في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة التي تواجه الصين، تتابع دول آسيا عن كثب الجهود التي تبذلها بكين للحفاظ على استقرار اقتصادها، وفق ما قالته صحيفة وول ستريت جورنال في تقرير حديث لها.

وتقول الصحيفة إنه إذا فشلت الصين في تحقيق الاستقرار المنشود، فمن المتوقع أن تنتشر التأثيرات السلبية عبر المنطقة، مما يؤثر على الاقتصادات التي بدأت بالكاد تستعيد عافيتها من آثار الجائحة والأزمات العالمية المتلاحقة.

الصين.. محرك للنمو الاقتصادي الإقليمي

وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية، كانت الصين تمثل المحرك الرئيسي للنمو في آسيا، حيث لعبت دورًا محوريا في تنشيط التجارة والاستثمار.

لكن التحديات الاقتصادية التي تواجهها الصين اليوم، بما في ذلك تباطؤ النمو وزيادة الديون وتراجع الثقة الاستهلاكية، أثارت قلق جيرانها الذين يتساءلون عن مدى قدرة الصين على العودة إلى مسار النمو القوي الذي اعتادت عليه.

الأسواق في آسيا تتابع عن كثب التحفيزات المالية التي قد تقدمها الصين، وخاصة تلك المتعلقة بقطاع العقارات (رويترز)

وأشار محللون في بنك "نومورا" في مذكرة إلى أن ما يحتاجه العالم هو تحفيز صيني يستهدف المشكلات الهيكلية في الاقتصاد بدلاً من "التحفيز المؤقت" الذي قد يسعى لتحقيق أهداف نمو قصيرة الأجل.

وأضافوا أن ما يهم فعلاً هو معالجة القضايا الأساسية التي تواجه الاقتصاد الصيني، بما في ذلك تراجع الطلب المحلي وزيادة البطالة بين الشباب.

تحديات هيكلية

أحد أبرز التحديات التي تواجه الصين -وفق وول ستريت جورنال- هو الانخفاض المستمر في الطلب المحلي، حيث يتردد المستهلكون في الإنفاق وسط حالة عدم اليقين الاقتصادي.

وأشار هاري مورفي كروز، الاقتصادي في "موديز أناليتيكس"، في حديث للصحيفة إلى أن السياسات التي تركز على تعزيز ثقة المستهلكين وتوفير وظائف جديدة يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا في ضمان استمرار الصين في شراء المنتجات من جيرانها الآسيويين، مما يسهم في تقليل المخاطر الاقتصادية على المنطقة ككل.

وأضاف كروز أن استقرار الطلب في الصين يمكن أن يساعد في دعم صادرات الدول الآسيوية، خاصة في مجالات مثل التكنولوجيا والمواد الخام.

لكنه حذر من أن أي تباطؤ حاد في الاقتصاد الصيني قد يؤثر بشكل مباشر على التجارة الإقليمية، وخاصة مع دول مثل كوريا الجنوبية واليابان اللتين يعتمد اقتصادهما بشكل كبير على التصدير للصين.

التجارة والسياحة

ولا تقتصر التأثيرات المتوقعة على التجارة فقط، بل تمتد إلى السياحة أيضًا، بحسب وول ستريت جورنال.

فقد أشار كروز إلى أن الصين تعد مصدرا رئيسيا للسياحة بالنسبة لمعظم دول آسيا والمحيط الهادي، مثل تايلند وسنغافورة وماليزيا.

وإذا فقدت الأسر الصينية الثقة في الوضع الاقتصادي، فإنها ستقلل من سفرها وإنفاقها السياحي، مما سيؤثر سلبًا على اقتصادات الدول التي تعتمد بشكل كبير على الإنفاق السياحي الصيني.

الصين تمثل المحرك الرئيسي للنمو في آسيا (الفرنسية)

من جانب آخر، يحذر المحللون من أن التباطؤ في الطلب المحلي داخل الصين قد يدفع الشركات الصينية إلى زيادة صادراتها بأسعار منخفضة، مما قد يخلق منافسة شرسة في الأسواق الإقليمية، وخاصة في قطاع الصناعات التحويلية.

