الجنس الإنساني وجد بالمغرب والجزائر في وقت أقدم مما ظن العلماء
تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT
قبل 6 أعوام، وثق فريق دولي من الباحثين بدورية "ساينس" العثور على بقايا لأدوات استخدمها الإنسان المبكّر في منطقة عين بوشريط في الجزائر (تقع على بعد 300 كيلومتر شرق العاصمة)، وعثروا على أدوات حجرية وعظام حيوانات كانت تستخدم في القطع خلال عصر البليوستوسين (قبل حوالي 2.58 مليون عام).
ويقوم فريق بحثي آخر حاليا بالبحث عن بقايا مماثلة في موقع "جيفات-4" المغربي بإقليم جرادة شمال شرقي المملكة المغربية، بعد أن أثبتوا في دراسة نشرتها دورية "نيتشر كومينيكيشنز" أن الموقع المغربي مثله مثل الجزائري يضم مجموعة متنوعة من النظم البيئية التي كان من الممكن أن توفر موارد حيوية للسكان في تلك الأزمنة.
ويقول الأستاذ في المعهد الكتالوني لعلم البيئة القديمة للإنسان والتطور الاجتماعي في تاراغونا بإسبانيا إيفان راميريز بيدرازا، والباحث الرئيسي بالدراسة، في تصريحات للجزيرة نت، إن" الأدلة على وجود الإنسان المبكر قبل 2.44 مليون سنة في الجزائر وضعت شمال أفريقيا كمنطقة مهمة للتطور البشري، وسلطت الضوء على الحاجة إلى منظور أفريقي أكثر عموما حول هذا الموضوع. ولذلك، اتجهنا لدراسة موقع جيفات-4 في المغرب، ووجدنا تشابها بين الموقعين، سببه في المقام الأول قربهما النسبي، وموقعهما داخل النظام الجبلي نفسه (داخل جبال الأطلس)".
يضيف الباحث المشارك بالدراسة من المعهد الكتالوني لعلم البيئة القديمة للإنسان والتطور الاجتماعي روبرت سالا راموس، في تصريحات للجزيرة نت، "حتى الآن ليس لدينا وجود مؤكد لأفراد من الجنس الإنساني المبكر في جيفات-4. ومع ذلك، هناك حالات لسلوكهم في المنطقة يتم تأريخها حاليا، ولكن حتى الآن فإن أقدم وجود موثق في شمال أفريقيا موجود في عين بوشريط".
وقد عاش الجنس الإنساني على الأرض قبل نحو مليوني و400 ألف سنة، ويعتقد العلماء أنه انتشر بشكل أساسي في جوانب قارة أفريقيا، ويضم عائلات مثل النياندرتال والدينيسوفان. وقبل نحو 500 إلى 600 ألف سنة ظهر البشر الحاليون، أو ما يسميه العلماء في هذا النطاق "الإنسان العاقل".
ويستطرد سالا راموس "ومع ذلك، فإن جيفات-4 وعين بوشريط يقعان في المنطقة الفسيوغرافية نفسها، في مرتفعات البحيرات المالحة في شمال أفريقيا، وهي منطقة متصلة تمتد من شرق المغرب حتى شمال شرق الجزائر، لذلك نعتقد أن الظروف البيئية التي سادت في عين بوشريط وجدت أيضا في العمر نفسه بمنطقة جيفات-4".
وخلال الدراسة الجديدة، اكتشف بيدرازا وسالا راموس ورفاقهم أن الموقع الواقع شرق المغرب من المحتمل أن يوفر منظرا فسيفسائيا يضم مجموعة متنوعة من النظم البيئية، حيث كان الجفاف هو السياق البيئي السائد، ولكن كانت هناك أيضا مناطق غابات وأراض رطبة ومساحات مفتوحة أكثر.
وكان من شأن هذا التنوع أن يسمح لسكان تلك المناطق باستغلال مجموعة واسعة من الموائل، مما يجعلها منطقة رئيسة للهجرة والاستيطان خلال فترة من التغيرات المناخية والبيئية الكبرى.
منهج شامل في التحليلجمعت الدراسة بين طرائق متعددة، منها تحليل النظائر المستقرة وتحليل التآكل الدقيق لأسنان الحيوانات، لإعادة بناء النظام البيئي القديم بدرجة عالية من الدقة، إذ قدمت الدراسات النظرية لمينا الأسنان معلومات عن أنواع الطعام المتناول، وأيّد ذلك التحليل الدقيق لتآكل الأسنان، مثل الخدوش والحفر التي تشكلت على سطح السن أثناء تناول الطعام، بغية معرفة إن كانت الحيوانات قد تناولت الأعشاب القاسية أم الأوراق الناعمة، حيث يترك نوع الطعام علامات مختلفة على الأسنان.
