هآرتس: السياسة والعسكر في إسرائيل بخدمة نتنياهو
تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT
شن المحلل العسكري صحيفة هآرتس، عاموس هرئيل، هجوما لاذعا على رئيس الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي قال إنه يجيد استغلال الأوضاع العسكرية والسياسية الحالية لتحقيق رؤيته لما يسميه "النصر المطلق" في غزة ولبنان، مستفيداً من التحالف السياسي الداعم له ومن التماهي الأميركي معه.
وأكد في تحليله المعمّق أن الأوضاع باتت تتكشف عن أهداف تتجاوز بكثير حماية الحدود الإسرائيلية، مشيراً إلى أن نتنياهو يسعى لتطبيع مشهد الحرب وجعله جزءا من الحياة اليومية للإسرائيليين.
يقول هرئيل إن الجيش الإسرائيلي في لبنان يتقدم ويعزز سيطرته على القرى والمواقع الإستراتيجية، مُدمرًا بذلك المجمعات العسكرية ومخازن الأسلحة التابعة لحزب الله.
يتجاهل هرئيل الخسائر التي يتعرض لها الجيش الإسرائيلي بشكل يومي في غزة وجنوب لبنان، ويقول إن هذا التقدم، الذي يُنفذ وفق خطط مدروسة، يواجه مقاومة محدودة من حزب الله.
وفي المقابل فإنه لا ينسى الإشارة إلى أن تمكن الحزب من ضرب قاعدة لواء غولاني قرب بنيامينا وتفجيرها، مما أسفر عن مقتل 4 جنود وإصابة العشرات "يكشف مدى الخطورة التي قد تتطور مع استمرار المواجهات".
ووفقًا للمحلل، يحاول نتنياهو استثمار هذه الظروف لتحقيق تسوية سياسية جديدة عبر وساطة أميركية وأممية، ويشير في المقابل إلى أن الولايات المتحدة، برئاسة الرئيس الأميركي جو بايدن تتماهى مع موقف إسرائيل وتترك لها مساحة في استمرار اعتداءاتها على لبنان لأنها تريد استغلال تحركها العسكري لتغيير المعادلة السياسية هناك بما يخدم مصالحها الإقليمية.
ويعتبر المحلل السياسي أن "هذه السياسة تساهم في تعزيز رؤية نتنياهو للحرب المستمرة باعتبارها وسيلة لفرض الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة".
التطبيع مع القصف
كما يشير المحلل إلى أن الإعلام الإسرائيلي يلعب دوراً مهماً في تكريس حالة "التطبيع مع القصف، إذ بات الحديث عن القصف اليومي لثلث أراضي البلاد لا يُثير تساؤلات تُذكر حول نهايته أو مدى استمراريته".
ويضيف أن رئيس الشرطة الإسرائيلية داني ليفي صرح بعد الهجوم الذي وقع في الخضيرة قرب تل أبيب، قائلاً إن "الهجمات المتكررة جزء من مصير الإسرائيليين"، وهو ما اعتبره المحلل مؤشراً على محاولة الحكومة تطبيع هذا المشهد الدموي في أذهان الشعب.
كما يسلط هرئيل الضوء على قضية الأسرى التي قال إنها لم تعد تحظى باهتمام كبير كما كانت في البداية، حيث باتت تتراجع الآن إلى أسفل جدول الأعمال بسبب التركيز على الحرب في لبنان.
واتهم المحلل نتنياهو بأنه "يتعمد خلق أزمات متعمدة طوال الأشهر الماضية كلما اقتربت المفاوضات من الوصول إلى اتفاق"، مؤكداً أن هدف نتنياهو الحقيقي ليس إعادة المختطفين بقدر ما هو تعميق استمرارية الأزمة لتحقيق أجندته السياسية في الاستمرار بالحكم.
التهجير وتمكين اليمين المتطرفوفي الوقت الذي تتركز فيه الأنظار على لبنان، يستمر الجيش الإسرائيلي في انتهاكاته داخل قطاع غزة، حيث ينفذ عمليات تدمير واسعة في جباليا، ويرتكب مجازر بحق المدنيين الفلسطينيين بهدف دفعهم إلى مناطق أخرى جنوباً.
غير أن المحلل يشير إلى أن السكان الفلسطينيين يرفضون التحرك رغم الضغوطات المستمرة، محذرا من أن الأوضاع هناك تتفاقم وسط تجاهل عالمي للأزمة الإنسانية، لأن الجيش الإسرائيلي ينفذ خططاً لترحيل السكان من شمال القطاع في إطار ما يسميه "الترتيبات الأمنية".
وكشف أيضا عن أن الحكومة الإسرائيلية لم تتراجع عن خطتها للسيطرة على الإمدادات الإنسانية الموجهة إلى غزة، حيث أقر نتنياهو مؤخرًا بدراسة اقتراح من وزراء اليمين المتطرف لتكليف جهات خاصة بنقل الإمدادات بما فيها شركة أميركية، بدلاً من المنظمات الدولية.
وأكد المحلل أن هذه الخطوة تأتي في سياق توسيع سيطرة إسرائيل على المساعدات لتوجيهها بما يخدم مصالحها السياسية والأمنية.
