جريدة الرؤية العمانية:
2024-12-22@06:10:02 GMT

الإعلام وكفتا الميزان

تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT

الإعلام وكفتا الميزان

 

محمد بن عيسى البلوشي

في خضم الأحداث المتسارعة والمتغيرات الجارفة التي يعيشها عالم اليوم، يبرز أمامنا مشهد يتأرجح بين الجدية واللامسؤولية، بين القضايا الكبرى التي تهم مصير الشعوب ومستقبل أوطانها، والقضايا الثانوية التي لا تلامس الواقع بقدر ما تثير الضحك والسخرية والهرج والمرج.

وبينما نمر بجولاتنا الإعلامية عبر القنوات العربية المختلفة، نجد أنفسنا أحيانًا أمام مشهدٍ مؤسف؛ حيث يتحول موضوع هامشي مثل أصل اللوز (البيذام) وما إذا كان من الفواكه أو الخضراوات إلى محور حديث ونقاش مُكثف بين المستمعين لتلك البرامج، وكأنَّ هذا الموضوع يمثل جوهر الهم العربي وحقيقة تطلعات الأمة.

إنَّ هذا الإفلاس في بعض وسائلنا الإعلامية العربية يعكس أزمة أعمق، أزمة في المحتوى وأزمة في المسؤولية، حيث بات من السهل على بعض المشتغلين ملء الفراغ بموضوعات لا تحمل أي قيمة حقيقية، فقط لأنها قد تثير اهتمام الجمهور بشكل عابر أو تحقق تفاعلًا على منصات التواصل الاجتماعي. إن مثل هذه القضايا السطحية تساهم في إبعاد الإعلام العربي عن دوره الحقيقي الذي يجب أن يكون عليه في صناعة الفكر وإثراء النقاش وتقديم ما يخدم الإنسان العربي وينمي عقله ويثري ثقافته.

لا يقتصر الأمر على البرامج؛ بل يمتد إلى ما يُعرض على شاشاتنا العربية من مسلسلات وأفلام بعيدة كل البعد عن واقعنا وثقافتنا، تروج لمظاهر سطحية وكلمات بذيئة وصور غير لائقة، وكأن الإعلام قرر أن يعكس صورة مشوهة عن أنفسنا. هذا ليس الإعلام الذي نطمح إليه، وليست الرسالة التي يجب أن تصل إلى المواطن العربي الذي يتوق إلى تنمية فكرة والاستقرار الاجتماعي في ظل وطن دافء.

إن النقاش حول "اللوز" وما إذا كانت من الفواكه أو الخضراوات ليس سوى تجسيد لحالة من الهروب من الواقع، ومن القضايا الحقيقية التي يجب أن يتناولها الإعلام العربي، في مسعى لتنمية الفكر الإنساني وتعزز المواطنة.

إن المسؤولين عن الإعلام في عالمنا العربي مطالبون اليوم بإعادة النظر في سياساتهم الإعلامية، والعمل على حوكمة الأنشطة الإعلامية بمهنية عالية، وخصوصا في مجال الإعلام الإلكتروني، بحيث يتم التركيز على المحتوى الذي يخدم المواطن ويعزز وعيه وارتباطه بوطنه ومجتمعة، وأيضًا من التكامل العربي الذي تنشده الشعوب بكل محبة وتقدير.

التغيرات الكبرى التي يشهدها العالم في مجال الإعلام يجب أن تدفعنا نحو نهضة إعلامية متجددة، تقوم على أساس المحافظة على العقول العربية وتوجيهها نحو رفعة وتطور أوطانها. هذه النهضة لن تتحقق إلا بتحمل الجهات المختصة لمسؤولياتها في تمكين الرسالة الإعلامية الهادفة، رسالة تقوم على القيم والمبادئ التي تُعلي من شأن الإنسان وتدفعه نحو تقدم وازدهار وطنة ومجتمعة، وتعزز من نتاج التعاون العربي.

في الختام، علينا أن نتذكر أن الإعلام ليس مجرد أداة للتسلية أو تمرير الوقت، بل هو سلاح ذو حدين، يمكنه أن يبني أو يهدم، يمكنه أن يرتقي بالشعوب أو يغرقها في أمور لا فائدة منها. إن الرسالة الإعلامية الحقيقية هي تلك التي تلامس الواقع وتثري الفكر الإنساني، تتناول المواضيع التي تنمي الإنسان، وتساهم في بناء مستقبل أفضل لهم ولأوطانهم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مجمع الملك سلمان العالمي للُّغة العربيَّة ووزارة الإعلام يُطلقان معجم مصطلحات الإعلام

