نشرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية تقريراً جديداً قالت فيه إن كل أطراف "محور المقاومة" في المنطقة يشاركون في الحرب القائمة حالياً باستثناء سوريا، وأضافت: "على الرغم من تآكل الجيش السوري بشكل كبير بسبب الحرب الأهلية في سوريا، إلا أن روسيا بذلت جهوداً للحفاظ عليه منذ تدخلها المباشر في الحرب الأهلية عام 2015".

ويقول التقرير الذي ترجمهُ "لبنان24" إنه "لا شك في أن قوة الجيش السوري المحدودة لا يمكن أن تشكل تهديداً لإسرائيل اليوم"، وأردف: "حتى في عام 2006، امتنعت سوريا، التي كانت تمتلك في ذلك الوقت قوة عسكرية أكثر تهديداً، عن التدخل في حرب لبنان الثانية، لكن النظام السوري عمل على مساعدة حزب الله". وأوضح التقرير أنه منذ 7 تشرين الأول 2023، حظر الرئيس السوري بشار الأسد التظاهرات المؤيدة لغزة في الأراضي الخاضعة لسيطرته، فيما خرجت تظاهرات ضخمة في معظم أنحاء العالم العربي منذ ذلك الحين، وأضاف: "ربما كان الأسد يخشى أن تتحول هذه التظاهرات إلى احتجاج متجدد ضد نظامه، كما كان الحال في الربيع العربي عام 2011. كذلك، لم يسمح نظام الأسد بأي نشاط هجومي لحكرة حماس من أراضي الجولان السوري. حتماً، الرئيس الأسد لا ينسى ولا يغفر موقف حماس التي انضمت إلى المعارضة في الحرب الأهلية قبل نحو عقد من الزمن، عندما كان النظام في ذروة محنته. بشكل عام، خلال الحرب في غزة، كان هناك عدد قليل نسبياً من عمليات الإطلاق من الأراضي السورية، على الرغم من أن منطقة جنوب دمشق، معسكر السيدة زينب، لا تزال تستخدم كقاعدة مركزية لجماعات موالية لإيران". وأكمل: "مع ذلك، يتساءل الكثيرون: في ضوء حقيقة أنه منذ حوالى عقد من الزمان، حشدت إيران جهودها لإنقاذ نظام الأسد وأرسلت حزب الله للقتال في سوريا، أليس على الأسد أن يرد الجميل ويقف الآن إلى جانب حزب الله؟ في الإجابة على هذا السؤال، ينبغي الأخذ في الاعتبار أن دور إيران في سوريا كان ينبغي أن ينتهي منذ فترة طويلة. فعلياً، لقد انتهت الحرب الأهلية في سوريا إلى حد كبير في عام 2017، لكن المجموعات الموالية لإيران لم تغادر البلاد، كما أن سوريا أصبحت بؤرة التحريض. لقد تم إنشاء قواعد لجماعات إيران التي حاولت تخريب جهود روسيا لإعادة بناء الجيش السوري، وحاولت تجنيد الشباب في ميليشياتها في سوريا بدلاً من الخدمة العسكرية، وذلك عبر الإغراءات المالية بشكل رئيسي". ويقول التقرير أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أسدى نصيحة للأسد خلال زيارة للأخير إلى موسكو في تموز الماضي، بعدم التدخل في حرب لبنان انطلاقاً من تقديره بأن إسرائيل على وشك مهاجمة هذه الساحة بقوة كبيرة، وتابع: "من المهم الإشارة إلى أن التحالف الروسي الإيراني لا يخلو من التقلبات. لأكثر من عقد من الزمن، أعطى الروس إسرائيل الضوء الأخضر لمهاجمة أهداف إيرانية في سوريا، طالما ظلت قواتهم في البلاد دون أن تصاب بأذى. تدرك روسيا حقيقة أن مشاركتها في الحرب في أوكرانيا منذ شباط 2022 تسمح لإيران بتسريع سيطرتها على سوريا".
وأكمل: "على ضوء نتائج الحرب في لبنان، يرى الأسد للمرة الأولى أفقاً دبلوماسياً يمكن أن يعزز موقفه. الضربة القاسية التي تلقاها حزب الله على يد الجيش الإسرائيلي هي فرصة له للتخلص من نير العناق الإيراني، حيث سيضطر حزب الله الآن إلى سحب قواته من سوريا، ومن المشكوك فيه أن تتمكن الميليشيات العراقية من ذلك". المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الحرب الأهلیة فی الحرب فی سوریا حزب الله

إقرأ أيضاً:

حملة إيرانيّة على سوريا… عبر العراق

توجد نقطتان يبدو مفيداً التوقف عندهما. تتعلق النقطة الأولى بحرص الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع على أن تكون زيارته الخارجية الأولى للمملكة العربيّة السعودية، وذلك تمهيداً للتوجه إلى تركيا. أمّا النقطة الأخرى فتتعلق بالحملة العراقيّة على سوريا، وهي حملة إيرانيّة، تولاها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي المعروف بتزمته وتعصبه ذي الطابع المذهبي.

