“جوجل تكشف أداة جديدة لصنع الصور بالذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT
شمسان بوست / متابعات:
أعلنت غوغل أنها ستوفر لمستخدمي Gemini أداة Imagen 3 المحدّثة، والتي يمكن من خلالها إنشاء الصور بالاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وأشارت غوغل على مواقعها إلى أن أداة Imagen 3 المحدّثة ستكون متاحة لجميع المشتركين في خدمات Gemini، وأنها ستوفر للمستخدمين خيارات مميزة في صنع الصور تبعا لاحتياجاتهم.
ووفقا لغوغل فإن Imagen 3 يتميز بثلاثة جوانب أساسية: أولا، يوفر للمستخدم جودة صورة مذهلة. وثانيا يعطي الصور تأثيرات بصرية واقعية وتفاصيل بألوان مشرقة. والأمر الثالث هو أنه يوفر للمستخدم عدة خيارات لصنع الصورة، مثل أن تكون شبيهة بلوحات الألوان الزيتية أو أن تكون شبيهة بالصور الرقمية التي تصمم بالذكاء الاصطناعي.
ولإنشاء الصور باستخدام الأداة الجديدة يجب على المستخدم استعمال أوامر مكتوبة، مثل “رسم” أو “إنشاء”، وإرفاق هذه الأوامر بمعلومات مفصلة حول الصورة التي يريد صنعها، لتقوم الأداة بعدها بصنع الصورة وفقا لرغباته.
وأشارت غوغل إلى أن الأداة ستكون متوفرة لمستخدمي اشتراكات Gemini غير المدفوعة، لكنها لن تؤمن لهذه الفئة من المستخدمين إمكانية صنع صور للأشخاص، أما مستخدمي الخدمات المدفوعة مثل Gemini Advanced وBusiness وEnterprise فستتوفر لهم خيارات إضافية، وستتاح لهم مساحات تخزين سحابية لحفظ الصور.
المصدر: شمسان بوست
إقرأ أيضاً:
الصورة والعمى .. كأن شيئًا ما قد مات!
« أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ ءَاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصرُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ»
من سورة الحج، الآية 64.
تعاظم اهتمامي بموضوع الصورة خلال الحرب على غزة، فقد كانت هذه الحرب الإبادية المدمرة في جهة منها مختبرًا حقيقيًا موحشًا للصور، هذا لمن يرقب المشهد من خارجه وليس لمن هو جزء من الحدث. الزخم الهائل للصور الوحشية وتدفقها السريع على مدار الساعة جعلني أتبيَّن حقيقةَ أننا واقعون -لا محالة- في أسر ما نراه على التلفزيونات والهواتف. ولا شك أننا، هذه المرة بالذات، بعد الحرب على غزة، ندخل في صراع حاسم مع البَصَريّ؛ فإما أن نسمح للصور التي تحتلُ المساحات العظمى من نظرنا بأن تمعن في تدجيننا أكثر مما فعلت طيلة أكثر من قرن منذ اختراع التصوير، وإما أن نجتهد قليلًا في مقاومتها عبر إمعان النظر واختراق طبقات الصورة المُجَمَّدة، كي نخضعها بوعينا إلى قراءة جديدة، غير حصرية ولا منتهية.ذلك يعني أن عصرًا جديدًا في تاريخ الصورة لا بدَّ أن يبدأ، عصرًا ننتقل فيه من مرحلة «الفُرجة» السلبية الكسولة الضجرة، حيث تعتاش الذاكرة على تلقي العيون إلى حد الإشباع، ومن دون تدخل، إلى مرحلة القراءة التي تغدو فيها الصورةُ نصًا. قراءة الصورة، مرةً ومرتين وثلاثًا، إلى أن يتمكن الرائي في اختراق تحصينات الصورة وأغشيتها السميكة، هي الحيلة. هكذا في اعتقادي بأنه يمكننا أن نقاوم العمى وهيمنة خطاب الصورة الدامغ والمضلل. من هنا يصبح بوسعنا أن نعطي الصورة أكثر مما نأخذ منها. لكن الاعتياد يبقى الخطر الأكبر الذي يشوب علاقتنا بالصورة ويعطّل حوافز التفكير فيها ويحد من قراءتها بوصفها نصًا لا ينضب. لم يكن تطبيق إنستجرام موجودًا، ولا شبكة الإنترنت التي نعرفها اليوم، حينما ألَّفت سوزان سونتاغ كتابها الشهير «حول الفوتوغراف» عام 1977، حيث كتبت عن اعتيادنا للصور إن «طبيعة المشاعر، بما فيها الغضب الأخلاقي، التي يستطيع الناس تجميعها كردِّ فعل على الصور الفوتوغرافية للمقموع، المُستَغلّ، الجائع، والمذبوح تعتمد أيضًا على درجة اعتيادهم على هذه الصور». فورًا تضرب سونتاغ مثالين من ذاكرة النصف الثاني للقرن العشرين: «صور دون ماكولين للبيافريين الهزيلين، في نيجيريا، بدايات السبعينيات، كان لها تأثير أقل في بعض الناس من صور ورنر بيشوف لضحايا المجاعة في الهند، بدايات الخمسينيات، لأن هذه الصور غدت عادية. ولا بدَّ أن صور عوائل الطوارق، المعرضين للموت جوعًا، والتي ظهرت في المجلات في كل مكان عام 1973، بدت للعديد من الناس لقطات لا تحتمل لمعرض صار مألوفًا من الوحشية». حين تتوقف سوزان سونتاغ، في سبعينيات القرن الماضي، للاستشهاد بصور تحكي هزال البيافريين في نيجيريا أو مأساة الطوارق الجوعى في الصحراء الإفريقية، فإن أمثلة سحيقة كهذه بمقايس اليوم، والتي التُقطت على الأغلب بجودة متواضعة يحدها تطور عدسات ذلك الزمان، وأغلب الظن أنها لم تكن ملونة، ستقودنا حتمًا لنتساءل عمَّا تبقى منها في ذاكرة الألم الإنساني، وعن مدى تأثيرها اليوم في الحساسية العامة بعد أن طُمِرت، خلال خمسين سنة من التصوير، تحت صور أكثر فحشًا وجرأة وفظاعة. يمكننا في البلاد العربية المعذبة أن نلتفت إلى أرشيفنا البصري المعاصر فحسب، الحافل بصنوف مختلفة من أشكال التعذيب والقتل والاغتيال والدمار والجوع والسغب والمرض والهزال وسوء التغذية، في ملايين من الصور ذات الجودة العالية ولقطات الفيديو الجريئة التي تقفز بجنون خارج أسوار اللغة ونعوتها واستعداداتها التقليدية للوصف والمجاز، فأين ستتبخر تلك الصور الوحشية من الحرب الأهلية اللبنانية، والتي حاول روبرت فيسْك كتابتها في كتابه «ويلات وطن» مستعينًا بالصور حين تُخفق اللغة؟ أين ستتخبر مشاهد سوق العرب العُمانيين جماعات إلى حُفر الذبح الكبيرة في ذلك الفِيلم المرتجل الذي سرَّبه مصور إيطالي إلى العالم عام 1964؟ وتحت أي طبقات من النسيان ستختفي الصور الفاحمة لمذبحة دير ياسين عشية النكبة؟ وفي أي درج ستخفي الولايات المتحدة تلك الصور المسربة من حفلات التعذيب في معتقل أبو غريب؟ وغيرها وغيرها من الفظاعات المصورة، هل يسعها كلما قشَّرنا بصلة الذاكرة أن تستفز غضبنا الأخلاقي اليوم أمام هول الإبادة المبثوثة بأعلى التقنيات وأفقع الألوان؟
من شريط الإبادة الطويل، على مدى عام ونصف العام، أريد فقط أن أحتفظ بالصورة الأخيرة للجسد، الطفل، العليل حتى الموت في سرير بمستشفى أبي يوسف النجار في رفح.. أريد فقط أن أحتفظ بصورة يزن الكفارنة الذي قتله الإسرائيليون عطشًا لرائحة الجلوكوز في الدم. تكفي صورة واحدة لكي أتذكر، وصور يزن كانت درسي لتجاوز النظر في الصورة إلى قراءتها نصًا أحفوريًا يتكشَّف كلما جددت النظر وأطلت التأمل.
كأن شيئًا ما قد مات.. أجل، من المؤكد أن شيئًا فطريًا في تكويننا الطينيّ الأول قد انتُهك مرارًا حتى الموت بفعل الكاميرات وإشعاع الصور المُحرق، وكأن حواسنا أصبحت على حين غفلة أقل ذكاءً مما كانت عليه بالأمس، لذا لا بدَّ أن أوصي أصدقائي المصورين بضرورة قراءة كتاب «حول الفوتوغراف» لسوزان سونتاغ، كي يدركوا على الأقل أي أسلحة فتَّاكة تلك التي يصوبونها نحونا في المحافل والأوقات السعيدة.
سالم الرحبي شاعر وكاتب عُماني