الجزيرة:
2024-10-14@22:17:41 GMT

لماذا لم يزر الرئيس الأميركي بايدن أي دولة أفريقية؟

تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT

لماذا لم يزر الرئيس الأميركي بايدن أي دولة أفريقية؟

شولا لاوال

كان من المفترض أن تكون رحلة الرئيس الأميركي جو بايدن المخطط لها إلى أنغولا يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول الحالي تاريخية باعتبارها أول زيارة يقوم بها لأفريقيا خلال ولايته الرئاسية، لكنها تأجلت إلى موعد غير محدد بسبب إعصار ميلتون في فلوريدا الأسبوع الماضي، حسب ما قال البيت الأبيض، وكان يفترض أن تسبقها زيارة إلى ألمانيا للتحدث مع الزعماء الأوروبيين حول حرب أوكرانيا قبل التوجه إلى لواندا.

وكانت رحلة الرئيس الأميركي الذي يعيش الأيام الأخيرة من ولايته، بمثابة الوفاء أخيرا بوعوده العديدة لزيارة أفريقيا.

بالنسبة لأنغولا، كان من المقرر أن تحقق الزيارة انتصارًا دبلوماسيًا لحكومة الرئيس جواو لورينسو المضطربة، حيث تمنح الدولة الواقعة في الجنوب الأفريقي حق "التفاخر الإقليمي" باعتبارها الدولة التي اختارتها واشنطن لهذه الزيارة بعد غياب دام عقدًا من الزمن.

ورغم أن سبب التأجيل يبدو معقولا، فإن النقاد يقولون إن بايدن لم يبدو حريصًا قط على إعطاء الأولوية لأفريقيا في المقام الأول حتى في ظل التنافس القوي مع الصين وروسيا، اللتين توسعان نفوذهما بقوة في القارة ذات الموارد الطبيعية الكبيرة، والنمو السكاني السريع، وكتلة التصويت المعتبرة في الأمم المتحدة.

الرئيس جو بايدن والقادة الأفارقة خلال قمة "القادة الأميركيين الأفارقة" في واشنطن يوم 15 ديسمبر/كانون الأول 2022 (رويترز)

منذ انتخاب بايدن رئيسا في عام 2020 لم تطأ قدماه أي أرض أفريقية، على الرغم من إصرار إدارته على إعطاء الأولوية لاحتياجات سكان القارة البالغ عددهم 1.3 مليار نسمة واحترام قادتها. في المقابل، تمكن بايدن من السفر إلى أوروبا عدة مرات -خمس مرات إلى المملكة المتحدة وحدها- وكذلك إلى دول في الشرق الأوسط وآسيا وأميركا اللاتينية.

وقال كاميرون هدسون، كبير محللي شؤون أفريقيا في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية ومقره الولايات المتحدة، للجزيرة إن "إدارة بايدن لم تصل إلى مستوى خطابها". وأضاف هدسون "حتى رحلة لواندا بدت وكأنها محاولة أخيرة رتبت على عجل للرئيس مع اقتراب أشهره الأخيرة في منصبه. ومن المفارقات أن هذه الرحلة ربما تكون أكثر أهمية بالنسبة لبايدن، الذي يبحث عن ترسيخ إرث في أفريقيا ويريد الوفاء بالوعد الذي قطعه مرارا وتكرارا لأفريقيا التي تستعد بالفعل لخليفته".

وعود كبيرة وأفعال قليلة

وعد بايدن لأول مرة بزيارة أفريقيا في ديسمبر/كانون الأول 2022 عندما كان يتحدث إلى 49 زعيمًا أفريقيًّا اجتمعوا في واشنطن العاصمة لحضور قمة "القادة الأميركيين الأفارقة". وعقدت تلك القمة في وقت كان فيه نفوذ الولايات المتحدة في القارة قد تضاءل بشكل كبير بالفعل حيث تفوقت عليها الصين في حجم التجارة في عام 2019.

