عملية "طوفان الأقصى" ليست مجرد حدث عسكري عابر في تاريخ الصراع مع الكيان الصهيوني، بل هي مرحلة مفصلية تعكس تحولا جذريا في استراتيجية المقاومة الفلسطينية. هذه العملية، التي حملت دلالات سياسية وعسكرية عميقة، تأتي في سياق نضال الشعب الفلسطيني المستمر منذ عقود طويلة ضد محاولات الكيان الصهيوني لتكريس احتلاله بالقوة.

ولكن ما يميز "طوفان الأقصى" هي الرسالة الثورية التي بعثت بها ليس فقط إلى الاحتلال، بل إلى كل القوى العالمية التي تدعمه، بأن الشعب الفلسطيني لا يزال متمسكا بحقه في المقاومة، وأنه قادر على كسر إرادة الاحتلال، مهما بلغت قوته العسكرية.

لقد أتت هذه العملية في وقت بالغ الحساسية، حيث كان الكيان الصهيوني يعتقد أن بسط نفوذه على الأرض الفلسطينية، وخاصة في القدس والمقدسات الإسلامية، قد أصبح أمرا محسوما، إلا أن ما حدث في "طوفان الأقصى" جاء ليقلب الموازين ويؤكد أن الشعب الفلسطيني ليس فقط قادرا على الرد، بل إنه قادر على المبادرة وتوجيه ضربات مؤلمة للكيان الصهيوني، في عمق قلبه، لتتحول سيوفه الحديدية التي استخدمها في قمع الشعب الفلسطيني إلى نقمة تلاحقه وتضعفه.

لم يكن الأمر مجرد مواجهة بين جيشين، بل كان مواجهة بين قوة غاشمة تعتمد على التكنولوجيا والعتاد العسكري، وبين إرادة شعب مستعد للتضحية في سبيل تحرير أرضه. إن ما حققته المقاومة في هذه العملية هو إعادة تشكيل معادلة الصراع
منذ سنوات طويلة، حاول الكيان الصهيوني توظيف ترسانته العسكرية الهائلة لقمع الشعب الفلسطيني وترسيخ احتلاله، ولكن "طوفان الأقصى" كشفت عن ضعف الكيان وعجزه أمام إرادة المقاومة. لم يكن الأمر مجرد مواجهة بين جيشين، بل كان مواجهة بين قوة غاشمة تعتمد على التكنولوجيا والعتاد العسكري، وبين إرادة شعب مستعد للتضحية في سبيل تحرير أرضه. إن ما حققته المقاومة في هذه العملية هو إعادة تشكيل معادلة الصراع، حيث بات واضحا أن الاحتلال لم يعد قادرا على فرض شروطه، وأن المقاومة باتت قادرة على تغيير قواعد اللعبة.

عملية "طوفان الأقصى" جاءت نتيجة تخطيط محكم واستراتيجية عسكرية مدروسة بعناية، ولم تكن ضربات المقاومة عشوائية أو متسرعة، بل كانت تستند إلى معلومات دقيقة وتنسيق على أعلى المستويات، ما مكنها من استهداف مواقع حساسة داخل الأراضي المحتلة. لقد كشفت هذه العملية عن قدرات غير مسبوقة لدى المقاومة الفلسطينية في غزة، وأظهرت مدى التطور الذي طرأ على تكتيكاتها العسكرية. ومن خلال هذه العملية، تمكنت المقاومة من استهداف العمق الصهيوني، ما أدى إلى زعزعة الثقة بمنظومة الاحتلال الأمنية والعسكرية.

في قلب هذه العملية تكمن رسالة سياسية واضحة، إنها ليست مجرد رد فعل على الاعتداءات المستمرة التي يقوم بها الاحتلال، بل هي تأكيد على أن الشعب الفلسطيني لن يرضخ لمحاولات فرض الأمر الواقع. لقد حاول الكيان الصهيوني على مدى سنوات قمع الهوية الفلسطينية وطمس معالمها، خاصة في القدس، ولكن "طوفان الأقصى" جاءت لتؤكد أن هذه المحاولات لن تنجح، وأن المقاومة هي السبيل الوحيد لتحرير الأرض واستعادة الكرامة.