بالإضافة إلى هذه التحليلات، أجرى الفريق أيضا دراسات لحبوب اللقاح وتحليلا للنظائر في رواسب النباتات، وحددوا الأنواع المختلفة من الثدييات الدقيقة والقشريات الدقيقة والطحالب في الموقع.
ويقول بيدرازا إن "هذه الآلية المتبعة في الدراسة مكّنتنا من بناء معرفة أكثر شمولا وتنوعا، فقد ينتج عنصر واحد تحيزا، ولكن المنهج الشامل في التحليل الذي يضم أكثر من عنصر يضمن الحصول على معرفة قوية وشاملة بالمناظر الطبيعية التي سادت في جيفات-4 عند حدود العصر البليوستوسيني".
ويضيف أن "المناظر الطبيعية في جيفات-4 تشبه البيئات الفسيفسائية النموذجية لشرق أفريقيا، التي سهّلت توسع الهومينين خلال فترة الانتقال من البليوستوسين إلى البليوستوسين. ومن المحتمل أن تعكس الظروف المناخية المتغيرة في شمال أفريقيا تلك الموجودة في شرق أفريقيا، مما سمح للجنس الإنساني المبكر من النوع هومينين بالهجرة والتكيف مع البيئات الجديدة، ويقدم تنوع النظم البيئية في جيفات-4 موارد متنوعة".
الخطط البحثية المستقبليةيتطلع الباحثون إلى تطبيق الأساليب المستخدمة في هذه الدراسة على مواقع أخرى قريبة في شمال أفريقيا. وأكد راموس أن هناك خططًا لتوسيع نطاق البحث ليشمل مواقع وفترات زمنية أخرى، للحصول على فهم أكثر شمولا للبيئات البشرية المبكرة في جميع أنحاء المنطقة.
وأشار بيدرازا إلى الأبحاث الجارية في مواقع مثل غارا سلطانة وعين تابودة في شرق المغرب، بقيادة الدكتور حسن أوراغ، والتي من المتوقع أن تقدم مزيدا من الأفكار عن المهن الإنسانية القديمة في شمال أفريقيا.
وأشار أيضا إلى العمل الذي يتم إنجازه في توماس كواري الأول (موقع أنثروبولوجي قديم يقع على المشارف الغربية للدار البيضاء)، بقيادة عبد الرحيم محب وكاميل دوجير، يسهم في تنامي المعرفة عن البشر الأوائل في المنطقة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی شمال أفریقیا
إقرأ أيضاً:
«المشاط»: معدلات التشغيل وتنمية مهارات الشباب أحد أكبر التحديات التي تواجه قارة أفريقيا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ألقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ومحافظ مصر لدى مجموعة البنك الدولي؛ كلمة محافظي مجموعة الدول الأفريقية لدى البنك، وذلك خلال اجتماع المجموعة مع أجاي بانجا، رئيس مجموعة البنك الدولي. جاء ذلك خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي والمنعقدة بواشنطن حتى 26 أبريل الجاري.
التحديات التي تواجه أفريقيا
وفي كلمتها، أشارت الدكتورة رانيا المشاط إلى أحد أكبر التحديات التي تواجه أفريقيا، وهي ضرورة ضمان وجود مسارات رئيسية لخلق فرص العمل وتجهيز القوى العاملة بالمهارات اللازمة التي تتطلبها السوق، لافتة إلى أن نحو ثلث الأفراد في سن العمل الذين لا يمتلكون وظائف يعيشون في أفريقيا.
وقالت «المشاط»، إنه بالرغم من الجهود التي تقوم بها مجموعة البنك الدولي لخلق فرص عمل، إلا أننا بحاجة لحجم أكبر من تلك الوظائف بما يتناسب مع التحديات الحالية، ولذلك، نحث مجموعة البنك الدولي على تعزيز أجندة الوظائف والتحول الاقتصادي من خلال بعض المسارات الحيوية، ومنها تمويل البنية التحتية المادية والرقمية، من خلال تقديم مجموعة البنك دعم إضافي في بناء وتجديد وتوسيع وتحديث السكك الحديدية، والطرق، والجسور، والموانئ والمطارات، وأنظمة إمداد المياه، ومعالجة مياه الصرف الصحي، وشبكات الكهرباء، أنظمة الري وغيرها من البنى التحتية في مجال التكنولوجيا الزراعية، وشبكات الاتصالات الرقمية وخدمات الإنترنت، المنصات، الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، ومراكز الابتكار التي ستفتح الفرص في قطاعات التكنولوجيا والخدمات.
