آسيا تراقب اقتصاد الصين وسط مخاوف من تأثيرات سلبية واسعة
تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT
في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة التي تواجه الصين، تتابع دول آسيا عن كثب الجهود التي تبذلها بكين للحفاظ على استقرار اقتصادها، وفق ما قالته صحيفة وول ستريت جورنال في تقرير حديث لها.
وتقول الصحيفة إنه إذا فشلت الصين في تحقيق الاستقرار المنشود، فمن المتوقع أن تنتشر التأثيرات السلبية عبر المنطقة، مما يؤثر على الاقتصادات التي بدأت بالكاد تستعيد عافيتها من آثار الجائحة والأزمات العالمية المتلاحقة.
وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية، كانت الصين تمثل المحرك الرئيسي للنمو في آسيا، حيث لعبت دورًا محوريا في تنشيط التجارة والاستثمار.
لكن التحديات الاقتصادية التي تواجهها الصين اليوم، بما في ذلك تباطؤ النمو وزيادة الديون وتراجع الثقة الاستهلاكية، أثارت قلق جيرانها الذين يتساءلون عن مدى قدرة الصين على العودة إلى مسار النمو القوي الذي اعتادت عليه.
الأسواق في آسيا تتابع عن كثب التحفيزات المالية التي قد تقدمها الصين، وخاصة تلك المتعلقة بقطاع العقارات (رويترز)وأشار محللون في بنك "نومورا" في مذكرة إلى أن ما يحتاجه العالم هو تحفيز صيني يستهدف المشكلات الهيكلية في الاقتصاد بدلاً من "التحفيز المؤقت" الذي قد يسعى لتحقيق أهداف نمو قصيرة الأجل.
وأضافوا أن ما يهم فعلاً هو معالجة القضايا الأساسية التي تواجه الاقتصاد الصيني، بما في ذلك تراجع الطلب المحلي وزيادة البطالة بين الشباب.
تحديات هيكليةأحد أبرز التحديات التي تواجه الصين -وفق وول ستريت جورنال- هو الانخفاض المستمر في الطلب المحلي، حيث يتردد المستهلكون في الإنفاق وسط حالة عدم اليقين الاقتصادي.
وأشار هاري مورفي كروز، الاقتصادي في "موديز أناليتيكس"، في حديث للصحيفة إلى أن السياسات التي تركز على تعزيز ثقة المستهلكين وتوفير وظائف جديدة يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا في ضمان استمرار الصين في شراء المنتجات من جيرانها الآسيويين، مما يسهم في تقليل المخاطر الاقتصادية على المنطقة ككل.
وأضاف كروز أن استقرار الطلب في الصين يمكن أن يساعد في دعم صادرات الدول الآسيوية، خاصة في مجالات مثل التكنولوجيا والمواد الخام.
لكنه حذر من أن أي تباطؤ حاد في الاقتصاد الصيني قد يؤثر بشكل مباشر على التجارة الإقليمية، وخاصة مع دول مثل كوريا الجنوبية واليابان اللتين يعتمد اقتصادهما بشكل كبير على التصدير للصين.
التجارة والسياحةولا تقتصر التأثيرات المتوقعة على التجارة فقط، بل تمتد إلى السياحة أيضًا، بحسب وول ستريت جورنال.
فقد أشار كروز إلى أن الصين تعد مصدرا رئيسيا للسياحة بالنسبة لمعظم دول آسيا والمحيط الهادي، مثل تايلند وسنغافورة وماليزيا.
وإذا فقدت الأسر الصينية الثقة في الوضع الاقتصادي، فإنها ستقلل من سفرها وإنفاقها السياحي، مما سيؤثر سلبًا على اقتصادات الدول التي تعتمد بشكل كبير على الإنفاق السياحي الصيني.
الصين تمثل المحرك الرئيسي للنمو في آسيا (الفرنسية)من جانب آخر، يحذر المحللون من أن التباطؤ في الطلب المحلي داخل الصين قد يدفع الشركات الصينية إلى زيادة صادراتها بأسعار منخفضة، مما قد يخلق منافسة شرسة في الأسواق الإقليمية، وخاصة في قطاع الصناعات التحويلية.
وأفادت إريكا تاي من مجموعة "ماي بنك إنفستمنت" بأن الشركات المصنعة في دول جنوب شرق آسيا مثل تايلند تشكو من تدفق الواردات الصينية الرخيصة، مما يضع ضغوطًا تنافسية كبيرة على الشركات المحلية.
