حلف الناتو يغرق في البحر الأحمر.. هل يعيش أيامه الأخيرة؟
تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT
يمانيون – متابعات
أكمل حلف شمال الأطلسي “الناتو” هذا العام، عمره الخامس والسبعين وقادته يحاولون ليلاً ونهاراً تقديم هذا التكتل العسكري على أنه حلف دفاعي لكن مسيرته منذ تأسيسه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية إلى اليوم تؤكد أنه حلف عدواني، ووقائع الأحداث تعكس ذلك.
يمكن أن نتفهم تأسيس الحلف أيام الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية لكن بعد تفكك الاتحاد وانهيار حلف وارسو عام 1990م، كان ينبغي انتهاء عملية وجود حلف شمال الأطلسي.
المسألة هنا تتجاوز الاتحاد السوفيتي وحلف وارسو إلى السيطرة على العالم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، الدولة الأساسية في الحلف التي تجمع خلفها منظومة دولية من دول أوروبا الغربية كأذرع طويلة للولايات المتحدة توجهها أينما تريد لحماية مصالحها، وتغطية خططها التوسعية للسيطرة على العالم ومناطق الثروات ومنابع النفط في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية..
دور مشبوه قدّمه هذا الحلف العدواني منذ تأسيسه وإلى اليوم، دمّر دولاً وقتل الملايين من البشر، والأمثلة واضحة ولاتزال ساخنة، ولنا في أفغانستان والعراق ويوغسلافيا ومنطقة الخليج العربي والعديد من دول أمريكا اللاتينية، أمثلة حية وشاهدة على جرائم هذا الحلف، الذي تم تأسيسه لتأمين هيمنة الولايات المتحدة على العالم.
واليوم بعد أن فشلت أمريكا وبريطانيا في مواجهة البحرية اليمنية في البحرين الأحمر والعربي ومضيق باب المندب، استدعيت دول الناتو وتم تشكيل ما يُطلق عليه تكتل عسكري في البحرين العربي والأحمر من دول الناتو بالإضافة إلى أمريكا وبريطانيا تحت مسمى (اسيدس) على أن تتم قيادة هذا التكتل العسكري بالتناوب بين الدول وحالياً أوكلت القيادة لإيطاليا.
والشيء المثير للدهشة أنه وحتى بعد كل هذه التطورات العسكرية في البحرين العربي والأحمر لم تتمكن أمريكا وحلفاؤها من تحقيق أي شيء يذكر، وما تزال القوات البحرية اليمنية تحكم سيطرتها على هذين البحرين ومضيق باب المندب وتوجه الضربات الموجعة للبوارج العسكرية الأمريكية والبريطانية والأوروبية.
يمكن القول إن حلف الناتو يعيش فصله الأخير بسبب جملة من المتغيرات الدولية واخفاقاته المتعددة في العديد من القضايا التي تولاها وكان آخرها ذلك الانسحاب المذل والمهين لقواته من أفغانستان.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
إيكونوميست: هل بات البحر الأحمر مصدر دخل بالنسبة للحوثيين؟
نشرت صحيفة "إيكونوميست" البريطانية، تقريرًا، يتناول أنشطة الحوثيين في البحر الأحمر، مسلطًا الضوء على كيفية تحويلهم المنطقة إلى مصدر دخل عبر الهجمات على السفن التجارية.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنها: "أجرت مقابلات مع عدد من الفاعلين في أحداث البحر الأحمر، بما في ذلك ممثلو الميليشيا وضباط البحرية وشركات التأمين وشركات الشحن والدبلوماسيون".
ورصدت الصحيفة، ما وصفته بـ"التغير الدراماتيكي الذي أدى لانخفاض أحجام البضائع التي تمر في المضيق بمقدار الثلثين، وتغيير الجنسية النهائية للسفن، وإعادة رسم مسارات الحاويات" وذلك عبر تحليل بيانات تتبع الأقمار الصناعية وسجلات ملكية السفن.
