في الدانمارك، هناك أغلبية ساحقة تتمنى فوز مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس بانتخابات الرئاسة الأميركية المزمع إجراؤها في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، هكذا أوعز كاتب العمود الأسبوعي في صحيفة واشنطن بوست، إي جيه ديون جونيور.

يقول الكاتب إنه كان من بين الذين حضروا مؤتمرا نظمته جامعة جنوب الدانمارك في أودينسه، ثالث أكبر مدن الدولة الإسكندنافية.

وانتهز الفرصة ليسأل الحشد الذي كان معظمه من الطلاب عن الشخص الذي يتمنون فوزه في الانتخابات الأميركية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2استطلاعات رأي: تفوق هاريس على ترامب تقلص أو اختفى تماماlist 2 of 2ما قصة غضب ترامب من يهود أميركا وثنائه على مسيحييها؟end of list

ومع أنه أقر بأن ما قام به لم يكن استطلاعا علميا للرأي، فإنه أظهر مدى قلق الأوروبيين من المرشح الذي سيختاره الأميركيون في نوفمبر/تشرين الثاني.

وأوضح أنه من بين 40 شخصا تقريبا ممن حضروا المؤتمر، اختاروا جميعهم، ما عدا 5 منهم، نائبة الرئيس كامالا هاريس. وأضاف أن هؤلاء الخمسة رأوا أن الانتخابات ليست من شأنهم، ولم تُرفع يد واحدة تأييدا للرئيس السابق دونالد ترامب.

مشاعرهم الحقيقية

وأعرب ديون جونيور -وهو أستاذ في كلية ماك كورت للسياسة العامة في جامعة جورج تاون، وباحث أول في معهد بروكينغز، عن اعتقاده بأن نتائج استطلاعه غير الرسمي يعكس المشاعر الأوروبية بدقة تامة. فقد أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد "ميغافون" الدانماركي لأبحاث السوق في يوليو/تموز أن 85% من الدانماركيين أرادوا الفوز لهاريس، بينما اختار 8% فقط ترامب.

وفي ألمانيا، منح استطلاع للرأي أجرته مؤسسة دويتشلاند تريند في أغسطس/آب هاريس 77% مقابل 10% لترامب. غير أن الفجوة كانت أضيق في بريطانيا، ويُرجع كاتب المقال أحد أسباب ذلك إلى أن ترامب يحظى بتأييد جيد بين مؤيدي حزب الإصلاح اليميني المناهض للمهاجرين. ومع ذلك، في استطلاع للرأي أجرته مؤسسة إبسوس في يوليو/تموز، نالت هاريس 50% من أصوات المستطلعة آراؤهم مقابل 21% لترامب.

ماذا يقولون للعالم؟

وفي تعليقه على نتائج تلك الاستطلاعات، شدد الكاتب على ضرورة أن يفكر الأميركيون فيما سيقولونه للعالم إذا انتخبوا رجلا يرفض الحقيقة، والتحلي باللباقة، والديمقراطية. وأضاف أن هناك أيضا دروسا في كيفية تصدي الأوروبيين لصعود أقصى اليمين وصراعاتهم السياسية حول الهجرة، التي تتشابه إلى حد كبير مع ما يواجهه الأميركيون.

وقال إن أكثر ما استرعى انتباهه أثناء زياراته العديدة لأوروبا هذا العام، هو ما قد يثيره فوز ترامب بفترة رئاسية ثانية من فزع للأوروبيين.

ولتعزيز وجهة نظره هذه، نقل عن نيلز بيير بولسن، الأستاذ في جامعة جنوب الدانمارك الذي يدرّس التاريخ الأميركي منذ 37 عاما، القول: "إن معظم الدانماركيين مذعورون من احتمال أن يصبح ترامب رئيسا"، مضيفا أنه "في معظم فترة تدريسه الطويلة تلك، كان يركز كثيرا على عبقرية النظام الأميركي والرأي القديم الذي كان يرى أنه آلة تعمل من تلقاء نفسها، أما الآن، ينصب جل تركيزه على عيوب النظام وطبيعته المعادية للأغلبية".

إرث شعبوي يميني أوروبي

وبدوره، قدّم يورن بروندال، رئيس مركز الدراسات الأميركية في الدانمارك، وجهة نظر يرى ديون جونيور أنها تقلب شعار "أميركا أولا" -الذي يتبناه ترامب- رأسا على عقب.

وقال بروندال "لطالما كنت أنظر إلى ترامب على أنه وارد من أوروبا. فهو من خارج التيار الأميركي السائد، وينحدر من إرث شعبوي يميني في أوروبا، التي تُظهر بعضا من الميول نفسه".

