زاهى حواس يكتب: رسالة من «أبو الهول».. رمز لعظمة الإنسان المصرى وسر من أسرار العبقرية المصرية
تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT
أنا أبو الهول.. أتحدث إليكم من أرض الحضارة الفرعونية.. أنا هنا منذ أكثر من خمسة آلاف عام... حارس لهذه الآثار الخالدة.. رمز لعظمة الإنسان المصرى.. سر من أسرار العبقرية المصرية....
رغم كل السنين ورغم مرور الزمن ما زلتم تتحدثون عن سر وجودى وأسرار عظمة الحضارة الفرعونية.. وحينما أتحدث إليكم وأنتم تحتفلون ببداية الألفية الثالثة أو بداية القرن الحادى والعشرين من عمر الزمان يكون قد مر على وجودى هنا أمام أهرامات الجيزة خمسة آلاف عام.
إن التاريخ سيظل يذكر أن الفراعنة المصريين هم أعظم من تركوا للإنسانية حضارة تحتارون فى أسرارها حتى الآن. أنا أبو الهول.. جئت إلى هذا الوجود بعد أن كلف الملك خفرع ابن خوفو فنانيه لينحتوا جسمى من صخرة عمرها خمسون مليون سنة.. نحتوا جسمى على شكل أسد ووجهى وجه الملك خفرع.
أتعجب كثيرًا لما تسمعونه الآن حول أسرار وجودى وأسرار الفراعنة وأسرار الهرم الأكبر... يقولون إن أمامى حجرة تحتوى على كنوز وأسرار قارة أطلانتس وأن هذه الحجرة سوف تكتشف قبل نهاية القرن العشرين وأن الهرم الأكبر لم يشيده المصريون ونسبوه الى قوم هبطوا من السماء.
والحقيقة:
أود أن أقول لكم فى هذا اليوم وأنتم مقبولون على حقبة جديدة من عمر الزمن إن خفرع هو الذى أشرف على نحت تمثالى وإننى هنا أمثله وهو يتعبد إلى إله الشمس رع الذى يشرق ويغرب من المعبد المقام أمامى.. وإذا نظرت إلى من بعيد فسوف ترانی أمثل رع بين أفق هرم خوفو وخفرع وقد اعتبرونى رمزًا لمصر وللمصريين منذ حوالى ثلاثة آلاف عام.. وقد حفر بجوارى علماء الآثار وعثروا على سراديب داخل جسمى لم يعثروا داخلها على أسرار او غرائب وترك الملوك الفراعنة بجوارى معابد ولوحة الحلم الشهيرة.
وإذا تظرتم إلى وجهى فسوف ترون آثار الزمن فقد فقدت العلامات الملكية الموجودة على وجهى وما زالت البسمة الموجودة على وجهى تظهر آثار هذا الزمن.. فقد شاهدت أول هرم فى التاريخ وهو المعروف بإسم الهرم المدرج والذى بناه المهندس العبقرى إيمحوتب ويجاوره عناصر معمارية رائعة من مقاصير عيد السد ومقاصير الشمال والجنوب.
وفى دهشور جاء سنفرو وبنى أربعة أهرامات فى ميدوم ودهشور ويعتبر من أهم الفراعنة المصريين الذين شيدوا المبانى العظيمة..وهرم خوفو العظيم الذى يعتبر أعظم الأهرامات المصرية بنى بزاوية ٥١/٥٢ وعثر بداخله على أسماء العمال الذين بنوا الهرم وعثر أيضًا بداخله على حجر ذى مقبضين من النحاس.. ورغم أن العلم ما زال يتساءل عن كيفية بنائه إلا أن بعثة مصرية كشفت العام الماضى عن الطريق الذى نقل عليه أحجار الهرم وكشفوا ايضا عن أدلة جديدة لكيفية عمل قاعدة الهرم.
