ثورة 14 أكتوبر ليس مجرد تاريخ على التقويم، بل هو ذكرى مجيدة تُعيدنا إلى جذور الاستعمار وتُذكرنا بآثاره المُدمرة على الشعوب المُستعمرة. يوم 14 أكتوبر 1963 هو تاريخ مُؤلم و مُشرف في آنٍ واحد. إنه يومٌ نُذكّر فيه بانتهاكات المستعمر البريطاني في اليمن، وكيف مارس جرائمه ضد شعبٍ ضحّى بالكثير للحصول على حريته واستقلاله.


كان المستعمر البريطاني يمارس جرائمه تحت شعار «الحماية والوصاية» لكن الحقيقة المُرة أن هذا الشعار لم يكن سوى ستارًا للسلب والاستغلال. فقد قُتل الآلاف من المدنيين، وتشرد مئات الآلاف من بيوتهم، و صُودرت ثروات البلاد. لم يُحترم المستعمر أياً من المبادئ الأخلاقية أو القوانين الدولية، فقد استخدم كل أشكال القوة والخداع للحفاظ على نفوذه ومصالحه.
ولكن الشعب اليمني لم يُستسلم للمستعمر، فقد قاومه منذ أول يوم، وضحّى بأرواح رجاله وأمواله من أجل الحرية والاستقلال. وقد كانت نتيجة النضال المُشترك بين الشعب والجيش اليمني، هو انتصار الإرادة وإخراج المستعمر من اليمن.
لكن وللأسف لا يزال التاريخ يُعيد نفسه. فبينما نحتفل بذكرى خروج المستعمر البريطاني من اليمن، نلاحظ التاريخ يعيد نفسه، فمن المستعمر البريطاني إلى المستعمر الإماراتي والسعودي، تُكرّر الدول المُحتلة نفس أساليب السلب والاستغلال، وتُنتهك سيادة الشعوب، وتهتك عزّتهم وكرامتهم. والهدف لا يزال واضحاً: هو نهب ثروات الشعوب وإخضاعهم لإرادة الدول المُحتلة.
من المؤسف أن نرى بعض الدول العربية والإسلامية تُرمي بنفسها في أحضان المستعمر، وتُشارك في إهانة الشعوب، وتُساهم في سلب الحريات، وذلك على الرغم من التاريخ المُر الذي يُظهر خطورة الاستعمار.
يُمكن للمجتمع الدولي ممثلا بالأمم المتحدة أن تلعب دورًا هامًا في محاربة الاستعمار ووقف انتهاكات القانون الدولي وحقوق الإنسان، وذلك بعد خروجها هي من تبعية دول الاستكبار والهيمنة على قراراتها، وازدواجيتها والكيل بمكيالين، ومن ثم من خلال ضغطها على الدول المُحتلة ومحاسبتها على جرائمها وكل من يخالف القوانين والأعراف الدولية.
يجب علينا أن نقف مع نضال الشعوب المستعمرة، وأن ندرك خطورة الاستعمار ومخاطره، وأن نقاومه بكافة الطرق وأن لا نعول على الدول الكبرى المتسترة بعناوين مزخرفة.
إذ يُمكن للمقاومة الشعبية أن تُلعب دورًا هاماً في إفشال مخططات المُستعمر الجديد، وذلك من خلال توحيد الصفوف والتكاتف والتصدي لانتهاكات الاستعمار.
لا يُمكن للأجيال الحالية أن تُنسى جرائم المستعمرين أو أن تُغفل عن تاريخ أُمتها وآلام ضحاياها. يجب علينا أن نُواصل نضال الشعوب المُستعمرة، وأن ندعم حقهم في الحرية والاستقلال وأن نُثبت أن الشعوب تستطيع أن تُحدد مستقبلها بنفسها ولن تُخضع لإرادة المُستعمرين مهما كان شكله و نوعه وعنوانه،،،

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

هل تؤسس ثورة غزة ضد حماس للسلام؟

في واشنطن وبروكسل والعواصم العالمية، لم يصدق الناس ما شاهدوه على شاشات الأخبار المتواصلة من شرق البحر المتوسط، إذ بمئات ثم آلاف المتظاهرين يحتجون ضد سطة حماس، للمرة الأولى منذ حرب السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وربما المرة الأولى منذ تولي الحركة الحكم في القطاع.

