فلسطين.. بين إرادة ( المقاومة) ونظرية (الانبطاح)..!
تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT
بالصدفة وأنا أقلب القنوات توقفت أمام (برنامج وثائقي) تبثه إحدى القنوات المتأمركة اسما وهوية ورسالة وأن كانت ناطقة بالعربية، يتحدث البرنامج عن معركة طوفان الأقصى بمناسبة مرور عام على اندلاعها، ضيوف البرنامج شخصيات ناطقة بالعربية أيضا لكنهم لا ينتمون لا لفلسطين ولا للعروبة ولا للإسلام وهذا ما اتضح من خلال رؤيتهم لطوفان الأقصى وتقييمهم لها ولدور وأداء المقاومة.
ما تحدث به ضيوف البرنامج قد لا يختلف عما يتحدث به ضيوف قناة (كان الصهيونية) أو ما يبثه _ الإعلام العبري الناطق بالعربية، البرنامج استضاف وزيراً سابقاً في السلطة الفلسطينية _حسن عصفور _ وكان بطل البرنامج بابتذاله طبعا ووزير خارجية الأردن السابق وأساتذة جامعات واكاديميين، كما قدمتهم القناة الأمريكية _الصهيونية التي تبث من دولة خليجية مشهورة في ابتذالها وهويتها الصهيونية والداعية إلى (وحدة الأديان) وكأنها تريد ( تعديل قوانين السماء وما أقره الله لعباده)..!
بعيدا عن هذا دعوني أقف أمام طروحات القناة وضيوفها وثقافة الابتذال المقيت التي تروجها وتستضيف لأجلها بعض مثقفي الانبطاح الذين يتطلعون إلى تحرير فلسطين على طريقة (فيفي عبده والرقص على الواحدة والنص)..!
إذ أجمع ضيوف القناة على أن ما حدث في 7 أكتوبر 2023م من قبل المقاومة كان فعلاً مفاجئاً لهم، وبالتالي هو فعل مغامر أدى إلى دمار الشعب الفلسطيني وإلى مضاعفة معاناته وإلى تدمير كل مكاسبه وقد أصبح نصف الشعب الفلسطيني بدون مساكن ويعيشون في العراء، ناهيكم عن الضحايا من (القتلى) والجرحى والنازحين والمفقودين، مؤمنين بأن ما حدث كان مغامرة فادحة وكارثة حلت بالشعب الفلسطيني..!
فيما الحصيف فيهم أعاد رأيه إلى رأي أصحاب المنازل المهدمة والى ذوي القتلى والجرحى والمفقودين والنازحين، مؤكدا أن هؤلاء وحدهم من يمكنهم تقييم الحدث لأنهم من دفعوا ثمنه دون سابق علم أو معرفة..!
شخصيا استوقفتني هذه الطروحات من شخصيات محسوبة على الشعب الفلسطيني وعلى الأمة العربية، شخصيات أدمنت حياة الانبطاح وثقافة الاستجداء والارتهان، التي ترى أن (الحوار والمفاوضات) هما السبيل إلى تحرير فلسطين وأن فلسطين لا يمكن أن تحررها المقاومة، بل بالحوار والمفاوضات ومن خلال المرجعيات الفلسطينية الشرعية _سلطة عباس _ ومنظمة التحرير المعطلة منذ رحيل رئيسها شهيدا على يد العدو الصهيوني، الذي ترى هذه الشخصيات أن الحوار والمفاوضات مع العدو الصهيوني هما السبيل الوحيد للتحرير وتحقيق السلام..!
طروحات سفسطائية عبثية مجبولة بالكثير من مظاهر الانحطاط والابتذال حد الانبطاح لدرجة يستغرب المتلقي من حديث هؤلاء، وعن أي حوار ومفاوضات يتحدثون عنه؟ وعن أي سلام يتحدثون عنه؟ وهل سيكون هؤلاء أكثر دهاء وإيماناً وإخلاصاً للقضية من أبو عمار ورفاقه أبو جهاد، وأبو الهول، وأبو اياد، وجورج حبش، ونائف حواتمة، وأبو علي مصطفى، والشيخ احمد ياسين، وعبدالعزيز الرنتيسي، وإسماعيل هنيئة..؟! وآلاف القادة الفلسطينيين الذين قضوا شهداء على طريق التحرير وعلى يد هذا العدو ناهيكم عن آلاف القادة المعتقلين في سجونه..!