وأفادت إريكا تاي من مجموعة "ماي بنك إنفستمنت" بأن الشركات المصنعة في دول جنوب شرق آسيا مثل تايلند تشكو من تدفق الواردات الصينية الرخيصة، مما يضع ضغوطًا تنافسية كبيرة على الشركات المحلية.

توقعات التحفيز والأسواق المالية

وفي الوقت نفسه، تتابع الأسواق المالية في آسيا عن كثب التحفيزات المالية التي قد تقدمها الصين، وخاصة تلك المتعلقة بقطاع العقارات.

ووفقًا لتوقعات بنك "نومورا"، فإن أي تحفيز مالي يستهدف مشروعات البنية التحتية أو إعادة تأهيل مشروعات الإسكان المتعثرة في الصين قد يكون له تأثير إيجابي واسع على صادرات دول آسيا، ويسهم في رفع أسعار السلع الأساسية.

لكن في المقابل، فإن التقلبات في الأسواق المالية تظل مصدر قلق كبير لدول المنطقة. فقد شهدت الأسواق المالية الآسيوية تقلبات حادة في الأسابيع الأخيرة مرتبطة بإعلانات السياسات الصينية، مما يوضح مدى ارتباط الأسواق الآسيوية بالتطورات الاقتصادية في الصين.

وأوضح كروز أن أي تراجع في الأسواق المالية الصينية قد ينتقل بسرعة إلى الأسواق الإقليمية، مما قد يؤثر سلبًا على مناطق مثل هونغ كونغ وتايوان وسنغافورة، التي ترتبط اقتصاداتها بشكل وثيق بالتجارة مع الصين.

استجابة إقليمية

ورغم التباطؤ الاقتصادي في الصين، فإن بعض دول آسيا تمكنت من الحفاظ على مستويات نمو قوية بفضل الطلب المحلي القوي وزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وفقما ذكرته الصحيفة.

فقد أشار محللون في مجموعة "ماي بنك" إلى أن دولًا مثل إندونيسيا وماليزيا والفلبين سجلت نموًا اقتصاديا متميزا بفضل زيادة الطلب المحلي والطفرة التكنولوجية في صادراتها.

ورغم هذه النجاحات، فإن المنطقة تظل في حاجة إلى تحفيز صيني قوي ومستدام للتغلب على التحديات الحالية.

وشدد كروز على أهمية أن تنتهج الصين سياسات تدعم الثقة الاستهلاكية وتعالج المشكلات الهيكلية الكبيرة التي تواجه الاقتصاد الصيني.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الأسواق المالیة الطلب المحلی التی تواجه دول آسیا فی الصین فی آسیا إلى أن

إقرأ أيضاً:

بوستيكوجلو: توتنهام «الصورة سلبية»!

لندن (رويترز)

أخبار ذات صلة صلاح والهلال.. 17 مليون تفاعل وليفربول يتدخل بعد عرض «الـ300 مليون»! «قناص» نيوكاسل يكتب التاريخ في «البريميرليج»


