حكم الشرع في زيارة قبور الأنبياء والصالحين.. دار الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، إن شَدَّ الرحال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعموم الأنبياء والصالحين والأقارب من أفضل الأعمال، وأَجَلِّ القربات المُوصلة إلى ذي الجلال، ومشروعيتُها محلُّ إجماعٍ بين علماء الأمة؛ لأنه الوسيلة الوحيدة لتحصيل المستحب وهو الزيارة، والقول بأنه حرام قولٌ باطلٌ لا يُعوَّل عليه ولا يُلتفَتُ إليه.
وأضافت دار الإفتاء في إجابتها على سؤال: ما حكم زيارة قبور الأنبياء والصالحين؟ أن الحق الذي لا مِرْيةَ فيه هو أنَّ السفر لزيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعموم الأنبياء والأولياء من أفضل الأعمال، وأَجَلِّ القربات المُوصلة إلى ذي الجلال، ومشروعيتُها محلُّ إجماعٍ بين علماء الأمة.
وقد ألَّف في مشروعية ذلك جماعة من أهل العلم؛ كالتقيّ السبكي في "شفاء السقام في زيارة خير الأنام عليه الصلاة والسلام"، وابن حجر الهيتمي في "الجوهر المنظّم في زيارة القبر النبوي المكرم"، وتلميذه الفاكهي في "حسن الاستشارة في آداب الزيارة".
وتابعت: ممَّا يدلّ على مشروعية الزيارة النبوية بما في ذلك السفر إليها قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 64]، فهذه الآية عامة تشمل حالة الحياة وحالة الوفاة، وتشمل كذلك السفر وعدمه، وتخصيصُها بحالةٍ دون غيرها تخصيصٌ بلا مُخَصِّص، فلا يُقبل، والعموم فيها مستفادٌ من وقوع الفعل في سياق الشرط، والقاعدة المقررة في الأصـول: "أن الفعل إذا وقع في سياق الشرط كان عامًّا"؛ لأن الفعل في معنى النكرة لتضمنه مصدرًا مُنكَّرًا، والنكرة الواقعة في سياق النفي أو الشرط تكون للعموم وضعًا.
وقد ورد في الزيارة النبوية وإفرادها بالقصد أحاديث كثيرة: منها حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي» رواه الدارقطني في "سننه"، وفي رواية: «مَنْ جَاءَنِي زَائِرًا لَا يَعْلَمُهُ حَاجَةً إِلَّا زِيَارَتِي كَانَ حَقًّا عَلَيَّ أَنْ أَكُونَ لَهُ شَفِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه الطبراني في "المعجم الكبير"، وفي رواية: «مَنْ زَارَ قَبْرِي بَعْدَ مَوْتِي كَانَ كَمَنْ زَارَنِي فِي حَيَاتِي» رواه الطبراني في "المعجم الكبير"، وهي أحاديثُ لها طرقٌ كثيرة يقوِّي بعضُها بعضًا، وصحَّحها كثيرٌ من الحفاظ: كابن خزيمة، وابن السكن، والقاضي عياض، والتقي السبكي، والعراقي، وغيرهم.
وأكدت دار الإفتاء أن دعوى أن نيّة السفر إلى زيارة قبور الأنبياء والصالحين مثل نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وغيره بدعة، وأنَّ هذه زيارة غير شرعية، كلام مبتدع ليس عليه دليل صحيح، ولا يُؤَيّده معقول صريح، بل هو مذهب خالف به صاحبه ما تتابعت عليه الأمة سلفًا وخلفًا من تعظيم النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وأنّ حرمته في حياته البرزخية كحرمته في حياته الدنيوية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء قبر النبي الأنبياء الصالحين أفضل الأعمال علماء الأمة زيارة قبور الأنبياء صلى الله علیه وآله وسلم الأنبیاء والصالحین دار الإفتاء
إقرأ أيضاً:
موعد الإسراء والمعراج 2025.. ولماذا لم تحمل الملائكة النبي بأجنحتها دون البراق؟
تقترب ذكرى الإسراء والمعراج 2025، حيث توافق هذا العام وفق الحسابات الفلكية ليلة 27 رجب ذكرى الإسراء والمعراج بشكل عام، فإن يوم 27 رجب 2025 يوافق يوم الإثنين 27 يناير وتبدأ ليلة 27 رجب من مغرب يوم الأحد 26 وتنتهي فجر الإثنين 27 يناير، فيتساءل الكثيرون عن الحكمة من الإسراء بواسطة البراق وليس أجنحة الملائكة.
الحكمة من الإسراء بواسطة البراق وليس أجنحة الملائكةوفي بيان ما الحكمة في إسرائه- صلى الله عليه وآله وسلم- على البراق ولم يكن على أجنحة الملائكة؟، قالت دار الإفتاء إن الحكمة في إسرائه- صلى الله عليه وآله وسلم- على البراق ولم يكن الإسراء على جناح الملائكة؛ كما كانت الأنبياء قبله، أو على الريح؛ كما كانت تحمل سيدنا سليمان عليه السلام، أو الخطوة؛ كطيّ الزمان والمكان؛ كما يقع من الأولياء.
