أوروبا تشكو «الفيفا» بتهمة إساءة استخدام منصبه!
تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT
بروكسل (أ ف ب)
تقدمت هيئات كبرى تمثل لاعبي كرة القدم والأندية في أوروبا بشكوى إلى المفوضية الأوروبية تتهم فيها الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» بإساءة استخدام منصبه، وذلك على خلفية التغييرات التي طرأت على «روزنامة» المباريات الدولية وتوسيع البطولات.
وقالت نقابة اللاعبين في أوروبا «فيفبرو أوروبا»، ورابطتا الدوريات الأوروبية والدوري الإسباني لكرة القدم في بيان: إن الاتحاد الدولي للعبة «يلعب أدواراً متضاربة، بوصفه هيئة حاكمة ومنظمة للمسابقات في نفس الوقت، ما يؤدي إلى تضارب في المصالح».
وعرضت فيفبرو أوروبا ورابطة الاتحاد الإسباني الشكوى في مؤتمر صحفي أقيم في بروكسل، معتبرتين أن الخطوة التي قام بها «الفيفا» بفرض قراراته على «الروزنامة» الدولية تشكل إساءة استخدام للهيمنة وتنتهك قانون الاتحاد الأوروبي».
و«فيفبرو» هي النقابة العالمية للاعبين بينما تجمع رابطة الدوريات الأوروبية أكثر من ألف فريق من 33 دولة في جميع أنحاء أوروبا.
وتضم رابطة الدوريات الأوروبية كلاً من بطولات إنجلترا، إيطاليا، ألمانيا وفرنسا، لكن ليس الدوري الإسباني الذي انضم إلى الشكوى بشكل منفصل.
واستشهدت رابطة الدوريات الأوروبية و«فيفبرو» أوروبا بأحكام صادرة مؤخراً عن المحكمة الأوروبية بخصوص الدوري السوبر الأوروبي الانشقاقي عن دوري أبطال أوروبا وقضية الفرنسي لاسانا ديارا، وقالتا: إن قواعد وتصرفات «الفيفا» تضر بالمصالح الاقتصادية للبطولات الوطنية، وصحة وسلامة اللاعبين في كرة القدم الأوروبية».
وأضافت الهيئتان «أصبح التحدي القانوني أمام المفوضية الأوروبية مسار عمل ضروري لحماية قطاع كرة القدم الأوروبي».
واتهم «الفيفا» بالفشل في التشاور بشأن التغييرات الأخيرة في الروزنامة، مثل استحداث كأس العالم للأندية بحلتها الجديدة المكونة من 32 فريقاً.
وستقام النسخة الأولى من كأس العالم للأندية الموسعة في الولايات المتحدة في يونيو ويوليو 2025 ومن المقرر أن يشارك فيها 12 نادياً أوروبياً.
وبالتالي، سيضطر العديد من اللاعبين البارزين في القارة إلى المشاركة في وقت كان من الممكن أن يحصلوا فيه على فترة راحة طويلة قبل الموسم الجديد الذي يسبق أيضاً كأس العالم الموسعة المكونة من 48 منتخباً، عوضاً عن 32 والمقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك صيف 2026.
واتهم تقرير صادر مؤخراً عن «فيفبرو» الاتحاد الدولي بتعريض صحة اللاعبين للخطر بسبب «الروزنامة» المزدحمة، في حين أثار بعض اللاعبين البارزين احتمال الإضراب للاحتجاج على ضغط المباريات.
وفي الوقت نفسه، أعرب ممثلو الدوريات المحلية عن مخاوفهم من أن مسابقاتهم ستعاني أكثر من غيرها، حيث سيغيب اللاعبون الكبار حتماً عن المزيد من المباريات المحلية من أجل الراحة، ما يضر بالمستوى التنافسي.
وسبق لـ «الفيفا» أن رد على الانتقادات واتهم رابطة الدوريات على أنها تتصرف استنادا «لمصالح تجارية ذاتية
ونفاق».
وقال الاتحاد الدولي لكرة القدم في يوليو: «يبدو أن هذه الدوريات تفضل روزنامة مليئة بالمباريات الودية والجولات الصيفية التي غالباً ما تنطوي على سفر مكثف حول العالم».
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: أوروبا الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا المفوضية الأوروبية دوري السوبر الأوروبي كأس العالم للأندية الدوري الإنجليزي الدوري الإسباني الدوري الإيطالي الدوري الألماني
إقرأ أيضاً:
أين تقف تركيا في معادلة الدفاع الأوروبي؟
إسطنبول- بينما يتحرك الاتحاد الأوروبي لإعادة رسم خريطته الدفاعية بعيدا عن المظلة الأميركية، تبرز تركيا في قلب نقاشات بروكسل كلاعب محتمل في معادلة الأمن الأوروبي الجديدة.