توقعات التحفيز والأسواق الماليةوفي الوقت نفسه، تتابع الأسواق المالية في آسيا عن كثب التحفيزات المالية التي قد تقدمها الصين، وخاصة تلك المتعلقة بقطاع العقارات.
ووفقًا لتوقعات بنك "نومورا"، فإن أي تحفيز مالي يستهدف مشروعات البنية التحتية أو إعادة تأهيل مشروعات الإسكان المتعثرة في الصين قد يكون له تأثير إيجابي واسع على صادرات دول آسيا، ويسهم في رفع أسعار السلع الأساسية.
لكن في المقابل، فإن التقلبات في الأسواق المالية تظل مصدر قلق كبير لدول المنطقة. فقد شهدت الأسواق المالية الآسيوية تقلبات حادة في الأسابيع الأخيرة مرتبطة بإعلانات السياسات الصينية، مما يوضح مدى ارتباط الأسواق الآسيوية بالتطورات الاقتصادية في الصين.
وأوضح كروز أن أي تراجع في الأسواق المالية الصينية قد ينتقل بسرعة إلى الأسواق الإقليمية، مما قد يؤثر سلبًا على مناطق مثل هونغ كونغ وتايوان وسنغافورة، التي ترتبط اقتصاداتها بشكل وثيق بالتجارة مع الصين.
استجابة إقليميةورغم التباطؤ الاقتصادي في الصين، فإن بعض دول آسيا تمكنت من الحفاظ على مستويات نمو قوية بفضل الطلب المحلي القوي وزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وفقما ذكرته الصحيفة.
فقد أشار محللون في مجموعة "ماي بنك" إلى أن دولًا مثل إندونيسيا وماليزيا والفلبين سجلت نموًا اقتصاديا متميزا بفضل زيادة الطلب المحلي والطفرة التكنولوجية في صادراتها.
ورغم هذه النجاحات، فإن المنطقة تظل في حاجة إلى تحفيز صيني قوي ومستدام للتغلب على التحديات الحالية.
وشدد كروز على أهمية أن تنتهج الصين سياسات تدعم الثقة الاستهلاكية وتعالج المشكلات الهيكلية الكبيرة التي تواجه الاقتصاد الصيني.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الأسواق المالیة الطلب المحلی التی تواجه دول آسیا فی الصین فی آسیا إلى أن
إقرأ أيضاً:
الرقابة المالية: نستهدف بناء القدرات والخبرة بالشراكة مع الشركاء الاستراتيجيين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شارك الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، في المؤتمر الصحفي الخاص بإعلان إطلاق الشراكة بين لجنة الأسواق النامية والناشئة (GEMC) أكبر لجان المنظمة الدولية للهيئات الرقابية على أسواق المال (الأيوسكو -IOSCO)، التي يترأسها الدكتور فريد، ومجلس معايير الاستدامة الدولي (ISSB) التابع لمؤسسة معايير المحاسبة الدولية (IFRS)، على هامش انعقاد الاجتماع والمؤتمر السنوي للجنة الأسواق النامية الناشئة التابعة للمنظمة وذلك بتركيا.
حيث يتولى الدكتور فريد منصب نائب رئيس المنظمة الدولية للهيئات الرقابية على أسواق المال (IOSCO)، ورئيس لجنة الأسواق النامية والناشئة (GEMC)، التي تعد أكبر لجان المنظمة الدولية للهيئات الرقابية على أسواق المال، حيث تمثل أكثر من 75% من أعضاء المنظمة، وتتألف عضوية اللجنة من 90 عضواً و24 عضواً مشاركاً ليس لديهم حق التصويت، بما في ذلك الاقتصادات الأسرع نمواً في العالم و10 من أعضاء مجموعة العشرين.
قال رئيس هيئة الرقابة المالية، إن الشراكة بين لجنة الأسواق النامية والناشئة بالأيوسكو ومجلس معايير الاستدامة الدولي تهدف لتعزيز تقارير الاستدامة في أسواق المال، حيث منذ تصديق منظمة IOSCO على معايير الاستدامة الدولية ISSB في العام الماضي، واصلت لجنة الأسواق النامية والناشئة بالمنظمة (GEMC)، الحوار بين أعضائها البالغ عددهم 117 عضواً، حول استعدادهم وخططهم وخبراتهم والتحديات المتعلقة بتبني أو تنفيذ معايير ISSB.