وأضافت: وكان على البراق؛ ليطلع صلى الله عليه وآله وسلم على الآيات التي مُثِّلَت له في الطريق، وليتضمن أمرًا عجيبًا، ولا عجب في حمل الملائكة أو الريح أو الخطوة بالنسبة إلى قطع هذه المسافة بخلاف قطعها على دابة صغيرة؛ كالبراق، خصوصًا وقد عَظَّمَتْهُ الملائكة بما هو أعظم من حمله على أجنحتها؛ إذ كان الآخذ بالركاب هو جبريل عليه السلام، والآخذ بالزمام ميكائيل عليه السلام وهما أكبر الملائكة، فاجتمع له صلى الله عليه وآله وسلم حمل البراق، وما هو كحمل البراق من الملائكة، وهذا أتم في الحفاوة وأبلغ في الشرف.
وأوضحت أن: الحكمة في صعوده صلى الله عليه وآله وسلم على المعراج لم يكن العروج على أجنحة الملائكة كغيره من الأنبياء وكان على المعراج؛ لتضمنه أمرًا عجيبًا وهو سقوط مراقيه الواحدة بعد الأخرى ليضع النبي صلى الله عليه وآله وسلم قدمه عليها فترتفع به إلى محلّها، فيقطع تلك المسافة في أقرب من طرفة عين، ولقد رافقه في المعراج جبريل عليهما السلام؛ ليستأنس به، وليكون ذلك أتمّ وأبلغ في الحفاوة والشرف.
تعريف الإسراء والمقصود منه
الإسراء في اللغة: من سرى وأسرى لغتان، جاء بهما القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾ [الإسراء: 1]، وقال: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ﴾ [الفجر: 4]. "فنزل القرآن العزيز باللغتين. وقال أبو عبيد عن أصحابه: سريت بالليل وأسريت، فجاء باللغتين "اهـ والسُّرَى، كالهُدَى: سَيْرُ عامَّةِ اللَّيْلِ، و﴿أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾: تأكيدٌ، أو معناهُ: سَيَّرَهُ. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (14/ 382، ط. دار صادر)، و"القاموس المحيط" للفيروزآبادي (1/ 1294، ط. مؤسسة الرسالة).
والمقصود: هو الإسراء بسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم من المسجد الحرام بمكة إلى بيت المقدس بالشام.
تعريف المعراج والمقصود منه
أما المعراج والمعرج: السلم والمصعد، من عرج عروجًا ومعرجًا: ارتقى، وفي التنزيل: ﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ﴾ [المعارج: 4]؛ أي: تصعد. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (2/ 321-322)، و"القاموس المحيط" للفيروزآبادي (1/ 198).
والمقصود: هو عروج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من بيت المقدس الذي هو المسجد الأقصى إلى السماوات، إلى سدرة المنتهى، إلى مستوى سمع فيه صريف الأقلام.
تكريم النبي وتشريفه برحلتي الإسراء والمعراج
الإسراء والمعراج رحلتان قدسيتان؛ الأولى من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى بالقدس، والثانية من المسجد الأقصى عروجًا إلى سدرة المنتهى.
ورحلة الإسراء والمعراج من معجزات النبي صلى الله عليه وآله وسلم التي كانت اختصاصًا وتكريمًا وتسليةً من الله جل جلاله لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم وبيانًا لشرفه ومكانته عند ربه، وقد أذن الله جل جلاله لهذه الرحلة أن تكون حتى يُطلع حبيبه صلى الله عليه وآله وسلم على الآيات الكبرى كما ورد في قوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الإسراء: 1].
قال العلامة ابن إسحاق في كتاب "السيرة النبوية" لابن هشام (1/ 396-397، ط. مصطفى الحلبي): [كان من الحديث فيما بلغني عن مسراه صلى الله عليه وآله وسلم، عن عبد الله بن مسعود، وأبي سعيد الخدري، وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومعاويـة بن أبي سفيان، والحسن بن أبي الحسن (البصري)، وابن شهاب الزهري، وقتادة وغيرهم من أهل العلم، وأم هانئ بنت أبي طالب، ما اجتمع في هذا الحديث، كل يحدث عنه بعض ما ذكر من أمره حين أسري به صلى الله عليه وآله وسلم، وكان في مسراه، وما ذكر عنه بلاء وتمحيص، وأمر من أمر الله عز وجل في قدرته وسلطانه، فيه عبرة لأولي الألباب، وهدى ورحمة وثبات لمَن آمن وصدق، وكان من أمر الله سبحانه وتعالى على يقين، فأسرى به سبحانه وتعالى كيف شاء؛ ليريه من آياته ما أراد، حتى عاين ما عاين من أمره وسلطانه العظيم، وقدرته التي يصنع بها ما يريد] اهـ.