قبل 6 أعوام، وثق فريق دولي من الباحثين بدورية "ساينس" العثور على بقايا لأدوات استخدمها الإنسان المبكّر في منطقة عين بوشريط في الجزائر (تقع على بعد 300 كيلومتر شرق العاصمة)، وعثروا على أدوات حجرية وعظام حيوانات كانت تستخدم في القطع خلال عصر البليوستوسين (قبل حوالي 2.58 مليون عام).

ويقوم فريق بحثي آخر حاليا بالبحث عن بقايا مماثلة في موقع "جيفات-4" المغربي بإقليم جرادة شمال شرقي المملكة المغربية، بعد أن أثبتوا في دراسة نشرتها دورية "نيتشر كومينيكيشنز" أن الموقع المغربي مثله مثل الجزائري يضم مجموعة متنوعة من النظم البيئية التي كان من الممكن أن توفر موارد حيوية للسكان في تلك الأزمنة.

ويقول الأستاذ في المعهد الكتالوني لعلم البيئة القديمة للإنسان والتطور الاجتماعي في تاراغونا بإسبانيا إيفان راميريز بيدرازا، والباحث الرئيسي بالدراسة، في تصريحات للجزيرة نت، إن" الأدلة على وجود الإنسان المبكر قبل 2.44 مليون سنة في الجزائر وضعت شمال أفريقيا كمنطقة مهمة للتطور البشري، وسلطت الضوء على الحاجة إلى منظور أفريقي أكثر عموما حول هذا الموضوع. ولذلك، اتجهنا لدراسة موقع جيفات-4 في المغرب، ووجدنا تشابها بين الموقعين، سببه في المقام الأول قربهما النسبي، وموقعهما داخل النظام الجبلي نفسه (داخل جبال الأطلس)".

موقع جيفات-4 في المغرب (الفريق البحثي) ظروف بيئية متشابهة

يضيف الباحث المشارك بالدراسة من المعهد الكتالوني لعلم البيئة القديمة للإنسان والتطور الاجتماعي روبرت سالا راموس، في تصريحات للجزيرة نت، "حتى الآن ليس لدينا وجود مؤكد لأفراد من الجنس الإنساني المبكر في جيفات-4. ومع ذلك، هناك حالات لسلوكهم في المنطقة يتم تأريخها حاليا، ولكن حتى الآن فإن أقدم وجود موثق في شمال أفريقيا موجود في عين بوشريط".

وقد عاش الجنس الإنساني على الأرض قبل نحو مليوني و400 ألف سنة، ويعتقد العلماء أنه انتشر بشكل أساسي في جوانب قارة أفريقيا، ويضم عائلات مثل النياندرتال والدينيسوفان. وقبل نحو 500 إلى 600 ألف سنة ظهر البشر الحاليون، أو ما يسميه العلماء في هذا النطاق "الإنسان العاقل".

ويستطرد سالا راموس "ومع ذلك، فإن جيفات-4 وعين بوشريط يقعان في المنطقة الفسيوغرافية نفسها، في مرتفعات البحيرات المالحة في شمال أفريقيا، وهي منطقة متصلة تمتد من شرق المغرب حتى شمال شرق الجزائر، لذلك نعتقد أن الظروف البيئية التي سادت في عين بوشريط وجدت أيضا في العمر نفسه بمنطقة جيفات-4".

وخلال الدراسة الجديدة، اكتشف بيدرازا وسالا راموس ورفاقهم أن الموقع الواقع شرق المغرب من المحتمل أن يوفر منظرا فسيفسائيا يضم مجموعة متنوعة من النظم البيئية، حيث كان الجفاف هو السياق البيئي السائد، ولكن كانت هناك أيضا مناطق غابات وأراض رطبة ومساحات مفتوحة أكثر.

وكان من شأن هذا التنوع أن يسمح لسكان تلك المناطق باستغلال مجموعة واسعة من الموائل، مما يجعلها منطقة رئيسة للهجرة والاستيطان خلال فترة من التغيرات المناخية والبيئية الكبرى.

منهج شامل في التحليل

جمعت الدراسة بين طرائق متعددة، منها تحليل النظائر المستقرة وتحليل التآكل الدقيق لأسنان الحيوانات، لإعادة بناء النظام البيئي القديم بدرجة عالية من الدقة، إذ قدمت الدراسات النظرية لمينا الأسنان معلومات عن أنواع الطعام المتناول، وأيّد ذلك التحليل الدقيق لتآكل الأسنان، مثل الخدوش والحفر التي تشكلت على سطح السن أثناء تناول الطعام، بغية معرفة إن كانت الحيوانات قد تناولت الأعشاب القاسية أم الأوراق الناعمة، حيث يترك نوع الطعام علامات مختلفة على الأسنان.

