نازحو دير البلح: إسرائيل شردتنا وتريد قتلنا حرقا
تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT
غزة – تُلملِم السيدة جَمَلات وادي ما تبقى من أغراضها التي تلِفت جراء حريق تسبب به قصف إسرائيلي وأجهز على خيمتها بالكامل، لعلها تجد بينها ما يصلح للاستخدام، لكنها تفاجأت بأن ألسنة النيران لم تترك لها ولبناتها وحفيداتها شيئا، فقد احترق الفراش والأغطية والملابس والأحذية والأوراق الثبوتية والهواتف المحمولة، ولم يتبق للعائلة إلا الملابس التي هربوا بها من ألسنة النيران.
وتسبب القصف الإسرائيلي الذي وقع حوالي الساعة الواحدة وعشر دقائق صباح اليوم الاثنين، واستهدف مركز إيواء مقام بمستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح، باستشهاد 3 أشخاص وإصابة نحو 33 آخرين، واحتراق نحو 40 خيمة.
وأصيبت اثنتان من بنات جملات وادي بحروق، ونقلتا إلى مستشفى ناصر بمدينة خان يونس نظرا لعدم مقدرة مستشفى شهداء الأقصى على التعامل مع المصابين لكثرتهم، لا سيما أن الهجوم جاء بعد ساعات قليلة على استهداف إسرائيلي مماثل لمركز إيواء بمخيم النصيرات، أسفر عن استشهاد نحو 22 شخصا وإصابة العشرات.
عاش النازحون ليلة عصيبة جراء قصف إسرائيل خيامهم لكنهم نجوا بأعجوبة من الموت حرقا (الجزيرة) فقدٌ مركّبتبلغ جملات وادي من العمر 40 عاما، وهي أرملة وأم لسبع بنات، أصغرهن عمرها 3 سنوات، وهي كذلك أم لشهيد قتلته قوات الاحتلال بداية الحرب، وسبق أن نزحت الأم الفلسطينية مع بناتها من شمالي القطاع بحثا عن الأمان، وحطت رحالها في مركز إيواء مستشفى شهداء الأقصى بعد أن تمكنت من بناء خيمة صغيرة وتوفير بعض الفراش.
وبينما تلتقط وادي أوراقا من المصحف الكريم، تشير بيديها قائلة "حتى المصحف حرقوه"، وتقول السيدة للجزيرة نت "ابنتي شهْد عمرها 16 عاما، انصهر عليها النايلون وأصيبت بحروق في يدها، وابنتي روضة عمرها 14 عاما وأصيبت أيضا بحروق في يدها وبطنها".
السيدة جملات وادي: حتى المصحف الكريم أحرقوه (الجزيرة)وعقب القصف، الذي تسبب بحريق هائل، أُصيبت وادي بالهلع الشديد وكان كل همّها إنقاذ بناتها وحفيداتها من الموت حرقا، وتضيف "كل شيء احترق، كان النايلون ينصهر علينا ولا نعرف ماذا نفعل، والنيران في كل مكان، الحريق أكل الأخضر واليابس، لم يتبق لنا أي فراش أو ملابس، كان معي مبلغ بسيط هو 50 شيكلا (14 دولارا) احترق أيضا".
ولا تدري السيدة التي تفتقد لمن يعيلها بعد وفاة زوجها، كيف ستتدبر أمورها، وأين ستبيت الليلة مع بناتها؟ وكيف ستوفر خيمة وفراشا وأغراضا بديلة لتلك التي احترقت؟
كمال ماضي: حرقوا خيمتي وجرحوا ابني ولم نعد نملك أي شيء إلا ملابسنا فقط (الجزيرة) رعب وصدمةيبدو كمال ماضي (42 عاما) تحت وقع الصدمة حتى الآن بعد أن احترقت خيمته بالكامل بما فيها من أغراض، وأُصيب ابنه الصغير عمر بشظية في بطنه، وهو واحد من 4 أطفال، تتراوح أعمارهم بين 3 و10 أعوام، ويقول للجزيرة نت "كنا نائمين في أمان الله، فجأة حصل القصف، ثم وجدت ابني يبكي والدماء تسيل من بطنه".
