مصدر ديبلوماسي: الأمور مرهونة بقدرة الأطراف على ضبط النفس والذهاب إلى تسوية
تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT
كتب داوود رمال في" الانباء الكويتية": يأتي تكثيف إسرائيل محاولاتها للتوغل في الأراضي اللبنانية، في وقت تتصاعد فيه المخاطر من حرب إقليمية، ويتزامن مع العملية النوعية التي نفذها الحزب في منطقة بنيامينا داخل إسرائيل، والتي تمثل تصعيدا نوعيا في أسلوب الرد وتوسيعا للمواجهة الميدانية.
وقال مصدر ديبلوماسي في بيروت لـ «الأنباء»: «تشير محاولات التوغل الإسرائيلية إلى رغبة تل أبيب في استدراج حزب الله إلى مواجهة مباشرة وواسعة النطاق، وذلك لتوسيع عملياتها العسكرية بما يتجاوز الحدود.
وأضاف المصدر «في ضوء هذه التطورات، يطرح التساؤل الرئيسي: هل يؤدي هذا التصعيد إلى تسريع وقف إطلاق النار أم إلى توسيع الحرب؟».
واعتبر المصدر انه «قد يدفع التصعيد إلى تسريع الجهود الديبلوماسية الدولية لفرض وقف لإطلاق النار، خاصة إذا وصلت المواجهات إلى مرحلة قد تخرج عن السيطرة، ما يزيد المخاوف من اتساع رقعة الحرب لتشمل أطرافا إقليمية أخرى مثل سورية أو إيران. كما أن تفاقم الخسائر البشرية والمادية على الجانبين قد يشكل ضغطا على المجتمع الدولي للتحرك لوقف الحرب قبل أن تأخذ أبعادا خطيرة».
لكنه رأى في المقابل انه «قد يؤدي استمرار محاولات التوغل الإسرائيلي والردود الحاسمة من قبل حزب الله إلى إطالة أمد الحرب، خصوصا إذا ما تبنت إسرائيل استراتيجية التصعيد التدريجي في محاولة لإضعاف الحزب واستنزافه. فإسرائيل قد ترى في هذه المرحلة فرصة لتصفية الحسابات مع حزب الله، الأمر الذي قد يدفع نحو حرب طويلة الأمد لا تعرف نهايتها بسهولة».
وأشار إلى انه «في المحصلة، يبقى مصير هذه المواجهة مرهونا بقدرة الأطراف المعنية على ضبط النفس، والتوجه نحو تسوية سياسية بدلا من الغرق في مستنقع حرب قد يكون الخروج منها أكثر صعوبة مما يتوقع البعض».
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
بين تصعيد إسرائيل وعمليات حزب الله.. هل سقطت التسوية؟!
لعلّه "السيناريو" نفسه يتكرّر مرّة أخرى، حيث ترمي إسرائيل بتسريبات مكثّفة حول "تسوية" مع لبنان، تنهي الحرب العبثية والوحشية المتواصلة منذ أكثر من شهر ونصف، وتذهب عبر إعلامها لحدّ الكشف عمّا تسمّيه بـ"مسودة الاتفاق"، متحدّثة عن وضع "اللمسات الأخيرة" عليه، لكنّها لا تقرنها بأفعال تثبت "حسن النوايا"، بل على النقيض، ترفع من مستوى اعتداءاتها، بما يفرغ "التسوية الموعودة" من مضمونها، فتأتي الخيبة مُضاعَفة.
وعلى الرغم من أنّ هناك ما يدفع إلى الاعتقاد بأنّ شيئًا ما مختلفًا هذه المرّة، أقلّه من حيث التوقيت، بعد إنجاز الانتخابات الأميركية، وفوز المرشح دونالد ترامب بالرئاسة، إلا أنّ مؤشرات الساعات الأخيرة لم توحِ بما يبعث فعليًا إلى التفاؤل، بدءًا من مصادقة رئيس أركان جيش الاحتلال على "توسيع" العملية البرية في جنوب لبنان، بعدما ساد اعتقاد بأنّها تقترب من النهاية، وصولاً إلى القصف المتواصل على العديد من المناطق اللبنانية.
أما الموقف اللبناني، فبدا ميّالاً إلى "الحذر"، استنادًا إلى التجارب السابقة التي كشفت عن ممارسة إسرائيل لأسلوب "الخديعة"، كما حصل يوم أوهمت الناس بفرص الحلّ، قبل أن تغتال "غدرًا" الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، علمًا أنّ الحزب لم يُعِر هذه المرّة التسريبات الإسرائيلية اهتمامه، بل صعّد في عملياته المضادة، مع تسجيل رشقات صاروخية تكاد تكون الأكبر منذ بدء الحرب، فهل يمكن القول إلى "التسوية" سقطت عمليًا؟!
موقف "حزب الله" الثابت
بالنسبة إلى موقف "حزب الله"، يبدو واضحًا أنّه "نأى بنفسه" إن صحّ التعبير، عن كلّ فحوى التسريبات الإسرائيلية حول وقف لإطلاق النار، كما حول الشروط التي حُكي عنها في الإعلام بشأن هذا الاتفاق المحتمل، وهوما تجلّى في المؤتمر الصحافي لمسؤول العلاقات الإعلامية في الحزب الحاج محمد عفيف، الذي قال إنّ أيّ شيء ملموس لم يصل إلى الحزب، ولا إلى المسؤولين اللبنانيين المعنيّين، الذين تواصل معهم قبل المؤتمر.
وبالفعل، حرص "حزب الله" على أن يعكس هذا الموقف في أدائه الميداني الذي لم يتأثّر بكلّ التسريبات والتسريبات المضادة، إذ إنّ وتيرة عملياته العسكرية بقيت على المنوال نفسه، وربما ارتفعت نسبيًا، مع تسجيل الهجوم الصاروخي الأكبر الذي ينفذه الحزب على حيفا، التي حوّلتها صواريخ الحزب إلى مدينة أشباح إن جاز التعبير، وقد شلّت الحياة فيها إلى حدّ بعيد بعد إطلاق رشقة صاروخية كبيرة من الجانب اللبناني.
ولعلّ "حزب الله" أراد بهذا الهجوم، وسائر العمليات، أن يوصل رسالة مفادها أنّ ما يراهن عليه للوصول إلى وقف إطلاق النار هو "إيلام العدو"، وفقًا للمعادلة التي كان الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم قد أطلقها قبل فترة، إذ إنّ الحزب الذي يشدّد على انفتاحه على المفاوضات، ولا سيما أنّه فوّض القرار بهذا الشأن إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، لن يكون في أيّ حال من الأحوال من يستجدي الاتفاق، بل يريد أن يدفع إسرائيل إلى طلبه.
احتمالات التسوية وآفاقها
ثمّة من يقول إنّ موقف "حزب الله" هذا ناتج في مكانٍ ما أيضًا عن "الضبابية" في الموقف الإسرائيلي، الذي لا يبدو "ثابتًا"، فالإعلام يتحدّث عن اتفاق شبه مكتمل، رغم أنّ أيّ شيء رسمي لم يصل إلى لبنان بشأنه، والقادة العسكريون يتحدّثون في المقابل عن المزيد من التصعيد، كما حصل في ضوء المصادقة على توسيع العملية البرية، ولو أقرنه الإسرائيليون بالقول إنّ القرار يمكن أن يُلغى بمجرد إبرام التسوية أو الاتفاق.
ولكن بمعزل عن موقف الحزب هذا، وعن التصعيد الإسرائيلي الموازي للحديث عن المفاوضات، يقول العارفون إنّ احتمالات التوصّل إلى تسوية تبقى قائمة، ولو أنّها ليست في أوجها كما كانت قبل يومين فقط، إذ هناك من يؤكد أنّ ثمّة قرارًا متّخذًا بضرورة إنهاء الحرب خلال مهلة الشهرين الفاصلة عن وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وأنّه أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بذلك، وقد تواصلا عدّة مرات الأسبوع الماضي.
لكنّ الأكيد وفق ما يقول العارفون، إنّ كلّ الأمور تبقى مرهونة بالتفاصيل التي تكمن فيها الشياطين، فالاتفاق الذي يُحكى عنه لم يصل إلى لبنان بعد، كما أنّ ما يروّجه الإعلام الإسرائيلي عمليًا قد لا يكون مقبولاً كما هو، خصوصًا لجهة الحديث عن "حرية الحركة" الإسرائيلية مستقبلاً، بما يحوّل لبنان ربما إلى ما يشبه واقع الضفة الغربية مثلاً، في حين أنّ الموقف اللبناني واضح لجهة الركون إلى القرار الدولي 1701، من دون زيادة أو نقصان.
لم تسقط "التسوية" بعد إذًا، لكنّها في الوقت نفسه، لا تُعتبَر مضمونة بعد. يقول العارفون إنّ مؤشرات هذه التسوية عديدة، لكنّها غير كافية لضمان ألا تكون مناورة إسرائيلية أخرى. لذلك، فالمطلوب التعامل مع ما يروّجه الإعلام الإسرائيلي بحذر حتى إثبات العكس، علمًا أنّ أيّ موقف من التسوية لا يمكن أن يُطلَق بناءً على تسريبات، وبالتالي فما قبل تبلّغ لبنان الرسمي بشيء، وتحديد موعد للمبعوث الأميركي، يبقى كلّ ما يُحكى مجرد حبر على ورق!
المصدر: خاص "لبنان 24"