أنجز الباحث المهندس: خالد بن عبدالله العجاجي، كتابًا حافلًا بالمعلومات الفلكية النادرة بعنوان: “شرح مأثورات راشد الخلاوي الفلكية”.
وجاء هذا الكتاب الصادر عن دار الثلوثية في 340 صفحة من القطع المتوسط مقسمة على الأبواب الآتية: دالية الخلاوي، رائية الخلاوي، بائية الخلاوي، الخلاوي ونوء السماك، الخلاوي ونوء الثريا، الخلاوي والميزان والدلو، الخلاوي والموافقات الفلكية، الخلاوي والاستدلال بالنجوم، تقويم الخلاوي الفلكي.


ويعد هذا الكتاب هو الثاني للمؤلف في هذا المضمار الذي انتهج فيه تقريب المفاهيم الفلكية الشعبية في وسط الجزيرة العربية وتوثيقها من خلال الشرح المدعوم بالصور، وكان الكتاب الأول بعنوان: “شرح قصيدة محمد بن عبدالله القاضي في الأنواء والنجوم، وهو مخصص لقصيدة القاضي -رحمه الله- التي تصف نجوم السنة كاملة، وما يتخللها من الظواهر الطبيعية، والنصائح الزراعية والطبية.
واستهل الباحث كتابه بشرح ثلاث قصائد فلكية للخلاوي، حيث بدأ بشرح القصيدة الدالية؛ لأنها مقدمة لمعرفة نجوم المواسم، وبعدها الرائية التي يبيّن فيها الخلاوي مدة كل موسم، وأخيرًا البائية الذي اتضح فيها منهج الخلاوي في حساب الفلك.
ويشير الباحث أنّ للخلاوي مجموعة من الأبيات، تتناول بعض الموافقات الفلكية والمواسم التي يعتني بها أهل وسط الجزيرة مثل: (السماك ونوء الثريا)، عرضها الكتاب وشرحها، وربطها ببعض المفاهيم الفلكية عند العرب قديمًا.
ويشير الباحث إلى أنه إلى جانب الاستدلال بالنجوم، يوجد في شعر الخلاوي إشارات وردت في شعر السابقين، واستمرت في شعر اللاحقين، وفيها دلالة على معرفة ابن الصحراء للموارد والدروب والخلاص من الهلكة في المفاوز.
ويأتي هذا الكتاب لشرح مأثورات الخلاوي الفلكية، بطريقة مغايرة لكتاب “شرح قصيدة القاضي في الأنواء والنجوم”، الذي كان يركز على معرفة أعيان النجوم، حيث يجد القارئ هنا استطرادًا في ذكر الشواهد الشعبية، وأحيانًا شواهد الشواهد مما ليس له علاقة مباشرة بالموضوع الفلكي، بأسلوب فيه عفوية وإمتاعًا ومعرفة للبيئة السائدة في عصر الخلاوي، وهذه الطريقة في الشرح أقرب لحديث المجلس والتنقل من سالفة إلى أخرى، وأبعد عن الجفاف المترتب على الوصف المجرد للنجوم ومواسمها، وهو استطراد فرضه أسلوب الخلاوي في شعره عن النجوم؛ فهو أحيانًا يشبه النجوم بكائنات البيئة الصحراوية، وأحيانًا يربط ذكرها وطلوعها وغيابها؛ بالتحولات الملحوظة في الصحراء، ومثال ذلك تشبيه المرزم بالمها، وربط ذكر طلوع نجوم سهيل بالتغير في سلوك الظباء، وغياب السماك مع الري والنخل.
وخلال الرحلة مع الخلاوي وشعره المتعلق بالأنواء والنجوم، وإيراد الشواهد الشعرية النبطية مع الشواهد الفصحى المتقدمة، يتضح مدى تشابه المجتمع الصحراوي القريب العهد بالمجتمع العربي القديم الجاهلي، وفي صدر الإسلام، وكأن القرون بين هاتين الفترتين قد اختزلت إلى سنوات قليلة، كما تجد التشابه في كثير من الشعر المتعلق بالنجوم والأنواء مثل: ذكر الوسمي، ونوء السماك، ووصف السحاب والأمطار، وهذا التشابه بين العصرين المتباعدين لا يقتصر على هذه الأغراض من الشعر؛ بل يمتد لأكثر من ذلك، حتى تشعر في بعض الأحيان أن الشخصيات في هذين العصرين تكاد تلتقي وتتعارف وتتآلف في طباعها وميولها، يقول كارل رضوان الأوروبي في أوائل القرن الميلادي السابق عن مرافقه فارس بن نايف الشمري: “كأنه ولد متأخرا عن زمانه بألفي سنة”. وربما كان هذا الوصف صادقًا في شأن الكثير من أفراد قبائل الجزيرة العربية.
واستعرض الباحث الشواهد الشعرية للعرب الأوائل والعرب الأواخر التي يربط بينهما ما ذكره الخلاوي في شعره، معتمدًا على الدراسات التي سبقت كتابه في علاقة الشعر النبطي بالشعر الفصيح ككتاب: “صحيح الأخبار عما في بلاد العرب من الآثار”، وكتاب: “النخلة والجمل .. علاقات الشعر النبطي بالشعر الجاهلي”، وكتاب: “الصحراء العربية ثقافتها وشعرها عبر العصور ..قراءة أنثروبولوجية”.
ويختم الباحث مقدمته ذاكرًا أن الغرض الرئيس من هذا الكتاب هو شرح المأثورات الشعبية الفلكية من خلال شعر الخلاوي، مؤكدًا أن القارئ لن يجد فيه تحقيقاً لصحة نسبة هذا الشعر إلى الخلاوي؛ لأن المقصود هو المأثورات الشعبية الفلكية الواردة في المقولات والأشعار لا غير.
يُذكر أن “راشد الخلاوي” اشتهر شاعرًا وعالمًا فلكيًا، ويعد من أهم من برع في علم الفلك ومواضع النجوم ومعرفة أوقات الزراعة والمحاصيل في الجزيرة العربية، وقد اختلف في زمنه الذي عاش فيه على أقوال كثيرة أبعدها القرن الثامن الهجري، وصدر عن حياته وشعره مجموعة من المؤلفات أبرزها: “راشد الخلاوي”، لابن خميس، و “راشد الخلاوي.. شاعر القرن الثامن الهجري”، للباحث سعد الحافي، و “الدلالات التاريخية في أشعار راشد الخلاوي.. اللغة والمواضع والمشاهدات”، للباحث عبيد بن محمد أبو ثنين.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية هذا الکتاب فی شعر