وبعد أقل من دقيقة فوجئ ماضي بالنيران تقترب من خيمته بعد أن اشتعلت في الخيام المجاورة، وهو ما دفعه للهرب بأسرته على وجه السرعة، ويكمل "النار أكلت خيمتنا وكل شيء انتهى، الفراش والأحذية والأغطية وكل شيء، لم نعد نملك أي شيء إلا ملابسنا فقط، هربنا في آخر لحظة".
وتابع "نطالب العالم بوقف الحرب ووقف قتل الأبرياء، جنبوا الأبرياء العدوان، لابد من وقف الحرب لأنها ضد الاطفال، نحن أتينا من الشمال بحثا عن الأمان، أين هو الأمان؟"، وكجيرانه من أصحاب الخيام، لا يدري ماضي أين سيبيت الليلة؟ وكيف سيتمكن من توفير خيمة وأغراض بديلة؟
مصلح: عشنا ليلة فظيعة بسبب القصف الهائل والحريق والصراخ في كل مكان (الجزيرة)أما مصلح (25 عاما) فيبدو أكثر حظا، حيث لم يحترق سوى جزء بسيط من خيمته، ويقول للجزيرة نت "المشهد كان مرعبا، الشهداء والمصابون تأكلهم النيران، أنا وأولادي وأخوتي لا نزال مرعوبين"، ويضيف "عشنا ليلة فظيعة، قصف هائل وحريق وصراخ وشهداء، والناس تجري هاربة من النار، ولا نعرف ماذا نفعل".
وفي هذا السياق، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن جيش الاحتلال قصف مركز الإيواء داخل مستشفى شهداء الأقصى للمرة السابعة خلال الحرب، وقال إن الاحتلال قصف خلال الحرب نحو 191 مركز إيواء، تضم مئات آلاف النازحين المشردين بفعل حرب الإبادة الجماعية.
سياسة ممنهجةويرى المحلل السياسي والحقوقي مصطفى إبراهيم أن إسرائيل تستهدف مراكز الإيواء في قطاع غزة بشكل منهجي ضمن حرب الإبادة الجماعية التي تشنها على السكان، وذلك بغرض قتل أكبر عدد ممكن من السكان وترويعهم ودفعهم للهجرة خارج القطاع.
ويضيف للجزيرة نت "هذه السياسة توضح مدى الإجرام الذي ترتكبه إسرائيل، والتي تمضي في منع أي شكل من أشكال الحياة"، وأشار إلى أن إسرائيل لا تكتفي بطرد السكان من منازلهم بعد تدميرها، بل تلاحقهم في مراكز الإيواء التي يلجؤون إليها، وتقتلهم حرقا بالصواريخ، "لدى إسرائيل خطط في استمرار الضغط والتنكيل بالناس ودفعهم للهجرة".
وشدد على أن هذه السياسة "مقصودة وممنهجة وهي جزء من سياسة حرب الإبادة، التي تضاف أيضا إلى جانب القصف الناري والتجويع ونشر الأوبئة والأمراض"، وندد إبراهيم بـ"انهيار منظومة القانون الدولي الإنساني، وبصمت العالم الذي يزعم الدفاع عن حقوق الإنسان".
واستنكر أيضا تأخير المحكمة الجنائية الدولية إصدار قرارات اعتقال قادة إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم حرب، مضيفا "هذا ما يشجع إسرائيل على الاستمرار في هذه الجرائم وعدم الانصياع لقوانين الأمم المتحدة".
فقد النازحون كل ما كانوا يملكون من ملابس ومقتنيات شخصية وأوراق ثبوتية (الجزيرة)المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجامعات مستشفى شهداء الأقصى مرکز إیواء للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
إحصاء بالضحايا وحجم الأضرار التي خلفتها 15 شهرًا من الحرب في غزة
(CNN)-- عبرت مئات شاحنات المساعدات إلى غزة، الأحد، بعد دخول وقف إطلاق النار الذي طال انتظاره بين إسرائيل وحماس حيز التنفيذ، حيث أمضى السكان ليلتهم الأولى دون غارات جوية إسرائيلية منذ أكثر من عام.
وأدى القصف الإسرائيلي الذي استمر أكثر من 15 شهرا إلى تدمير القطاع الفلسطيني، مما خلف كارثة إنسانية اتسمت بالجوع والمرض ونقص الرعاية الطبية.
يسمح اتفاق وقف إطلاق النار بزيادة كبيرة في إمدادات الإغاثة الإنسانية إلى غزة، لكن الأمم المتحدة حذرت من أن ذلك سيكون "مجرد بداية" في معالجة الأزمة الإنسانية الكارثية في القطاع، حيث وصفت جماعات حقوق الإنسان الظروف المعيشية بأنها "لا توصف".
ووصف أحد كبار مسؤولي الأمم المتحدة الاحتياجات الإنسانية في غزة بأنها "مذهلة".
وفيما يلي بعض الأزمات الحادة في غزة:
-الضحايا: قالت وزارة الصحة في غزة، الأحد، إن ما لا يقل عن 46,913 فلسطينيًا قُتلوا في غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بالإضافة إلى إصابة 110,750 آخرين. وقدرت دراسة حديثة وقوع 64,260 حالة وفاة بسبب الإصابات المؤلمة في غزة في الفترة ما بين 7 أكتوبر 2023 ، و30 يونيو/حزيران 2024. ومن المرجح أن يكون إجمالي عدد القتلى المنسوب إلى الحملة العسكرية الإسرائيلية أعلى، لأن تحليلها لا يأخذ في الاعتبار الوفيات الناجمة عن انقطاع الرعاية الصحية، وعدم كفاية الغذاء والمياه النظيفة والصرف الصحي والأمراض.
وتُوفي خمسة أطفال على الأقل تقل أعمارهم عن عام واحد وطفل يبلغ من العمر عامين في الشهر الماضي بسبب الطقس المتجمد. وقال أحد الجراحين في غزة، الدكتور غسان أبو ستة، في منصة "إكس"، إن انخفاض حرارة الجسم وسوء التغذية والإصابة يمثل "ثالوث الموت". وكتب: "في غزة، هذا يعني أن الناس سيموتون بسبب انخفاض حرارة الجسم عند درجات حرارة أعلى، وسيموتون جوعا بشكل أسرع بكثير".
حالات النزوح: نحو 90% من سكان غزة البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة، نزحوا من منازلهم بسبب القصف الإسرائيلي، منهم من نزح "نحو 10 مرات أو أكثر"، بحسب الأمم المتحدة. وقد أُجبر العديد منهم على العيش في خيام مؤقتة، معرضين لبرد الشتاء القاتل والأمطار الغزيرة التي غمرت الملاجئ. وقالت وكالات الإغاثة إن المأوى المناسب والفراش والملابس هي من بين الإمدادات التي تشتد الحاجة إليها. وقالت الأمم المتحدة إن أكثر من 1.8 مليون شخص في حاجة ماسة إلى المأوى الطارئ والمستلزمات المنزلية الأساسية.
-نقص الغذاء وانتشار المجاعة: أدى الحصار الإسرائيلي إلى استنزاف الإمدادات الغذائية في أجزاء من غزة، مما أدى إلى إغراق الفلسطينيين في أزمة جوع حادة، وفقا للوكالات الإنسانية. وقالت الأمم المتحدة العام الماضي إن وفيات الأطفال بسبب الجوع وسوء التغذية تشير إلى انتشار المجاعة في جميع أنحاء الجيب. وأفادت وكالات الإغاثة مراراً وتكراراً عن منعها من الدخول إلى شمال غزة، حيث تشتد الأزمة حدة. وقال جوناثان ويتال، القائم بأعمال رئيس مكتب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الشهر الماضي: "يتم تدمير أساسيات البقاء البشري في غزة". وفي أواخر العام الماضي قال برنامج الغذاء العالمي إن المساعدات التي تدخل القطاع تراجعت إلى أدنى مستوى لها منذ أشهر.
