاء صراع قائم، رغم أن بعض الدول المتحاربة تمتلكها.

تُعرف أسلحة الدمار الشامل بأنها أسلحة "ردعية"، والهدف منها ليس الهجوم على العدو المفترض، بل تهديده أو ردعه عن الاستمرار في الحرب إذا شعرت الدولة التي تمتلكها بأن الحرب تشكل خطرًا حقيقيًا عليها. لهذا، تضع كل دولة تمتلك هذا النوع من الأسلحة ما يُعرف بـ"العقيدة النووية"، التي تحدد السبل المتاحة لاستخدامها، وتُبيّن حجمها إن كانت تكتيكية أم إستراتيجية.

تشهد الساحة الدولية تصاعدًا في الأزمات والصراعات، مما يثير قلق المجتمع الدولي، خاصة مع امتلاك بعض الدول المتورطة في هذه النزاعات أسلحة ردع متقدمة. وقد بدأت بعض القيادات في هذه الدول بالمطالبة بتعديل العقيدة النووية، ما يفتح الباب أمام احتمالية تبرير استخدام الأسلحة النووية لإنهاء الحروب القائمة.

تشهد الحرب الروسية الأوكرانية، التي قاربت دخول عامها الثالث، تطوّرات ميدانية خطيرة تمثلت في اقتحام القوات الأوكرانية مناطق داخل روسيا، وعلى رأسها منطقة كورسك واحتلالها، مما شكّل صدمة للقيادة الروسية، التي تُعدّ صاحبة أكبر ترسانة نووية في العالم.

لكن حديث الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن أن الدول الكبرى أصبحت قريبة من السماح لقواتها باستخدام الأسلحة لضرب العمق الروسي، اعتبرته موسكو تجاوزًا لكافة الخطوط الحمراء.

هذا التطور الميداني، مع التقارير التي تصل إلى روسيا بشأن الاندفاعة الغربية لإطلاق يد القوات الأوكرانية في استهداف مناطق حيوية روسية، دفع المسؤولين الروس إلى المطالبة بتعديل العقيدة النووية الروسية لتصبح أكثر مرونة، بما يسمح للجيش الروسي بضرب أوكرانيا ومن يدعمها بمثل هذه الأسلحة.

وتشير التقديرات إلى أن لجوء روسيا لاستخدام هذا النوع من الأسلحة قد يوسّع دائرة الحرب، لينتقل الصراع من الوكيل الأوكراني إلى الأصيل: حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الذي تمتلك بعض دوله، مثل فرنسا، أسلحة نووية. كما تنشر الولايات المتحدة مجموعة من القنابل النووية والصواريخ ذات الرؤوس النووية في عدة دول أوروبية، مما دفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى نشر ترسانة نووية في بيلاروسيا.

تُعرف منطقة الشرق الأوسط اليوم بأنها منطقة ساخنة، إذ تتدحرج الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس في قطاع غزة. فقد نفذت الحركة عملية نوعية أطلقت عليها "طوفان الأقصى"، مما دفع إسرائيل إلى فتح حرب توسعت لمناطق أخرى.

ويبدو أن الساحة اللبنانية أيضًا ترزح تحت وقع حرب إسرائيلية همجية ترتفع فيها أعداد القتلى والجرحى بسرعة. خطورة هذه الحرب وصلت إلى إيران بعد أن قصفت بمئات الصواريخ الباليستية كافة الأراضي الإسرائيلية. وقد توعدت الحكومة الإسرائيلية المصغرة بردّ قاسٍ على هذه الهجمات.

في ضوء هذا التصعيد، ارتفعت أصوات من داخل البرلمان الإيراني تطالب المرشد الأعلى بتعديل العقيدة النووية لإيران، التي تنطلق من أسس دينية عبّر عنها المرشد الأعلى بأن هذه الأسس لا تسمح بامتلاك القنبلة النووية.

لكن سير الحرب والتصعيد المستمر دفع وكالات الاستخبارات الدولية إلى إطلاق تقارير تتحدث عن أن إيران باتت قاب قوسين من صناعة القنبلة. وتؤكد التقارير أن إيران قادرة على الرد بسرعة إذا تعرضت مفاعلاتها النووية لأي هجوم، من خلال تحميل بعض صواريخها الباليستية برؤوس نووية (محلية الصنع أو روسية). ويُذكر أن إيران وروسيا وسّعتا إستراتيجية التعاون والدفاع العسكري إلى أقصى حد خلال زيارة بوتين الأخيرة إلى طهران.

لا توجد خطوط حمراء للوقوع في فخ الحرب النووية بين الكوريتين، حيث وصلت الاستفزازات ذروتها، سواء من خلال المناطيد المحملة بالنفايات، أو قطع  كوريا الشمالية جميع الطرق والسكك الحديدية المرتبطة مع جارتها، في تطور غير مسبوق منذ سنوات.