ورغم قصف إسرائيل المتواصل لأهداف داخل القطاع منذ خريف 2023 لكن المحللين والمراقبين يتوقفون على أسئلة ثقيلة ومنها، من يقف وراء الاحتجاجات، هل تقف جهة إقليمية أو دولية أو فريق فلسطيني؟ هل إسرائيل دبرت المسألة؟ أم أن المجتمع الغزاوي هو الذي أفرز تلك الظاهرة؟ وبعدها تأتي موجة ثانية من الأسئلة، هل ستتحول التظاهرات إلى شبه انتفاضة؟ هل تتوسع؟ هل ستطول؟ هل ستنهار أم ستنتصر؟ إن كان ذلك حاصلاً فما السيناريوهات ومستقبل غزة في خضم التطورات الإقليمية والحروب والعلاقات الدولية. ولعلها معادلة مترابطة بين إيران وميليشياتها، و"السابع من أكتوبر" وحملة إسرائيل رداً عليها، وعامي حرب، وثورة في غزة على حكامها. فلنحاول في هذا المقال أن "نقشر" الحال المعقدة الدموية في القطاع ونفهم ما يجري أو في الأقل ما نراه.

هل هنالك معارضة لحماس في غزة؟

بالطبع داخل كل مجتمع قوة مسيطرة وقوة تعارضها، حتى تحت الاحتلال. وهذا كان الوضع في الأراضي الفلسطينية منذ انتهاء الحرب الباردة، منظمة التحرير في الصدارة والحركات الإسلامية تنخر من تحت. ومع وفاة القائد التاريخي ياسر عرفات عام 2004، بدأت الحركة الإسلامية الفلسطينية في تمددها ولا سيما داخل غزة، معقل "الإخوان" التاريخي. ومع الانسحاب الإسرائيلي من القطاع عام 2005، بدأ صراع وسباق على السلطة، مر بمواجهة دموية انتهت بانقلاب عسكري قامت به حماس ضد فتح، عام 2007 لتسيطر على القطاع لعقدين ونيف، ودخلت فتح وآخرون صف المعارضة. لكن مع مرور الزمن خرجت من داخل المجتمع الفلسطيني مجموعات اجتماعية شبيهة باليسار الليبرالي، ومشاركة في عهد الإنترنت منذ ظهوره. وكانت حماس المسيطرة على القطاع منذ صيف عام 2007 بنت قوة خارقة بعد الانقلاب على فتح، جمعت في مساحتها الدعمين الإخواني والإيراني ما وضع "المعارضة الفتحية" ومعارضة المجموعات الليبرالية في موقف مستحيل، قبل حرب السابع من أكتوبر.

مع اندلاع المواجهة العسكرية بين القوات الإسرائيلية و"المقاومة الإسلامية" في غزة منذ الثامن من أكتوبر، بدأت رحلة الـ18 شهراً من الحرب المدمرة التي تخطت غزة إلى إسرائيل فلبنان، وسوريا، والعراق، واليمن إلى الداخل الإيراني. وهذه الحرب لم تكن كسابقاتها ولم تعد العودة إلى الستاتيكو هي الهدف عند الإسرائيليين.

كسر هيبة حماس والمحور

إن تدمير الآلة العسكرية لحماس ومن بعدها حزب الله في لبنان، وتصفية قيادات القوتين الميليشياوية في القطاع ولبنان هزت تدريجاً هيبة حماس، والميليشيات الأخرى داخل المنطقة. فلا إسرائيل تراجعت ولا الدول العربية "انتحرت" في سبيل إنقاذ الجيش الحمساوي. وامتدت الضربات الإسرائيلية إلى حزب الله الحليف الشمالي لحماس، وأقعدته استراتيجياً. واخترقت أسراب من المقاتلات الإسرائيلية الأجواء الإيرانية وضربت الدفاعات الجوية للنظام وقلمت أظافره، فتقلصت قدرة "الجمهورية الإسلامية" على حماية قطاع غزة، وأدركت القيادة الحمساوية أن "النجدة الخمينية والإخوانية" لن تصل، لا لغزة ولا حتى أطراف الدولة العبرية. ومن وسط الأنقاض والبيوت المدمرة بدأ الناس يتكلمون عن ضرورة وقف الحرب، ليتمكن فلسطينيو القطاع أن "يعيشوا" كبشر. ووصلت الحرب المدمرة إلى حدود انهيار الصبر لدى المجتمع المدني، فسقطت قدسية "المقاومة العسكرية" ضد إسرائيل وبدأت مشروعية "المقاومة السلمية" ضد حماس.