وصف أنجي بوستيكوجلو، مدرب توتنهام هوتسبير، أداء فريقه في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم بأنه غير مقبول، وذلك بعد الهزيمة 2-1 أمام أرسنال.
وافتتح سون هيونج-مين التسجيل لتوتنهام في الدقيقة 25، عكس سير اللعب، لكن أرسنال قلب الموازين لمصلحته أمام فريق بوستيكوجلو الذي حقق فوزاً واحداً خلال آخر تسع مباريات بالدوري.
ويحتل توتنهام المركز 13 في جدول الترتيب برصيد 24 نقطة، وأصبح قريباً لمنطقة الهبوط أكثر من المراكز الأربعة الأولى التي كان يأمل في المنافسة عليها في الموسم الثاني لبوستيكوجلو مع الفريق.
ورغم وصول توتنهام إلى الدور قبل النهائي ببطولة كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة، وفوزه في مباراة الذهاب 1-صفر على ليفربول، خسر 11 مباراة بالدوري هذا الموسم.
وشكلت الإصابات عاملاً مؤثراً، لكن بوستيكوجلو لم يحاول التقليل من شأن سوء الوضع الحالي الذي يثير تساؤلات حول مستقبله.
وقال بوستيكوجلو للصحفيين: «لم يكن الأداء جيداً بما يكفي، خاصة في الشوط الأول، كنا سلبيين للغاية، سمحنا لأرسنال بالسيطرة على المباراة وإيقاع اللعب، ودفعنا الثمن، وهذا ليس مستوانا، هذه ليست الطريقة التي أريد اللعب بها، أن أجلس في الملعب، وأسمح لأرسنال بفرض أسلوبه، إيقاع اللعب لم يكن جيداً بما يكفي».
ولم يقدم فريق بوستيكوجلو الكثير أمام أرسنال الذي تعادل في الشوط الأول بهدف سجله دومينيك سولانكي لاعب توتنهام بالخطأ في مرمى فريقه، ثم حسم المباراة بهدف سجله لياندرو تروسار بتسديدة بقدمه اليسرى، وهو ما أحبط حارس توتنهام الجديد أنطونين كينسكي.
وقال مدرب سيلتيك السابق، إنه لا يوجد «علاج سحري»، ودعا لاعبيه إلى القتال من أجل تحسين أدائهم في الدوري، بدءاً من المواجهة المقبلة أمام إيفرتون «المتعثر».
وفي حال خسارة المباراة أمام إيفرتون، سيقترب توتنهام أكثر من خطر الهبوط.
وقال مدرب توتنهام الذي لم يحقق أي فوز، خلال آخر خمس مباريات بالدوري: «أريد أن يشعر اللاعبون بخيبة الأمل، لا يمكن لأحد في النادي أن يقبل هذا، خسارة هذا العدد الكبير من المباريات في موسم بالدوري أمر غير مناسب، أعرف أننا مررنا بفترة عصيبة، وصحيح أننا نطالب بمهام كبيرة، لكن الحقيقة أننا لم نقدم النتائج والأداء بالجودة الكافية، وهذا يحتاج إلى تغيير».
وأيد سون قائد توتنهام، والذي جرى تبديله في الشوط الثاني، آراء بوستيكوجلو.
وقال الكوري الجنوبي الذي سجل ثمانية أهداف في مرمى أرسنال في الدوري الممتاز: «هو أمر مخيب للآمال بشكل كبير، المدرب على حق، كنا سلبيين للغاية، كان الشوط الثاني أفضل قليلاً، لكن الشوط الأول لم يكن جيداً بما يكفي، وعلينا أن نؤدي بشكل أفضل في جميع الجوانب، عندما تنظر إلى جدول الترتيب، تجد أن الوضع ليس جيداً بما فيه الكفاية».

مقالات مشابهة

  • صنع في تركيا: “أوكهان” المركبة البحرية التي تستعد لغزو الأسواق العالمية
  • رغم الصعوبات اقتصاد الصين ينمو 5% في 2024
  • صندوق النقد: نمو اقتصاد الصين 5% في 2024 "مفاجأة إيجابية"
  • اقتصاد الصين يحقق هدفه بفضل الصادرات وجهود التحفيز
  • ارتفاع أسعار النفط وسط مخاوف حول الإمدادات
  • النفط يرتفع وسط مخاوف بشأن المعروض جراء تراجع المخزونات الأمريكية
  • بعد انتهاء حرب غزة .. هدوء في الأسواق المالية واستقرار الذهب والدولار
  • بوستيكوجلو: توتنهام «الصورة سلبية»!
  • إجراءات ومعايير الطرح الأولي للأسهم في الأسواق المالية
  • استطلاع: التضخم بروسيا يتسارع في ديسمبر وسط تأثيرات العقوبات الغربية