كما تعمل منظمة IOSCO على تطوير أدوات وموارد مختلفة لمساعدة الأعضاء، بما في ذلك من خلال بناء القدرات والخبرة بالشراكة مع الشركاء الاستراتيجيين، جدير بالذكر أن منظمة IOSCO هي الأهم عالمياً في وضع أسس وقواعد عمل الأسواق المالية والمعايير التي تسعى كل دولة للالتزام بها بهدف ضمان عدالة وشفافية وكفاءة الأسواق وإدارة المخاطر المرتبطة بها، وتشمل عضوية المنظمة نحو 95% من مراقبي أسواق الأوراق المالية في العالم.
أضاف الدكتور فريد، أن مبادرة GEMC لتبني معايير ISSB تعد خطوة مهمة وعملية لتعزيز بناء القدرات في الأسواق الناشئة، بعد أن تم التعاون بين أعضاء GEMC لفهم التحديات التي يواجهونها بشكل أفضل، كما تم إجراء استطلاع رأي لنحو نصف عدد الأعضاء باللجنة، كشف عن أن دول الأسواق الناشئة تمر بمراحل مختلفة من رحلة اعتماد تلك المعايير.
أوضح أن الاستطلاع أظهر أن 16 دولة تمر ببداية رحلة اعتماد المعايير، مما يعني أنها أصبحت على دراية بمعايير ISSB، أو تعمل على بناء الوعي وفهم القيمة المقترحة لمعايير ISSB، وهي: أنجولا، الأرجنتين، جزر البهاما، البحرين، بنجلاديش، بروناي، الرأس الأخضر، جورجيا، ليتوانيا، موريشيوس، نيبال، بنما، صربيا، سلوفينيا، تونس، أوروغواي.
ذكر أن هناك 8 أعضاء آخرين، في مرحلة تقييم الحالة بشأن اعتماد معايير ISSB والنظر في جاهزية السوق، وهي: أبو ظبي، بليز، إندونيسيا، الأردن، كوريا، عمان، جنوب أفريقيا (FSCA، PA)
أشار رئيس هيئة الرقابة المالية، إلى أن هناك 10 أسواق ناشئة حققت تقدماً كبيراً في هذا المضمار، بما أنها تعمل بالفعل على تطوير خارطة طريق أو خطة لتبني معايير ISSB تحدد السمات الرئيسية للنظام المقترح، وهي: كينيا، الكويت، المكسيك، المغرب، قطر FCRA، قطر FMA، المملكة العربية السعودية، تايلاند، زامبيا، زيمبابوي.
أكد انتهاء 8 أسواق ناشئة من شوط طويل في رحلتها في تنفيذ خطط اعتماد معايير ISSB، حيث بدأت إقرار تدابير لكي يظهر تأثير معايير ISSB بمرور الوقت في الإطار القانوني والتنظيمي، وهي: البرازيل، تشيلي، الصين، مصر، الهند، ماليزيا، سيريلانكا، تركيا.
لفت رئيس هيئة الرقابة المالية، إلى أن ممارسات الاستدامة لا يجب قصرها على الشركات المقيدة بالأسواق المالية، بل يجب أن تشمل كافة الشركات لما لها من أهمية كبيرة في تعزيز التنافسية والشفافية بما يؤهل تلك الشركات لجذب وتعبئة استثمارات أجنبية، في إطار القيام بدورها المنوط بها تجاه المجتمع والكوكب الذي تعد جزءاً منه، موضحاً أن كيفية تطبيق هذه المعايير على الشركات غير المقيدة والتزامها بالإفصاحات يُعد واحداً من أبرز التحديات، في ظل تضاؤل عدد الإدراجات، ما ينبع من اختلاف الأطر التنظيمية التي تحكم الشركات المُدرجة وغير المُدرجة، بالرغم من تأثير ذلك على البيئة.
ذكر الدكتور فريد، أن في ضوء هذا التنوع في الرحلة الحالية، جميع الأسواق الناشئة، بغض النظر عن المرحلة التي تمر بها، سيكون مرحباً بها للانضمام إلى الشبكة، موضحاً أنه على الرغم من اختلاف المراحل التي تمر بها الأسواق الناشئة، إلا أن هناك احتياجات مشتركة لبناء القدرات في كافة الأسواق، بما في ذلك، على سبيل المثال: الإشراف والتنفيذ، وكذلك استكمال تنفيذ الجوانب الأكثر عمقاً وتحدياً في معايير IFRS S1 وIFRS S2، ثم تقييم جاهزية السوق.