لقد ظن الاحتلال أن بإمكانه الاستمرار في التوسع وفرض هيمنته على الأرض الفلسطينية بالقوة، ولكن العملية أثبتت أن زمن هذه الغطرسة قد ولى. لم تعد المقاومة تعتمد فقط على الدفاع، بل انتقلت إلى مرحلة جديدة من الهجوم المنظم الذي يضع الاحتلال في موقف المتلقي للضربات. وما حدث خلال هذه العملية هو إثبات عملي أن الاحتلال الصهيوني ليس محصنا كما كان يروج، وأن المقاومة قادرة على اختراق منظومته الأمنية بسهولة أكبر مما كان يتصور.

إن سقوط القبة الحديدية، التي طالما تفاخر بها الاحتلال، هو أحد أهم المؤشرات على هذا التغير في موازين القوة. لقد أظهرت المقاومة أن هذه المنظومة ليست سوى وهما ترويجيا يهدف إلى تعزيز صورة الكيان كقوة عسكرية لا تقهر. ولكن "طوفان الأقصى" أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن المقاومة قادرة على تحييد هذه المنظومة وتجاوزها، مما زاد من حالة الذعر والارتباك داخل الكيان. إن هذا التحول في ميزان القوى يشير بوضوح إلى أن الكيان الصهيوني لم يعد قادرا على الاعتماد على قوته العسكرية لتحقيق أهدافه، وأن المقاومة باتت الآن صاحبة المبادرة.

لا يمكن فصل هذه العملية عن السياق الأوسع للنضال الفلسطيني، إنها جزء من تاريخ طويل من المقاومة، وحلقة جديدة في سلسلة من العمليات التي تهدف إلى تحرير الأرض واستعادة الحقوق. ولكن "طوفان الأقصى" تحمل في طياته بعدا استراتيجيا مختلفا، حيث إنه لم يكن مجرد عملية عسكرية بل كان رسالة سياسية واضحة إلى الاحتلال والعالم، بأن الشعب الفلسطيني لن يتنازل عن حقوقه
ما يجعل هذه العملية أكثر أهمية هو توقيتها السياسي، فبينما كانت الدول الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة، تسعى لدعم الاحتلال وتوسيع رقعة التطبيع العربي معه، جاءت هذه العملية لتعيد القضية الفلسطينية إلى صدارة المشهد السياسي الدولي. لم يعد بإمكان هذه الدول تجاهل حقيقة أن الشعب الفلسطيني لا يزال يقاوم، وأن أي محاولة لتهميش حقوقه أو تصفية قضيته ستواجه برد حازم. إن "طوفان الأقصى" هو تعبير عن هذا الرفض القاطع لأي محاولات لتصفية القضية الفلسطينية أو تهميشها على الساحة الدولية.

على الرغم من التضحيات الكبيرة التي قدمها الشعب الفلسطيني خلال هذه العملية، إلا أن "طوفان الأقصى" أعطت دفعة قوية للمقاومة وأعاد الأمل إلى نفوس الفلسطينيين بأن النصر ليس بعيدا. لقد تحولت السيوف الحديدية التي حاول الاحتلال استخدامها لقمع الفلسطينيين إلى قيود تكبله وتجعله يعيش في حالة من الرعب الدائم. وما حدث هو بمثابة انتصار معنوي كبير للمقاومة، حيث تمكنت من زعزعة أسس الاحتلال وكشف ضعفه أمام العالم.

لا يمكن فصل هذه العملية عن السياق الأوسع للنضال الفلسطيني، إنها جزء من تاريخ طويل من المقاومة، وحلقة جديدة في سلسلة من العمليات التي تهدف إلى تحرير الأرض واستعادة الحقوق. ولكن "طوفان الأقصى" تحمل في طياته بعدا استراتيجيا مختلفا، حيث إنه لم يكن مجرد عملية عسكرية بل كان رسالة سياسية واضحة إلى الاحتلال والعالم، بأن الشعب الفلسطيني لن يتنازل عن حقوقه، وأن المقاومة هي السبيل الوحيد لتحقيق الحرية.

وفي الختام، يمكن القول إن "طوفان الأقصى" لم تكن مجرد عملية عسكرية تقليدية، بل هي محطة فارقة في مسار الصراع الفلسطيني مع الكيان الصهيوني. لقد حطمت هذه العملية السيوف الحديدية التي حاول الاحتلال استخدامها لإخضاع الشعب الفلسطيني، وحولتها إلى نقمة تطارده في كل مكان. المقاومة الفلسطينية، من خلال هذه العملية، أكدت مرة أخرى أن الاحتلال مهما بلغت قوته العسكرية، فإنه لا يستطيع كسر إرادة الشعب الفلسطيني.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المقاومة الاحتلال غزة غزة الاحتلال المقاومة طوفان الاقصي مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أن الشعب الفلسطینی خلال هذه العملیة الکیان الصهیونی وأن المقاومة طوفان الأقصى أن المقاومة مواجهة بین بل کان لم یکن

إقرأ أيضاً:

سلاح حزب الله: الحاجة والضرورة لردع العدو الصهيوني

الثورة نت/..

في ظل التصعيد العسكري الصهيوني المستمر على جنوب لبنان، تتجلى الأهمية القصوى والضرورة الفعلية لسلاح حزب الله؛ باعتباره خيار تقتضيه مقاومة المحتل وردع محاولاته العدوانية المستمرة؛ وهو ما تؤكده قيادات الحزب مجددة موقفها المتمسك بالسلاح كرديف لفعل المقاومة وكضمانة وحيدة لردع العدو الصهيوني.

في رسالة أرادها حزب الله أن تكون شديدة الوضوح بوجه الطروحات الداخلية والخارجية بشأن نزع سلاح المقاومة، وضع الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم حدًا لأي نقاش، وأعلن بشكل واضح أن الحزب لن يسلم سلاحه تحت أي ظرف.

وقال قاسم في خطابه الأخير إن الحديث المتجدد عن سلاح المقاومة ما هو إلا جزء من الضغوط الأمريكية على الحكومة اللبنانية الجديدة، والتي تربط استمرار الدعم الدولي بملف السلاح، لافتا إلى أن المقاومة لا تخشى هذه الضغوط، وأن تهديدات الولايات المتحدة و”إسرائيل” لا تُرهب الحزب ولا بيئته الحاضنة، وأن سلاح المقاومة سيبقى ما دامت الأرض محتلة والاعتداءات مستمرة.

وأكد أن كل ما يقال عن نزع سلاح الحزب يصب في خدمة المشروع الصهيوني، ويستهدف إضعاف لبنان وفتح الطريق أمام الاحتلال لإعادة التمدد داخل أراضيه.

وأشار قاسم إلى أن المقاومة نجحت خلال السنوات الماضية في فرض معادلة ردع مع “إسرائيل”، ومنعت الأخيرة من تحقيق أهدافها العدوانية ضد لبنان.

كلام الشيخ قاسم تلقفه نائب رئيس المجلس السياسي في الحزب محمود قماطي بموقف مؤيد، معلنا في تصريح صحفي تمسّك الحزب بسلاحه، مشدّدًا إلى أن “اليد التي ستمتد إليه ستُقطع”، في استعادة لما كان قد قاله الشهيد السيد حسن نصر الله في أحد الأيام.