تكشف الحملة العراقيّة مدى التضايق الإيراني من الخروج من سوريا بعدما كان هناك رهان لدى “الحرس الثوري” على نجاح في إحداث تغيير ديموغرافي دائم يشمل مناطق سورية معيّنة، خصوصا في دمشق ومحيطها وعلى طول الحدود مع لبنان.
من خلال زيارته للرياض يتبين أنّ الرئيس السوري الجديد يعرف ما الذي يريده تماماً ويعرف أهمّية السعودية في مساعدته على تحقيق أهدافه. في مقدّم هذه الأهداف رفع العقوبات الأمريكية والدولية عن سوريا في أسرع وقت. ليس أفضل من السعودية للمساعدة في ذلك. من هذا المنطلق بدا طبيعياً الوصول إلى تفاهم في شأن الحصول على دعم سعودي لسوريا، بما في ذلك لمشاريع إعادة الإعمار، عبر المحادثات بين أحمد الشرع والأمير محمّد بن سلمان ولي العهد السعودي.
تعكس الزيارة التي قام بها الشرع للسعودية رغبة في تأكيد البعد العربي للنظام الجديد من جهة وأن سوريا تغيّرت كلّياً من جهة أخرى. لم تعد دولة تابعة لإيران ولم تعد تصدّر الإرهاب كما يدعي المسؤولون العراقيون. كذلك، لم تعد مصدراً للمخدرات التي تهرّب إلى دول الخليج العربي كما لم تعد مصدراً لتهريب أسلحة إلى الأردن من أجل ضرب الاستقرار في المملكة. أكثر من ذلك، لم تعد سوريا قاعدة عسكريّة إيرانية ينتقل عبرها السلاح إلى “حزب الله” في لبنان، كما لم تعد تمارس سياسة الابتزاز تجاه معظم دول العالم، خصوصا الدول العربية، خدمة للمشروع التوسعي الإيراني في المنطقة.
تبدو كلّ خطوة من الخطوات التي يقوم بها أحمد الشرع مدروسة بدقّة متناهية، بما في ذلك خطوة الذهاب إلى السعودية قبل التوجه إلى تركيا. هناك مليونا سوري يعملون في السعودية أو يقيمون فيها. لكن يبقى الأهمّ من ذلك كلّه أنّ الزيارة تأتي في ظلّ توازن جديد في المنطقة وصورة جديدة لها. لم يكن ممكناً ذهاب أحمد الشرع بالطريقة التي ذهب بها إلى الرياض لولا هذا الانقلاب الكبير الذي غيّر المنطقة وسيغيرها أكثر في المستقبل.
ليس سرّاً وجود علاقة أكثر من جيدة بين النظام الجديد في سوريا من جهة وكلّ من تركيا وقطر من جهة أخرى. لكنّ ذلك لا يمنع، أقلّه ظاهراً، وجود حضور سوري مختلف في المنطقة خارج الإطار التركي – القطري، خصوصاً أنّها المرّة الأولى منذ 59 عاماً يحصل هذا التحوّل الكبير في هذا البلد وبما يتجاوز حدوده، خاصة إلى لبنان. لماذا 59 عاماً وليس 54 عاماً أي منذ احتكار حافظ الأسد للسلطة في ضوء الانقلاب الذي نفّذه على رفاقه البعثيين في 16  نوفمبر (تشرين الثاني) 1970؟ يعود ذلك إلى أنّ سيطرة الطائفة العلوية على سوريا بدأت عملياً مع الانقلاب الذي نفذه الضابطان العلويان صلاح جديد وحافظ الأسد في 23 فبراير (شباط) 1966. بعد نحو أربع سنوات نفّذ حافظ الأسد انقلابه على صلاح جديد وأسّس في 1970 لنظام تتحكّم به العائلة وتوابعها على وجه الخصوص.
ما حصل في سوريا تغيير كبير، بل انقلاب، على الصعيد الإقليمي ستبدأ تفاعلاته في الظهور شيئاً فشيئاً، خصوصاً إذا استطاع الشرع إثبات أنّه قادر على الابتعاد عن التزمت والاعتراف بالتنوع السوري بالأفعال وليس بمجرد الكلام.