أوضح أن مُقترح الشبكة يتمثل في توفير منصة للأسواق الناشئة لتبادل الخبرات وبناء القدرات على طول رحلتها نحو اعتماد معايير ISSB، حيث يُعد هذا مهماً أيضاً، في ظل وجود بعض المحركات والدوافع المُشتركة بين الأسواق الناشئة وراء اعتماد معايير ISSB، وتشمل الدوافع الثلاثة الأكثر شيوعاً كل من الاعتبارات المتعلقة بالتكافؤ التنظيمي والتشغيل البيني وأهمية اعتبارات الاستدامة، كما قال جان بول في وقت سابق، وكذلك الوصول إلى رأس المال.
جدير بالذكر أن مجلس معايير الاستدامة الدولي وضع معايير ISSB لتكون مرجعية عالمية شاملة وعالية الجودة للإفصاحات المتعلقة بالاستدامة تركز على احتياجات المستثمرين والأسواق المالية، لتطوير معايير أساسية عالمية للإفصاحات المتعلقة بالاستدامة وكذلك لتلبية احتياجات المستثمرين من المعلومات، وتمكين الشركات من تقديم معلومات شاملة حول الاستدامة إلى أسواق رأس المال العالمية.
من جانبه قال جون بول، رئيس المنظمة الدولية للهيئات الرقابية على أسواق المال (الأيوسكو -IOSCO)، خلال مشاركته بالمؤتمر الصحفي،"التمويل المستدام هو أحد أولوياتنا الرئيسية، وطموحنا واضح لتحقيق افصاحات كاملة ومتسقة وقابلة للمقارنة تتعلق باستدامة الشركات. وهذا جانب أساسي من خطة عمل IOSCO للتمويل المستدام، والتي تهدف إلى زيادة الشفافية والتخفيف من حدة الغسيل الأخضر.
أضاف أنه وبعد مشاركة مكثفة مع ISSB على مدار العامين الماضيين ومراجعة شاملة ومستقلة للمعايير النهائية، أيدت منظمة الأيوسكو معايير ISSB في يوليو من العام الماضي، ونصحت أعضائها بالنظر في اعتمادها ثم تطبيقها.
أكد حاجة الأسواق الناشئة إلى مزيد من الدعم، وذلك لـ 3 أسباب رئيسية، نظراً لكون الجهات الرقابية في الأسواق الناشئة مسؤولين عن التقدم في خطط الاستدامة نفسها، وكذلك تحتاج إلى تطوير أطر ذات معيار دولي من أجل جذب الاستثمار الخارجي، كما أن المشاركون في السوق المحلية لديهم قدرة أقل على الاستجابة للعبء التنظيمي، مضيفاً أن المنظمة وضعت برنامجًا شاملاً لبناء القدرات حول الإفصاح عن الاستدامة يستهدف منظمي الأوراق المالية، لإعداد أعضائها لتطبيق معايير ISSB مستقبلاً.
وقال إيمانويل فابر، رئيس مجلس معايير الاستدامة الدولي (ISSB)، "نشكر منظمة IOSCO على رؤيتها في تعزيز كفاءة أسواق رأس المال العالمية والشفافية الشاملة لتوفير إفصاحات متعلقة بالاستدامة قابلة للمقارنة عالميًا والموافقة المبكرة على معاييرنا التي ندعو أعضاء المنظمة إلى النظر في كيفية استخدامها أو اعتمادها أو إبلاغها بمعايير المجلس في أطرها التنظيمية الخاصة بها".
أضاف أنه من المهم أن يكون لنمو والأسواق الناشئة معايير دولية عالية الجودة تعزز نزاهة وشفافية أسواق رأس المال، وتزيد من ثقة المستثمرين وتمكينهم لجذب الاستثمارات الخارجية، وتعتبر منظمة IOSCO فريدة من نوعها بين واضعي المعايير الدولية، وكذلك لجنة GEMC، ولذلك نحن نحيي IOSCO لقيادتها إطلاق هذه المبادرة لدعم جهود أعضائها لاعتماد معايير ISSB.