نشرت صحيفة "إيكونوميست" تقريرًا يسلط الضوء على محاولة روسيا الاستيلاء على منجم فحم حيوي في أوكرانيا بهدف شل صناعة الصلب في البلاد، مشيرًا إلى الإجراءات التي قد تتخذها روسيا لتحقيق أهدافها، من قطع إمدادات الكهرباء وحتى تدمير الطرق الحيوية التي تربط المنجم بمصانع الصلب الأوكرانية. 

وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21" إن القوات الروسية تقترب أكثر فأكثر من مدينة بوكروفسك الشرقية، والتي توشك أن تشهد معركة واسعة النطاق، فقد تم حفر خطوط دفاعية جديدة إلى الغرب من المدينة، وتأمل القوات الأوكرانية في حال هزيمتها أن تتراجع إليها.



ويبعد الروس الآن بالكاد ثمانية كيلومترات عن الضواحي الشرقية لبوكروفسك، لكن هدفهم لا يقتصر على هذا الطريق الإستراتيجي وتقاطع السكك الحديدية، فجوهرة تاج بوكروفسك هو منجم حديث ضخم على بعد 15 دقيقة بالسيارة إلى الجنوب الغربي، ويقع خارج قرية أوداتشني مباشرة، ويطل على الحقول المحيطة به، وقد سقط أول ضحايا الحرب فيه خلال الشهر الماضي عندما قُتلت امرأتان في هجوم عليه.

وتم إنشاء منطقة دونباس الصناعية في أواخر القرن التاسع عشر عندما كانت جزءًا من الإمبراطورية الروسية وعندما تم اكتشاف أنها تقع على طبقات غنية من الفحم، وكانت هذه الطبقات هي التي تغذي صناعات الحديد والصلب بعد ذلك، وعندما خسرت أوكرانيا نصف دونباس في سنة 2014، كان فقدان المناجم هناك يعني خسارة 80 بالمئة من مخزون الفحم، وفي سنة 2022، أثناء حصار ماريوبول، تم تدمير مصنعي الصلب الموجودين في المدينة، مما أدى إلى تدمير صناعة الصلب في أوكرانيا. 

لكن منجم بوكروفسك أبعد ما يكون عن كونه أثرًا سوفيتيًا قديمًا متهالكًا، فقد تم افتتاحه في سنة 1990 وهو الآن ملك لشركة ميتنفيست وهي شركة مملوكة لرينات أحمدوف، أحد أغنى رجال أوكرانيا. وتمتلك شركة ميتنفيست أيضًا مصنعي ماريوبول للصلب، وأحد أكبر مصانع إنتاج فحم الكوك في أوروبا في أفدييفكا، والذي تم تدميره السنة الماضية، وتواجه الشركة الآن احتمالية خسارة هذا المنجم أيضًا.



وأشارت الصحيفة إلى أن الإدارة الروسية تستهدف أصول السيد أحمدوف بهدف الانتقام إلى جانب هدفها بتقويض الاقتصاد الأوكراني، فحتى سنة 2014 كان رجل الأعمال لاعبًا سياسيًا واقتصاديًا رئيسيًا في دونباس وأوكرانيا، ولا شك أن الكرملين كان يعتقد أنه سيقف إلى جانب روسيا، ولكن عندما انحاز إلى أوكرانيا، رأوا في ذلك خيانة واستولوا على ممتلكاته. 

وتوظف مجموعة مناجم بوكروفسك 6,000 شخص، منهم حوالي 1,000 شخص يخدمون حاليًا في القوات المسلحة، وهو أكبر منجم لفحم الكوك في أوكرانيا، ويُعد فحمه المستخدم في صهر خام الحديد أمرًا حيويًا لما تبقى من صناعة الصلب في البلاد، وتخطط شركة ميتنفيست لاستخراج 5.3 ملايين طن من الفحم هناك خلال السنة الجارية. وفي سنة 2023، أنتجت مصانع الصلب في أوكرانيا 6.2 ملايين طن من الصلب الخام، لكنها كانت تنتج 21.4 مليون طن قبل خسارة مصنعي ماريوبول، وقد احتلت أوكرانيا المرتبة 14 بين أكبر منتجي الصلب في العالم في سنة 2021، لكنها تراجعت إلى المرتبة 24 السنة الماضية.

وبحسب المحلل أندريه بوزاروف، فإن الروس لا يحتاجون إلى الاستيلاء على المنجم لخنق ما تبقى من صناعة الصلب في أوكرانيا، فمع تقدمهم، سيحاولون قطع إمدادات الطاقة وقصف الطريق الرئيسي الذي ينقل الفحم غربًا إلى مصانع الصلب المتبقية، كما يعتقد أنهم سيفعلون الشيء نفسه في منجم آخر أصغر لفحم الكوك على بعد 18 كم شمال أوداتشني في دوبروبيليا.