كل هذه العلامات والدلالات تشير إلى أن الانزلاق إلى حرب نووية قد يكون وشيكًا، وأن هذه الحرب قابلة للتوسع مع الانقسام العالمي الحالي، مما يرفع من احتمال وقوع حرب نووية شاملة. في ظل التخوف من هذا السيناريو المأساوي الذي يتحضر له العالم، يبقى السؤال: هل سيدخل العالم مرحلة الحرب النووية؟ وهل ستبقى هناك لجنة نوبل لتمنح جائزتها لجمعية تنذر العالم بمخاطر الحروب النوويّة؟

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات العقیدة النوویة من الأسلحة التی ت

إقرأ أيضاً:

مسؤول سوداني: النساء يمثلن 98% من الأسر التي تعاني أوضاعًا قاسية

أكد مسؤول بحكومة ولاية الخرطوم، ضرورة توفيق أوضاع مراكز الإيواء وزيادة المساحات الآمنة باستخدام منهجية صحيحة لمعالجة أوضاع المتأثرين.

الخرطوم: التغيير

قال مدير عام وزارة التنمية الاجتماعية بولاية الخرطوم صديق حسن فريني، إن النساء يمثلن 98% من الأسر التي تعاني أوضاعًا قاسية، مما يستدعي تكثيف الجهود لدعمهن عبر برامج مكافحة الفقر والتنمية المجتمعية.

وعانت مناطق العاصمة السودانية الخرطوم من أوضاع قاسية عقب اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف ابريل 2023م، والتي خلفت آلاف القتلى والجرحى وأدت لانهيار البنية الاقتصادية.

وتحدث فريني اليوم السبت في المنبر التنويري الدوري الأول بالولاية نظمته وكالة السودان للأنباء (سونا) بأم درمان، لمناقشة دور العمل الاجتماعي والإنساني في ظل الحرب.

وأشار فريني، إلى جهود وزارته في دعم الفئات الأكثر تأثراً بالحرب، لا سيما الأطفال، المسنين، والنساء، خاصة في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة.

ونبه إلى أهمية دور التكايا في توفير الخدمات الأساسية للمواطنين، وشدد على ضرورة تعزيز الدعم والتكامل لتحقيق الاستقرار بولاية الخرطوم.

واستعرض فريني جهود الوزارة في دعم صندوق تشغيل الخريجين، بما يسهم في خلق فرص عمل وتحسين أوضاع الشباب.

وأكد أن وزارة التنمية الاجتماعية، رغم تأثرها بالحرب، تواصل أداء مهامها من خلال إدارة ثمانية دور إيواء.

وأشار إلى أن أول إصابة في الحرب كانت من أطفال المدينة الاجتماعية، التي كانت بجوار المدينة الرياضية.

وأضاف أن الوزارة أسهمت في تقديم الدعم النفسي للمتضررين حتى بعد الحرب، خاصة خلال فترات الامتحانات.

ونوه إلى تأثير الحرب على الأشخاص ذوي الإعاقة، وشدد على ضرورة توفيق أوضاع مراكز الإيواء وزيادة المساحات الآمنة في الخرطوم باستخدام منهجية صحيحة لمعالجة أوضاع المتأثرين.

وأعلن فريني أن والي الخرطوم وافق على إعادة تشغيل مؤسسة التنمية الاجتماعية، وأكد استعادة قاعدة البيانات، ولفت إلى افتتاح بنك الادخار غدًا، بهدف تقديم خدماته للفئات الفقيرة استجابةً لواقع الحرب.

وأوضح أن الوزارة التزمت بتقديم أفضل الخدمات لمراكز الإيواء، حيث تم وضع لائحة لتنظيم عملها، إلى جانب تأسيس شراكات حقيقية لضمان الشفافية في إدارتها.

الوسومالجيش الحرب الخرطوم الدعم السريع السودان تشغيل الخريجين صديق حسن فريني وزارة التنمية الاجتماعية

مقالات مشابهة

  • جائزة نوبل 1915… لماذا استحق ويليام هنري براغ التكريم
  • رمضان يخفف من قساوة التحديات التي يواجهها رواد الأعمال السودانيون
  • ألمانيا: ميرتس يسعى للتواصل مع فرنسا والمملكة المتحدة بشأن "تقاسم الأسلحة النووية"
  • ألمانيا تخطط لتواصل مع فرنسا والمملكة المتحدة بشأن تقاسم الأسلحة النووية
  • مسؤول سوداني: النساء يمثلن 98% من الأسر التي تعاني أوضاعًا قاسية
  • شركة أسلحة تركية ساعدت في تأجيج الحرب الأهلية الوحشية في السودان، قامت بتهريب الأسلحة سرًا إلى الجيش السوداني وفقًا للسجلات
  • أعضاء في الكونغرس يعملون على حظر مبيعات الأسلحة للإمارات.. ما فرص نجاحه؟
  • أعضاء في الكونغرس يعملون على حظر مبيعات الأسلحة للإمارات.. ما فرص نجاحها؟
  • أعضاء في الكونغرس يعملون على مشاريع لحظر مبيعات الأسلحة الأمريكية للإمارات.. ما فرص نجاحها؟
  • أحمد ياسر يكتب: دراما الحرب بالوكالة في أوكرانيا