"هذا قلبنا الذي احترق وليس مجرد مربع أسمنت".. هكذا عبرت بادية عن مشاعرها بعد قصف الجيش الإسرائيلي سوق النبطية في جنوب لبنان، الذي كان ينبض بالحياة وسط المدينة.

صبيحة الأحد، بدا سوق النبطية التجاري أشبه بمنطقة منكوبة غداة غارة إسرائيلية استهدفته. محال استحالت أكواما من الركام تتصاعد من أنحائها أعمدة دخان، وسكان يعاينون الدمار ويبكون قلب مدينتهم النابض وذكرياتهم.



ونفّذ الطيران الإسرائيلي غارة قرابة الثامنة والربع مساء السبت استهدفت وسط السوق التجاري في مدينة النبطية، كبرى مدن الجنوب اللبناني ومركز نشاطه الاقتصادي.

وفي الشارع كما على مواقع التواصل الاجتماعي، يبكي سكان المدينة سوقهم وذكرياتهم فيه منذ نعومة أظافرهم.

علي يقول إنه شعر وكأن منزله هو ما قصف، إذ إن كثيرين من أهالي المنطقة، فضلا عن أصحاب المحال أنفسهم، تربطهم بالسوق ذكريات كثيرة، فهو شاهد على ذكريات لكل فرد من أهالي المدينة، الذين انقسموا بين من يريد الرحيل ومن يتشبث بالمكان رغم دماره.. فكيف أصبح السوق؟ وماذا قال رواده؟

طارق: زلزال بسوق النبطية بتأثر، يصف طارق عبدالأمير صدقة، ما يشاهده من حوله "وكأنه زلزال حلّ بسوق النبطية، سوق دمر بأكمله"، ويضيف: "حتى الزاوية حيث كنا نجلس ونحتسي القهوة صباحا دمرت".

ويقول صدقة بينما يحمل عبوة مياه بلاستيكية ولا يقوى على حبس دموعه: "يعجز اللسان عن التعبير، لم نعد نقوى على الكلام"، مضيفا "أنا باق هنا ولن أغادر النبطية، النبطية أمّنا.. إنه لأمر محزن أن تجد أرزاق الناس دمرت".

على بعد أمتار منه، تشقّ ألسنة نيران طريقها بين حجارة متصدعة، وتتصاعد أعمدة دخان أسود من أنحاء عدة. وحدها شجرة خضراء يانعة بقيت صامدة بعدما تحول كل ما يحيط بها الى ركام.

لافتات بلا محال بينما عملت جرافة على رفع حجارة جعلت التنقل شبه مستحيل في المكان المستهدف، بدت واجهات المحال مدمرة ولم تنج إلا بضع لافتات كانت مرفوعة عليها، بينها محل مجوهرات.

وتهشمت واجهة مبنى من 3 طبقات، وبدت جدرانه سوداء جراء الدخان، بينما تقطعت حبال كهرباء وتدلت في أماكن عدة.

وأحدثت الغارة دمارا كبيرا في سوق المدينة التجاري الذي يشكل منذ عقود مقصدا لسكان المدينة وروادها من البلدات الواقعة في محيطها. ويكتظ السوق بمحال ومؤسسات متنوعة بينها متاجر ثياب ومجوهرات وحلويات.

وتقع مدينة النبطية وهي مركز محافظة تحمل الاسم ذاته على بعد نحو 13 كيلومترا عن أقرب نقطة حدودية مع إسرائيل. وتضم مؤسسات رسمية وتجارية كبرى ومستشفيات عامة وخاصة إضافة إلى جامعات رسمية وخاصة.

وسبق لإسرائيل أن وجهت منذ بدء التصعيد مع حزب الله قبل عام ضربات محدودة طالت شققا في المدينة، من دون أن تخلف دمارا واسعا.

جابر: هل هناك من نكبات أكبر متكئا على عكاز، جال حلمي جابر في محيط المكان المستهدف، وعلق على خاصرته مفاتيح غرفة صغيرة مجاورة يقطن فيها تضررت بعدما دخلت المياه إليها إثر تضرر خزانات على السطح من عصف الغارة الإسرائيلية.

ويتحسّر الرجل المسنّ بينما يضع نظارة شمسية "كانت هذه أجمل منطقة وأفضل سوق فيها"، مضيفا "ليترأف الله بالناس ويساعدنا. نحن خائفون ودماؤنا على أيدينا ونخشى ضربات جديدة، إذ أنهم (الإسرائيليون) لا يستثنون أحدا ويريدون جعل النبطية أرضا محروقة".

ويسأل جابر الذي يسير بخطى بطيئة وخلفه دمار واسع "هل هناك من نكبات أكبر؟ أريد أن أغادر، لكن من سيأخذني الآن وأنا عاجز عن التحرك؟".

ويتابع بحرقة: "من سينظر في حالنا؟ نوابنا الذين يسافرون ويقيمون في الفنادق؟ هل من يأتي منهم لتفقدنا والسؤال عن حالنا؟".

علي: السوق منزلي إلى الموقع المستهدف، يتوافد تباعا رجال يستطلعون حال السوق الذي اعتادوا ارتياده يوميا للتسوق أو رؤية أصدقائهم.

وبين هؤلاء محمود خرابزيت (69 عاما) الذي اعتاد منذ سنوات طويلة احتساء القهوة مع أصدقائه يومياً فيه.

وعلى غرار كثر، يقول إن المدينة "مرت حروب كثيرة عليها واستُهدفت بالقصف، لكننا ما زلنا صامدين فيها".

ويؤكد أن استهداف إسرائيل للمدينة لن يدفعه الى مغادرتها. ويوضح "باق هنا. هنا منزلي ومنزل أهلي ومنازل إخوتي. لا أستطيع أن أترك النبطية. النبطية روحي. وعندما تروح الروح" تكون قد انتهيت".

وعلى بعد أمتار، يشبّه الشيخ علي طه (63 عاما) السوق بمنزله، ويقول لفرانس برس: "شعرت كما لو أن منزلي تعرّض للقصف. هنا ترعرعنا وتعرف الناس كلهم بعضهم الى بعض".

وفي منشور على فيسبوك، عدّدت الكاتبة بادية فحص أسماء محال حفظتها مع أسماء مالكيها عن ظهر قلب في الشارع المستهدف: مكتبة ومحل حلويات وألبسة وأحذية وفلافل وبهارات وصيدلية ومحل بيع أسطوانات كان يطرب بموسيقاه رواد السوق.

وختمت منشورها الذي لاقى تفاعلاً واسعاً: "هذا قلبنا الذي احترق وليس مجرد مربع أسمنت". (فرانس برس)

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: سوق النبطیة

إقرأ أيضاً:

اغتيال قيادي من حماس في صيدا.. الاحتلال يكشف هويته (شاهد)

قصفت طائرات الاحتلال سيارة مدنية في مدينة صيدا الساحلية، جنوب لبنان، وذلك في إطار استمرار الخروقات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار.

وأفاد شهود عيان بأن "فرق الدفاع المدني انتشلت جثة تعود لسائق السيارة، وعملت على إطفاء النيران التي اشتعلت جراء الغارة من مسيرة إسرائيلية".

بدورها، قالت وكالة الأنباء اللبنانية إن "مسيرة للعدو الاسرائيلي استهدفت قبل قليل سيارة على الأوتوستراد البحري عند ملعب صيدا البلدي".

من جهتها، أقرت إذاعة جيش الاحتلال بشن غارة على سيارة قرب مدخل مدينة صيدا جنوبي لبنان بهدف اغتيال "شخصية بارزة بإحدى المنظمات"، فيما ادعت القناة (12) الإسرائيلية أن المستهدف بالاغتيال في الغارة "مسؤول بحركة حماس"، دون الكشف عن هويته.

إضافة: إسـ..ـتهداف سيارة كان قرب الملعب البلدي شمال مدينة #صيدا على بعد امتار من مركز للجيش اللبناني اشارة الى استمرار تحليق طائرة مسيرة في سماء المدينة. pic.twitter.com/zgs4FyZ3Nl — موقع البهاء - albahaasite (@albahaasite) February 17, 2025
وبينما لم تعلق حركة حماس على العملية حتى الآن، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" هوية القيادي المستهدف، وقالت إنه يدعى محمد شاهين، ويترأس "قسم عمليات حماس في لبنان" الذي يخطط للهجمات في الخارج.



وزعمت الصحيفة أن شاهين خطط قبل يوم واحد من الموعد النهائي لانسحاب "الجيش الإسرائيلي الكامل"، لأحد الهجمات.

وقالت الصحيفة، إن نتنياهو أوقف شهادته أمام المحكمة لمدة 20 دقيقة تقريبًا، وطلب استراحة لإجراء مشاورات مع وزير الحرب يسرائيل كاتس، قبل أن يصادق على عملية الاغتيال.

مقالات مشابهة

  • هل أصاب التحديث في الوطن العربي التراجعات والإخفاقات؟
  • مكسيم خليل يحتفل بزفاف شقيقته في دمشق بينما يواصل تصوير تحت الأرض
  • الرئيس عون اوفد الرابطة المارونية: ما حصل خلال الأشهر الماضية أصاب لبنان بأسره
  • تماطل وتحاول فرض شروطها.. من الذي تريده إسرائيل لإدارة غزة؟
  • بـ 376,391 شتلة.. "حفرالباطن أخضر" تتجاوز المستهدف في مرحلتها الأولى
  • حراك عالمي في المملكة.. لماذا اختار ترامب وبوتين الرياض مكاناً لمحادثات واشنطن وموسكو؟
  • تعرف على محمد شاهين القائد القسامي الذي اغتالته إسرائيل في لبنان
  • اغتيال قيادي من حماس في صيدا.. الاحتلال يكشف هويته (شاهد)
  • نائب: الصادرات وصلت لـ40 مليار جنيه.. و المستهدف 100 مليار خلال 4 سنوات
  • فوق النبطية واقليم التفاح.. تحليق كثيف للطيران الحربي الاسرائيلي