دوامة من الأزمات
وفي حين يشير هرئيل إلى توسع الائتلاف الحاكم بعد انضمام جدعون ساعر وكتلته السياسية إلى الحكومة، فإنه يعتبر ذلك فرصة ذهبية لنتنياهو لتثبيت قدمه سياسياً، والترويج "لأفكار خطيرة" تُعمق الانحدار نحو أزمة سياسية وأمنية شاملة"، مشيراً إلى أن التحالف مع أحزاب اليمين المتطرف يعزز من قدرته على تمرير قرارات قد تكون لها تداعيات خطيرة على المدى الطويل.
كما يسلط المحلل الضوء على محاولات الحكومة تمرير قانون جديد يهدف إلى ضمان السيطرة السياسية على لجنة التحقيق المستقبلية في إخفاقات الحرب، بما يستبعد ممثلي المحكمة العليا من المشاركة في هذه اللجنة.
وعلق قائلاً: "نتنياهو يسعى من خلال هذا القانون إلى تأكيد سيطرته الكاملة على المحاسبة والمساءلة، بحيث يضمن ولاء الجنرالات المستقبليين للسياسات الحكومية دون اعتراض".
وأوضح المحلل أن نتنياهو يُعيد طرح قضية تعيين الضباط العسكريين وترقيتهم، مع التركيز على اختيار أولئك الذين يتوافقون مع توجهات الحكومة.
وأكد أن هذه الخطوة تهدف إلى تأسيس جيل جديد من القادة العسكريين المطيعين للخطوط السياسية التي ترسمها الحكومة، مشيراً إلى أن هذا الأمر قد يؤدي إلى "زيادة السيطرة السياسية على الجيش، مما يُعزز من الاتجاه نحو دولة أكثر استبدادية ويُضعف استقلالية الجيش ككيان دفاعي مستقل".
وفي ختام تحليله، يحذر هرئيل من أن سياسات نتنياهو التي تهدف إلى تحقيق "النصر المطلق" قد تُدخل إسرائيل في دوامة لا نهائية من الأزمات، مشيراً إلى أن "الرغبة الجامحة في السيطرة الشاملة قد تدفع إسرائيل نحو المزيد من المشاكل وتعزز الانقسام الداخلي، الأمر الذي سيُضعف المجتمع ويجعل أي حل مستقبلي أكثر تعقيداً".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
بعد حديث الحكومة السورية عن زيادة الأجور 400 بالمئة.. من الدولة التي ستمول؟
قال دبلوماسي أمريكي إن قطر تعتزم المساعدة في تمويل الزيادة الكبيرة في أجور موظفي القطاع العام في سوريا٬ التي تعهدت بها الإدارة الجديدة هناك. ويأتي ذلك في إطار المساعدات التي تقدمها الدوحة وعدد من الدول العربية للحكومة الجديدة في دمشق بعد شهر من الإطاحة بالرئيس النظام السوري المخلوع بشار الأسد.
وأضاف الدبلوماسي الأمريكي أن قطر ظلت تضغط بشدة على واشنطن لإعفاء سوريا من العقوبات، حتى تتمكن من توفير التمويل بطريقة رسمية.
وأصبح دعم الإدارة السورية الجديدة ممكناً بعد أن أصدرت واشنطن، الاثنين، إعفاءً من العقوبات على سوريا سمحت بموجبه بإجراء معاملات مع المؤسسات الحاكمة هناك لمدة ستة أشهر.
وقال مسؤول عربي إن المحادثات جارية بشأن تمويل قطر لرواتب موظفي الحكومة السورية، لكن لم يتم التوصل إلى شيء بعد، مضيفاً أن دولاً أخرى، مثل السعودية، قد تنضم إلى هذه الجهود.
وصرح مسؤول سعودي، الثلاثاء، بأن المملكة ملتزمة بالعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين للمساعدة في دعم سوريا، وأن دعمها الحالي "يركز على المساعدات الإنسانية، بما في ذلك المواد الغذائية وأماكن الإيواء والإمدادات الطبية".
والأحد الماضي٬ أعلن وزير المالية السوري، محمد أبازيد، أن الحكومة ستزيد رواتب العديد من موظفي القطاع العام بنسبة 400% الشهر المقبل، بعد استكمال إعادة الهيكلة الإدارية للوزارات لتعزيز الكفاءة والمساءلة.
وتقدر كلفة زيادة الرواتب بنحو 1.65 تريليون ليرة سورية (127 مليون دولار)، وستُمَوَّل من خزانة الدولة الحالية، والمساعدات الإقليمية، والاستثمارات الجديدة، بالإضافة إلى الجهود الرامية إلى فك تجميد الأصول السورية الموجودة حالياً بالخارج.
وقال أبازيد إن هذه هي "الخطوة الأولى باتجاه الحل الإسعافي للواقع الاقتصادي في سوريا"، مضيفاً أن رواتب موظفي القطاع العام عن الشهر الماضي ستُصرف هذا الأسبوع.
وأشار الوزير إلى أن هذه الإجراءات تأتي كجزء من إستراتيجية أوسع لحكومة تصريف الأعمال في سوريا لتحقيق الاستقرار في اقتصاد البلاد بعد صراع وعقوبات امتدت لنحو 14 عاماً.