لجريدة عمان:
2024-12-16@15:27:32 GMT

نحو صنع سياسات اقتصادية فاعلة

تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT

صنع السياسات عموما من العمليات المعقّدة وتتضمن عدة مراحل بدءا من تحديد المشكلة التي تتطلب معالجة مرورا بتنفيذها وصولا إلى تقييمها، إلا أنها تفتح آفاقا واسعة من الفرص؛ كونها عملية حيوية لأي مجتمع يسعى إلى التقدم والازدهار. وتتأثر السياسات بعدة عوامل أبرزها العوامل الاقتصادية؛ لعدم تناسق بعض السياسات الاقتصادية مع الوضع الاقتصادي للبلدان والموارد المتاحة الداعمة لتنفيذ السياسة الاقتصادية المتخدة، ويتباين نجاح السياسات الاقتصادية في البلدان؛ نظرا لارتباط تنفيذها بمدى القدرة على التفاعل مع التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم ويتأثر بها خاصة الجوانب المرتبطة بالعولمة مثل التطورات التكنولوجية.

ورغم وجود مؤشرات واضحة على تناغم السياسات الاقتصادية مع ديناميكية الاقتصاد ومدى مواجهته للمتغيرات المحيطة لا سيما المرتبطة بالمجالات السياسية والدولية؛ إلا أن العوامل الاجتماعية تعارض غالبا وجود السياسة الاقتصادية المتخذة مثل القيم الثقافية، والهوية الوطنية، والتنوع الاجتماعي؛ كونها ثوابت لا يقبل المجتمع على المساومة عليها أو المساس بها بهدف المحافظة على كيان المجتمع وعدم الإضرار بمفرداته وأسس تكوينه، حتى لو كانت السياسات عموما تصاغ وتقيّم بناءً على العوائد الاقتصادية. ولذلك فإن السياسات الاقتصادية وإن كانت جذّابة في مجملها أو بمجرد التفكير في وضعها، إلا أنها بمجرد تطبيقها تفقد بريقها بسبب الآثار الاقتصادية المصاحبة لمحاولة تطبيقها، لكن يمكن نمذجتها بحيث تكون السياسة الاقتصادية متّسقة مع الجوانب السياسية والاجتماعية، ولذلك ينبغي أن تتم عملية اتخاذ قرار وضع السياسة الاقتصادية جماعيا مع الوضع في الحسبان الآثار الجانبية للسياسة في حال تجاهل العناصر المرتبطة بها مثل العنصر الاجتماعي الذي بات يحدد كثيرا نتائج صنع السياسة الاقتصادية وربما يتسبب في إرباكها على المدى المتوسط والمدى البعيد؛ لدور العامل الاجتماعي في تحديد السياسة الاقتصادية المناسبة وفاعليتها وقدرتها على التأثير إيجابا على الاقتصاد. ما يواجه صنّاع السياسة الاقتصادية وغيرها من السياسات هو التعقيد المتزايد خلال مرحلة التخطيط للسياسة وإقرارها؛ بسبب تداخل عدة عوامل مع بعضها البعض مما يضع احتمالا قائما بصعوبة تحقيق النتائج المرجوة خاصة عندما تكون السياسة الاقتصادية تلامس الحياة الاجتماعية اليومية للأشخاص وإن كان مجمل السياسة الاقتصادية المتخدة ستعود بالنفع عليهم، ولذلك استخدام نهج النمذجة الاقتصادية المرتبطة بالاقتصاد القياسي سيكون مهما عند التنبؤ بالنتائج المتوقع تحقيقها في حال استمرار المضي في تنفيذ السياسة الاقتصادية المخطط لها.