وما زلنا نسرد عليكم الحقائق لأول مرة فى مطلع هذا اليوم.. فقد كشف أيضا عن مقابر العمال بناة الأهرام ليثبت هذا الكشف أن بناة الأهرام هم المصريون وأن الأهرامات لم تبن بالسخرة بل بنيت بالحب.. وقد كشف عن مقابر لهؤلاء العمال وعن المخابز ومناطق تجفيف الاسماك بالإضافة إلى القرية التى عاش فيها ٢٠ ألف عامل.
وما زالت الحضارة الفرعونية تبهر العالم حتى الآن والاكتشافات العظيمة التى تهز الدنيا كلها وتتحدث عن عظمة هؤلاء الناس وخاصة اكتشاف خبيئة المومياوات وخبيئة التماثيل بمعابد الكرنك والأقصر وكشف مقبرة الملك الصغير توت عنخ آمون الذى تعتبر أعظم اكتشافات القرن العشرين. وطيبة عاصمة العلم القديم والمدينة ذات المائة باب وما بها من آثار عظيمة شاهدة على عظمة مصر.. وتظهر لنا مناظر مقابر الملوك والإشراف حياة المصريين القدماء وكيف عاشوا والمآدب والأفراح وحياتهم الدينية.
وفى عصرهم عرفوا لأول مرة الإله الواحد حيث استطاع إخناتون أن يقنع المصريون بأن هناك قوة كامنة خلف قرص الشمس هى آتون وأن هذا هو الإله الواحد الذى لا شريك له. ففى هذا اليوم العظيم.. اليوم الأول فى القرن الواحد والعشرين أستطيع أن أقول لكم بأن المصرى القديم قد حكم العالم القديم كله فكريا وثقافيا وهندسيا وفلكيا ومعماريا وقدم فلسفة الفكر الدينى العظيم لهذا العالم.
ونتيجة لإيمانه الشديد فقد ترجم هذا الفكر إلى اثارا وتراثًا وسجلًا يتحدث عن هؤلاء الناس العظام. وفى هذا اليوم أشير أيضا بأن هؤلاء الناس لم يكونوا قوم خارقين بل كانوا قومًا عاديين مثلكم تماما ولكن بالإيمان وبالحب استطاعوا أن يتركوا لنا أعظم حضارة فى التاريخ..... إن الحضارة المصريو كانت وما زالت رمزا للسلام.. إن كل من حكموا مصر كان هدفهم السلام.
الفراعنة عملوا من أجل السلام ورغم قوة وعظمة الامبراطورية الفرعونية فإن هدفها الأول كان السلام، ومصر الحديثة تعمل من أجل السلام ولم تعتدى مصر أبدا على أحد دائما ترد العدوان وتدعو إلى السلام وها هى الأيام بيننا تؤكد ذلك مرة فى عصر مبارك تعمل من أجل السلام... والشعب المصرى شعب محب للسلام.. وسيظل يدعو له فى كل زمان ومكان.
إننى أبو الهول أيضًا أدعوكم لأن تعملوا مع مصر من أجل السلام ورفاهية الإنسان فى كل مكان.
ونحن لا نعرف ماذا تخبىء الرمال من أسرار.. وسوف تكشف لنا الأيام القادمة فى القرن الجديد عن أسرار جديدة ومعلومات ومفاجآت عديدة بين رمال مصر سوف تظهر للعالم كله خلال القرن الواحد والعشرين لتؤكد دائما عظمة مصر والمصريين وتؤكد لكم جميعًا فى كل مكان من هذا العالم بأن الآثار المصرية وحضارتها لا تخص مصر فقط بل تخص العالم كله.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: من أجل السلام هذا الیوم
إقرأ أيضاً:
سعود الحوسني يكتب: أدبنا العربي مرآة هويتنا وذاكرتنا الحية
الأدب مرآة هوية الشعوب وذاكرتها الحية عبر العصور، وهو العصب الذي يربط ما بينها ليشكّل نسيجنا الثقافي وامتدادنا الإنساني حول الكون. وقد كان للأدب منذ آلاف السنين الدور الأساسي في حياتنا، إذ ساعدنا على فهم العالم من حولنا بشكل أفضل، وتحديد موقعنا ومكانتنا ورسالتنا في هذا العالم. في موازاة ذلك، كانت الأعمال الأدبية المتميّزة وموضوعاتها المتنوّعة، من الدين والفلسفة إلى العلم والشعر، علامات اجتماعية وثقافية فارقة في تطوّر البشرية.
