عائشة بنت أحمد بن سويدان البلوشية
"آه يا سلام،
سبنا الوقت يعدي أوام،
ما حسبناش اللحظة الجاية...
دا اسمه كلام،
عشنا العمر نربي حمام،
بس نسينا نقوم غيه...
فاضي شوية؟
نشرب قهوة في حتة بعيدة،
إعزمني على نكتة جديدة،
وخلي حساب الضحك عليا...
فاضي شوية؟
دانا واحشاني القعدة معاك،
وإن ماقدرتش تيجي هناك،
هاستناك المرة الجاية.
استوقفتني كلمات هذه الأغنية لحمزة نمرة، التي صدرت قبل عامين لكنني سمعتها قبل أيام، أسرتني كلماته البسيطة القوية؛ حيث يخاطب صديقه، وكأنه ينطق بلسان حال الأغلب منَّا، فقد ألهتنا الحياة بتكنولوجيتها التي تسرق الوقت دون أن نحس بذلك، حتى في جلساتنا وتجمعاتنا الأسرية تكون الأولوية لأجهزة الهواتف الذكية، وإذا ما خاطبت أحدهم سائلا أو معقبا على موضوع ما، تجده مثبتاً نظره على شاشة هاتفه وكأن الكون سيتوقف لو وضعه جانباً واغتنم تلك الفرصة للتواصل الحقيقي مع من حوله.
قيل في الأمثال العمانية قديمًا: "اضرب كلبك يعرف جارك"، وذلك إذا ما زارك ضيف وأردته أن يُغادر بيتك، ما عليك إلا أن تقوم بضرب ابنك أو زجر خادمك أمامه، فيفهم الرسالة ويُغادرك بلا رجعة، واستخدام الكلب -أجلكم الله- هنا ليس للتحقير، بل للدلالة على وفائه وقربه منك وأنه لن يغضب منك أو يردها لك، أما اليوم فإذا أردت أن تتخلص ممن يجالسك فأسهل وأقصر الطرق أن تمسك بهاتفك طوال الجلسة، وحتى لو كان على الطاولة التي أمامك، ثبت نظرك على شاشته أو بالساعة الذكية في معصمك وبالتالي تصل الرسالة إلى ضيفك بأنَّ جلسته ثقيلة فيستأذن منصرفا، قال تعالى: وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَالجَارِ ذِي القُرْبَى وَالجَارِ الجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا {النساء:36}، قيل المراد الصاحب بالجنب الصاحب في السفر، وقيل رفيقك الذي يُرافقك، لذا فالمرء منَّا مطالب بالإحسان إلى الصاحب في السفر والحضر، وأبسط الإحسان أن تعطيه اهتمامك في حضوره، يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه". رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني.
إنني من أولئك الذين يقدرون الأشخاص الذين يضعون الهاتف جانبًا، كي يكونوا حاضرين بجميع حواسهم في أي جمع يكونون به، وذلك تقديرا واحتراما للجماعة الحاضرة، وحتى يعطون الانطباع بأن تلك اللحظات هي أثمن من أن يشغلوا أنفسهم بغير الحضور، وكم أحس بقلة التقدير وأعده تقليلا من الشأن إذا كان/ت الجالس/ة أمامي يطالع هاتفه كل عدة ثوان، فهو يعطيني الإحساس بأنني شخص غير مرغوب فيه، وتصلني رسالته بأن ثواني الجلوس معي تمر ثقيلة، وقد لا يروق هذا الكلام بعض الأشخاص، ولكنني أوضح أمرا بأن الاستجابة لرسالة طارئة أو أمر هام أو مُكالمة طارئة تعد أمرا طبيعيا، ولكنني أقصد أولئك الذين مروا علينا جميعا، واسمحوا لي بأن أذكر نفسي وإياكم بأنَّ الحياة قصيرة جدا، فمن يدري ربما تكون تلك اللحظة هي آخر مرة ألتقي فيها بذلك الشخص، فهل يا ترى انشغالي بالهاتف هو آخر ما سأتركه له بعد رحيلي؟! أو لن أحس بذلك الوجع في صدري وأقول ليته عاد لأنصت له وأصغي إلى حديثه باهتمام وشوق؟!
وأخيرًا، اتصل بصاحبك واسأله: (فاضي شوية؟).
---------------------------------------------
توقيع:
"وَلا خَيرَ في خِلٍّ يَخونُ خَليلَهُ// وَيَلقاهُ مِن بَعدِ المَوَدَّةِ بِالجَفا.
وَيُنكِرُ عَيشاً قَد تَقادَمَ عَهدُهُ// وَيُظهِرُ سِرّاً كانَ بِالأَمسِ قَد خَفا.
سَلامٌ عَلى الدُنيا إِذا لَم يَكُن بِها//صَديقٌ صَدوقٌ صادِقُ الوَعدِ مُنصِفا"
الشافعي.
رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
حاخام: اليهود الذين غادروا إلى إسرائيل عادوا جميعا إلى روسيا
روسيا – أكد الحاخام ألكسندر بورودا، رئيس اتحاد الجاليات اليهودية في روسيا، أن اليهود الذين غادروا روسيا إلى إسرائيل في بداية العملية العسكرية الخاصة قد عادوا جميعا إلى روسيا.
وجاءت هذه التصريحات خلال مؤتمر صحفي عقده بورودا، حيث أوضح أن العديد من اليهود يغادرون إلى إسرائيل لاكتساب الجنسية الإسرائيلية، ثم يعودون لاحقا إلى روسيا.
وأضاف الحاخام: “لا يوجد انخفاض في عدد اليهود في روسيا، بل هناك نمط متكرر من الرحيل للحصول على الجنسية الإسرائيلية ثم العودة”. وتابع قائلا: “عند بداية العملية العسكرية الخاصة، غادر عدد قليل إلى إسرائيل، ولكن في الواقع عاد الجميع. لاحقا، وبعد أحداث 7 أكتوبر والحرب مع حركة الفصائل الفلسطينية، شهدنا تدفقا أكبر لليهود القادمين إلى روسيا”.
وشدد بورودا على أن الطائفة اليهودية في روسيا تبذل جهودا كبيرة لضمان شعور اليهود بالرضا الروحي والدعم المجتمعي، مما يجعل روسيا وجهة جاذبة لهم. وأكد أن هذه الجهود تساهم في تعزيز ارتباط اليهود بالحياة في روسيا.
المصدر: نوفوستي