إن التكامل المحكم بين السياستين النقدية والمالية بهدف تصحيح أي اختلال يطرأ على التوازن الاقتصادي العام، مع الوضع في الحسبان جميع العوامل والعناصر المرتبطة باتخاذ السياسات الاقتصادية يضمن نجاحها وفاعليتها ويحد من التحديات المتوقع ارتفاع وتيرتها خلال مرحلة التنفيذ والتقييم؛ لارتباط بعض العوامل بالسياسات الاقتصادية مباشرة لاسيما العوامل الاجتماعية والسياسة والحياتية عموما، ولأثرها المتوقع على أفراد المجتمع، كما أنه ليس بالضرورة أن يرافق السياسات الاقتصادية آثار سلبية على الأشخاص، فمثلا تطبيق الحوكمة المتمثلة في تعزيز مبادئ الشفافية والمساءلة في سلطنة عُمان ساعد صنّاع السياسات الاقتصادية، والاستفادة من الخبرات الدولية التي تنتهج أفضل الممارسات في صنع السياسات الاقتصادية خاصة الدول التي استفادت كثيرا من الآثار الناتجة عن السياسات وآلية معالجتها وتصحيحها بحيث تتناسب مع العوامل والعناصر المرتبطة بالسياسة الاقتصادية،. وأرى من الجيد إشراك أفراد المجتمع في صنع السياسات الاقتصادية عبر تفعيل المشاركة المجتمعية واستطلاع آراء الجمهور بهدف تجويد بعض الجوانب قبل صنع السياسة واتخاذها، ورغم أن صنع السياسات عموما تمثّل تحديا وتتطلب جهدا كبيرا؛ للمهارات النوعية والقدرات العالية للتعامل مع التعقيد خلال مراحل التخطيط والتنفيذ والتقييم، ولتأثرها بالعوامل الاجتماعية، والسياسية والاقتصادية والتكنولوجية، إلا أن هناك فرصا لتحقيق التغيير الإيجابي في المجتمع؛ لاحتمالية التغلب على التحديات التي دفعت صانعي السياسات على اتخاذها وإقرارها، إضافة إلى استكشاف الفرص للإسهام في تحقيق التنمية المستدامة عبر بناء مجتمع مزدهر قادر على التفاعل مع المتغيرات المحيطة به، فالتكامل بين السياستين النقدية والمالية يضمن الاستقرار والتوازن الاقتصادي على المستويين الكلي والجزئي وفقا لما أثبتته النظريات الاقتصادية عبر ضبط معدلات التضخم ومعدل الباحثين عن عمل، إضافة إلى توفير السلع والخدمات بأسعار تتوافق مع القدرة المالية للمستهلكين.

ختاما،، يسعى صنّاع السياسات الاقتصادية إلى تحقيق عدة أهداف خلال مرحلة التخطيط للسياسة الاقتصادية المتفق عليها، منها المحافظة على نمو الناتج المحلي الإجمالي، وتحقيق نسب مرتفعة في التوظيف والتشغيل، واستقرار المستوى العام للأسعار، أيضا هناك أهدافا أخرى تسعى إلى تحقيقها صنّاع السياسة الاقتصادية وهي الأهداف الاجتماعية؛ بهدف إيجاد الاستقرار الاجتماعي وتماسكه من خلال تهيئة البنى الأساسية الداعمة لخدمات المرافق الأساسية، وتمكين أفراد المجتمع على تلبية متطلبات حياتهم الاجتماعية، مما يساعد على وعيهم بالتوجهات الاقتصادية للبلد وحرصهم على ضمان نجاحها وفاعليتها وفقا للخطط الوطنية، هذا بدوره سيسهم في أن يعطي هامشا لصنّاع السياسة الاقتصادية ومتخذيها على تفعيل أدواتها وتطبيقها؛ للتناغم الإيجابي بين توجهات الدولة اقتصاديا وقبول الأفراد لها.

راشد بن عبدالله الشيذاني باحث ومحلل اقتصادي

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: السیاسات الاقتصادیة السیاسة الاقتصادیة صنع السیاسات إلا أن

إقرأ أيضاً:

برلماني أيرلندي: القضية الفلسطينية هي ما دفعني للانخراط في السياسة

جاء ذلك في حلقة من برنامج المقابلة، حيث تحدث عن تجربته الشخصية وآرائه حول الاحتلال الإسرائيلي والنضال الفلسطيني.

وبدأ باريت حديثه بالإشارة إلى أن القضية الفلسطينية كانت دائما قريبة من قلبه، وهي السبب الرئيسي وراء انخراطه في العمل السياسي.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4تادغ هيكي.. كوميدي أيرلندي وظف موهبته لدعم القضية الفلسطينيةlist 2 of 4هل يتعرّض “مؤتمر فلسطين” في ألمانيا للحظر؟list 3 of 4برلماني أيرلندي: الحكومة الأميركية تعتقد أن بقية العالم أغبياءlist 4 of 4أيرلندا تقر تعيين أول سفيرة فلسطينية لديهاend of list

وأضاف أنه ذهب إلى "إسرائيل" في 1987 للعمل في صحراء النقب دون معرفة مسبقة بالواقع الفلسطيني، لكنه سرعان ما أدرك الحقيقة عندما التقى عمالًا فلسطينيين قادمين من مخيمات اللاجئين بالخليل.

وشرح له هؤلاء العمال معاناتهم تحت الاحتلال، وربطوا حكاياتهم بالنكبة عام 1948، الأمر الذي فتح عينيه على نظام الفصل العنصري الإسرائيلي، وهو ما دفعه للقول إنه عاد من فلسطين بعد أن كان ذاهبا إلى إسرائيل.