إقرأ أيضاً:

"غزة".. كتاب فريد من نوعه يوثق بالصور معاناة الأطفال بالقطاع

مسقط- الرؤية

صدر عن دار "السنونو" كتاب "غزة" الفوتوغرافي الذي يروي بالصورة مأساة الأطفال في القطاع الذي يتعرض لحرب إبادة عنيفة، وذلك من خلال توثيق معاناتهم اليومية، منذ 7 أكتوبر 2023 إلى نهاية عام 2024.

وتقول فداء أشتية، صاحبة الدار وهي بريطانية من أصول فلسطينية تعود إلى مدينة يافا الفلسطينية، إنها أنشأت في المهجر دارًا للنشر مخصصة لقصص الأطفال. وعن رسالة الكتاب الفوتوغرافي "غزة" تقول أشتية: "إن الهدف من الكتاب هو توثيق حياة الأطفال خلال هذه الفترة من الحرب على قطاع غزة: كيف يأكلون ويشربون، وما معنى المدرسة والحصول على الماء في تلك الظروف، وكل هذه القضايا تم توثيقها وعرضها في صور".

ويأتي الكتاب في حُلة قشيبة فاخرة، حجمه حجم طاولة القهوة، وقد صمم الغلاف من الكتَّان، وتمت الطباعة على الغلاف من الحرير، والغرض منه أن يبقى الكتاب لتبقى معه قصة معاناة الطفل الفلسطيني، معاناته بهدم مدرسته، ومعاناته بهدم مشفاهُ، ومعاناته بهدم منزله، وقتل وتهجير عائلته.

الكتاب أشبه بالوثيقة المصورة، ومعرض متنقل للصور المأساوية المروعة التي لم يشهد العالم المتحضر مثيلا لها عن قريب. تطمح "فداء" أن ينافس الكتاب "الكوفية" في تذكير العالم بفلسطين بصفتها المأساة الحية الحقيقية التي يشهدها العالم يوميا ويكاد أن ينساها.

وتوضح أشتية: "لقد قمع الاعلام الصورة المأساوية لغزة ومنع نشرها وحاسب من ينشرها وقام بتصفية الصحفيين الذين حاولوا نقل الواقع الغزاوي المأساوي للعالم، وإذا بهذا الكتاب يعيد للعالم الصورة الممنوعة، وليست أية صورة، بل صورة الطفولة في معاناتها في زمن يزعم زعماؤه بأنه أرقى الأوقات التي مرت على الطفولة في نيلها لحقوقها ولأمنها ولحريتها".

وأشارت إلى أنه وبمساعدة كل من أنس عياد وهمام الزيتونية أضيفت المقتطفات التدوينية الموجودة في نهاية الكتاب لكل صورة وما يتعلق بها من معلومات؛ حيث قاما بالتقاط الصور حصريا للكتاب. وثمنت أشتية جهود صابرين الباز، التي وثقت النزوح من خان يونس إلى دير البلح إلى مدرسة النصيرات ومخيم الشاطئ ثم البريج مرة أخرى، وقامت هذه الأم بتدوين حياتها مع بناتها الثلاثة وهن جميعهن دون سن السادسة من العمر، وما زلن مع أمهن في غزة على قيد الحياة.

وجناح "سنونو" رقمه C1-10 في معرض مسقط الدولي الحالي للكتاب، والكتاب غير ربحي، إذ ستعود الأرباح لأجل دعم مؤسسات تعنى بالأطفال في غزة.

مقالات مشابهة

  • «الناشرين الإماراتيين» تفتح آفاقاً جديدة لصُنّاع الكتاب المحليين
  • "غزة".. كتاب فريد من نوعه يوثق بالصور معاناة الأطفال بالقطاع
  • “الخارجية”: المملكة ترحب بالإجراءات الإصلاحية التي اتخذتها القيادة الفلسطينية
  • كتاب للأنثربولوجية الكندية جانس بودي شديد الصلة بكتاب د. حسن وعنوانه “نشر الحضارة بين النساء: حملات الإنجليز في السودان المستَعمر”
  • قراءة في خطاب الرئيس المشاط خلال اجتماعه مع لجنة الدفاع الوطني
  • أمسيات ثقافية و6 إصدارات جديدة لـ “اتحاد كتاب الإمارات” في “أبوظبي للكتاب”
  • نبوءة الباباوات: كتاب صدر قبل 900 عام يعود الى الواجهة ويتوقع قيام الساعة في2027
  • الإمارات تُطلق الدورة الثالثة من “جائزة محمد بن راشد العالمية للطيران”
  • باحث: حظر جماعة الإخوان في الأردن جاء بعد إجراءات كثيرة .. فيديو
  • موقع البيئة في فكر الثقافة العربية: قراءة في ملف العدد 435 من مجلة “أفكار”