أطلق مجمع الملك سلمان العالمي للُّغة العربيَّة، بالتعاون مع وزارة الإعلام “معجم مصطلحات الإعلام”، الذي يهدف إلى توحيد المصطلحات الإعلامية وتوضيحها، من خلال توفير معجم شامل في هذا المجال، وتقديم مصدر موثوق للباحثين يُسهم في تطوير الدراسات والبحوث المتعلقة بالإعلام التقليدي والرقمي وغيرها من المصطلحات المرتبطة به؛ حتى يكون مرجعًا للصحفيين، والإعلاميين، وللأكاديميين، وطلاب الإعلام، والمترجمين المتخصصين، والعاملين في المؤسسات الإعلامية، والمهتمين بالمجال الصحفي والإعلامي، ومواقع التواصل الاجتماعي. بما يتماشى مع إستراتيجيات عام التحوُّل الإعلامي في المملكة العربية السعودية.

وأوضح الأمين العام للمجمع، الدكتور عبدالله بن صالح الوشمي، أن المجمع يضع ضمن أولوياته صناعة المعاجم الرقمية؛ بهدف دعم البحث العلمي وتعزيز الإنتاج المحلي، سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات.

وأكد أنَّ هذه الجهود تسعى إلى بناء قاعدة بيانات موحدة تتيح للباحثين والمتخصصين الوصول إلى مصادر معرفية دقيقة، إضافة إلى توفير بيانات لغوية رقمية لدعم المطورين والمبرمجين للتطبيقات التقنية، سواء أكانت لغوية أم غير لغوية.

وأشار الدكتور الوشمي إلى أن المجمع أطلق في الفترة الماضية مجموعة من المعاجم المتخصصة، بالتعاون مع عدد من الوزارات والهيئات الحكومية، مبينًا أن إطلاق “معجم مصطلحات الإعلام” جاء مواكبًا للتحولات الكبرى التي يشهدها القطاع الإعلامي، وتوفيرًا لمرجعيات لغوية تدعم فهم التحولات، وتطوير المفاهيم المرتبطة بها.

اقرأ أيضاًالمجتمعبرعاية وزير البلديات والإسكان.. انطلاق منتدى “الهندسة وجودة الحياة” غدًا

ويضم المعجم المصطلحات الخاصة بالإعلام التقليدي، ومصطلحات الصحافة المطبوعة، والمصطلحات الإذاعية والتلفزيونية، والإعلام الرقمي، ومصطلحات وسائل التواصل الاجتماعي، وتقنيات البث المباشر، والبودكاست، والصحافة الإلكترونية، والتسويق الرقمي، والمنصات الإعلامية الحديثة، ومفردات الإعلام المرئي والمسموع، والمصطلحات التقنية في المجال الإعلامي، ومفاهيم الإعلام الجديد، وغيرها.

ويتضمن المعجم ما يقارب “800” مدخل معجمي، ويحتوي كل مدخل على: المادة المعجمية العربية مع القسم الكلامي للمدخل، ونوع المدخل، ثم تأتي دلالات المدخل المعجمي، مع ترجمة المصطلحات إلى اللغة الإنجليزية.

يُذكر أن مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية قد أطلق منصة “سِوَار”، التي تُعنى بنشر المعاجم؛ لتمكين المستخدمين من البحث المتقدم في المعاجم؛ إذ يمتلك المجمع خبرة لغوية تراكمية في صناعة المعاجم وتأليفها، بما يُسهم في المحافظة على اللغة العربية وهُويتها اللغوية، ودعمها، وتيسير تعليمها وتعلمها داخل المملكة العربية السعودية وخارجها.

مقالات مشابهة

  • اجتماع في صنعاء يناقش الترتيبات الإعلامية للمؤتمر الثالث “فلسطين قضية الأمة المركزية”
  • اجتماع بصنعاء يناقش الخطة الإعلامية للمؤتمر الثالث – فلسطين قضية الأمة المركزية
  • مناقشة الخطة الإعلامية للمؤتمر الثالث ( فلسطين قضية الأمة المركزية)
  • مجمع الملك سلمان العالمي للُّغة العربيَّة ووزارة الإعلام يُطلقان معجم مصطلحات الإعلام
  • الخديعة الكبرى التي اجتاحت العالم .. شحوم المواشي علاج للبشر ام كارثة على البشرية
  • أهم أنواع الخط العربي التي تزين أرجاء المسجد الحرام
  • ما القضايا التي ستلاحق ترامب في المحاكم رغم عودته إلى البيت الأبيض؟
  • شخصيات إعلامية بارزة وصنّاع محتوى يشاركون في«أيام طرابلس الإعلامية»
  • مجلس النواب يدعو لعقد جلسة رسمية.. فما أبرز القضايا التي ستتم مناقشتها؟
  • نادي قضاة اليمن يدين قرار مجلس القضاء الأعلى الذي يحظر على القضاة النشر والتعليم في وسائل الإعلام