يشير الانفتاح السعودي على سوريا إلى فهم عميق للحدث وانعكاساته، خصوصا مع خروج إيران وميليشياتها من سوريا للمرّة الأولى منذ العام 1980 عندما بدأ تعاون عسكري واستخباراتي في العمق بين دمشق وطهران مع بدء الحرب العراقية – الإيرانية التي وقف فيها حافظ الأسد إلى جانب “الجمهوريّة الإسلاميّة” طوال ثماني سنوات. ذهب حافظ الأسد إلى حد العمل على تمكين إيران من الحصول على صواريخ بعيدة المدى، كانت تمتلكها ليبيا، من أجل قصف المدن العراقيّة، بما في ذلك بغداد والبصرة. يفسّر ما قدمه النظام السوري لإيران في عهدي حافظ الأسد وبشار الأسد كلّ هذا الحرص الإيراني على استعادة سوريا كما يفسّر تلك الحملة العراقية على أحمد الشرع، وهي حملة لا تقتصر على نوري المالكي، بل ليس مستبعداً أن يكون رئيس الوزراء الحالي محمّد شيّاع السوداني مباركاً لها.
بات في الإمكان القول إنّ المنطقة كلّها دخلت مرحلة جديدة في ضوء خسارة إيران لسوريا. ثمة من يرفض تصديق ذلك وثمّة من بدأ يستوعب أنّ الهزيمة التي لحقت بـ”حزب الله” في لبنان على يد إسرائيل ما كان ممكنا أن تأخذ كلّ هذا البعد والحجم من دون سقوط بشّار الأسد ونظامه في سوريا. هذا يجعل في الأفق صورة تحتاج إلى أن تكتمل. لم تكن زيارة أحمد الشرع للسعودية، التي تلتها زيارة لتركيا، سوى خطوة أخرى على طريق اكتمال الصورة الجديدة للمنطقة تحت عنواني: التوازن الإقليمي الجديد وبداية النهاية للمشروع التوسعي الإيراني في الشرق الأوسط والخليج.
يبقى سؤال: هل في استطاعة إيران إعادة عقارب الساعة إلى الخلف في المنطقة العربيّة وفي سوريا تحديدا؟ الجواب أنّه سيكون على “الجمهوريّة الإسلاميّة”، التي ترفض إعادة النظر في مواقفها وسياساتها، الاهتمام الآن بالدفاع عن بقاء النظام واستمراره في عالم تغيّر مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
بالنسبة إلى سوريا نفسها، ستكون الأيام والأسابيع المقبلة فرصة لمعرفة هل يستطيع أحمد الشرع أن يكون في مستوى التنوع الذي تتميز به سوريا؟ الأكيد أنّ نوري المالكي وآخرين في العراق يستطيعون إعطاء دروس في كلّ شيء، خصوصاً في مجال ممارسة التعصب المذهبي… لكن ليس في مجال التنوع وإدارته.

مقالات مشابهة

  • «جالانت» يكشف أكبر خطأ أمني في الحرب على لبنان: أمريكا رفضت بشكل قاطع
  • يتطرق لسقوط حكم بشار الأسد.. الإعلان الترويجي للمسلسل السوري حبق
  • إعلامية سورية تبكي حزنا على اختفاء والدها بسجون بشار الأسد
  • تقرير يكشف وقائع مهمّة عن سقوط بشار الأسد.. هكذا خان الجيش السوريّ حزب الله وإيران
  • تقرير لـForeign Affairs يتحدث عن انتهاء حزب الله.. هذا ما كشفه
  • حملة إيرانيّة على سوريا… عبر العراق
  • تقرير إسرائيلي: زيادة دراماتيكية بعمليات المقاومة خلال عامين
  • وزير الداخلية السوري السابق محمد الشعار يسلّم نفسه للسلطات
  • مسؤول سوري كبير من حقبة بشار الأسد يسلم نفسه للسلطات في دمشق ويعلن استعداده للحديث بشفافية
  • “الدموية في نظام بشار الأسد: قراءة في ضوء علم النفس السياسي”