اللغة العمانية القديمة.. اللغة السَلُّوتية
تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT
«اللغة السَلُّوتية».. مصطلح أطلقتُه على اللغة التي سادت «حضارة سَلّوت»، وهي قيد الاكتشاف والبناء الأولي؛ بدراسة خاضعة للتطوير والتعديل والإضافة والحذف. المقال.. يحاول فتح الأفق أمام الباحثين في المجالين الحضاري واللغوي حول هذه اللغة، وبرجاء أن يحظى بمداخلات علمية منهم لتطوير الدراسة، وليمنحها ثراءً ويجعلها أكثر تماسكًا.
بالنسبة للأقوام البائدة.. فإن اللغة لا يمكن معرفتها إلا من خلال تحليل اللُقى والألواح والصخور ونحوها، وإن كانت الكتابة هي ما يصل إلينا -رغم شحها- من الحقب الغابرة؛ فإن اللغة هي الأقدم، فما الكتابة إلا تقييد المنطوق، ومع أنها لا تحتفظ بالتصويت اللغوي «الفونيم» -أي حركة نطق الحرف- كما نشأ، حيث يختفي عبر الأجيال التي تهلك ليظهر تصويت آخر؛ إلا أن الكتابة تظل أهم عنصر يمكن التعرف منه على اللغة، وبالنسبة لعمان ما قبل الميلاد لم يُعثر على ألواح كتابية فيها -حتى الآن- إلا عددًا يسيرًا، ومع ذلك؛ أحاول أن أتلمس بعض الدلائل والمؤشرات لعلي أصل إلى ما يخدم الباحثين.
الأقوام الذين سكنوا المنطقة زمن «حضارة سلوت» لم ينقرضوا؛ وثقافاتهم تواصلت حتى زماننا، مع حصول الهجرات إلى عُمان، لكن الوافدين الجدد لم يؤدِ تأثيرهم إلى انفصام باتٍّ بين مراحل الثقافة واللغة والدين المختلفة، وإنما اندمجوا في الاجتماع البشري القائم بالأساس، وهذا ما تدل عليه الشواهد اللغوية. في الإطار الزمني لتطور اللغة شهدت المنطقة فجوة كتابية كبيرة، وهي شبه الغياب لسجلات التدوين كالألواح الحجرية والفخارية والرخامية، إلا أنني لا أجزم بغيابها نهائيًا؛ فالتنقيبات لا زالت محدودة، ولذلك؛ لم تقم حتى الآن دراسات على لغة الأسلاف الأقدمين.
توجد مؤشرات كتابية في عُمان حالَ مواصلة التنقيب والبحث، فجبالها من الشمال إلى الجنوب ترصعت بخطوط مسندية، وقد عثر على بعضها في وادي السحتن ووادي بني خروص وكدم وبَهلا، كما عُثِر على ألواح قليلة بخط المسند في ظفار، ومليحة في الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة.
في دراسة قمتُ بها.. وجدت أن الدلائل الآثارية تشير إلى أن آباء السومريين خرجوا من جبال عُمان، فعمدتُ إلى المعجم السومري للتوصل إلى معاني بعض الكلمات العمانية القديمة، والتي لا توجد غالبًا في القواميس العربية. وقد وضعت مسردًا يضم حوالي 70 كلمة، لأماكن وأدوات ومصطلحات عمانية، ولا زلت أعمل على الإضافة إليه والتعديل فيه. لقد دخل بسبب طول الأمد بعض التغييرات على الكلمات، مما لزمني المقاربة فيها، خاصةً؛ أن الفونيم يتغيّر باستمرار. وعلى الرغم من الاحتفاظ بهذه الكلمات إلا أنني لا يمكن أن أضبط دقة النطق بها، اللهم إلا ما احتفظ به المعجم السومري ولا يزال ينطق عندنا كما هو. وقبل سوق الأمثلة من هذه الكلمات، أضع بعض ما توصلت إليه من سمات «اللغة السلوتية».
1. نشأتها الأولى موغلة في القدم، وما سجّله المعجم السومري منها قد لا يزيد عمره عن خمسة آلاف سنة.
2. مرتبطة بالبُعد الديني ارتباطًا وثيقًا، ففهم المعتقدات الدينية لـ«حضارة سَلّوت» يفيد بناءها اللغوي، والعكس كذلك.
3. حُفِظت بعض كلماتها وسماتها في المعاجم اللغوية القديمة كالسومرية والأكادية.
4. بسبب طول المدة تعرضت للتطور والتبدل، ومع ذلك؛ بقي بعض سماتها وكثير من مفرداتها في لسان أهل المنطقة.