 معارضة حماس من أين؟

سيتم تجميع الوثائق ومعرفة جذور معارضة حماس خاصة منذ 2007، لكن انتشار مسيرات الغزاويين ضد السلطة الحاكمة في القطاع بات يسلط الضوء على بعض الظواهر الكامنة وراء التحركات الشعبية المتلاحقة. وأهم معارضي حماس وأولهم كانوا ولا يزالون أعضاء وأنصار حركة فتح، ومؤيدي السلطة الفلسطينية، الذين ذاقوا الأمرين من حماس، لا سيما إبان انقلاب عام 2007 وبعده. وبعد "السابع من أكتوبر" بنحو شهرين بدأ على الـ"سوشيال ميديا" ظهور لمجموعات من اللاجئين الخارجين من غزة باتجاه مصر وهم ينددون بتهور حماس، ومسؤوليتها عن الدمار والخسائر الفادحة للأهالي، إلا أن الجو العام للإعلام كان يعكس تأييداً لسلطة حماس، رغم المآسي على الأرض.

لكن ظاهرة أخرى بدأت تهز ثقة الناس في حكامهم، وهي الفيديوهات التي ظهرت عن تعذيب الميليشيات لفتيان داخل غزة متهمين بـ"السرقة"، بما فيه الطعام والخبز، وسربت تقارير عن تصفيات لمن عدتهم الحركة "جواسيس" بينما هم مجرد معارضين للحركة، ولهذه الحرب. وهنا تذمرت جماعات أكبر من المواطنين داخل القطاع من قمع حماس بحقهم. المعترضون حافظوا على امتعاضهم من إسرائيل بسبب القصف لكنهم بدأوا ينتقدون نظامهم، لا سيما أن حماس تنسق حربها مع النظام الإيراني.

انهيار الجسر

ومع انسحاب جماعة حزب الله، وبعدها سقوط نظام الأسد كلياً، أدركت المعارضة الغزاوية لحماس أن هذه الأخيرة لن تكسب المعركة، وأن إطالة الحرب باتت كارثة. وبحسب بعض المعلومات فإن التحضيرات للتظاهرات بدأت منذ أشهر، وإن هنالك هيئات تنسيق في الداخل تقف وراء المسيرات. وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير إعلان الرئيس الأمريكي عن مشروع لنقل أهالي غزة إلى دول أخرى، بينما تُصلح المؤسسات ويُعاد الإعمار. وكان لهذه التصريحات أثر عميق خوفاً من ترك الأرض، بينما حماس تستمر في جهادها ولا تأبه بجهاد الناس الحياتي، فانفجرت الاحتجاجات وتوسعت.

مقالات مشابهة

  • الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي ومفارقة الإرهاب
  • الاستعمار لاستيطاني الإسرائيلي ومفارقة الإرهاب
  • ” الكابينيت” يقر مشاريع بنية تحتية لتعزيز الاستعمار في القدس
  • رئيسة منظمة خيرية تتهم الأمير البريطاني هاري بممارسة “المضايقات والتنمر”
  • حين واجهت رشيد الغزو البريطاني.. قصة الحملة الإنجليزية الفاشلة عام 1807
  • كتائب القسام: عيدنا يوم عودتنا
  • نصر السودان هو نفسه ظاهرة عظيمة، شيء سيكتب عنه التاريخ كلحظة مجيدة
  • تفاعل واسع مع هاشتاغ عيدنا لغزة.. لا فرحة في ظل المجازر
  • هل تؤسس ثورة غزة ضد حماس للسلام؟
  • العثور على وثائق حساسة للجيش البريطاني في الشارع