ومنذ عام 2021، اتجهت دول منطقة الساحل في غرب أفريقيا أيضًا إلى روسيا لإقامة شراكات أمنية بعد أن طردت الغرب بمن فيها القوات الأميركية المتمركزة هناك.

بعد وليمة في البيت الأبيض، قدم بايدن وعودًا رسمية لنظرائه قائلا إن الولايات المتحدة ستعمل على ضمان حصول الدول الأفريقية على مقاعد دائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهو الهدف الذي سعى إليه الاتحاد الأفريقي منذ 20 عامًا. وأضاف أن واشنطن تؤيد توصية بانضمام الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين وسط تصفيق حاد من القادة.

وأعلن بايدن أن الولايات المتحدة مهتمة بأفريقيا مع حزمة دعم بلغت 55 مليار دولار للاتحاد الأفريقي من أجل الرعاية الصحية والبنية التحتية ومجموعة من القطاعات الأخرى.

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يشرح إستراتيجيته تجاه أفريقيا بجامعة بريتوريا بجنوب أفريقيا (رويترز)

ومع ذلك، قال هدسون إن العديد من الوعود لم تتحقق. وأضاف أن فشل بايدن في مطابقة أفعاله مع كلماته يأتي إلى حد كبير بسبب تراخي الإدارة تجاه القارة. وأضاف "في الواقع، لم يتابع البيت الأبيض في عهد بايدن ولم ينشر وثيقة سياسية تحدد علاقاته المخططة مع أفريقيا حتى أغسطس/آب 2022. لم يترك له ذلك سوى عامين لبناء إرث، وهو ليس وقتًا كافيا لإحداث تأثير حقيقي كبير".

وعندما ظهرت وثيقة الإستراتيجية الأفريقية، التي طال انتظارها، على السطح ووصفها المحللون بأنها "طموحة" و"حديثة"، ابتعدت عن تركيز الرئيس السابق دونالد ترامب على العلاقات التجارية وتتبع دولارات المساعدات من خلال الوعد بالتركيز على رفع التمثيل الأفريقي في المؤسسات العالمية الدولية، وتعزيز الاقتصادات وتعزيز التكيف مع المناخ، وتضاءل الحماس بشأن هذه السياسة تدريجيا، خاصة بعد خروج بايدن من السباق الرئاسي في يوليو/تموز الماضي.

تصويت بالجمعية العامة على المقاعد غير الدائمة بمجلس الأمن وتتنافس فيه أنغولا مع بعض الدول الأخرى (رويترز)

ويشير بعض الخبراء إلى أن بايدن حقق بعض الانتصارات، إذ تم قبول الاتحاد الأفريقي عضوا دائما في مجموعة العشرين في سبتمبر/أيلول 2023، كما أعلنت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد الشهر الماضي أن بلادها ستدعم مقعدين دائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لأفريقيا من دون حق النقض.

كما أرسل بايدن مجموعة من المسؤولين الأميركيين للقارة، حيث قام وزير الخارجية أنتوني بلينكن بأربع رحلات، الذي ساعد في التوسط من أجل السلام بين الجارين المتنازعين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية.

كما زارت كامالا هاريس نائبة الرئيس أيضًا غانا وتنزانيا وزامبيا في رحلة استمرت أسبوعا في مارس/آذار 2023.

أميركا مقابل الصين وروسيا

ومع ذلك، فإن الضغط من أجل حصول أفريقيا على مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي دون حق النقض يشبه نقل مواطنيها إلى فئة من الدرجة الثانية، كما قال تيم موريثي، الأستاذ والباحث المشارك في جامعة كيب تاون، في صحيفة ديلي مافريك الجنوب أفريقية.

وأضاف "في الواقع، ستقتصر أفريقيا مرة أخرى على وضع المتفرج في قرارات مجلس الأمن الدولي التي تؤثر على حياة شعوبها، مما يكرر الاستبعاد التاريخي للدول الأفريقية الذي حدث في يونيو/حزيران 1945 عندما تم إنشاء الأمم المتحدة رسميًا في سان فرانسيسكو"، في إشارة إلى الوقت الذي كانت فيه معظم الدول الأفريقية لا تزال مستعمرة وغير ممثلة في المنظمة.

وفي المقابل، زار الرئيس الصيني شي جين بينغ القارة ثلاث مرات. وكانت زيارته الأخيرة إلى جنوب أفريقيا في أغسطس/آب 2023 لحضور قمة مجموعة البريكس (البرازيل والهند والصين وجنوب أفريقيا)، وهي المجموعة التي يقول المحللون إنها تريد منافسة مجموعة الدول السبع.

وعندما سافر الزعماء الأفارقة إلى بكين لحضور القمة الصينية الأفريقية في سبتمبر/أيلول الماضي، لاحظ المحللون كيف التقى شي بالعديد من الزعماء الأفارقة بشكل فردي وأخذهم في جولة في العاصمة. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أيضا في جنوب أفريقيا في عام 2013 لحضور اجتماع البريكس. واضطر إلى الانضمام إلى اجتماع العام الماضي عن بعد بسبب الضغوط الدولية على بريتوريا لاعتقاله بناءً على مذكرات أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية في مارس/آذار 2023 بشأن حربه على أوكرانيا.

الرئيس الروسي (الثالث من اليمين) مع رؤساء الوفود خلال قمة روسيا وأفريقيا بسان بطرسبرغ الروسية في يوليو/تموزر الماضي (أسوشيتد برس)

وحتى قرار بايدن بزيارة أنغولا -إذا حدث ذلك- يعد أيضا معيبا، كما يقول النقاد، فقد روج الجانبان لتعميق العلاقات التجارية والعسكرية، فضلا عن زيادة الاتصال الجوي، حتى إنهم وقعوا صفقة لاستكشاف الفضاء العام الماضي. والأهم من ذلك هو أن أنغولا جذابة للولايات المتحدة بسبب ممر لوبيتو، وهو مشروع للسكك الحديدية غير مكتمل بقيمة مليار دولار سيشهد نقل المعادن الثمينة من جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى ميناء لوبيتو في أنغولا. وضخت الولايات المتحدة 3 مليارات دولار في المشروع.

ومع ذلك، يقول البعض إن هذا يبدو أكبر إرث لبايدن في القارة، وهو أمر غريب، إذ يشير الآخرون إلى أن الصفقة تركز في نهاية المطاف على الاستيلاء على الموارد وتشبه "الاستغلال" الذي اتهمت الولايات المتحدة الصين بالقيام به في القارة.

حليف مثير للجدل

وبينما تشيد حكومة بايدن بأنغولا باعتبارها حليفًا وثيقا، يشكك بعض الأنغوليين في هذه العلاقة، ذلك بأن حكومة الرئيس لورينسو لا تحظى بشعبية كبيرة بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة والفساد وتصاعد انتهاكات حقوق الإنسان.

قطار بين لوبيتو وبنغيلا في أنغولا (غيتي)

في يونيو/حزيران الماضي، فتحت السلطات النار على المتظاهرين الغاضبين من التضخم، مما أسفر عن مقتل 8 أشخاص في مقاطعة هوامبو وسط البلاد. وتم القبض على عدة أشخاص آخرين في مدن في جميع أنحاء البلاد.

كما أن حزب لورينسو، الحركة الشعبية لتحرير أنغولا، الذي يتولى السلطة منذ الاستقلال عن البرتغال عام 1975، يعاني أيضًا من صراع داخلي على السلطة أضعف صورة الرئيس. ولم يذكر بايدن قضايا حقوق الإنسان هذه، ولا حتى عندما استضاف لورينسو في البيت الأبيض في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. ويقول الخبراء إن قربه من لورينكو يمكن أن يُنظر إليه على أنه يشجع الحكومة الأنغولية.

لقد استثمر الرئيس الأنغولي بكثافة في جهود الضغط لتحسين صورته في واشنطن. وقال فلوريندو تشيفوفوت، مدير مجموعة أصدقاء أنغولا والتي تدافع عن قيم ديمقراطية أقوى في أنغولا والتي يوجد مقرها في لواندا وواشنطن العاصمة، "إنه يواجه احتجاجات في الداخل. لا ينبغي للولايات المتحدة أن تتنازل عن قيمها الأساسية المتمثلة في الديمقراطية وحقوق الإنسان في محاولة للحاق بالركب".

وقال تشيفوفوت "تحسنت العلاقة مع الولايات المتحدة فقط في الآونة الأخيرة. تاريخيًا، كانت أنغولا تميل نحو روسيا، وفي أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كانت تميل نحو الصين. واختارت الحكومة الأنغولية الأخيرة الحصول على القروض الصينية بدلاً من الحصول عليها من مؤسسات مثل البنك الدولي".

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلتقي وزير خارجية أنغولا يواشنطن يوم 26 مايو/أيار 2022 (رويترز)

بالنسبة لبايدن، قد يُنظر إلى انتزاع أنغولا من الصين أو روسيا على أنه نجاح، لكن الخبراء يقولون إنه لا يعترف به الكثير من الأنغوليين. ويقول محللون إنه مع انتهاء فترة ولايته، ليس هناك الكثير الذي يمكن أن يفعله بايدن الآن لتعزيز إرثه الأفريقي الضعيف.

وقال هدسون إنه حتى النجاحات القليلة التي حققها تتوقف الآن على الجهة التي سيمرر إليها العصا. في حين أن هاريس قد لا تبتعد كثيرًا عن سلفها، إلا أن تعليقات دونالد ترامب بشأن الدول الأفريقية لا تزال جديدة بالنسبة للكثيرين.

ومع ذلك، فإن وعود بايدن التي لم يتم الوفاء بها ستظل دائمًا وصمة عار. وأضاف "مشكلة التوقعات التي لم تتم تلبيتها هي أنها مؤلمة أكثر من الوعود التي لم يتم تقديمها على الإطلاق. في النهاية، لن يتم الحكم على سياسات إدارة بايدن تجاه أفريقيا بقدر ما سيتم الحكم على الفجوة بين تلك السياسات والتوقعات التي حددتها الإدارة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الولایات المتحدة البیت الأبیض أفریقیا فی مجلس الأمن فی القارة ومع ذلک

إقرأ أيضاً:

فورين بوليسي: احتضان بايدن لـإسرائيل فشل مدوّ

نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا، للزميل في معهد الشرق الأوسط، خالد الجندي، جاء فيه أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، سافر إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، قبل عام، عقب تاريخ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، والتقى برئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، لتأكيد دعم إدارته لـ"إسرائيل".

وأوضحت المجلة، خلال المقال الذي ترجمته "عربي21" أن "احتضان بايدن لنتنياهو، كان متجذرا في الاعتقاد بأن الحوافز الإيجابية يمكن أن تكبح جماح تصرفات إسرائيل في غزة. لكن في الواقع، أسفرت دبلوماسية "الاحتضان الحميم" هذه، عن فشل مدو".

وأضافت: "منذ بداية الهجوم الإسرائيلي على غزة، سعت إدارة بايدن إلى تحقيق أربعة أهداف سياسية: دعم الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة، والمساعدة في تأمين إطلاق سراح الأسرى المحتجزين في غزة، ثم التقليل من الأذى للمدنيين الفلسطينيين ومنع اندلاع حرب شاملة في المنطقة".

وأبرزت: "لكن بعد مرور عام، استشهد أكثر من 42 ألف فلسطيني، ودُمرت معظم غزة، فيما يواجه سكانها البالغ عددهم مليوني نسمة واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في هذا القرن"، فيما أشارت إلى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي فشلت في تحقيق هدفها المعلن، المتمثل في "القضاء على حماس"، ولا يزال حوالي 100 أسير في غزة.

وفي السياق ذاته، تابع المقال: "فيما كانت الإدارات الأمريكية السابقة، سواء الديمقراطية أو الجمهورية، شديدة الاحترام لإسرائيل، كان بايدن فريدا من نوعه في رفضه المتشدد لاستخدام النفوذ الأمريكي أو ممارسة أي ضغط حقيقي على إسرائيل".

وأكد: "أدّى هذا إلى سياسة أمريكية غير متماسكة ومنفصلة بشكل صارخ عن الحقائق على الأرض - فضلا عن أهداف سياسة الإدارة نفسها". مبرزا: "مرّ نهج بايدن المتسامح تجاه إسرائيل بتكرارات مختلفة على مدار العام الماضي. ففي الأشهر القليلة الأولى من الحرب، عرضت واشنطن دعما غير مشروط للهجوم الإسرائيلي على غزة، بينما رفضت أي دعوات لوقف إطلاق النار، بما في ذلك استخدام حق النقض ضد ثلاث قرارات منفصلة لوقف إطلاق النار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".

"على الرغم من ارتفاع عدد القتلى وما اعتبره مراقبو حقوق الإنسان "استخفافا صادما بأرواح المدنيين" من قبل القوات الإسرائيلية، فقد أكد البيت الأبيض في عهد بايدن مرارا وتكرارا أن الولايات المتحدة لن ترسم أي "خطوط حمراء" عندما يتعلق الأمر بسلوك إسرائيل في غزة" وفقا للمقال نفسه.


وأبرز: "حتى عندما حذّر وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، إسرائيل، من أن الخسائر المدنية الهائلة تخاطر باستبدال "النصر التكتيكي بهزيمة استراتيجية"، استمرت واشنطن في تسريع توريد الأسلحة إلى إسرائيل. وكانت التجاوزات الإسرائيلية خطيرة لدرجة أن محكمة العدل الدولية قضت بوجود قضية "معقولة" للإبادة الجماعية في غزة".

واسترسل: :بعد شهر واحد من بدء الحرب، عرضت وزارة الخارجية الأمريكية رؤيتها لما بعد الحرب لغزة - لا تهجير قسري، ولا إعادة احتلال غزة أو تقليص أراضيها، وإعادة السيطرة إلى السلطة الفلسطينية "المتجددة"؛ بينما تظاهرت بأن كلمات نتنياهو والقنابل الإسرائيلية لم تمنع بالفعل كل هذه الأشياء تقريبا. كان افتقار الإدارة إلى الاستعجال نابعا، جزئيا، من التأكيدات الإسرائيلية بأن الحرب ستنتهي بحلول أوائل عام 2024".

واستطرد: "مع استمرار الحرب، وتدهور الظروف الإنسانية في غزة بشكل كبير، كان على إدارة بايدن إعادة التكيّف. وبحلول شباط/ فبراير الماضي، تحولت الولايات المتحدة بعيدا عن معارضتها الصريحة لأي وقف لإطلاق النار إلى تبني صفقة محدودة لوقف إطلاق النار مقابل الأسرى".

"في الوقت نفسه، أصبح المسؤولون الأمريكيون أكثر صراحة في إحباطهم من سلوك إسرائيل، محذرين أحيانا من العواقب الضمنية، وإن كان ذلك دون أي متابعة جادة" تابعت المجلة.


وأوضحت: "حين ناشد المسؤولون الأميركيون، إسرائيل، بذل المزيد من الجهود، لحماية المدنيين والسماح بوصول المساعدات إلى سكان غزة المنكوبين، خلصت منظمات حقوقية مثل هيومن رايتس ووتش وإنقاذ الطفولة٬ إلى أن إسرائيل تستخدم المجاعة كسلاح حرب".