أهمية تمويل التصنيع المحليكما أشارت "المشاط" إلى أهمية تمويل التصنيع المحلي، مطالبة كذلك بدعم مجموعة البنك الدولي لتطوير مناطق اقتصادية وتجارية وصناعية، وتعزيز الصناعات المحلية مثل المنسوجات، والإلكترونيات، والكيماويات، وكذلك المصانع الخاصة بمكونات الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية، والتوربينات الهوائية والمائية، وأنظمة القياس.
وأكدت أن تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة تمثل كذلك فرصة رئيسية، فمن الممكن أن يقوم البنك أيضًا بدعم تلك الأنشطة، خاصة في القطاعات الاستخراجية، الزراعية، والطاقة لمعالجة المواد الخام محلياً للحفاظ على القيمة المحلية؛ وكذلك في مجالات السياحة البيئية وإدارة النفايات لتوليد فرص العمل مع الحفاظ على الأهداف البيئية، هذا فضلًا عن أهمية تمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومبادرات ريادة الأعمال في أفريقيا، والتي يمكن دعمها من خلال الدعم المالي، والائتمان الميسر، والمصادر التمويلية البديلة (مثل رأس المال الاستثماري) التي يمكن أن تساعد الشركات على توسيع فرص العمل، وتمكين رواد الأعمال الأفارقة الشباب من الحصول على الأدوات اللازمة لبدء وتطوير أعمالهم الخاصة.
تقرير "مستقبل الوظائف 2025"وحول تقرير "مستقبل الوظائف 2025" الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، والذي يسلط الضوء على التركيز المشترك على المهارات المعتمدة على التكنولوجيا والقدرات البشرية؛ قالت "المشاط" إنه من المهم أن تكون تدخلات مجموعة البنك الدولي في مجال رأس المال البشري متعددة القطاعات وفعالة في الاستفادة من نهج التعاون المتكامل داخل مجموعة البنك الدولي، من خلال تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، موضحةً أنه بالنظر إلى أن خلق فرص العمل يتطلب قوة عاملة ماهرة، لذا من الضروري أن تقوم مجموعة البنك بتمويل برامج التدريب المهني والإرشاد لتمكين الأفراد والمجتمعات من تلبية احتياجات الصناعة، مما سيحول الوظائف غير الرسمية إلى رسمية، ويعزز الديناميكية الاقتصادية.
وأوضحت "المشاط"، أنه من الضروري معالجة الحاجة إلى جمع وتحليل بيانات دقيقة وقوية لدعم اتخاذ القرارات السياسية والتنموية، مطالبة مجموعة البنك الدولي بتسريع تنفيذ وتقديم البيانات والتحليلات الجديدة ضمن "جدول أعمال المعرفة" لمواكبة التطورات الاقتصادية وتحقيق أهداف التنمية. ولفتت إلى أنه استنادًا إلى تحليل مجموعة البنك الدولي نفسه، يجب أن نأخذ في الاعتبار نتائج تقرير التنمية العالمية لعام 2023 حول "المهاجرين، واللاجئين، والمجتمعات" للتأكيد على الحاجة إلى إدارة فعالة للهجرة الاقتصادية للمساعدة في موازنة التباينات السكانية وضمان التنمية المستدامة.
وفي ختام كلمتها؛ أكدت "المشاط"، أن نجاح هذه المسارات يتطلب التعاون القوي، معربة عن تأييد مجموعة محافظي الدول الأفريقية استمرار تعاون مجموعة البنك الدولي مع "مختبر استثمارات القطاع الخاص" و"المجلس الاستشاري رفيع المستوى المعني بالوظائف" لتطوير وتنفيذ الأدوات المبتكرة وأدوات تقليل المخاطر، مع ضمان تحديثات منتظمة وتواصل شفاف، بالإضافة إلى تعزيز الشراكات والفرص للتعاون والتكامل من خلال منصات التمويل المشتركة الحالية والجديدة.