وأوضحت أن: "التكاليف التي تكبدها الاقتصاد العالمي بلغت حوالي 200 مليار دولار في سنة 2024، وكانت النتيجة الأخرى هي تطور الحوثيين بشكل مدهش واكتشافهم تكنولوجيا أسلحة جديدة".
"رغم أنه من المرجح أن يؤدي وقف إطلاق النار في غزة إلى هدوء في هجمات البحر الأحمر، نظرًا لأن أحد دوافع الحوثيين هو التضامن مع الفلسطينيين، إلا أن الأشخاص المعنيين بأزمة البحر الأحمر لا يعتقدون أن ذلك سيقضي على التهديد الحوثي" بحسب الصحيفة.
وأردفت: "تمتد دوافعهم الأيديولوجية إلى ما هو أبعد من غزة: فقد هاجموا أهدافًا أخرى بما في ذلك دول الخليج العربية، كما أنهم أنشأوا نموذجًا تجاريًا جديدًا ناجحًا للتربح من التجارة العالمية، لذا فإن لديهم دافعًا قويًا لمواصلة العمل كحراس لبوابة قناة السويس".
وأفادت الصحيفة أن: "الحوثيين أجبروا السفن على تحويل مسارها حول أفريقيا طوال سنة 2024، فقد طالت الرحلات من آسيا بمقدار 3,000 إلى 3,500 ميل بحري (6,000 كم)، أو ما بين 10 و14 يومًا".
ووفق الصحيفة، فإن عمليات العبور الأطول بسرعات أكبر، تؤدّي إلى استهلاك المزيد من الوقود، ما يضيف حوالي مليون دولار من التكاليف لكل رحلة، لكن ذلك يبقى أرخص من استخدام البحر الأحمر؛ حيث ارتفعت أسعار التأمين 20 ضعفًا.
وأبرزت: "تنعكس تكلفة ذلك على الاقتصاد العالمي في ارتفاع أسعار الشحن، فقد بلغ سعر إرسال حاوية من شنغهاي إلى روتردام ذروته في تموز/ يوليو الماضي بتكلفة 8,200 دولار، بزيادة قدرها خمسة أضعاف عن متوسط الرقم في سنة 2023".
"كما أضافت هجمات الحوثيين ما لا يقل عن 175 مليار دولار إلى تكاليف الشحن حتى تشرين الأول/ أكتوبر 2024، فيما بلغت قيمة سوق الحاويات العالمي بأكمله حوالي 122 مليار دولار في الفترة نفسها من سنة 2023" أكد التحليل نفسه.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ: "التكاليف المالية تعد هي الأكثر وضوحًا، فقد أدى انخفاض عدد السفن التي تستخدم قناة السويس إلى خسارة مصر 7 مليارات دولار من الإيرادات، أي ما يعادل ثلث عجز حسابها الجاري، كما أنفقت أمريكا ما يقرب من 5 مليارات دولار في محاولة لحماية الملاحة".
وأضافت: "تستفيد بعض الشركات والبلدان من ذلك، فرغم انخفاض عدد السفن التي تمر عبر المضيق بمقدار النصف، إلا أن عدد السفن العابرة من الصين قد ازداد لتشكل الآن خُمس السفن التي لا تزال تعبر كل شهر، والتي يتراوح عددها بين 800 و900 سفينة، ومعظم النفط الخام الذي يمر عبر قناة السويس الآن هو نفط روسي، بعد أن كان يشكل أقل من النصف".
وفي 15 كانون الثاني/ يناير، أعلن الحوثيون أن ضرباتهم على الملاحة البحرية ستتوقف بعد وقف إطلاق النار في غزة، لكن قادتها أرفقوا شروطًا مرهقة، بما في ذلك الوقف الكامل "لجميع الأنشطة العسكرية الإسرائيلية" وإنهاء جميع الضربات العسكرية الغربية على اليمن.