وتابعت: :لتجاوز القيود الإسرائيلية، لجأت الولايات المتحدة إلى تدابير استثنائية، بما في ذلك إسقاط المساعدات جوا وبناء رصيف عائم بقيمة 230 مليون دولار ــ ولكن تم التخلي عن كليهما في نهاية المطاف".

إلى ذلك، أكدت المجلة، أنه: "ثم في أوائل نيسان/ أبريل، عقب الغارات الإسرائيلية على قافلة وورلد سنترال كيتشن التي أسفرت عن مقتل سبعة عمال إغاثة دوليين، بما في ذلك مواطن أميركي، أصدرت إدارة بايدن إنذارا قاسيا بشكل غير عادي ــ إذا لم تر الولايات المتحدة تغييرات في سلوك إسرائيل، فسوف يحدث تغيير في السياسة الأميركية. ولكن باستثناء زيادة وجيزة في المساعدات، لم يتغير سوى القليل جدا".

وبحسب المجلة: "أكدت لحظتان حاسمتان أن حكومة الولايات المتحدة لم تكن جادة أبدا بخصوص العواقب على إسرائيل. وكان العامل الأول هو تقرير الإدارة بشأن مذكّرة الأمن القومي رقم 20، التي طالبت بخفض المساعدات العسكرية للدول التي تستخدم أسلحة أميركية الصنع في انتهاك للقانون الإنساني الدولي والقانون الأميركي".


 وتابعت: "على الرغم من الأدلة على الانتهاكات الإسرائيلية الواسعة النطاق والفظيعة للقانون الدولي، بما في ذلك حجب المساعدات الإنسانية، فإن التقرير تجنب التطرق إلى القضية بقوله إنه من الصعب للغاية إجراء "تقييمات نهائية" بشأن امتثال إسرائيل".

 وأشارت إلى أنه "بعد أسبوع، أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، أنه سوف يسعى إلى إصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو، ووزير الدفاع، يوآف غالانت، بالإضافة إلى ثلاثة من قادة حماس بتهمة ارتكاب جرائم حرب".

كذلك، "كان العامل الحاسم الثاني هو الحملة الهجومية الإسرائيلية على رفح، المدينة الحدودية في جنوب غزة حيث صدرت الأوامر لمعظم سكان القطاع بالانتقال، في أعقاب تدمير مدينة غزة وخان يونس" أكدت المجلة.

ومضت بالقول: "خوفا من كارثة إنسانية، أعلن بايدن أن الهجوم على رفح سيتجاوز "الخط الأحمر" وحذر من العواقب إذا مضت إسرائيل قدما في الغزو. عندما دخلت الدبابات الإسرائيلية رفح في أوائل أيار/ مايو الماضي، أعلنت الإدارة أنها تحتجز آلاف القنابل التي يبلغ وزنها 2000 و500 رطل والتي حولت معظم البنية التحتية في غزة إلى أنقاض".

وأردفت: "بعد أشهر من التوتر بشأن غزة، أصبح المسرح مهيأ الآن لمواجهة كبرى بين بايدن ونتنياهو - أو هكذا بدا الأمر. وبعد أسبوعين فقط من العملية، انهارت الإدارة. وأصرّ البيت الأبيض على أن غزو رفح لم يكن في الواقع غزوا، بل عملية "أكثر استهدافا ومحدودية" - وإن كانت عملية دمرت ما يقرب من نصف جميع الهياكل".



وتابعت: "بعد أن نجح في تحدّي بايدن بشأن رفح وتحدي الرئيس الأمريكي مرارا وتكرارا دون عقاب، أدرك نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة أنهما سيكونان الآن حرين في متابعة الحرب وحتى تصعيدها كما يرون مناسبا؛ فيما يسعى إلى إطالة أمد الحرب وحتى توسيعها من أجل الحفاظ على قبضته على السلطة - بما في ذلك السماح باغتيال رئيس حركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران، بالإضافة إلى إضافة مطالب جديدة إلى صفقة محتملة".