وفي رد مباشر على هذه الطروحات اعتبر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أن “المقاومة ضمانة بلد وسيادة وأي خطأ بموضوع المقاومة وسلاحها ووضعيتها يفجّر لبنان، ولبنان بلا مقاومة بلد بلا سيادة ودولة عاجزة لا تستطيع فعل شيء بوجه “إسرائيل”، والخيار الديبلوماسي مقبرة وطن، وما يجري جنوب النهر يكشف العجز الفاضح للدولة”.

وبلهجه أكثر حزما، أكد مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في الحزب وفيق صفا، أن سلاح الحزب “لن يُنزع” ولن يستطيع أحد على فعل ذلك.

وحول ما أثير مؤخّرا من حملات إعلامية وسياسية حول سلاح المقاومة أشار صفا إلى أن ذلك ليس معزولًا عن سياق “الحرب النفسية” التي تستهدف بيئة المقاومة ومصداقيتها، معتبرًا أنّ هذه العبارة يتمّ الترويج لها من قبل المحرّضين على منصّات التواصل الاجتماعي.. إذْ لو كان مَن يطالب بنزع سلاحنا بالقوّة قادرًا لفعل”.

وبينما شدد أن الاستراتيجية الدفاعية هي لحماية لبنان وليست لتسليم السلاح ، لفت إلى أن أيّ حوار على هذه الاستراتيجية لا يمكن أن يتمّ قبل انسحاب العدو الصهيوني من كامل الأراضي اللبنانية، وتحرير الأسرى ووقف الاعتداءات الصهيونية على السيادة اللبنانية.

وبشأن موقف الحزب تجاه مناقشة الاستراتيجية الدفاعية، أكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل، أن “الحوار الوطني في لبنان لا يمكن أن يتم إلا مع القوى التي تؤمن بأن الاحتلال الإسرائيلي عدو، وتضع سيادة لبنان فوق أي اعتبار خارجي، سواء كان أمريكيًا أو إسرائيليًا”.

وقال فضل الله، في تصريح صحفي، إن “الحوار لا يكون إلا مع الذين يؤمنون بأن سيادة لبنان مقدّمة على أي شروط خارجية، وأن الاحتلال عدوّ لا يمكن التهاون معه”.

وشدد على أن “قيادة المقاومة لا تفرّط بنقطة دم من دماء الشهداء ولا بأي عنصر من عناصر القوة التي تمتلكها المقاومة”.

وأضاف: “نحن لا ندعو إلى حوار مع الذين يضلّلون الرأي العام، ويثيرون الانقسامات، ويهاجمون المقاومة، بل نتحاور مع الذين يشاركوننا هذه المبادئ للوصول إلى استراتيجية دفاعية تحمي لبنان وتحفظ سيادته”.

مقالات مشابهة

  • يافا وحيفا تحت النيران.. اليمن يزلزل الكيان الصهيوني
  • الاعترافات الأمريكية بالفشل في اليمن تعمّق حالةَ اليأس داخل الكيان الصهيوني
  • جيش الاحتلال يقر بفشله في حماية مستوطنة نير إسحاق يوم 7 أكتوبر
  • الرئيس الفلسطيني لرجال المقاومة: يا أولاد الكلب سلموا الرهائن اللي عندكم وخلصونا
  • سلاح المقاومة… درع الكرامة وخط النار الأخير في وجه العدوان الصهيوني
  • سلاح حزب الله: الحاجة والضرورة لردع العدو الصهيوني
  • مسير ومناورة لخريجي دورات “طوفان الأقصى” في مديرية جحانة بصنعاء
  • مسير شعبي في الشعر بإب لخريجي دورات “طوفان الأقصى”
  • مسير ومناورة لخريجي دورات “طوفان الأقصى” في جحانة بصنعاء
  • الكيان يُقِّر: المقاومة ما زالت تملك عشرات آلاف الأنفاق والقضاء على حماس الآن هراء وكذب