البنية التحتية: أدى القصف الإسرائيلي إلى تحويل جزء كبير من قطاع غزة إلى أنقاض، كما تم تدمير أو تضرر 92% من إجمالي المباني السكنية، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا). تُظهر أول لقطات طائرة بدون طيار لشبكة CNN لغزة منذ 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، حجم الدمار الهائل الذي سببته الحرب المستمرة منذ 15 شهرًا. وتظهر اللقطات بقايا مئات المباني التي سُويت بالأرض في ثلاث مناطق شمال غزة: بيت حانون وجباليا وبيت لاهيا. وقدر برنامج الأمم المتحدة للبيئة في يوليو/تموز أن إزالة الأنقاض من غزة ستستغرق ثماني سنوات على الأقل. وقالت الأمم المتحدة على موقعها الإلكتروني إن ما يقرب من 90% من السكان في جميع أنحاء غزة قد نزحوا، والعديد منهم اضطروا إلى النزوح بشكل متكرر، "حوالي 10 مرات أو أكثر".
ووفقا للأمم المتحدة، فإن "جزءا كبيرا من غزة أصبح تحت الأنقاض، في حين أن الغارات الجوية والعمليات العسكرية الإسرائيلية ألحقت أضرارا أو دمرت حوالي 60% من المباني، بما في ذلك المنازل والمدارس والمستشفيات".
- المياه والصرف الصحي: تم تدمير أو تضرر حوالي 70% من جميع مرافق المياه والصرف الصحي في غزة بسبب الهجوم الإسرائيلي، وفقًا لمجموعة تقودها الأمم المتحدة. وقد تم الإبلاغ على نطاق واسع عن نقص حاد في المياه، كما أن معظم أو كل المياه التي يحصل عليها الناس ليست صالحة للشرب. ووصف النازحون إلى مخيمات مؤقتة مشاهد تسرب مياه الصرف الصحي إلى الشوارع وشرب الأطفال من البرك. ووصفت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة الظروف الصحية في غزة بأنها "غير إنسانية". في أغسطس/آب الماضي، أصبح طفل يبلغ من العمر 11 شهرا أول شخص في غزة منذ 25 عاما يتم تشخيص إصابته بشلل الأطفال، بعد أن دمرت الحملة العسكرية الإسرائيلية شبكات المياه والصرف الصحي، مما أدى إلى عودة المرض الفتاك.
- المدارس: منذ بداية الأعمال القتالية، تم تدمير أكثر من 95% من المدارس في غزة جزئيًا أو كليًا، وفقًا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة. ولا يزال آلاف الأطفال محرومين من الحصول على التعليم. وقالت اليونيسف إن ما يقرب من نصف الهجمات المسجلة في أكتوبر وقعت في شمال غزة، "حيث يؤدي تجدد القصف المكثف والنزوح الجماعي ونقص المساعدات الكافية إلى دفع الأطفال إلى حافة الهاوية". ويزعم الجيش الإسرائيلي باستمرار أن حماس تستخدم المدارس وغيرها من المرافق المخصصة للمدنيين النازحين كغطاء لعملياتها.
- أزمة المرافق الصحية ونقص الإمدادات الطبية: أدى القصف الإسرائيلي إلى تدمير القطاع الصحي في غزة. وتكافح المستشفيات والمرافق الطبية التي لا تزال تعمل دون وقود أو طعام أو ماء أو إمدادات طبية كافية، بينما تتعامل مع التدفق الهائل للجرحى، بما في ذلك آلاف الأطفال. وفي العام الماضي، حذرت جماعات الإغاثة من إجراء العديد من عمليات بتر الأطراف دون تخدير، نظرا للنقص الحاد في الإمدادات الطبية. وتتعامل المستشفيات المكتظة أيضًا مع أمراض يمكن الوقاية منها وتنتشر بمعدل ينذر بالخطر، والعديد من الأشخاص الذين يعانون من حالات خطيرة وأمراض مزمنة وسرطان لا يمكن علاجهم بشكل مناسب في غزة. وفي الوقت نفسه، شن الجيش الإسرائيلي هجمات مدمرة متكررة على مستشفيات غزة بطائرات بدون طيار ومداهمات برية، زاعمًا أن حماس تستخدم المرافق كمراكز "للقيادة والسيطرة".