وعلى امتداد العالم العربي، احتلّ الأدب واللغة، ولا يزالان، مكانةً مرموقة في تاريخنا وثقافتنا. فخلال العصور الإسلامية من صدر الإسلام وصولاً إلى العصرين الأموي والعباسي حتى المملوكي، أسهَمَ الأدب العربي في ارتقاء المعرفة وتعزيز التطوّر. ولم يقتصر الأمر على قيام العلماء العرب بحفظ ما نقلوه عن مفكري اليونان وعلمائها وأدبائها القدماء، وحفظوه للعالم عبر أوروبا وروح البحث العلمي التي حفّزوها هناك، بل تمكنّت كذلك أعمال روّاد الأدب والفكر، مثل ابن رشد وابن سينا والكندي والخوارزمي، من الدفع بالحضارة إلى آفاق معرفية جديدة.
واليوم، يشكّلُ الأدب عنصراً مؤثراً في تشكيل هويّتنا الثقافية حول العالم. وفي دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، نتمسّك بهذه القيمة الهامة والملهمة لهويتنا، من خلال اعتماد الأدب العربي وسيلةً لإثراء الحياة وتسهيل التبادل الثقافي. ونقوم بذلك من خلال برامج وفعاليات عديدة أبرزها معرض أبوظبي الدولي للكتاب، من تنظيم مركز أبوظبي للّغة العربية التابع للدائرة.
وإننا ندركُ ما لهذا المعرض الهام، إلى جانب فعالياتنا الثقافية والقرائية العديدة، من دور في تعزيز القراءة ثقافةً يوميةً راسخة لأفراد مجتمعنا الإماراتي، وقد أتاح معرض أبوظبي الدولي للكتاب ومهرجان العين للكتاب 2024 فرصاً ثمينة أمام هواة القراءة للتعمّق في سبر أغوار الأدب العربي وكنوزه وروائعه. وكان هذان الحدثان استضافا في العام الماضي 308 آلاف زائر، بينهم عدد كبير من الوفود المدرسية، علماً بأنّ دراسة لوزارة الثقافة أجريت في عام 2021 ذكرت أنّ 40 في المئة من المواطنين والمقيمين في أبوظبي يشترون كتبهم وسائر المطبوعات التي يقرؤونها من معارض الكتب التابعة لدائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي.
وعبر احتضان اللغة العربية، يمكن لمعارض الكتب أن ترسّخ هويّتنا العربية، وتجمع بعض أبرز الكتّاب والمفكّرين في المنطقة لعقد ملتقياتهم التي تثري حوارنا الثقافي. فاللغة العربية لغة جميلة نابضة بالحياة، استمرّت ونمت واغتنت من خلال لهجاتها المتعدّدة وآدابها. كما أنّها غنيّة بالمفردات والمعاني. ورغم ذلك، لا تعتبر اللغة العربية ممثلة بشكل كافٍ في الحوارات العالمية والمحتوى الدولي، إذ يعتمدها أقل من 1 في المئة من المواقع الإلكترونية حول العالم، فيما يشكّل المتحدّثون بها نحو 3.4 في المئة من سكّان المعمورة.
