أعلنت كوريا الشمالية يوم 13 الجاري أن طائرات مسيرة من كوريا الجنوبية اخترقت مجالها الجوي، حاملة منشورات دعائية وحلقت فوق العاصمة بيونغ يانغ. ووفقًا لبيان صادر عن وزارة الدفاع الكورية الشمالية بثته وكالة الأنباء المركزية، فإن الطائرات دخلت المجال الجوي للشمال في 3 و9 و10 أكتوبر. وهددت بيونغ يانغ بالرد العسكري الساحق إذا تكررت مثل هذه الحوادث، مشيرة إلى أنها تعتبر هذه الاختراقات استفزازات عسكرية خطيرة.

الموقف الغامض لكوريا الجنوبية

ردت الحكومة الكورية الجنوبية على هذه الادعاءات بموقف متحفظ، حيث لم تؤكد أو تنفي صحة تلك المزاعم. وأوضح وزير الدفاع الكوري الجنوبي في تصريحاته الأولية أن الجيش الجنوبي لم يكن له أي تورط في مثل هذه الأنشطة. لكنه عاد ليقول إنه لا يمكن التحقق بشكل كامل من الحادثة، ما أثار تكهنات حول إمكانية أن تكون كوريا الشمالية قد دبرت هذه الحوادث بنفسها. هيئة الأركان المشتركة للجيش الكوري الجنوبي لم تؤكد بدورها صحة الادعاءات، ما ترك الوضع غامضًا وغير محسوم.

تهديدات متبادلة بالتصعيد العسكري

في ظل تصاعد التوترات، أطلقت كيم يو جونغ، شقيقة الزعيم الكوري الشمالي ونائبة مدير حزب العمال الحاكم، تحذيرات شديدة اللهجة، حيث توعدت كوريا الجنوبية بـ "كارثة مروعة" إذا تكررت هذه الحوادث. في المقابل، حذرت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية من أن أي هجوم يستهدف مواطنيها سيعتبر تهديدًا خطيرًا للنظام الكوري الشمالي، مشيرة إلى أن الرد العسكري سيكون حاسمًا.

دور المنظمات المدنية في إرسال الطائرات

تشير بعض التقارير إلى أن المنظمات المدنية في كوريا الجنوبية، وخاصة النشطاء في مجال حقوق الإنسان ومنظمات اللاجئين الكوريين الشماليين، قد تكون وراء إرسال الطائرات المسيرة. ومع ذلك، لم تعلن أي جهة رسمية أو غير رسمية مسؤوليتها عن هذه الأنشطة. يذكر أن تبادل المنشورات الدعائية بين الكوريتين ليس بالأمر الجديد، إذ سبق أن أطلقت منظمات مدنية كورية جنوبية بالونات عبر الحدود محملة برسائل معادية للنظام في الشمال.

التحضيرات العسكرية في كوريا الشمالية

في ظل هذه التطورات، أمرت كوريا الشمالية وحدات المدفعية القريبة من الحدود بالاستعداد لإطلاق النار على أي طائرة مسيرة أو جسم غريب يتم رصده في أجواء البلاد. كما أكدت القيادة العسكرية الكورية الشمالية استعدادها الكامل للتصعيد في حال رُصدت أي طائرات مسيرة كورية جنوبية في سماء كوريا الشمالية، مما يثير مخاوف من مواجهة عسكرية محتملة قد تؤدي إلى تفاقم الوضع في المنطقة.

تاريخ من التوترات المتصاعدة

تأتي هذه التطورات في سياق تزايد التوتر بين الكوريتين منذ مايو الماضي، حين بدأت كوريا الشمالية بإرسال بالونات محملة بالقمامة عبر الحدود ردًا على المنشورات الدعائية التي تطلقها منظمات في الجنوب. وعلى مدار الأشهر الماضية، تبادلت الدولتان الاتهامات والتهديدات، مما يرفع من حدة التوترات العسكرية بينهما ويثير مخاوف من تصعيد أكبر.


من جانبه قال الدكتور كمال دفع الله بخيت، المتخصص في الشأن الكوري، إن التوترات الحالية بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية تمثل تصعيدًا خطيرًا قد يؤدي إلى مواجهة عسكرية. وأوضح أن كوريا الشمالية تسعى لتعزيز موقفها باستخدام ادعاءات الطائرات المسيرة كأداة للضغط، خاصة بعد تعديل دستورها واعتبار كوريا الجنوبية "العدو الأول"، مما دفعها إلى قطع جميع الطرق البرية وخطوط السكك الحديدية التي تربط البلدين.

وأشار بخيت في تصريحات خاصة لـ "الفجر" إلى أن الحكومة الكورية الجنوبية تتبنى سياسة غامضة تهدف إلى تجنب التصعيد المباشر مع بيونغ يانغ، لكنها قد لا تكون كافية في مواجهة التهديدات الكورية الشمالية المتزايدة، والتي قد تتطور إلى أعمال عسكرية محدودة في أي لحظة.

تصعيد عسكري محتمل

وأضاف بخيت أن أوامر كوريا الشمالية لوحدات المدفعية بالاستعداد لمواجهة ما تعتبره تهديدات كورية جنوبية وأمريكية، تزيد من خطر التصعيد العسكري في شبه الجزيرة الكورية. وأكد على ضرورة أن يقيّم كلا الطرفين بعناية عواقب أي تصعيد محتمل، محذرًا من أن الأخطاء في الحسابات قد تؤدي إلى تداعيات كارثية.

انعكاسات على الاستقرار الإقليمي والدولي

وأكد الخبير أن الأزمة الحالية تتجاوز كونها مجرد نزاع عسكري، مشيرًا إلى أن استمرار التوترات سيؤثر بشكل كبير على الاستقرار الإقليمي والدولي. ودعا إلى تعزيز الحوار والتعاون بين الطرفين لتجنب أي تصعيد قد تكون له عواقب وخيمة على الأمن في المنطقة.

الحاجة إلى حلول دبلوماسية

واختتم المتخصص في الشأن الكوري، بالقول إن استمرار هذا الوضع دون حل يعكس الحاجة الملحة للبحث عن حلول فعالة تساهم في خلق بيئة أكثر أمانًا، بعيدًا عن الصراعات والتوترات المستمرة التي تهدد السلم في شبه الجزيرة الكورية.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: كوريا الشمالية كوريا الجنوبية الطائرات المسيرة

إقرأ أيضاً:

رئيس كوريا الجنوبية الموقوف يحضر أولى جلسات محاكمته بتهمة العصيان

مثل رئيس كوريا الجنوبية الموقوف عن العمل يون سوك يول، الخميس، أمام محكمة في العاصمة سول بعد انطلاق أولى جلسات محاكمته بتهمة العصيان، وذلك في أول محاكمة يشهدها البلد الآسيوي لرئيس حالي.

وكان الادعاء العام في كوريا الجنوبية وجهة اتهامات إلى يون بقيادة عصيان بسبب إعلانه فرض الأحكام العرفية لفترة وجيزة في مطلع شهر كانون الأول /ديسمبر الماضي.

وطالب ممثلو الادعاء بإجراءات سريعة نظرا لخطورة القضية، لكن المحامين قالوا إنهم بحاجة إلى مزيد من الوقت لمراجعة السجلات، وفقا لوكالة رويترز.


وقال أحد المحامين المدافعين عن يون للمحكمة إن موكله "لم يكن ينتوي شل حركة البلاد"، مضيفا أن إعلانه الأحكام العرفية كان يهدف إلى إخبار الرأي العام عن "الديكتاتورية التشريعية لحزب المعارضة الضخم".

وكان يون أعلن خلال مقابلة تلفزيونية فرض الأحكام العرفية في عموم البلاد، موضحا أن هذه الخطوة ضرورية "للقضاء على القوى الموالية لكوريا الشمالية" وللحفاظ على "الحرية والنظام الدستوري".

كما اتهم المعارضة بالتورط في أنشطة مناهضة للدولة، وأمر باعتقال شخصيات سياسية بارزة بتهمة دعم هذه الأنشطة، ما تسبب في احتجاجات حاشدة  شارك فيها آلاف المواطنين الذين تجمعوا أمام مبنى البرلمان اعتراضا على القرار، ما دفع الرئيس الموقوف عن العمل إلى التراجع عن القرار بعد ساعات.

قد يسجن يون لسنوات في حال تمت إدانته بسبب مرسومه لفرض الأحكام العرفية.

واستمعت المحكمة إلى طلب تقدم به محامو يون لإلغاء احتجازه، قائلين إن الأمر تم التحقيق فيه بطريقة غير قانونية وإنه لا يوجد خطر من أن يحاول الرئيس الموقوف تدمير الأدلة.

ولم يتضح بعد متى ستصدر المحكمة حكمها بشأن الاحتجاز، لكن القاضي حدد موعد الجلسة التالية للقضية في 24 مارس آذار.


وبعد جلسة القضية الجنائية، حضر يون أيضا بعد ظهر اليوم الخميس محاكمة موازية للعزل أمام المحكمة الدستورية دخلت مرحلتها النهائية.

ومن المقرر أن تنظر المحكمة الدستورية في القرار الذي اتخذه البرلمان في 14 ديسمبر كانون الأول بعزل يون، وستقرر ما إذا كانت ستعزله من منصبه بشكل دائم أو ستعيد تعيينه.

وقال يون ومحاموه إنه لم يكن ينوي مطلقا فرض الأحكام العرفية بشكل كامل، بل كان يقصد من هذه الإجراءات مجرد تحذير لكسر الجمود السياسي. وإذا تمت إقالة يون، فيتعين إجراء انتخابات رئاسية جديدة خلال 60 يوما، وفقا لرويترز.

مقالات مشابهة

  • كوريا الشمالية: الاستفزازات العسكرية الأميركية تزايدت منذ تولي ترامب الرئاسة
  • كوريا الشمالية تتهم أمريكا بتصعيد الاستفزازات العسكرية
  • كوريا الشمالية تندد بتزايد الاستفزازات العسكرية الأمريكية
  • كوريا الشمالية تندد بتزايد "الاستفزازات العسكرية" الأميركية
  • كوريا الجنوبية والصراع الهادئ بين البوذية والمسيحية
  • رئيس كوريا الجنوبية يون سوك خلال محاكمته:اردت منع دكتاتورية تشريعية
  • رئيس كوريا الجنوبية الموقوف يحضر أولى جلسات محاكمته بتهمة العصيان
  • كوريا الجنوبية تجدد دعمها للسلام والأمن والاستقرار في اليمن
  • رئيس كوريا الجنوبية المعزول يحضر أول جلسة في محاكمته
  • مسجد سول المركزي منارة الإسلام في كوريا الجنوبية