بالإضافة إلى هذه التحليلات، أجرى الفريق أيضا دراسات لحبوب اللقاح وتحليلا للنظائر في رواسب النباتات، وحددوا الأنواع المختلفة من الثدييات الدقيقة والقشريات الدقيقة والطحالب في الموقع.

ويقول بيدرازا إن "هذه الآلية المتبعة في الدراسة مكّنتنا من بناء معرفة أكثر شمولا وتنوعا، فقد ينتج عنصر واحد تحيزا، ولكن المنهج الشامل في التحليل الذي يضم أكثر من عنصر يضمن الحصول على معرفة قوية وشاملة بالمناظر الطبيعية التي سادت في جيفات-4 عند حدود العصر البليوستوسيني".

ويضيف أن "المناظر الطبيعية في جيفات-4 تشبه البيئات الفسيفسائية النموذجية لشرق أفريقيا، التي سهّلت توسع الهومينين خلال فترة الانتقال من البليوستوسين إلى البليوستوسين. ومن المحتمل أن تعكس الظروف المناخية المتغيرة في شمال أفريقيا تلك الموجودة في شرق أفريقيا، مما سمح للجنس الإنساني المبكر من النوع هومينين بالهجرة والتكيف مع البيئات الجديدة، ويقدم تنوع النظم البيئية في جيفات-4 موارد متنوعة".

الخطط البحثية المستقبلية

يتطلع الباحثون إلى تطبيق الأساليب المستخدمة في هذه الدراسة على مواقع أخرى قريبة في شمال أفريقيا. وأكد راموس أن هناك خططًا لتوسيع نطاق البحث ليشمل مواقع وفترات زمنية أخرى، للحصول على فهم أكثر شمولا للبيئات البشرية المبكرة في جميع أنحاء المنطقة.

وأشار بيدرازا إلى الأبحاث الجارية في مواقع مثل غارا سلطانة وعين تابودة في شرق المغرب، بقيادة الدكتور حسن أوراغ، والتي من المتوقع أن تقدم مزيدا من الأفكار عن المهن الإنسانية القديمة في شمال أفريقيا.

وأشار أيضا إلى العمل الذي يتم إنجازه في توماس كواري الأول (موقع أنثروبولوجي قديم يقع على المشارف الغربية للدار البيضاء)، بقيادة عبد الرحيم محب وكاميل دوجير، يسهم في تنامي المعرفة عن البشر الأوائل في المنطقة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی شمال أفریقیا

إقرأ أيضاً:

تعرف على المواقع التي رفض الاحتلال الانسحاب منها جنوب لبنان (شاهد)

يسلط قرار جيش الاحتلال، الإبقاء على احتلال 5 مواقع، جنوب لبنان، بعد انسحابه من كافة المناطق بحلول اليوم الضوء على تلك المواقع وأهميتها.

وقالت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية، إن جيش الاحتلال انسحب من البلدات والقرى التي كان يحتلها جنوبي البلاد، باستثناء 5 نقاط رئيسية على طول الحدود مع فلسطين المحتلة.

فيما ذكرت هيئة البث العبرية الرسمية أن بقاء الجيش الإسرائيلي في هذه النقاط الخمس داخل الأراضي اللبنانية جاء "في إطار التنسيق مع الولايات المتحدة".

ونستعرض في التقرير التالي المواقع الخمسة التي أبقى الاحتلال على وجوده فيها جنوب لبنان:

تلال اللبونة:

منطقة مرتفعة في قضاء صور في محافظة جنوب لبنان، مطلة على شمال فلسطين المحتلة، وتقع على مقربة منها بلدة البرج الشمالية.

تعتبر تلال اللبونة من المواقع الاستراتيجية التي توصف بالحاكمة، بسبب إشرافها على مساحات كبيرة محطية بها، في خراج الناقورة، و تقابل أبرز مستوطنات الجليل الغربي من روش هانيكرا إلى شلومي ونهاريا، وكان يتواجد بها موقع للجيش اللبناني إضافة إلى موقع لحزب الله.

شهدت تلال اللبونة، معارك ضارية، خلال عدوان الاحتلال الأخير على لبنان، وفشل في محاولات عديدة للسيطرة عليها، بسبب التصدي الكبير من قبل حزب الله، وتدمير العديد من الآليات للاحتلال



جبل بلاط:

 يعتبر جبل بلاط من المرتفعات الاستراتيجية جنوب لبنان، ويقع بين بلدتي مروحين ورامية، في القطاع الغربي من الجنوب اللبناني.

يبعد مسافة 800 متر عن ما يعرف بالخط الأزرق، ويشرف على جزء كبير من القطاع الأوسط للحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، فضلا عن إطلالته وكشفه لمستوطنات شمال فلسطين مثل شتولا وزرعيت.



جل الدير:


يعد أحد المرتفعات الاستراتيجية في خراج بلدة عيترون بالقطاع الأوسط، من جنوب لبنان، وأحد التلال الحاكمة في المنطقة، لإطلالته على مساحات ومناطق كبيرة من شمال فلسطين المحتلة.

يعد جل الدير أو جبل الباط، من أهم المواقع المطلة على مستوطنات الاحتلال شمال فلسطين المحتلة، مثل أفيفيم ويفتاح والمالكي، وتعرضت هذه المستوطنات لضربات مكثفة خلال العدوان الأخير على لبنان، ولحقت بها خسائر كبيرة.



نقطة الدواوير:


منطقة استراتيجية مرتفعة، في القطاع الشرقي من الجنوب اللبناني، وتقع على الطريق بين بلدتي مركبا وحولا، وتكشف أجزاء واسعة من شمال فلسطين المحتلة.

كما تكشف نقطة الدواوير منطقة وداي هونين ومستوطنة مرغليوت، والتي تعرضت للعديد من الضربات ولحقت بمساكنها ومواقعها العسكرية التابعة للاحتلال، خسائر كبيرة على امتداد العدوان على لبنان.

ويهدف الاحتلال من إبقاء سيطرته على نقطة الدواوير، منع الإشراف على أو كشف مستوطنات الجانب الشرقي من فلسطين المحتلة، وتقييد البلدات الجنوبية في المنطقة.



تلة الحمامص:


منطقة مرتفعة جنوب منطقة الخيام، في قضاء مرجعيون جنوب لبنان، توجد به قرية صغيرة تدعى سردا، وترتفع عن سطح البحر مسافة 500 متر.

لكن الأهمية الاستراتيجية للتلة، إشرافها بشكل مباشر وواضح على مستوطنة المطلة شمال فلسطين المحتلة، والتي تعرضت لضربات قاسية منذ بدء العدوان على لبنان، ودمر جزء كبير من منازل المستوطنين فيها، فضلا عن ضربات تلقتها معسكرات جيش الاحتلال في المنطقة.

شهدت التلة ومحيطها الممتد باتجاه بلدة الخيام، معارك ضارية، ولم يتمكن الاحتلال من السيطرة عليها بسهولة، وتكبد خسائر واسعة، وأسعفه وقف إطلاق النار للتحرك بحرية في المنطقة وإكمال توغله فيها.



يشار إلى أنه كان من المفترض انسحاب جيش الاحتلال، وفقا لاتفاق وقف إطلاق النار مع حزب الله، في 26 كانون ثاني/يناير الماضي، لكنه قام بالمماطلة والتأجيل، وأعلن الانسحاب اليوم 18 شباط/فبراير، مع إخلال بالاتفاق عبر إبقاء احتلاله 5 نقاط استراتيجية مرتفعة، قام بعمل تحصينات عليها وتجمعات للقوات.

مقالات مشابهة

  • تساؤلات حول مصير أكثر من 5 ملايين مريض بالإيدز في جنوب أفريقيا بعد تعليق ترامب المساعدات
  • منتخبات بإفريقيا ستعلب مبارياتها في تصفيات كأس العالم 2026 بالمغرب
  • الصين.. ابتكار ألماس أكثر صلابة بنسبة 40% من الألماس الطبيعي
  • هيئة الإحصاء بالمغرب: أكثر من 4 ملايين شخص مهددون بالفقر
  • تعرف على المواقع التي رفض الاحتلال الانسحاب منها جنوب لبنان (شاهد)
  • قصة شجرة أدونيس.. أقدم شجرة حية في أوروبا
  • اكتشاف أثري غير مسبوق قرب تطوان يعيد كتابة تاريخ شمال أفريقيا
  • المغرب يطلق منصة “يالا” لحجز التذاكر والإقامة خلال كأس أفريقيا 2025
  • تعرف على فوائد قشر البرتقال التي تثير حماسة العلماء بسبب فائدتها
  • قيوح يتعاقد مع شركة تواصل من باريس برقم هاتف فرنسي للتواصل مع المغاربة حول مؤتمر منظم بمراكش