كانت إسرائيل تعلم جيدا أن حزب الله لن يكون صيدا سهلا لعمليتها العسكرية الواسعة جنوب لبنان، ولكنها اعتقدت أن القضاء على قيادات حزب الله من شأنه أن يضعف الحزب ويشتت قراراته الحاسمة. ولذلك اغتالت حسن نصر الله وكبار القادة السياسيين والعسكريين رغم الآراء التي كانت تحاجج أن عملية الاغتيال كانت أقرب إلى الغباء الاستراتيجي خاصة أن إسرائيل تعرف جيدا القدرات الصاروخية للحزب.
لعبت إسرائيل كثيرا على وتر المواقف المتباينة في الداخل اللبناني من الحزب، ولذلك طرحت نظرية "تحرير" لبنان من سطوة حزب الله، وهذا الخطاب كان متداولا في الداخل اللبناني في الكثير من الأوقات كما كان متداولا في وسائل التواصل الاجتماعي في العالم العربي والمبني في الكثير منه على مواقف أيديولوجية والقليل منه مبني على رفض قيام دولة داخل الدولة.
لم تقدر إسرائيل الموقف جيدا، ولم تعلم، ربما، أن الخلافات الداخلية والمواقف من حزب الله في الداخل اللبناني لا تعني بأي حال من الأحوال أن يلاقي اللبنانيون جيش الاحتلال بالورود. يتذكر اللبنانيون جيدا ما حدث في ساحة الفردوس في 9 إبريل 2003 عندما نثرت الورود فوق الدبابات الأمريكية وخرجت مجاميع من الناس قيل أنهم عراقيون يحيون ويلوحون للجيش الأمريكي الذي كان يسقط تمثال صدام حسين في إشارة رمزية إلى سقوط العاصمة بغداد في أيدي الأمريكيين. كانت تلك مسرحية تنتمي إلى هوليود والدليل ما واجهته القوات الأمريكية في الكثير من المدن العراقية وبشكل خاص في الفلوجة. يواجه جيش الاحتلال الإسرائيلية الآن نفس الجحيم الذي لقيته أمريكا في الفلوجة. ورغم الفارق الكبير بين قدرات الجيش الإسرائيلي وقدرات المقاومة إلا أن المقاومة في جنوب لبنان أو في قطاع غزة لا خيار لها إلا المقاومة بينما هناك خيارات كثيرة أمام الاحتلال أبسطها وقف إطلاق النار والبدء في مفاوضات سلام تفضي إلى إعلان دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.
كان الجيش الأمريكي في العراق يملك إمكانيات عسكرية أضعاف ما تملكه إسرائيل ولم يكن المدني الأمريكي يذهب إلى الملاجئ في اليوم الواحد عشرات المرات لكن الجيش الأمريكي الذي ضاق الأمرين انسحب في نهاية المطاف من العراق.. صحيح أنه حول البلد إلى خراب كامل إلا أنه انحسب. وإسرائيل نفسها انسحب من جنوب لبنان في عام 2000 وبدأت بعد ذلك مرحلة الصعود والبناء الحقيقي في قوة حزب الله.
وستفشل الحملة العسكرية الإسرائيلية على لبنان، وسيساهم فشلها في بناء قوة حزب الله مرة ثانية، ولن تصنع لبنان الذي تعتقد أنها تصنعه بموجب هذه الحرب.. لكن إسرائيل، أيضا، ستخرج منهزمة ومنكسرة من لبنان ومن قطاع غزة وقد تتحول موازين القوى في منطقة الشرق الأوسط.. بنفس القدر الذي سيتحول فيه الوعي العالمي بالقضية الفلسطينية وستتكرس السردية الفلسطينية في الوعي العالمي تجاه إسرائيل التي ستكون في نظر العالم دولة احتلال وفصل عنصري مقيت.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
نبيه بري يكشف تفاصيل المقترح الأمريكي لوقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل
كشف رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، يوم الجمعة 15 نوفمبر 2024 تفاصيل المقترح الأمريكي لوقف إطلاق النار بين حزب الله المتمركز في جنوب لبنان، وإسرائيل التي تشن عدوانا غاشما منذ أسابيع.
وقال رئيس البرلمان اللبناني، إنه تسلم المقترح الأمريكي، نافيا أن يكون هذا المقترح يتضمن أي نوع من حرية الحركة للجيش الإسرائيلي في لبنان.
وأوضح بري في تصريحات لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية، أن الأمريكيين وغيرهم يعرفون أنه أمر غير مقبول ولا يمكن حتى النقاش فيه بالمبدأ، وأنه لا يمكن أن نقبل بأي مس بسيادتنا، كما نفى بري أن يكون المقترح متضمناً نشر قوات أطلسية أو غيرها في لبنان.
وأشار إلى أن المقترح الأمريكي يتضمن نصا "غير مقبول لبنانياً"، وهو مسألة تأليف لجنة إشراف على تنفيذ القرار 1701، تضم عدداً من الدول الغربية.
وتابع "هناك نقاش دائر الآن حول الآلية البديلة المقترحة، ونحن لن نسير فيها، فهناك آلية واضحة موجودة لا مانع من تفعيلها"، في إشارة منه إلى القوة الدولية العاملة في جنوب لبنان، التي تتولى مراقبة تنفيذ القرار الصادر في أعقاب حرب عام 2006.
وحرص بري على تأكيد أن النقاش جار بالفعل حول هذه التفاصيل، وأن "الشغل ماشي والجو إيجابي والعبرة بالخواتيم"، وأشار إلى أن قدوم المبعوث الأمريكي آموس هوكستين إلى لبنان "رهن بتطور المفاوضات وتقدمها".
ورداً على سؤال عن استهداف إسرائيل مسقط رأسه في بلدة تبنين في جنوب لبنان، ومنطقة الغبيري والشياح وبرج البراجنة التي تعد مناطق مؤيدة تقليدياً لبري، قال رئيس مجلس النواب اللبناني، "يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعتقد أنّه عندما يريد تنازلاً من شخص ما يقسو عليه، لكنه يبدو أنه لا يعرف مع من يتعامل، وأن هذه أمور لا تسير معنا".