ومهما اختلف الأوروبيون بين يمين متطرف صاعد ويسار، إلا أنهم متحدون على نطاق واسع في الإعراب عن قلقهم بشأن ما قد تعنيه ولاية ثانية لترامب بالنسبة لتحالف الديمقراطيات وقصة النجاح الأميركية التي يعجبون بها، وفق مقال واشنطن بوست.

وذكر ديون جونيور إن المؤرخ الدانماركي بجير بولسن، أخبره أن الأوروبيين لا يضمرون العداء لأميركا، بل شعور بالأسى إذا ما فاز ترامب.

وختم مقاله بتحذير الأميركيين من فوز ترامب، لأنهم بذلك قد "يحطمون قلوب شعوب العالم أجمع، الذين يقدروننا أكثر من غيرنا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات

إقرأ أيضاً:

كيف يمكن فهم استراتيجية ترامب الخارجية؟

أثارت سياسة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الخارجية جدلًا واسعًا، إذ وصفها البعض بأنها تجارية، انعزالية، أو حتى استبدادية ومدفوعة بالنزوات، إلى حدّ أنها تتعارض مع المصالح الوطنية الأمريكية. غير أن المستشار في الشؤون الدفاعية، الدكتور فيكتور أبراموفيتش، يرى أن هذه التحليلات تتجاهل بُعدًا أكثر عمقًا في سلوكيات ترامب، وهو إعادة تقييم استراتيجية الولايات المتحدة الكبرى على مدى القرن الماضي، والتي ارتكزت على الهيمنة العالمية الليبرالية والتوازن الخارجي.

إعادة حسابات ترامب المحتملة تعني ثلاثة أمور رئيسية لحلفاء أمريكا

ما ملامح الاستراتيجية الأمريكية التقليدية؟

كتب أبراموفيتش في تقرير نشره "معهد لوي" الأسترالي أن أحد الأهداف الأساسية لاستراتيجية واشنطن كان منع أي قوة أخرى من السيطرة على مراكز النفوذ العالمية، خاصة في أوروبا، آسيا، والشرق الأوسط، حيث يمكن لدولة مهيمنة في إحدى هذه المناطق أن تحشد مواردها لتشكّل تهديداً لأمريكا مستقبلاً.

ترامب يعيد خلط أوراق اليمين المتشدد في أوروبا - موقع 24عندما اجتمع كبار القادة العسكريين لدول حلفاء أوكرانيا في لندن يوم 20 مارس (آذار) لمناقشة إمكانية تشكيل قوة لحفظ السلام، كان هناك غائب بارز: رئيس أركان الدفاع الإيطالي الجنرال لوتشيانو بورتولانو، الذي أوفد ممثلين أقل رتبة، في خطوة وصفتها مجلة "إيكونوميست" بأنها ذات دلالة.

ولتحقيق ذلك، اعتمدت الولايات المتحدة على دعم القوى المحلية لموازنة نفوذ أي قوة صاعدة، مما كان أقل كلفة من التدخل العسكري المباشر. لكن هذا النهج شهد تباينات عبر العقود. فبعد الحرب الباردة، تبنّت واشنطن هيمنة عالمية عبر قواعد عسكرية وتحالفات وتدخلات سريعة لاحتواء التهديدات، بينما كان النهج السائد قبل عام 1945 يقوم على التوازن الخارجي، حيث بقيت القوات الأمريكية داخل أراضيها ولم تتدخل إلا عند الضرورة القصوى، كما في الحربين العالميتين.

وفي كلتا الحالتين، سعت واشنطن إلى تعزيز اعتماد حلفائها عليها، لا سيما في المجالين النووي والعسكري، ما جعلهم أكثر تبعية للولايات المتحدة ودفعهم لدعم حروبها، في حين استفادوا من إنفاق أقل على الدفاع الذاتي.

حسابات ترامب الجديدة

استمرت هذه الاستراتيجية لعقود، مما جعل الكثيرين يعتقدون أن أمريكا لن تغيّر نهجها. لكن مع تصاعد التكاليف، بدأت تحذيرات من أن واشنطن قد تتخلى عن بعض أعباء الهيمنة العالمية، خصوصاً وأن موقعها الجغرافي يحميها من التهديدات المباشرة.

ترامب يطلق ثورة أمريكية ثانية.. ولكن ضد العالم هذه المرة - موقع 24بعد مرور شهرين فقط على تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة لولاية ثانية، بات واضحاً أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يقود ثورة في السياسة الخارجية الأمريكية، ستؤدي إلى انقلاب النظام الدولي رأساً على عقب، من خلال زعزعته لاستقرار المؤسسات الراسخة، وأنماط التعاون الدولي المستقرة وتدميرها.