5. تتكوّن من مقاطع صغيرة، في أغلبها ما بين حرف وثلاثة أحرف.
6. لغة إلصاقية؛ أي تتشكل الكلمة الجديدة بإلصاق كلمتين أو أكثر، ويبدو أنها تطورت كعموم اللغة في جزيرة العرب إلى لغة اشتقاقية.
7. أغلب الكلمات مكوّنة من صوامت، وظلت محافظة على بداية الكلمة بصامت في بعض مناطقنا العمانية حتى زماننا، رغم غلبة العربية الحديثة التي لا تبدأ بصامت.
8. عند الانتقال من حالة الصوامت إلى التحريك؛ قد يلزم إضافة حرف، كما في بَهلا؛ أصلها بَلا؛ وتعني الصراع والتنافس.
9. ينطق متكلموها الحروف الحلقية كالحاء والعين، وما دوّنته القواميس المعاصرة من اللغات القديمة بالجزيرة العربية من هذه الحروف بالهاء والهمزة؛ فعائد إلى أن واضعي هذه القواميس غربيون لا تنطق أفواههم الحروف الحلقية.
أضع هنا بعض الكلمات العمانية ومعانيها المحلية، التي أخالها واردة من تلك الحقب، مع بيان معناها في المعجم السومري، والذي استعنت فيه بكتاب «ما قبل اللغة» لعبدالمنعم المحجوب:
- آد.. دورة سقي الزروع والأشجار بمياه الفلج، ومنها «دات».. كلمة تضاف إلى البساتين التي تسقى بالقنوات «الأفلاج»، مثل: دات خيل: بلد زراعي في الحمراء. وبالإمالة.. ديت سعلا وديت جهمة بساتين ببَهلا، وديت شخر بنزوى. وفي السومرية.. إدَ: نهر، قناة. دو: ماء. وبنظري.. تنطق فيها «دات» أو «إدت»، لأنها في المصرية القديمة تنطق «إدات» بثبوت التاء.
- الحورة.. تطلق على بعض الجبال، وأصلها البلدة التي تنشأ تحت الجبل. وفي السومرية.. حر: المدينة. ورَسَمها علماء اللغة السومرية الغربيون «ءر»، لعدم نطق «الحاء» في لغاتهم. وبتتبعنا المناطق التي يطلق عليها «الحورة» في عمان؛ من خلال الآثار التي عثرنا عليها وجدنا أنها كانت معمورة قديمًا.
- حِزّ.. لحم، وحتى اليوم نطلق على قطع اللحم حِزّاً. ورسمت في القاموس السومري المعاصر «ءز»، للسبب الذي ذكرته.
- السَّل.. ممرٌ ضيّق، كمجاري الأفلاج في باطن الأرض. ومنه الفعل سَلَّ: شق ممراً في باطن الأرض. وفي السومرية «سِل»: خرق ضيّق.
- الشُّرص.. عندنا؛ الصراصير، والمفرد شرصة. وفي السومرية «شرن»: الصراصير.
- عقرن.. في السومرية: الحرم المقدس، وقصر الدار وأصله، ورسمت في القاموس السومري «أكرن» بالهمزة، للسبب السابق. وينتشر اسم «العقر» في عُمان، فقد سميت بها بلدان وحارات؛ منها: في وادي بني خالد ووادي المعاول والرستاق وشناص والبريمي ونزوى وبَهلا. وعقر بَهلا.. هي أصل العمران في البلاد، وفيها المعبد الذي حل محله في الإسلام الجامع القديم، بحسب التنقيبات الأثرية، وفيها نشأت المنطقة الإدارية: الحصن والسوق.
- العتم.. الزيتون البري، ينمو في الجبل الأخضر بعمان، وينطق في السومرية «عنم»، وتبدّل الحروف من معهود اللغات، ورسمت في القاموس السومري الحديث «ءنم».
- القَبّ.. تستعمل عندنا بمعنى العصا، ويبدو أنه مأخوذ من استقامته وانتصابه، وفي السومرية «قب»: انتصب.
- ك.. في السومرية تعني الأرض، وتأتي بمعنى أرض كذا. وعندنا «ك» مقطع دخل في تكوين أسماء بعض الأماكن مثل: إزكي، كيد، سيجا، قيقيا. ويختلف نطقه ما بين القاف والكاف والجيم، لاختلاف فونيم هذا الحرف في لغات المنطقة، مثلما هو حاليًا بين العرب.
- الكور.. جبل كبير ببَهلا، وفيه قرى؛ منها: سنت وصنت. والكور.. عندنا أيضاً الموقد، وفي السومرية.. يحمل هذه المعاني؛ أي الجبل والموقد، ومنه أُخِذَ الجحيم.
- كشم.. في السومرية: مكان معتزل. وكشم: اسم جبل في القلعة بولاية الحمراء، قرب جبل كدم منعزل عنه. ومن «كشم» أُخِذَ الخشم؛ مقدم الوجه.
- مر.. في السومرية: حصير مجدول من القصب، وكل مجدول فهو «مرار»، وعندنا؛ المرار.. الحبل المجدول، غالباً يفتل من الصوف، وكان استعماله شائعًا إلى وقت قريب.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: وفی السومریة فی السومریة حضارة س
إقرأ أيضاً:
وزير الإسكان يتابع سير الأعمال بمشروع حديقة تلال الفسطاط بمنطقة مصر القديمة
تابع المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، من موقع العمل سير الأعمال بمشروع حديقة تلال الفسطاط بمنطقة مصر القديمة بمحافظة القاهرة وهى الحديقة الأكبر من نوعها فى منطقة الشرق الأوسط.
يتم إقامتها على مساحة (500) فدان فى موقع مركزى بقلب القاهرة التاريخية، وذلك بحضور مسئولى الوزارة، والجهاز المركزي للتعمير، والشركات المنفذة للمشروع.
وأكد المهندس شريف الشربيني أن زيارته اليوم لموقع العمل تأتي في ضوء المتابعة الدورية للمشروع ومكوناته، مشيرا إلى أن هناك اهتماما كبيرا من القيادة السياسية بالأعمال الجارية بحدائق تلال الفسطاط .
مشروع حديقة تلال الفسطاطشدد الوزير على الانتهاء من المشروع في التوقيت الزمني المحدد له، وهذا يتطلب حشد كل الأدوات وتعزيزها للانتهاء من المشروع في هذا التوقيت وهو هدفنا الأساسي.
واطّلع وزير الإسكان، على عرض شمل مختلف الأعمال الجاري تنفيذها والموقف التنفيذي لمكونات المشروع ونسب التقدم المحرزة بالمشروع، حيث تضمن العرض المنطقة الاستثمارية وموقف تنفيذ الأعمال بمنطقة التلال، ومنطقة الأسواق، والمنطقة الثقافية، وتنسيق الموقع والزراعات، ومنطقة النهر، والنادي المصري القاهري، والمخزن المتحفي وأعمال البنية التحتية.
وخلال الاجتماع، وجه الوزير بالمتابعة الدورية مع الشركات العاملة بالمشروع، كما وجه بسرعة الانتهاء من أعمال البنية التحتية لدفع العمل بالمشروع، وأن تكون الأعمال بالتكامل بين الشركات وإعداد تقرير شامل كل 48 ساعة عن المشروع والعرض عليه شخصياً، بجانب التنسيق لعقد اجتماع مع الشركات العاملة بالمشروع.
والجدير بالذكر أن حديقة تلال الفسطاط تعتبر من الحدائق الأكبر من نوعها فى منطقة الشرق الأوسط، حيث يتضمن المشروع عدداً من الأنشطة التي تعتمد على إحياء التراث المصري عبر مختلف العصور الفرعونية والقبطية والإسلامية والحديثة، فضلاً عن مجموعة من الأنشطة الثقافية والتجارية والخدمات الفندقية والمسارح المكشوفة، بالإضافة إلى منطقة آثار وحفريات قديمة، ومنطقة حدائق تراثية، كما تتوسطها هضبة كبيرة تتيح التواصل البصرى الفريد مع أهرامات الجيزة وقلعة صلاح الدين ومآذن القاهرة .
المنطقة الثقافيةوالمشروع ينفذ تحت إشراف الجهاز المركزي للتعمير ويضم 8 مناطق : المنطقة الثقافية وتُعد إحدى المناطق المميزة، وبها محور رئيسى على متحف الحضارة ويُحيط بها مجموعة من الساحات التى تشمل أنشطة ثقافية ومطاعم، وغير ذلك من الخدمات، ومن المقرر أن تُقام بها احتفالات على مدار العام، ويشتمل نطاق الأعمال بالمنطقة الثقافية على أعمال البوابة الرئيسية إلى جانب ( 4 مطاعم وكافتيريات بمسطح مبنى 216 م2، وعدد 3 نوافير ، بالإضافة إلى أعمال البنية التحتية والزراعات لمسطح 26,864 م2 ).
ويضم مشروع حدائق تلال الفسطاط أيضاً منطقة التلال، وما تحويه من مسارات وحدائق متنوعة، ومناطق للمطاعم والاحتفالات والترفيه، وتنقسم إلى 3 تلال متباينة الارتفاعات يمر بينها الممر المائى (النهر)، وتتدرج فى مجموعة من المصاطب تبدأ من حافة النهر، وتنتهى حتى قمة التل بحيث تجعل من قمة التلال مطلَّات على المشروع والمنطقة المحيطة وقلعة صلاح الدين والأهرامات، وتضم "تلة القصبة" المنشأة على مساحة 13000م2 ( فندق سياحي – مباني خدمية – أماكن انتظار سيارات – بحيرة صناعية )، ومدرجات ومناطق جلوس مطلَة على الشلال، وكوبرى مشاة للربط، وكافيتريا، وشلال، و"تلة الحفائر" الجاري العمل بها من خلال الجهاز التنفيذي لتجديد أحياء القاهرة الإسلامية والفاطمية بهدف اكتشاف وإظهار أول عاصمة إسلامية لمصر ( مدينة الفسطاط القديمة ) لتصبح المنطقة مزارا أثريا سياحيا ثقافيا متكاملا من خلال الكشف عن بقايا مدينة الفسطاط على مساحة حوالي 47 فدانا للوصول للتكوين المعماري للمدينة الأثرية وترميمها، والكشف عن بقايا سور صلاح الدين الأيوبي، وحصر وتجميع القطع الأثرية المكتشفة وترميمها ثم النشر العلمي لما سيتم اكتشافه، مع إنشاء ممشى بطول 1 كم بارتفاع 1,5م عن منطقة الحفائر حول مدينة الفسطاط الأثرية ( الحفائر ) لربط المباني الخدمية السياحية بالموقع العام لاستثمار المنطقة التراثية كمنطقة سياحية ذات طابع متميز، فيما تضم "تلة الحدائق التراثية" مدرجات ومبانى للزوار ومطاعم وفراغا خشبيا يطل على البحيرة.
وتوجد بحدائق تلال الفسطاط المنطقة الاستثمارية التي تقع على مساحة 131000م2 وتطل على بحيرة عين الحياة وتضم (12 مطعما – 4 مولات تجارية – 4 جراجات للسيارات )، ومن خلفها منطقة تسمح بإقامة العديد من الاحتفالات الرسمية الكبيرة بها المسرح الرومانى والنافورة المائية وأعمال تنسيق موقع، بالإضافة إلى منطقة المغامرة وبها عدد من المباني الخدمية والبحيرات والزراعات، كما تشتمل الحديقة على منطقة الأسواق وهى عبارة عن منطقة تجارية بمساحة 60000م2 الهدف منها هو تنشيط السياحة ودعم اقتصاد الدولة وتنشيط الحرف اليدوية والتراثية أبرزها أعمال الزجاج، والسيراميك، والشمع، والغزل والنسيج، ويتم تنفيذ منطقة الأسواق على 3 مراحل، وتتكون من (19 محلا تجاريا – أماكن انتظار سيارات - بحيرة صناعية - مساحات زراعية - فندق 3 نجوم)، وتشمل أعمال المشروع تطوير منطقة النادى المصرى القاهرى من خلال إنشاء (مبنى إدارى – حمام سباحة أوليمبى – حمام سباحة للأطفال ) .
ويوجد للحديقة أكتر من 14 بوابة ( بوابات رئيسية وفرعية بها" أبواب معاصرة – أبواب تاريخية – أبواب حدائقية")، حيث إن الحديقة معظمها مناطق خضراء وتمت مراعاة أن تكون المساحات الخضراء كبيرة مقارنة بالمساحة المخصصة للمباني، هذا بالإضافة إلى تطوير ساحة جامع عمرو بن العاص: ويدخل المشروع ضمن مشروع حدائق الفسطاط.
ويشمل إنشاء ساحة جديدة لمسجد عمرو بن العاص بإجمالى مساحة تقريبية 12000م2 لخدمة المصلين وإقامة الاحتفالات والشعائر الدينية وتنشيط السياحة وهى عبارة عن:( 3 نوافير – غرف طلمبات – نصب تذكارى – 6 حوائط زراعة متدرجة – 12 حوض زراعة و174 حوض نخيل – بوابتين – "خزان حريق ، خزان وقود ، غرف كهرباء ، محطة رفع للصرف الصحى" – مبنى بديل للخدمات وإدارة المفرقعات – تشطيب مشايات وجلسات الساحة من الرخام والجرانيت – الأعمال الكهروميكانيكية – دار مناسبات مسجد عمرو بن العاص – مبنى خدمات مسجد عمرو بن العاص – مكاتب هيئة الآثار وقاعة اجتماعات – مبنى إدارة الدفاع المدني – المركز الطبى لمسجد عمرو بن العاص – موقف هيئة النقل العام – أسوار المبانى).