في المقابل، يشكّك العديد من المراقبين في أن تنتهي عمليات الحوثيين في البحر الأحمر؛ فالحوثيون يتفاوضون مع السعودية لإنهاء الصراع المستمر منذ عقد من الزمن، وكلما قدم السعوديون تنازلات، يطلب الحوثيون المزيد. والآن لديهم سلاح يمكن أن يعرقل التجارة العالمية، ويستخدمونه في استخدامات أخرى.
مغريات الاستمرار في إطلاق النار
ذكرت الصحيفة أن شركة ميرسك كانت تتوقع أن يظل البحر الأحمر مغلقًا "حتى سنة 2025"، وهو رأي ينعكس في توقعات المحللين لأرباح شركات الشحن الكبرى، فرغم تباطؤ الهجمات في الآونة الأخيرة، إلا أن مسؤولاً من الحوثيين يقول: "هذا يثبت أن الحصار ناجح، كما أنه مربح أيضًا".
كذلك، أخبر فريق من الخبراء، مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في تشرين الثاني/ نوفمبر أنّ: "بعض وكالات الشحن تنسق مع شركة تابعة لزعيم حوثي رفيع المستوى، لشراء ممر آمن".
ويقدر خبراء الأمم المتحدة أنّ: "الرسوم تبلغ 180 مليون دولار شهريًا، أو 2.1 مليار دولار سنويًا، وهذا في الواقع يضاعف دخل الحوثيين، رغم تشكيك آخرين داخل المجال في هذه الأرقام".
"حيث ستكلف هذه الحماية أكثر من 200 ألف دولار للرحلة الواحدة، مما يجعلها غير مجدية ماليًا بالنسبة للبعض، وعلى الرغم من أن الحوثيين يعترفون بأنهم يطلبون من مالكي السفن التقدم بطلب للحصول على "تصاريح"، إلا أنهم أكدوا أن الادعاءات بأنهم يفرضون "رسومًا غير قانونية" هي "محض افتراء". بحسب خبراء الأمم المتحدة.
وترى الصحيفة أنّ: "أي اتفاقات تبرمها الشركات أو الحكومات مع الحوثيين تخاطر بإضفاء الشرعية على مبدأ أن الدول الساحلية يمكنها التدخل في حركة المرور في أعالي البحار".
ويقول المبعوث الأمريكي الخاص لليمن، تيم ليندركينغ، إنّ: "أمريكا وحلفاءها يعارضون بشدة ترك الممرات المائية الحيوية تحت سيطرة أي جهة فاعلة من غير الدول".
من جهته، يؤكد رئيس المنظمة البحرية الدولية، أرسينيو دومينغيز، أنه: "لا ينبغي أن يصبح الوضع في البحر الأحمر هو الوضع الطبيعي الجديد"؛ فيما لا يبدو أن الكثير من الدول مستعدة للقيام بما يلزم لمنع ذلك.
وأوردت الصحيفة، أنّ: "موارد أمريكا مستنزفة، وأبعدت القوى الإقليمية، مثل مصر والسعودية والإمارات، قواتها البحرية بشكل عام لتجنب أن يُنظر إليها على أنها تدعم إسرائيل".
"رغم إطلاق الاتحاد الأوروبي عملية "أسبيدس" لحماية الممر المائي، لكن العملية تفتقر إلى القوة؛ حيث رافقت أقل من نصف السفن التي طلبت المساعدة، حتى أن بعض السفن الحربية التابعة لحلف الناتو تسلك طريق رأس الرجاء الصالح من آسيا إلى أوروبا"، بحسب التقرير نفسه الذي ترجمته "عربي21".
وختم التقرير بأنه: "على الرغم من الجهود التي تبذلها أمريكا وحلفاؤها لاستعادة الأمن، يبدو أن الحوثيين سوف يواصلون ممارسة سيطرتهم على البحر الأحمر كما يحلو لهم، فقد افتتحوا مركز تنسيق للعمليات الإنسانية يقدم: خدمة العبور الآمن"، مؤكدين أن: "المركز على استعداد دائم للرد على أي استفسارات أو تقديم المشورة".