ألم يسأل هؤلاء المبتذلون، ماذا حدث في الكرامة؟ وفي أيلول الأسود، وفي بيروت، وفي صبرا وشاتيلا، وماذا حققت للقضية مبادرات السلام العربية، من قمة المغرب عام 1982م وحتى قمة بيروت عام 2002م؟ وماذا أنجزت القضية في مؤتمر مدريد للسلام؟ وماذا حدث لاتفاق اوسلو؟ وكيف انتهى الحال بقائد الثورة أبو عمار وقائد المقاومة الشيخ أحمد ياسين، وكم سقط من أبناء فلسطين قادة ومجاهدين وشباباً ونساء وأطفالاً وشيوخاً على يد هذا العدو خلال وبعد مؤتمرات السلام ولجان الحوار والمفاوضات، وكيف تعيش اليوم سلطة عباس في رام الله..؟!
مؤسف القول إن هناك نخبة فلسطينية لا تؤمن بالتحرير ولا تؤمن بالمقاومة ولا تريد أصلا تحرير فلسطين، بقدر ما تريد العيش على أكتاف القضية والمتاجرة بها صهيونيا وإقليميا ودوليا..!
نعم هناك ترويكا نخبوية فلسطينية حققت الثروة والشهرة والمكانة جراء متاجرتها بالقضية وبمعاناة شعبها، وبالتالي ترى المقاومة عبثية وإرهاباً وتقدم نفسها للآخر العدو والحضاري وكأنها _حمامات سلام _تخدم حاجة الصهيوني والإمبريالي الأمريكي والاستعماري الغربي ولأنظمة العهر العربي التي تسوق ثقافة السلام، حتى لا تشغل نفسها بصراع يلهيها عن ملذاتها وعن مهرجانات الترفيه وحفلات المجون التي تقيمها أنظمة الذل العربية..!
في فلسطين كما في لبنان وسوريا واليمن، هناك نخب انبطاحية تريد أن تعيش بعيدا عن حياة العزة والكرامة والجهاد والشغلات التي تنغص حياتها وتجعلها في حالة قلق وخوف على حياتها، وبالتالي يريد أولئك المنبطحون الاستثمار في قضاياهم الوطنية والقومية والاسترزاق على حسابها وتأمين حياتهم وحياة أولادهم، وهؤلاء هم (عار الأمة وفلسطين) وأدوات الذل العربي وبيادق الانبطاح الذين تشربوا بثقافة العدو ومسختهم الدبلوماسية الأمريكية.. إنهم العار الذي على الأمة أن تتطهر من أدرانهم ومن عفانة ثقافتهم المبتذلة.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
استراتيجية اليمن المستقبلية في إسناد فلسطين من منظور خطاب السيد القائد
يمانيون/ تقارير
وضح السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- معالم الموقف اليمني تجاه القضية الفلسطينية سواء خلال الأيام القادمة من مراحل اتفاق وقف إطلاق النار بغزة أو في المراحل المستقبلية من الصراع.
خلال الأيام القادمة وقبل دخول الاتفاق حيز التنفيذ الأحد القادم، أكد السيد القائد أن اليمن سيبقى في مواكبة ورصد لمجريات الوضع في فلسطين وفي قطاع غزة، مؤكداً أنه “إذا استمر العدو الإسرائيلي في مجازر الإبادة الجماعية والتصعيد؛ سنستمر بعملياتنا الهجومية والعسكرية المساندة للشعب الفلسطيني”.. هذا يعني أن عمق العدو، ولا سيما “يافا” المحتلة” التي يطلق عليها العدو تسمية “تل أبيب” ستتعرض للقصف اليمني خلال أيام الجمعة والسبت، وخاصة ونحن نشهد تصعيداً للعدو الإسرائيلي ضد المدنيين في قطاع غزة، وهذا ما حدث بالفعل من خلال العمليات العسكرية النوعية للقوات المسلحة الجمعة باتجاه “يافا” و”ايلات” بالصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة.
وبعد أن شخّص السيد القائد المرحلة الحالية في الصراع مع العدو، انتقل إلى تقديم صورة لمآلات الأحداث في المستقبل، راسماً معالم المرحلة لما بعد الاتفاق، وهنا يؤكد على ثبات الموقف اليمني المبدئي والأخلاقي مع القضية الفلسطينية، معززاً التأكيد على عدم التخلي عن فلسطين في أي جولة صراع قادم، لا سيما وأن العدو لن يتوقف، بناء على أطماعه التوسعية في المنطقة، ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية، والقضاء على مقاومتها الباسلة.
ويرى السيد القائد أن الأعداء يعملون على تطوير قدراتهم العسكرية، مع السعي لتجريد الآخرين من كل عناصر القوة، لكن هذه المحاولة لن تنطلي على اليمن، ولذا يؤكد السيد القائد أننا في اليمن ” سنسعى باستمرار في تطوير القدرات العسكرية بإذن الله تعالى، وبالاعتماد عليه، وعلى توفيقه، وتسديده، ومعونته، من أجل أداءٍ أقوى، وأعظم، وأكثر فاعليةً في إسناد الشعب الفلسطيني، وهذا بالنسبة لنا هو مسار مستمر، نستمر عليه بإذن الله تعالى”.