وأوضحت الصحيفة أن الصلب كان يمثل ثلث صادرات أوكرانيا قبل بدء الحرب، ومنذ ذلك الحين، انكمش الاقتصاد بمقدار الثلث. ووفقًا لأوليكساندر كالينكوف، رئيس شركة "أوكرميتالورغبروم"، وهي مجموعة ضغط في مجال صناعة المعادن، فإن فقدان فحم الكوك في بوكروفسك سيؤدي إلى خسارة كارثية أخرى في إنتاج الصلب.

وقال يوري ريجينكوف، الرئيس التنفيذي لشركة ميتنفيست، في مقابلة مع مجلة فوربس أوكرانيا في أيلول/سبتمبر، إن الشركة لو فقدت منجم بوكروفسك ستبقى قادرة على الحصول على بعض فحم الكوك محليًا؛ ولكنها ستضطر إلى استيراد الباقي، مما سيجعل الصلب الأوكراني باهظ الثمن بالنسبة لبعض الأسواق، وهو بالتالي ما سيؤدي إلى خسارة كبيرة للصناعة والحكومة، وأشار ريجينكوف إلى أن البعض يقول: إن خسارة ماريوبول لم تؤثر على أوكرانيا، ولكن هذا غير صحيح، فقد خسرت البلاد
جزءًا كبيرًا من ناتجها المحلي الإجمالي، وكل ما في الأمر أن التمويل الذي يقدمه الشركاء يجعل عجز الميزانية غير واضح للعيان.


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية روسيا منجم فحم روسيا اوكرانيا منجم فحم صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة صناعة الصلب فی فی أوکرانیا فی سنة

إقرأ أيضاً:

روسيا: السجن 21 عاماً لمتهم بالتجسس لصالح أوكرانيا

حكمت محكمة روسية على أحد سكان مدينة سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو، بالسجن 21 عاماً لإدانته بتهمة "الخيانة العظمى" لصالح أوكرانيا، على ما أعلنت أجهزة الأمن الروسية اليوم الإثنين.

منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، تزايدت بشكل كبير محاكمات جرائم "التخريب" أو "الخيانة" أو "الإرهاب" أو "التجسس"، والتي تنتهي بشكل عام بصدور أحكام مشددة، وهي وسيلة للحد من الاحتجاج على الهجوم.

وجنّدت أجهزة الاستخبارات الأوكرانية هذا الشخص في عام 2022، ودين بنقل معلومات إلى كييف تتعلق بموقع الوحدات العسكرية الروسية في سيفاستوبول، مقر أسطول البحر الأسود الروسي، وفق ما نقلت وكالات أنباء روسية عن الفرع الإقليمي لجهاز الأمن الفدرالي (أف أس بي).

وبحسب المحققين، فإن الرجل الذي لم يتم الكشف عن عمره، كان يستعد أيضاً لإحراق مبنى إداري في هذه المدينة وخضع لتدريبات لهذا الغرض، قبل أن يعتقله جهاز الأمن الفدرالي.

ولهذه الأسباب، حكمت عليه المحكمة العسكرية الإقليمية الجنوبية في روستوف أون دون (جنوب) بالسجن 21 عاماً، بحسب بيان  لجهاز الأمن.

ومنذ بدء الهجوم الروسي في أوكرانيا مطلع العام 2022، تعرض آلاف الأشخاص للعقوبات أو التهديد أو السجن في روسيا بسبب معارضتهم للنزاع.

مقالات مشابهة

  • الناتو: لن ترهبنا تهديدات روسيا وسنواصل دعم أوكرانيا
  • لماذا تريد روسيا الاستيلاء على منجم للفحم في أوكرانيا؟
  • روسيا: الدول الغربية تواصل دعم أوكرانيا
  • روسيا: السجن 21 عاماً لمتهم بالتجسس لصالح أوكرانيا
  • اقتصاد مصر والشرق الأوسط سيتعافى رغم التضخم والتوترات الجيوسياسية
  • روسيا تواصل التقدم في شرق أوكرانيا
  • التموين: روسيا تحاول مجابهة التضخم واحتياطى القمح يكفى 5 أشهر
  • روسيا تعلن السيطرة على بلدة جديدة في شرق أوكرانيا
  • أوكرانيا: روسيا تشن 329 هجوما على إقليم زابوروجيا أخر 24 ساعة