ففي 19 مارس/آذار الماضي، كشفت المفوضية الأوروبية عن "الكتاب الأبيض للدفاع – جاهزية 2030″، واضعة خطة طموحة لتعزيز الإنفاق العسكري والإنتاج الدفاعي عبر الدول الأعضاء، مدعومة بحزمة تمويلية قدرها 150 مليار يورو ضمن برنامج "العمل الأمني من أجل أوروبا".
وتسعى الإستراتيجية الأوروبية الجديدة إلى تقليص الاعتماد على الولايات المتحدة، في ظل التغيرات التي طرأت على السياسات الأميركية، وتزايد التهديدات الأمنية في أعقاب حرب أوكرانيا.
في السياق، تزداد التساؤلات حول موقع تركيا، الحليف الإستراتيجي في حلف شمال الأطلسي والدولة المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي، وإمكانية انخراطها في مشاريع الدفاع الأوروبية رغم التعقيدات السياسية القائمة.
هامش محدودوحسب تقرير المفوضية الأوروبية، فإن تركيا مستبعدة من المنظومة الدفاعية الجديدة الممولة عبر برنامج "العمل الأمني من أجل أوروبا"، إذ أشار "الكتاب الأبيض للدفاع – جاهزية 2030" إلى أنقرة بوصفها "شريكا طويل الأمد" في سياسات الأمن والخارجية الأوروبية، دون أن يمنحها موقعا داخل آلية التمويل الدفاعي المشترك.
إعلانوسعيا في تعزيز التنسيق مع الحلفاء، أنشأ الاتحاد الأوروبي منصة "الدول ذات التفكير المماثل" لتبادل الأفكار والخطط الدفاعية، وانضمت تركيا إلى المنصة، مستندة إلى إنجازاتها المتسارعة في قطاع الصناعات الدفاعية.
بَيد أن إشراك تركيا بشكل أوسع يبقى مشروطا بمعالجة الملفات السياسية العالقة، وعلى رأسها قضية قبرص وتحقيق الاستقرار في شرق المتوسط. ووفق قواعد الاتحاد، فإن أي اتفاق شراكة دفاعية مع أنقرة يتطلب إجماع الدول الأعضاء الـ27، ما يمنح دولا مثل اليونان وقبرص القدرة على عرقلته، ما لم تتحقق الشروط السياسية اللازمة.
ورغم هذه القيود، أبقى الاتحاد هامشا محدودا للتعاون الفني، حيث تتيح المادة 17 من مقترح برنامج "العمل الأمني من أجل أوروبا" للدول المرشحة، مثل تركيا، المشاركة في مشاريع الدفاع المشتركة بنسبة لا تتجاوز 35% من مكونات المشروع، دون الحق في الحصول على تمويل مباشر من الصندوق الأوروبي.
وإذا رغبت تركيا أو شركاتها الدفاعية بتوسيع مساهمتها أو الاستفادة من التمويل، فسيتطلّب الأمر توقيع اتفاق شراكة دفاعية كاملة، كما هو معمول به مع دول كاليابان والنرويج وكوريا الجنوبية.
وفي هذا الإطار، أوضحت المفوضية الأوروبية أن الشركات الدفاعية العاملة ضمن أراضي الاتحاد، حتى لو كانت مملوكة لأطراف أجنبية، يمكنها المشاركة في المشاريع المشتركة بشرط استيفاء معايير الأمن الأوروبي، وهو ما يعني عمليا ضرورة إنشاء فروع "محوطة" للشركات التركية داخل أوروبا لضمان إدماجها بمرونة في برامج التسلح الأوروبية القادمة.
إصرار أنقرةمن جانبها، حسمت الرسائل الرسمية لأنقرة الموقف ورفضت استبعادها من منظومة الدفاع الأوروبية الجديدة، فقد أكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، خلال مؤتمر صحفي عقده في أنقرة أواخر فبراير/شباط الماضي، أن تركيا يجب ألا تُستبعد من أي هيكل أمني أوروبي قيد التشكل، مشددا على أن تجاهل القدرات العسكرية التركية يجعل أي منظومة دفاعية أوروبية غير واقعية.
إعلانوأضاف فيدان أن موقع تركيا الإستراتيجي، إضافة إلى امتلاكها أحد أكبر الجيوش داخل (الناتو)، يجعلان من مشاركتها عنصرا -لا غنى عنه- في أي ترتيبات أمنية جديدة تسعى القارة الأوروبية إلى بنائها.