وبناءً عليه، من الضرورة بمكان أن نتشارك أخبارنا وقصصنا مع سائر العالم بلغتنا، وذلك حتى يكون لدى هؤلاء فهم أعمق لحضارتنا وثقافتنا العربية. ومن هذا المنطلق، أخذت دولة الإمارات العربية المتحدة على عاتقها مهمّة الحفاظ على الأنماط التقليدية في التعبير ودعم ابتكار أنماط جديدة أيضاً من خلال المستجدات غير المسبوقة من الأدوات والتقنيات مثل الذكاء الاصطناعي.
وكما ذكر الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، في كلمته أمام المؤتمر الدولي للنشر العربي والصناعات الإبداعية الذي عقد في أبوظبي نهاية شهر أبريل المنصرم، فإنّ الأدب يعبّر عن «سرديّة التراث العربي القائمة على احترام الآخرين والتفاعل معهم». فهذه القيم تمنح الأدب القوّة وتجعله جسراً ثقافياً، كما كان عليه خلال عصره الذهبي.
فحتّى اليوم، ما زلنا نستمدّ الإلهام من كنوز أدبنا وتاريخه المشرق، بروائعه العديدة مثل «كليلة ودمنة»، أحد كتبي المفضّلة، والذي يتصدّر معروضات حدث يستضيفه متحف اللوفر أبوظبي حالياً تحت عنوان: «من كليلة ودمنة إلى لافونتين: جولة بين الحكايات والحكم».
وكما هو معلوم، الخرافة تلهم الشخصيّة. فإحدى المعروضات التذكارية الملفتة في متحف اللوفر أبوظبي تقول: «ما الخرافة؟ إنها حكاية صغيرة تخبرك من أنت». وعندما يصل الإحساس بالشخصية من خلال مقولة «من أنت» إلى عدد كافٍ من الأفراد، فإنّه بذلك يلعب دوراً في تعزيز الهويّة الثقافية وفهم قيمها وأبعادها.
لهذا السبب تمنح دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي قيمة عالية لمكتباتها في الإمارة. ففي وقت ينظر فيه معظم الناس إلى القراءة في المكتبات على أنها عادة قديمة، يستثمر العالم العربي في المكتبات بوصفها مراكز للمجتمع والمعرفة. وقد استقبلت الفروع الخمسة لمكتباتنا عدداً هائلاً من الزوار بلغ 164.553 زائراً خلال العام الماضي. وهي تحتوي على 306.492 كتاباً، بما فيها 30.099 كتاباً حول دولة الإمارات العربية المتحدة ومنطقة الخليج العربي.
وخير مثال على جهود «مكتبة» المتواصلة مسابقة «الكاتب الصغير في الكتاب الكبير»، التي تدعو الطلاب لكتابة قصص حول موضوع معين، ويجرى جمع ونشر أفضل المشاركات. وعلى سبيل المثال، كان موضوع المسابقة في عام 2020 معرض «إكسبو 2020». وضمّت المشاركات الفائزة واحدة تقدّمت بها تلميذة في الصف الثامن، التي وصفت فيها زيارة إحدى الطالبات إلى «إكسبو 2020»، ما أطلق العنان لشعور الانتماء الوطني لديها، ودفع جدّتها إلى مشاركة قصص عن تاريخ الدولة وإنجازاتها، من استخدامات سعف النخيل إلى حكايات البحّارة الشجعان.
ربما يأتي يوم يقدّم لنا فيه أحد مؤلفي «الكاتب الصغير في الكتاب الكبير» مجموعة أخرى من طراز «كليلة ودمنة»، أو ينتج كتاباً يستحقّ العرض والبيع في معارضنا، أو يفوز بإحدى جوائزنا الأدبية العريقة. ومن خلال ذلك وحده، سيحافظ هؤلاء الكتّاب المبدعون الجدد، على تراث لغتنا كقوّة دافعة لتشكيل هويّتنا الثقافية والحفاظ على أدبنا آمناً لأجيال عديدة آتية.
وكيل دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي