جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-24@07:31:35 GMT

هل نحتاج لتشكيل وزاري جديد؟

تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT

هل نحتاج لتشكيل وزاري جديد؟

 

د. عبدالله باحجاج

نطرحُ التساؤل في العنوان أعلاه، من فرضيتين أساسيتين؛ الأولى: أن هذا التشكيل قد جاء في خضم أزمتين من الوزن الثقيل، هما انهيار أسعار النفط، وجائحة كورونا، أما الفرضية الثانية فتتمثل في اتساع دائرة عدم الرضا تجاه الكثير من السياسات المالية والتشريعية، بسبب ما فرضته من واجبات مالية ثقيلة على المُواطن، لذلك يُمكن أن نطلق على التشكيل الوزاري الحالي "فريق مُعالجة الأزمات"؛ سواء أخذنا بتاريخية التعديلات الوزارية التي حدثت في أغسطس 2020، أو إعادة تشكيل مجلس الوزراء في يونيو 2022.

لكن بلادنا في حاجة الآن إلى معرفة مستوى نجاح الفريق التنفيذي الحكومي في التدبير والتسيير والتخطيط والتنفيذ، والإسراع نحو تحقيق التوازن بين المصالح الثلاثة الأساسية التي يقوم عليها الاستقرار العام في بلادنا على وجه الخصوص، وهي: السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

ومرجعية تساؤل عنوان المقال تتمثل في السؤال التالي: هل فريق مرحلة الأزمات مؤهل للإدارة التنفيذية لمرحلة ما بعد الأزمات؟ وهناك مجموعة استدلالات يمكن أن نبني عليها طرح التساؤل الأخير، أبرزها:

استمرار تفكير الأزمتين لما بعدهما رغم انتفاء كل الظروف والمُعطيات التي أنتجت الأزمتين. عودة البلاد إلى وضعها المالي الاعتيادي، وربما أفضل من السابق، وانكشاف ضمانات الاستدامة المالية من خلال قطاعات إنتاجية جديدة كالهيدروجين الأخضر، أي ليس من خلال منظومة الضرائب والرسوم القاسية. تزايد الصرخات الاجتماعية في أساسيات المعيشة، وربما على الإدارة التنفيذية الحكومية أن لا تقلِّل من حجم الصرخات من فاتورتي المياه والكهرباء اللتين تظهران الآن قيادتهما للاستياء والامتعاض الاجتماعي.

لن يذهب تفكيرنا إلى أنه بعد خطة التوازن المالي (2021– 2024) ستنتهي الضرائب والسياسات الاجتماعية القاسية، كما قد يفهمها البعض من سياقها الزمني، وإنما هي– أي الخطة– وسيلة لتحقيق غاية دائمة تقود مجموعة إصلاحات بالتبعية؛ فالغاية الكبرى هنا تتمثل في الإصلاح المالي وقيادته لمجموعة إصلاحات اجتماعية كبرى بنيوية لخمسين سنة مُقبلة، دون أن تكون هناك خطة إصلاحية للمجتمع المتجدد، وإنما ستكون حصيلة انعكاسات الإصلاح المالي، وطوال تطبيقاتها خلال الثلاث سنوات حتى الآن، كيف تبدو انعكاساتها الاجتماعية؟ وهل هي مرضية سياسيًا؟

لا بُد أن تكون الإجابة على التساؤلين صريحة وشفافة؛ لأنه ليس من المصلحة الاستراتيجية ترك المجتمع في مُعاناته المعيشية وارتفاع منحنى الامتعاض العام؟ من هنا نرى أن مرحلة انتهاء سنوات خطة التوازن المالي في عام 2024، ينبغي أن يتزامن معها التفكير في التشكيل الوزاري الحالي، ومدى قدرته على صناعة التوازن المعقول بين المصالح الاستراتيجية الثلاثة للدولة- السالفة الذكر- وهي: السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وبحسابات الأثقال الوزنية لكل مصلحة منها، وليس حصريًا المصلحة المالية، إذ إن فهمنا العميق يشير إلى أن هناك إفراطًا في حماية رؤوس الأموال الخاصة (المحلية والأجنبية) وإعادة التشريعات والقوانين لخدمتها وحمايتها، وكذلك تفريطٌ في البعد الاجتماعي قد يفُضي إلى انعكاسات سياسية، ونهجٌ لا يُمكن نجاحه في بلد يشعُر بالأبعاد السياسية والاجتماعية أكثر من أي دولة في المنطقة، وينبغي العلم سياسيًا بالضرورة، أن ما تقوم به بعض الدول من إفراط وتفريط، ستدفع ثمنه لاحقًا، ولا ينبغي تبنيه عُمانيًا.