هذه الرؤية، تعطي دلالة للجميع بأن العدو مثلما يسعى للإعداد والتحضير للجولة القادمة من الصراع، فإن الجبهة اليمنية ستظل على الوتيرة ذاتها من حيث التصنيع والإعداد، والانتباه، والتحضر لأي مواجهة مقبلة، وهذا خيار بالنسبة لليمنيين لن يحيدوا عنه أبداً، فالقضية – كما يقول السيد القائد- قائمة ولن تهدأ إلا بتطهير فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني اليهودي، وحتى ينعم الشعب الفلسطيني بالحُرِّيَّة، والاستقلال بشكلٍ كامل.
عنصر المفاجأة.. أهم مميزات جبهة الإسناد اليمنيةوبموازاة ذلك، أطلق السيد القائد في خطابه الأخير بالتزامن مع الاتفاق العديد من الرسائل الهامة، متطرقاً إلى الجبهة اليمنية المساندة لغزة، والتي يرى أنها تميزت بعنصر المفاجأة للعالم وللكثير من المراقبين والمحللين والسياسيين، لما حوت من ضربات نوعية وهجمات لا مثيل لها سواء في البحرين الأحمر والعربي ضد السفن والقطع الحربية الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية، أو من خلال إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة نحو العمق الصهيوني.
عنصر المفاجأة هنا للكثيرين أن اليمن البعيد جغرافياً عن فلسطين المحتلة يستحيل أن يدخل كجبهة اسناد لغزة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن هذا البلد خرج من ركام عدوان سعودي أمريكي غاشم، استهدف كل مقومات الحياة على مدى 10 سنوات، فكيف له أن يتحول إلى جبهة إسناد، لكن ما حدث فاق كل التوقعات، فالعمليات اليمنية كانت بسقف عال، والمواجهة مع الأمريكيين والإسرائيليين والبريطانيين كانت موجعة ومكلفة للأعداء، وخرج اليمن منتصراً بقيمه وأخلاقه خلال هذه الجولة من الصراع مع الأعداء.
ويؤكد السيد القائد أن القصف الصاروخي اليمني على العمق الصهيوني كان بـ (ألف ومائتين وخمسة وخمسين) ما بين صواريخ بالِسْتِيَّة، ومُجَنَّحَة، وفرط صوتية، وطائرات مُسَيَّرة، وهذا عدد كبير مقارنة بإمكانيات اليمن، حيث لم يستخدم هذا العدد وبهذا الزخم خلال العدوان السعودي الأمريكي على بلادنا خلال السنوات العشر الماضية.
ما يميز جبهة الإسناد اليمنية أنها شهدت قفزات نوعية في التصنيع العسكري، فخلال أكثر من عام من الإسناد لغزة استطاعت القوات المسلحة صناعة صواريخ متنوعة من أبرزها حاطم، ثم فلسطين 1، وصولاً إلى صناعة صواريخ فرط صوتية من نوع فلسطين 2، إضافة إلى صناعة مسيرات ذات قدرات نوعية مثل يافا، وكذلك صناعة غواصات مسيرة، وهذه الأسلحة لم تكن في المخازن اليمنية من قبل، وهذه من النتائج الإيجابية لمشاركة اليمن في اسناد غزة.
ويشير السيد القائد إلى أن هذه العمليات المتطورة والإنتاج الغزير في صناعة الأسلحة لم يأت في ظل وضع استقرار أو هدوء تام، وإنما جاء في ذروة العدوان الأمريكي البريطاني على بلادنا، والضغوط الاقتصادية المتواصلة على بلدنا، لكن اليمن بثباته وقدراته العسكرية مضى إلى الأمام، واستطاع تحييد القدرات العسكرية الأمريكية، وأن يحشر القطع الحربية الأمريكية والبريطانية والغربية في الزاوية.