ولم يقتصر الموقف التركي على التصريحات الدبلوماسية، بل تزامن مع استعراض مكاسب ملموسة حققتها الصناعات الدفاعية التركية في السنوات الأخيرة.
وبرزت أنقرة كلاعب رئيسي في مجالات تطوير المسيّرات الهجومية والطائرات بدون طيار والصواريخ المتقدمة، مما أكسب الصناعات الدفاعية التركية مكانة مرموقة على الصعيد الدولي.
وترى الباحثة المتخصصة في السياسة الخارجية زينب جيزام أوزبينار، أن الاتحاد الأوروبي بات أكثر إصرارا في السنوات الأخيرة على بناء هيكل دفاعي مستقل، وتجلَّى ذلك بإطلاق إستراتيجية الصناعات الدفاعية الأوروبية، ومبادرة العمل الأمني من أجل أوروبا.
وتعتبر أوزبينار في حديثها للجزيرة نت، أن تركيا تمثل عنصرا لا غنى عنه في معادلة الأمن الأوروبي، مستندة إلى امتلاكها ثاني أكبر جيش في الناتو، وموقعها الجيوسياسي الحساس عند تقاطعات البحر الأسود والشرق الأوسط والبلقان.
لكنها ترى أن الخلافات السياسية حول قضايا مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون تضع عراقيل أمام اندماج تركيا الكامل في مشاريع الدفاع الأوروبية.
وحول السيناريوهات المحتملة لانخراط تركيا في برنامج العمل الأمني الأوروبي، تستعرض أوزبينار 3 مسارات رئيسية:
السيناريو الأول والأكثر إيجابية، يتمثل بتوقيع اتفاقية شراكة أمنية ودفاعية رسمية بين تركيا والاتحاد الأوروبي، تتيح لأنقرة الانخراط المؤسسي الكامل في مشاريع البرنامج، بما في ذلك إنتاج وتوريد المعدات بنسبة تصل إلى 35%.وتشير إلى أن هذا الخيار من شأنه فتح صفحة جديدة من الثقة بين أنقرة وبروكسل ويحقق مكاسب إستراتيجية للطرفين. السيناريو الثاني، يكون بمشاركة تركيا بشكل غير مباشر عبر تأسيس شركات تابعة في أوروبا أو شراكات مع كيانات أوروبية قائمة، دون توقيع اتفاقية رسمية.
غير أن هذا النموذج -حسب أوزبينار- يمنح تركيا دورا محدودا ويضعف من مكاسبها الإستراتيجية مقارنة بالشراكة المؤسسية الكاملة. أما السيناريو الثالث، فتعتبره الباحثة أوزبينار الأكثر سلبية، ويتمثل في نجاح اليونان و"قبرص الرومية" في عرقلة انخراط تركيا، ما قد يؤدي إلى استبعاد أنقرة من مشاريع الدفاع الأوروبية.
وترى أن مثل هذا السيناريو سيمثل خسارة كبيرة لمنظومة الدفاع الأوروبية، وإن كانت تركيا قادرة في هذه الحالة على مواصلة ارتباطها بأمن القارة عبر قناة الناتو.
من جهته، يرى المحلل السياسي أحمد أوزغور، أن إصرار الاتحاد الأوروبي على استبعاد تركيا من مشاريعه الدفاعية لا يعكس فقط "مخاطرة تكتيكية"، بل يحمل في طياته تناقضا بنيويا يهدد مشروع الاستقلال الإستراتيجي الأوروبي ذاته.
إعلانويقول أوزغور للجزيرة نت، إن الحديث عن بناء منظومة دفاع أوروبي مكتفية ذاتيا دون إشراك قوة إقليمية بحجم تركيا، وفي ظل تآكل الالتزام الأميركي التقليدي بأمن القارة، يكشف فجوة عميقة بين الطموحات المعلنة والموارد الفعلية المتاحة للاتحاد.
ويعتبر أن قدرة تركيا على المناورة، سواء عبر تعزيز تحالفاتها الثنائية مع دول أوروبية منفردة أو من خلال توثيق تعاونها مع حلف الناتو، تضع بروكسل أمام معادلة معقدة؛ فاستبعاد أنقرة قد يمنح انسجاما سياسيا لحظيا داخليا، لكنه قد يؤدي على المدى الطويل إلى "شلل إستراتيجي" عندما تجد أوروبا نفسها أمام تحديات أمنية لا تستطيع مواجهتها وحدها.