ومن دواعي التفكير كذلك في التشكيل الوزاري الحالي أن كل وزير يعمل برؤيته التنفيذية بمعزل عن نظرائه الآخرين، ويصفه البعض بأنه مُبدعٌ، وأنه سابق زمانه ومكانه، فتصدُر القوانين والسياسات والاستراتيجيات والقرارات الفورية دون تنسيق، ودون تكاملية، وبصورة راديكالية لا تأخذ في عين الاعتبار البناءات السابقة، وحجم المصالح الاجتماعية المُتضررة، علاوة على أنها تقذف بها في محيط اجتماعي تفاعلي تزيد صرخاته بسبب آلامها.

وهنا تساؤل آخر: هل نحتاج إلى إعادة الهندسة السياسية للإدارة الحكومية التنفيذية؟ ومطالبتنا بإعادة التفكير في أول تشكيل وزاري للنهضة المتجددة، ينبع من منطلق أن تقييم الحكومات يُمثل قضية ينبغي أن تحظى باهتمامات سياسية واجتماعية في آنٍ واحدٍ، وأن يجري التقييم بصورة دورية، بإشراك أطراف مختلفة.

نؤمن أنه حتى في ظل ما كانت سياسات الجبايات والرسوم ورفع الدعم مُلزمة على مسارنا الوطني، إلّا أن هناك هوامش كبيرة للحصانة الاجتماعية، أكبر من الحصانة التي توفرها منظومة الرعاية الاجتماعية، ويمكننا أن نُحقق من خلالها الرضا الاجتماعي، ولماذا لم تكن كذلك؟ الإجابة: لأنَّ التفكير كان مسيطرٌ عليه تفكير الاستدامة المالية من خلال الضرائب والرسوم، وليس من القطاعات الاقتصادية الإنتاجية القديمة والجديدة..

من هنا يستلزم أن تكون هناك عقول وزارية جديدة تُمكَّن من الاعتداد بالوزن الاجتماعي الثقيل للدولة العمانية.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

عبدالقيوم: على الحويج التفكير في شرعية وجوده بدلاً من التصريحات الانتهازية

خاطب عيسى عبدالقيوم، المحلل السياسي الليبي، وزير اقتصاد الدبيبة، محمد الحويج، وقال إنه يتعين عليه أن يعمل على توحيد مؤسسات البلد كلها دفعة واحدة، أو أن تنقسم كلها إلى حين إيجاد الحل الشامل فذاك أدعى لتسيير وتيسير حياة الناس.

أضاف في تدوينة بفيسبوك قائلًا “طالما أنك اعترفت بوجود انقسام سياسي وهو بالضرورة يتضمن اعترافك بأنك “طرف” وهناك “طرف” آخر فمن غير المنطق ولا المقبول أن تطالب بأن تكون “المؤسسات الاقتصادية” فقط تابعة لك، لقد جربنا ذلك وشهدنا كيف استخدم “المال العام” في المعركة السياسية على حساب معاناة الناس”.

وتابع قائلًا “كذلك سيكون من المعيب بل وربما يعتبر من الانتهازية أن تطالب فقط بعدم انقسام “الصرة” بحجة ضياع مصلحة الدولة وترك بقية المؤسسات كالتعليم والصحة والرياضة والإسكان كما لو أن انقسامها لا يعينك ولا يعتبر إضرارا بمصلحة الدولة، وارجو ألا يزعجك أن أفسر ذلك بالانتهازية كونك ركزت فقط على “المال” لعلمك بارتباط كل شيء به في الدولة الريعية وعبره أيضآ يمكن أن تفرض شروطك السياسية”.

واختتم مخاطبا الحويج “أرجو أن تستعيد هدوءك وسعة صدرك وتفكر في شرعية وجودك (كحكومة) أولاً.. ثم في طريقة لتسليم السلطة من أجل البحث بجدية في توحيد كافة المؤسسات، فجميعها مهم للناس ومرتبط بوجودهم وحياتهم”.

مقالات مشابهة

  • القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية يكشف معلومات جديدة عن "مخدر الاغتصاب"
  • برنامج الغذاء: نحتاج إلى مليار ونصف دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية في العام 2025
  • "نجوم في الظلام".. كيف خاض مشاهير رحلة مع التفكير في الانتحار؟ آخرهم بوسي! (تقرير)
  • كاتب صحفي: الدولة تسعى لتشكيل جيل جديد قادر على تحمل المسؤولية والقيادة
  • وزيرة المالية: الحكومة ملتزمة في مشروع قانون المالية بتعزيز ركائز الدولة الاجتماعية،
  • روسيا ترحب بالمهاجرين: نحتاج للعمالة الأجنبية
  • النائب طارق رسلان.. يدعو لتشكيل لجنة عقارية لتعديل قيمة الإيجار القديم وتحقيق التوازن بين المالك والمستأجر
  • الإمارات تتحرك لتشكيل تحالف عسكري جديد ضد الحوثيين
  • عبدالقيوم: على الحويج التفكير في شرعية وجوده بدلاً من التصريحات الانتهازية
  • عبدالقيوم: على الحويج التفكير في شرعية وجوده قبل الحديث عن توحيد المؤسسات