ويبدو أن ترامب تبنّى هذا المنظور، وهو ما يفسّر العديد من قراراته في السياسة الخارجية. فقد سعى إلى تقليص الإنفاق العسكري التقليدي مقابل تعزيز قدرات مثل "درع القبة الذهبية" لحماية أمريكا من التهديدات العابرة للحدود.

كما دفع الحلفاء لزيادة إنفاقهم الدفاعي وتحسين فرص واشنطن الاقتصادية، عبر مزيج من الضغوط والمجاملات للقوى الكبرى.

وفي أوروبا، رأى ترامب أن خطر الغزو ضعيف نظراً لتشرذم دول القارة وضعف روسيا، فلماذا الإبقاء على وجود عسكري هناك؟ أما في آسيا، فالصين تمثل تهديداً متزايداً يتطلب استثمارات أمريكية أكبر، ما يطرح خيار صفقة كبرى مع بكين تضمن مصالح واشنطن الاقتصادية مقابل تقليص وجودها العسكري في المنطقة.

إلحاح ترامب على حلول سريعة يصطدم بالوقائع الدبلوماسية     - موقع 24في النزاعات الدولية، يكون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في عجلة من أمره. وحتى قبل أن يتسلم ولايته الثانية، ادعى فضله في "وقف النار الملحمي" في غزة. وسارع إلى الحصول على موافقة أوكرانيا وروسيا على هدنة، وبالنسبة لإيران، يريد ترامب اتفاقاً في غضون شهرين، لمنع طهران من تطوير سلاح نووي.       

تداعيات محتملة على الحلفاء

يرى أبراموفيتش أن إعادة تقييم ترامب للاستراتيجية الأمريكية تحمل ثلاثة تداعيات رئيسية لحلفاء واشنطن:

1- نهاية عهد الضمانات التقليدية

لم يعد بالإمكان الاعتماد على الهيمنة الأمريكية كما في السابق، فحتى لو كان نهج التوازن الخارجي منطقياً، فإن تغيّر الاستراتيجية قد يصبح نهجاً دائماً، ليس مع ترامب فقط، بل ربما مع إدارات أمريكية مستقبلية.

2- ضرورة زيادة الإنفاق الدفاعي

على الحلفاء تعزيز قدراتهم الدفاعية لمواجهة تراجع الدور الأمريكي. لكن هذا قد يكون سيفاً ذا حدين، إذ إن تحصّن الدول الإقليمية ضد موسكو وبكين قد يُشجّع واشنطن على الانسحاب أكثر.

3- التقليل من الاعتماد على أمريكا بذكاء

من الضروري أن تبحث الدول عن خيارات بديلة، لكن بحذر، خصوصاً في ظل إدارة غير متوقعة مثل إدارة ترامب. بالنسبة إلى أستراليا، على سبيل المثال، برزت دعوات لنهج أكثر استقلالية في السياسة الخارجية والدفاعية. ومن بين الخيارات المطروحة، تسريع شراء الأسلحة الأمريكية التي يمكن الحصول عليها بسرعة، مع تجنب الالتزامات طويلة الأمد مثل شراء غواصات نووية، إذ قد يتم إلغاؤها في أي لحظة بقرار أمريكي مفاجئ.

لن تعجب ترامب.. سيناريوهات محتملة لضم كندا إلى الولايات المتحدة - موقع 24يريد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ضم كندا وجعلها الولاية الأمريكية الرقم 51، وإذا ما مضى في سبيل هذه الغاية، فثمة "عواقب غير مقصودة" ستحدث.      

وختم أبراموفيتش بالقول: "هناك الكثير مما يجب فعله، وبسرعة".

مقالات مشابهة

  • رئيسة وزراء الدانمارك تندد بزيارة وفد أميركي إلى غرينلاند
  • كيف يمكن فهم استراتيجية ترامب الخارجية؟
  • هذا الذي يدور في اليمن‬ .. ‫وهذا القادم‬ !
  • كامالا هاريس تفكر في الترشح لمنصب حاكم كاليفورنيا.. وترامب يوجه لها نصيحة
  • هاريس تعتزم الترشح لمنصب حاكم ولاية كاليفورنيا.. وترامب يقدم لها نصيحة
  • الحلفاء الأوروبيون قلقون بشأن أموالهم بعد تجميد تمويل الوكالة الأمريكية للتنمية
  • كريستيانو جونيور يمكنه اللعب لـ 3 منتخبات
  • “واشنطن بوست”: إسرائيل تنظر في خطط الاحتلال العسكري لقطاع غزة
  • حشود في كيب تاون تستقبل سفير جنوب أفريقيا الذي طردته واشنطن.. ماذا قال؟ (شاهد)
  • ما الذي تريده واشنطن من إملاء الشروط؟