ويقول الكاتب٬ إن "توسيع إسرائيل للحرب إلى لبنان طوال الصيف وخاصة في الأسابيع القليلة الماضية هو أحدث مثال على نهج بايدن الذي يقوّض نفسه. فقد حذر بايدن إسرائيل مرارا وتكرارا من غزو شامل للبنان، والذي قد يجر المنطقة إلى صراع كارثي".

وأضاف: "في الوقت نفسه، أكد المسؤولون الأمريكيون للقادة الإسرائيليين أنهم سيستمرون في دعم إسرائيل مهما حدث. وكانت هذه الرسالة المشوشة بمثابة هبة من السماء لنتنياهو، الذي تجاهل باستمرار التحذير واستمتع بالدعم".


واسترسل: :منذ منتصف أيلول/ سبتمبر الماضي، استمرت العمليات الإسرائيلية في لبنان، بما في ذلك هجوم أجهزة النداء المتفجرة، والغارات الجوية، التي اغتالت زعيم حزب الله، حسن نصر الله، وخلفت أكثر من 2100 شهيدا ونحو مليون نازح".
 
وتابع: "عندما جاء الرد الإيراني، بإطلاق نحو 180 صاروخا على أهداف مختلفة في مختلف أنحاء إسرائيل، رد المسؤولون الأميركيون بالغضب والاستخفاف، ووصفوا الهجوم بأنه غير فعال في حين انضموا إلى إسرائيل في الوعد بعواقب وخيمة".

وأكد: "أصبحت إدارة بايدن، الآن، مشاركا نشطا في النتيجة ذاتها التي أمضت شهورا في التحذير منها والعمل على منعها. ففي حين كانت تعمل قبل أسابيع فقط بشكل محموم على التفاوض على وقف إطلاق النار في لبنان، فقد تبنت الإدارة الآن علنا حملة قصف وغزو إسرائيليين حذرت منهما ذات يوم".

وأضاف: "ربما كانت هذه النتيجة حتمية. إن الدافع الطاغي لدى بايدن لمواءمة أهداف الولايات المتحدة مع أهداف إسرائيل، حتى عندما كان من الواضح أن الاثنين متباعدان، أدّى دائما إلى سياسة أميركية غير متماسكة وفاشلة".

 
"من خلال العمل على ضمان إفلات إسرائيل من العقاب، حتى عندما تصرفت بطرق عارضتها الولايات المتحدة بشدة، عملت الإدارة باستمرار على تقويض دبلوماسية وقف إطلاق النار الخاصة بها بينما سمحت لنتنياهو بتوسيع الحرب" بحسب المقال نفسه.

واختتم المقال بالقول: "بغض النظر عن نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، فسوف تحتاج واشنطن إلى استخدام النفوذ الهائل الذي تتمتع به بالفعل، خاصة لربط نقل الأسلحة وغير ذلك من المساعدات العسكرية لإسرائيل بامتثالها للمبادئ الأساسية للقانون الدولي كما يقتضي القانون الأميركي".

مقالات مشابهة

  • شكر الإمارات للدعم الذي تقدمه إلى بلده..رئيس الدولة يتلقى اتصالاً هاتفياً من الرئيس الفلبيني
  • الرئيس بايدن يتعهد بدعم فلوريدا بعد إعصار ميلتون
  • شاهد بالفيديو كيف يتصدى نظام ثاد الأميركي للطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية
  • لماذا إنتخاب الرئيس التوافقي.. الآن؟!
  • نصف مليون شخص من عديمي الجنسية تجن سوا خلال العقد الماضي
  • كوبا.. لؤلؤة الكاريبي التي تضع إحدى قدميها في الماضي
  • دبلوماسية أميركية مستقيلة : الدعم الأميركي لإسرائيل سيظل وصمة عار على جبين الولايات المتحدة
  • بيانات تظهر النتائج الاقتصادية التي حققتها الولايات المتحدة في عهد بايدن
  • فورين بوليسي: احتضان بايدن لـإسرائيل فشل مدوّ