ومن أبرز تأثيرات العمليات اليمنية على العدو الإسرائيلي وفق ما تطرق إليه السيد القائد ما يلي:
حالة الرعب والخوف الكبير وهروب المغتصبين وهم على فراش النوم بالملايين أثناء دوي صافرات الإنذار مع صول الصواريخ اليمنية إلى العمق الإسرائيلي. توقف حركات الطيران من وإلى مطار [بن غوريون]، وبشكل متكرر؛ مما أدى إلى أن عزوف الكثير من شركات الطيران عن العودة إلى العمل فيه. التأثير على الوضع الاقتصادي جراء العمليات اليمنية المتصاعدة، وهذه الخسائر بالمليارات، كما تؤكد الكثير من التقارير الاقتصادية للعدو نفسه. افلاس ميناء “أم الرشراش”، وعلى الرغم من العدوان الأمريكي البريطاني على بلدنا، وإرسال القطع الحربية والبوارج وحاملات الطائرات إلا أنها فشلت في حماية الملاحة الإسرائيلية، وأصبحت مدينة “ايلات” مسكونة بالرعب والخوف والقلق، وأصبح الصهاينة فيها في حالة خوف دائم، كما يقول السيد القائد عبد الملك الحوثي.فشل أمريكي في حماية الملاحة الإسرائيلية
ويتناول السيد القائد واحدة من أهم ثمار الجبهة اليمنية المساندة لغزة، وهي الفشل الأمريكي في حماية الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، رغم عدوانه الغاشم على اليمن، الذي بدأ في 12 يناير 2024م، وتحركه العسكري الكبير عبر قطعه البحرية من بارجات وأساطيل وحاملات للطائرات لإخضاع اليمن وحماية الملاحة الإسرائيلية.
ويلفت السيد القائد إلى أن اليمن اشتبك مع حاملات الطائرات لمرات عديدة، “وطردت من مسرح العمليات، ولهذا طُردت [روزفلت]، وطردت [لينكولن]، وتطارد أيضاً الآن حاملة الطائرات [ترومان]، تطارد وتطرد كثيراً من مسرح العمليات، وأصبحت حركة الأمريكي في البحار ليست كما السابق، في البحر الأحمر، وخليج عدن، اعتراضية، ومطمئنة، ومهددة، ومتوعِّدة، ومخيفة للآخرين، ولا أحد يجرؤ على الرد عليها، ولا على الاستهداف لها، شاهد الأمريكي وضعاً مختلفاً تماماً، شاهد أنه أمام من يواجهه، من يتصدى له، من يردُّ عليه بكل قوةٍ وحزم”.
وأمام الاستهداف اليمني لحاملات الطائرات “فشلت أمريكا في ظل هذه الجولة لحماية الإسرائيلي، وعجزت عن ذلك تماماً، وأصبحت عاجزة بالفعل، كانت في البداية تعترض البعض من الصواريخ، البعض من الطائرات المسيَّرة، والآن لا تكاد تحمي نفسها إلَّا بصعوبة مع الهروب، وباتت تطور تكتيكاتها الهروبية، أكثر من التكتيكات الهجومية؛ ولذلك تهرب [ترومان] إلى أقصى شمال البحر الأحمر، وتبتعد عن السواحل اليمنية بأكثر من ألف كيلو، وإذا حاولت أن تتقدم؛ تواجَه وتستهدف، ثم تهرب على الفور من جديد، وتهرب معها القطع التي هي معها، قطع بحرية حربية، في كل العمليات التي تخطط لها تلك الحاملات، يتم طردها بالتزامن مع تلك الترتيبات، وتبتعد هذه المسافة الكبيرة: إلى أقصى شمال البحر الأحمر”، والكلام هنا للسيد القائد.
حتمية الزوال للكيان
وفي سياق حديثه عن الصراع مع الكيان الصهيوني، يتناول السيد القائد جزئية مهمة، ظل يرددها في أكثر من خطاب خلال معركة “طوفان الأقصى”، وهي التأكيد على حتمية زوال الكيان الإجرامي، مؤكداً أنه “كيان مؤقت، وزواله محتوم في الوعد الإلهي الذي لا يتخلَّف ولا يتبدَّل”.
ومع ذلك ينبه السيد القائد إلى أن العدو يسعى إلى أن ينفرد بغزة، معطياً بعض الملامح لتحركه في المستقبل القريب، ومنها ما يلي:
تحريك قطار التطبيع من جهة. الحملات والهجمات الدعائية، والمحاولات لإغراق الشعوب في الفتن والأزمات؛ لتنسى فلسطين، هذا هو الهدف: لتنسى فلسطين، لإفراد فلسطين.ولهذا يكرر السيد القائد ما ابتدأ به في أول خطاب له بعد “طوفان الأقصى” قائلاً :”أنا أقول لكل إخوتنا في الشعب الفلسطيني: لستم وحدكم، ولن تكونوا وحدكم، الله معكم، ونحن معكم، وسنبقى على الدوام معكم حتى تحرير فلسطين كل فلسطين، وزوال الكيان المغتصب، المؤقت، الظالم، الإجرامي”.
* نقلا عن موقع أنصار الله