وأكد باريت أن تجربته مع العمال الفلسطينيين، ومشاهداته للانتفاضة الأولى التي اندلعت في وقت لاحق من نفس العام، جعلته يعود إلى أيرلندا عازما على التحدث عن الظلم الذي شاهده، مما أدى إلى انخراطه الفعلي في العمل السياسي.

محدودة ومغلوطة

عند سؤاله عن رؤيته السابقة لفلسطين قبل زيارته، قال باريت إن الصورة لديه مثل معظم الأوروبيين، كانت محدودة ومغلوطة، مضيفا أنه كبقية الغربيين كان متعاطفا مع الشعب اليهودي بسبب معاناته التاريخية مع النازية، لكنه لم يكن يعلم شيئًا عن معاناة الفلسطينيين أو نظام الاحتلال الإسرائيلي.

إعلان

وأشار إلى أن الإعلام الغربي غالبا ما قدم الفلسطينيين بصورة نمطية مشوهة، مما صعّب عليه وعلى غيره فهم طبيعة الصراع.

وأكد باريت أن زيارته لفلسطين لم تكن فقط لحظة سياسية، بل تجربة إنسانية عميقة غيّرت نظرته للعالم، وأوضح أن قراءته لكتاب الاستشراق للمفكر الفلسطيني إدوارد سعيد ساعدته على فهم الخطاب الغربي الاستعماري تجاه العالم العربي، وهو ما عزز قناعاته المناهضة للعنصرية والاستعمار.

وأضاف باريت أن نشاطه السياسي بدأ يتبلور بشكل أكبر عند عودته إلى أيرلندا، حيث انضم إلى مجموعات حقوقية وسياسية للحديث عن القضية الفلسطينية.

ورغم عدم وجود حملات مباشرة عن فلسطين في ذلك الوقت ضمن منظمات مثل العفو الدولية، فإنه واصل البحث عن منظمات تتبنى القضية، مما قاده إلى التحالفات اليسارية.

الموسيقى والسياسة

وفي حديثه عن بداياته السياسية، كشف باريت أن الموسيقى كانت من العوامل التي أثرت على وعيه السياسي، وذكر أن موسيقى البانك والرغي في السبعينيات والثمانينيات كانت مرتبطة بحركات مناهضة للعنصرية وداعمة لحقوق العمال.

وأوضح ان هذه التجارب الموسيقية شكلت وعيه الاجتماعي والسياسي، خاصة في قضايا مثل العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.

ويعد باريت من الأصوات البارزة في البرلمان الأيرلندي المناهضة لسياسات الاحتلال الإسرائيلي، حيث طالب مرارا بطرد السفير الإسرائيلي من أيرلندا وفرض عقوبات على إسرائيل بسبب ممارساتها القمعية ضد الفلسطينيين.

كما شبّه في مشاركاته السياسية والجماهرية المختلفة ممارسات إسرائيل بالاجتياح الروسي لأوكرانيا، مشيرا إلى المعايير المزدوجة في التعامل الغربي مع القضايا الدولية.

وشدد باريت على أن القضية الفلسطينية تمثل بالنسبة له قضية حقوقية عادلة يجب أن يدعمها الجميع، مضيفا أن زيارته لفلسطين كشفت له أن الاحتلال الإسرائيلي ليس مجرد نزاع سياسي، بل نظام قمعي يتطلب تضامنا عالميا لإنهائه.

إعلان 15/12/2024

مقالات مشابهة

  • صابري: الإنخراط في السياسة يساهم في نجاح السياسات العمومية
  • برلماني أيرلندي: القضية الفلسطينية هي ما دفعني للانخراط في السياسة
  • "اقتصادية الدولة" تناقش مشروع قانون "المناطق الاقتصادية والحرة"
  • التنمية الاجتماعية للإنصاف
  • عراقيون: عمليات المقاومة العراقية مستمرة وهي فاعلة ومؤثرة على الكيان
  • عراقيون: عمليات المقاومة مستمرة وهي فاعلة ومؤثرة على الكيان
  • عراقيون يؤكدون: عمليات المقاومة العراقية مستمرة وهي فاعلة ومؤثرة على الكيان
  • أول تحديات ترامب في السياسة الخارجية بات واضحا
  • “الصحة العالمية”: المملكة تخفض عدوى مجرى الدم في العناية المركزة أربعة أضعاف خلال أربع سنوات
  • مكافحة التمييز والعنف ضد المرأة.. احتفالية خاصىة بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان