الرياض

طالب مجلس الشورى الهيئة العامة للإحصاء بوضع سياسات لاستخدامات تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث أكد عضو ‫المجلس سعد العتيبي أهمية مراعاة مخاطر العمل الإحصائي بالذكاء الاصطناعي، وتوفير ما يكفل معالجته والحد من آثاره.

وأصدر المجلس في جلسته العادية الرابعة من أعمال السنة الأولى للدورة التاسعة، المنعقدة برئاسة نائب رئيس المجلس الدكتور مشعل بن فهم السُّلمي، قراراً بشأن ما تضمنه التقرير السنوي لجامعة حفر الباطن للعام الجامعي 1444هـ طالب فيه الجامعة بوضع خطة زمنية لإنشاء مشاريع استثمارية بالتعاون مع القطاع العام والخاص وغير الربحي؛ بما يدعم جهود الجامعة في تنمية مواردها الذاتية.

ودعا المجلس في قراره جامعة حفر الباطن إلى توسيع شراكتها الإستراتيجية مع الجهات المختلفة؛ بما يسهم في تعزيز خبرات منسوبي الجامعة، ومواءمة برامجها الأكاديمية مع البرامج المماثلة في الجامعات الرائدة، والتنسيق مع هيئة تقويم التعليم والتدريب للإسراع في اعتماد برامج الجامعة الأكاديمية، وتعزيز البنية التحتية للجامعة، وتطوير البرامج الأكاديمية بما يحقق التوازن في فرص القبول بين الطلاب والطالبات.

وناقش المجلس التقرير السنوي لجامعة الطائف للعام الجامعي 1444هـ، وأبدى أعضاء المجلس عددًا من الملحوظات والآراء بشأن ما تضمنه التقرير السنوي لجامعة الطائف، إذ طالب عضو المجلس الدكتور عبدالله عداس الجامعة بالعمل على تحفيز أعضاء هيئة التدريس على الانتقال من الأبحاث النظرية إلى التركيز على الأبحاث التطبيقية التي يمكن أن تؤدي إلى براءات اختراع وتسهم في تحويل الابتكارات إلى تتجير التقنية.

وطالب عضو المجلس الدكتور عثمان حكمي بضرورة وجود منظومة ابتكار وريادة أعمال بجامعة الطائف، مشيرًا إلى أهمية إنشاء حاضنة أعمال أو مسرعة أو مكتب نقل التقنية. وطالب عضو المجلس طارق فقيه جامعة الطائف بإنشاء كلية للزراعة وأخرى للسياحة، مشيرًا إلى أهمية موقع الطائف الجغرافي، باعتباره سلة غذائية، ومصيفا مميزا في المملكة.

ودعا عضو المجلس الدكتور معتز بخيت جامعة الطائف إلى دعم إدارة المشاريع بالكوادر المؤهلة الاحترافية بغرض دفع عجلة العمل في مشاريع المدينة الجامعية بـ «سيسد» بغرض الاستفادة من مشاريعها الجديدة.

وناقش المجلس التقرير السنوي للهيئة العامة للإحصاء للعام المالي 1444 / 1445هـ، وأبدى أعضاء المجلس عددًا من الملحوظات والآراء بشأن ما تضمنه التقرير السنوي للهيئة العامة للإحصاء. وطالب عضو المجلس عبدالله آل طاوي بضرورة اهتمام الهيئة العامة للإحصاء بعملية التحليل لما بعد المخرجات الإحصائية، وأن تكون الأرقام لها دلالات واضحة وفي أقل تقدير تحليل مبدئي ومن ثم تتولى الجهات المعنية عملية التحليل الشامل لما وراء تلك الأرقام كلا في مجال اختصاصه.

كما وافق مجلس الشورى على مشروع اتفاقية بين حكومة المملكة، وحكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية في مجال خدمات النقل الجوي، ومشروع اتفاقية عامة للتعاون بين حكومة المملكة وحكومة جمهورية هندوراس، ومشروع اتفاقية مقر بين حكومة المملكة، والمنظمة الدولية للإبل،

ووافق على مذكرة تفاهم بين وزارة البيئة والمياه والزراعة في المملكة، ووزارة العلوم والتكنولوجيا والبيئة في جمهورية كوبا للتعاون في مجال حماية البيئة.

أكد عضو المجلس الدكتور عبدالله بن عمر النجار أن على الهيئة العامة للإحصاء العمل بالتنسيق مع الجامعات لتحديث الخطط الدراسية والبرامج التخصصية الإحصائية المقدمة من هذه الجامعات بما يتوافق مع خطط الهيئة وحاجاتها وتوجهاتها المستقبلية، والتنسيق لتوفير برامج تدريبية متخصصة وقصيرة والاستفادة من الكفاءات العلمية والأكاديمية المتخصصة في الجامعات، وبما يساعد على توفير الكوادر البشرية المتخصصة من أبناء هذا الوطن الغالي لخدمة هذا القطاع الحيوي المهم.

وأوضح النجار في مداخلته على البند المتعلق بدراسة اللجنة المالية والاقتصادية للتقرير السنوي للهيئة العامة للإحصاء، أن الزملاء في اللجنة المالية والاقتصادية، ومن خلال التوصية الأولى على التقرير، أشاروا إلى تقييم خطط تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للتنمية الإحصائية وتحديثها، كما تضمن التقرير، وتحت عنوان نبذة عن الإستراتيجية ما نصه «وللقيام بدور الهيئة على أكمل وجه ولتحقيق رؤيتها الطموحة تم تحديث إستراتيجية الهيئة العامة للإحصاء في عام 2023 ووضع مستهدفات إستراتيجية، ومؤشرات أداء ومبادرات ممتدة لعام 2025»، والعمل على ربط هذه الإستراتيجية برؤية المملكة 2030 من خلال عدد من المبادرات التي تمت الإشارة إليها.

وأضاف أن الهيئة عملت خلال العام 2023 على تنفيذ الكثير من المشاريع الإحصائية على مستوى المسوح الميدانية وغيرها من المنتجات لدعم صناع القرار وراسمي السياسات في المملكة، ورصد المتغيرات في مختلف القطاعات، وتحديد درجة الالتزام برؤية المملكة 2030، لافتاً إلى أنه في ضوء ما تمت الإشارة إليه تكون التوصية الأولى متحققة ولا حاجة لها، وإذا كان هناك تفاصيل ترغب اللجنة الإشارة إليها يمكن تضمينها في الرأي ولا داعي لهذه التوصية، مضيفاً بأن التقرير كشف قيام الهيئة العامة للإحصاء بتحديث إستراتيجيتها في عام 2023 ووضع عددا من المستهدفات الإستراتيجية، ومؤشرات أداء ذات جودة عالية ومبادرات نوعية ممتدة لعام 2025…إلخ، وهذا يعطي مؤشرا على أن هذه التوصية متحققة.

كما طالب الهيئة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة بالإسراع في تنفيذ تعداد المنشآت، فيما أشارت الهيئة إلى قيامها بإطلاق المسح الاقتصادي الشامل الذي بدأ في 2023/1/14، وكان من أهم أهدافه الإستراتيجية حصر بيانات منشآت قطاع الأعمال، وحصر منشآت قطاع الأعمال، وتوفير البيانات اللازمة لتحديث سنة الأساس في الناتج المحلي والإجمالي، وتحديث وتعزيز بيانات سجل الأعمال الإحصائي والإطار الإحصائي، مؤكداً أن هذه التوصية متحققة، وإذا كان لدى الزملاء في اللجنة أي تفاصيل ذات علاقة بالموضوع ممكن الإشارة إليها في الرأي.

ولفت النجار إلى أن الهيئة العامة للإحصاء لديها مشروع برنامج متكامل للبيانات الإحصائية الوطنية (مصدر)، وتتلخص الأهداف الأساسية لهذا البرنامج ببناء قواعد بيانات إحصائية وطنية مقرها الهيئة العامة للإحصاء بالاعتماد على بيانات إحصائية مجمعة من كافة الجهات الحكومية المنتجة للبيانات الإحصائية «مصادر البيانات» وبما يخدم الاحتياجات الإحصائية للمملكة ولمستخدمي البيانات الإحصائية من جهات حكومية وقطاع خاص ومنظمات دولية وجهات بحثية ومستخدمي البيانات بشكل عام بما يشكل رابطاً بين المنتج والمستهلك للبيانات الإحصائية، فتكون التوصية متحققة إلى حد ما لأن برنامج (مصدر) للبيانات الإحصائية يتناول ما أشارت إليه التوصية في مضمونها (ما عدا جمع بيانات الأسعار من الجهات الخاصة) التي قد لا يكون برنامج (مصدر) يتناولها.
.
وطالبت عضو المجلس الدكتورة أمل الهزاني الهيئة العامة للإحصاء بضرورة تطوير محرك البحث المتقدم في موقعها الإلكتروني للحصول على المعلومات المتاحة لديها وتحديث البيانات دورياً في كل القطاعات.

المصدر: صحيفة صدى

كلمات دلالية: الهيئة العامة للإحصاء مجلس الشورى الهیئة العامة للإحصاء للبیانات الإحصائیة عضو المجلس الدکتور التقریر السنوی

إقرأ أيضاً:

بين الابتكار والسيطرة.. هيمنة الذكاء الاصطناعي الصيني

ترجمة: نهى مصطفى -

خلال شهرين من إصدار شركة صينية غير معروفة تدعى DeepSeek نموذجًا جديدًا قويًا للذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر، بدأ هذا الاختراق بالفعل في تحويل سوق الذكاء الاصطناعي العالمي.

يتميز DeepSeek-V3، كما يُطلق على نموذج اللغة الكبير المفتوح (LLM) الخاص بالشركة، بأداء ينافس أداء النماذج من أفضل المختبرات الأمريكية، مثل ChatGPT من OpenAI و Claude من Anthropic و Llama من Meta ، ولكن بجزء صغير من التكلفة. وقد أتاح هذا للمطورين والمستخدمين في جميع أنحاء العالم الوصول إلى الذكاء الاصطناعي المتطور بأقل تكلفة.

في يناير، أصدرت الشركة نموذجًا ثانيًا، DeepSeek-R1، يُظهر قدرات مماثلة لنموذج o1 المتقدم من OpenAI مقابل خمسة بالمائة فقط من السعر. ونتيجة لذلك، يشكلDeepSeek تهديدًا لقيادة الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي، مما يمهد الطريق للصين للحصول على مكانة عالمية مهيمنة على الرغم من جهود واشنطن للحد من وصول بكين إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة.

يُبرز الصعود السريع لشركةDeepSeek حجم التحديات والمخاطر في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي. فإلى جانب الاستفادة من الإمكانات الاقتصادية الهائلة لهذه التقنية، ستتمتع الدولة التي تطوّر نماذج الذكاء الاصطناعي الأساسية، التي تشكّل العمود الفقري لتطبيقات وخدمات المستقبل، بنفوذ واسع النطاق. ولا يقتصر هذا النفوذ على المعايير والقيم المضمّنة في هذه النماذج فحسب، بل يمتد أيضًا إلى منظومة أشباه الموصلات، التي تعد الركيزة الأساسية والبنية التحتية التقنية والمعالجة الحسابية اللازمة لتشغيل وتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، وتشمل الأجهزة والبرمجيات التي تمكّن الذكاء الاصطناعي من تنفيذ العمليات المعقدة بكفاءة. وتعكس القناعة الراسخة لدى كل من الصين والولايات المتحدة بأن هذه التقنيات قادرة على تحقيق تفوّق عسكري، الأهمية الاستراتيجية للريادة في هذا المجال وضرورة الحفاظ عليها على المدى الطويل.

ومع ذلك، فإن التركيز على أداء نموذج DeepSeek-V3 وتكاليف تشغيله المنخفضة قد يُغفل نقطة أكثر أهمية. فإحدى العوامل الرئيسة التي ساهمت في سرعة انتشار نماذج DeepSeek هي أنها مفتوحة المصدر، مما يتيح لأي شخص تنزيلها وتشغيلها ودراستها وتعديلها والبناء عليها، مع تحمّل تكلفة الطاقة الحاسوبية فقط. في المقابل، تكاد جميع نماذج الذكاء الاصطناعي الأمريكية المماثلة أن تكون ملكية خاصة، مما يحدّ من استخدامها ويزيد من تكاليف تبنيها من قِبل المستخدمين.

بدأت شخصيات بارزة في مجتمع الذكاء الاصطناعي الأمريكي يدركون بشكل متزايد المشكلات الناجمة عن التركيز على النماذج المغلقة المصدر. ففي أواخر يناير، أقرّ سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، بأن الشركة ربما «أخطأت في قراءة التاريخ» بعدم تبنيها نهج الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر. وفي فبراير، توقّع إريك شميدت، الرئيس التنفيذي السابق لشركة Google، مستقبلًا يُهيمن فيه مزيج من النماذج المفتوحة والمغلقة على التطبيقات اليومية. من الواضح أن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على الاعتماد كليًا على نماذج الذكاء الاصطناعي المغلقة التي تطورها الشركات الكبرى لمنافسة الصين، مما يستدعي من الحكومة الأمريكية تكثيف دعمها للنماذج مفتوحة المصدر، حتى مع استمرار جهودها في تقييد وصول الصين إلى التقنيات المتقدمة، مثل أشباه الموصلات وبيانات التدريب.

للحفاظ على هيمنتها، تحتاج الولايات المتحدة إلى وضع برنامج شامل لتطوير ونشر أفضل النماذج مفتوحة المصدر. لكن في الوقت ذاته، يجب عليها ضمان أن تظل الشركات الأمريكية الرائدة هي التي تبني أنظمة الذكاء الاصطناعي الأكثر كفاءة، والتي يُشار إليها أحيانًا باسم «أنظمة الحدود»، والتي غالبًا ما يتم تطويرها ضمن شركات خاصة ذات تمويل ضخم.

إلى جانب ذلك، ينبغي على واشنطن تبنّي أجندة سياسية أوسع تعزز مكانة الذكاء الاصطناعي الأمريكي مفتوح المصدر على الساحة الدولية، وتدعم بناء البنية التحتية الأساسية اللازمة للحفاظ على ريادتها في هذا المجال. ولا يقتصر ذلك على تحفيز تطوير النماذج مفتوحة المصدر داخل الولايات المتحدة، بل يشمل أيضًا تسهيل وصولها إلى المساهمين والمستخدمين في المجال الصناعي والأكاديمي والقطاع العام في الدول المتحالفة معها.

بدون هذه الخطوات الاستراتيجية، يُشير مشروع DeepSeek إلى مستقبل محتمل قد تستخدم فيه الصين نماذج مفتوحة المصدر قوية ومنخفضة التكلفة لتجاوز الولايات المتحدة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية.

لطالما كان الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر عاملًا رئيسيًا في التقدم التقني، رغم قلة الاهتمام السياسي به مقارنة بالأنظمة المغلقة. منذ ظهور ChatGPT عام 2022، بدأ يُنظر إلى نماذج الذكاء الاصطناعي الأساسية على أنها بمثابة «نظام تشغيل» جديد، حيث تعمل كجسر بين اللغة البشرية والبيانات التي تعالجها الآلات. وكما استمر نظام Linux مفتوح المصدر بجانب أنظمة احتكارية مثل Windows، برزت نماذج مفتوحة مثل Llama إلى جانب ChatGPT، مما يمهّد لانتشار أوسع للذكاء الاصطناعي. هذا التطور دفع بعض الباحثين لوصف المرحلة الحالية بأنها «لحظة لينكس» في مجال الذكاء الاصطناعي.

على مرّ العقود، ازدهرت مشاريع البرمجيات مفتوحة المصدر، مثل لينكس، بفضل مساهمات المطورين حول العالم، وهو ما أدى إلى تطويرها بسرعة وتحسين أمنها، حيث يمكن لأفضل المهندسين اختبارها وتحسينها بشكل متواصل. كما أن كونها خاضعة لإدارة أمريكية وأوروبية جعلها أحد عوامل تفوّق الغرب في مجالات عدة، مثل: أنظمة التشغيل، متصفحات الويب، قواعد البيانات، التشفير، وحتى لغات البرمجة.

تُهيمن Nvidia على صناعة رقائق الذكاء الاصطناعي بفضل وحدات معالجة الرسومات (GPUs) وبرنامجها الحصري CUDA، مما يمنحها موقعًا متقدمًا في هذا المجال. ورغم القيود الأمريكية، استخدمت الصين رقائق Nvidia في تدريب نماذج DeepSeek، لكنها تسعى حاليًا للاعتماد على رقائق Ascend من هواوي، مما قد يُقلص الحاجة إلى الرقائق الأمريكية. إذا حققت النماذج الصينية انتشارًا واسعًا بدعم حكومي، فقد يُجبر المستخدمون عالميًا على التحول إلى شرائح هواوي، مما سيُضعف شركات مثل Nvidia و TSMC ويمنح الصين نفوذًا أكبر في صناعة الرقائق. هذا السيناريو يُشبه استحواذ الصين على سوق بطاريات الليثيوم، حيث قد تؤدي استراتيجيتها إلى إعادة تشكيل سلسلة التوريد العالمية، مُهددة الهيمنة الغربية في هذا القطاع. كيفية مواجهة هذا التهديد

لمواجهة النفوذ الصيني في الذكاء الاصطناعي، تحتاج الولايات المتحدة إلى تعزيز تطوير ونشر نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر، مع التركيز على دعم الجامعات والشركات والمختبرات الوطنية. رغم ارتفاع الاستثمارات في هذا المجال، لا تزال متواضعةً مقارنةً بالتمويل الإجمالي للذكاء الاصطناعي. لذا، يجب تقديم حوافز حكومية لدعم المشاريع المتوافقة مع الشرائح الغربية، وتوسيع البرامج البحثية الوطنية، والاستفادة من موارد وزارتي الطاقة والدفاع. كما ينبغي تعزيز التعاون مع مبادرات كبرى مثل Stargate، التي تخطط لاستثمار 500 مليار دولار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي الأمريكي خلال السنوات القادمة.

يجب على واشنطن تعزيز النظام البيئي التكنولوجي الأمريكي لدعم الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر عبر تطوير نظام حوسبة متكامل يتيح للمطورين الاستفادة من أفضل الشرائح الغربية، مما يعزز الطلب عليها ويحد من المنافسة الصينية. وينبغي ترسيخ تفوق التقنيات الغربية، إلى جانب قيادة الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي. ورغم هيمنة بنية Transformer، فإن مناهج جديدة مثل Structured State Space Models ونماذج Inception diffusion تُظهر إمكانات مستقبلية واعدة، مما يستدعي دعمها لضمان الريادة الأمريكية في هذا المجال.

ينبغي على واشنطن تجنب فرض قيود واسعة على تصدير نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر، وبدلًا من ذلك، تقديم حوافز لضمان توافقها مع الشرائح الغربية. كما يجب على لجنة التجارة الفيدرالية مراعاة دور شركات التكنولوجيا الكبرى في تعزيز الريادة الأمريكية عند النظر في قضايا مكافحة الاحتكار. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي التصدي لمحاولات الشركات الصينية خفض أسعار نماذج الذكاء الاصطناعي لإضعاف المنافسة، عبر دراسة فرض تدابير مكافحة الإغراق إذا تبيّن أن هذه الممارسات تهدف إلى إقصاء الشركات الأمريكية.

يجب على الولايات المتحدة تعزيز تنافسها مع الصين في الأسواق العالمية، حيث قد تستخدم بكين نماذج الذكاء الاصطناعي كأداة للنفوذ الاقتصادي. كما ينبغي لواشنطن التحقيق في إمكانية استخدام DeepSeek بيانات من GPT-4 دون تصريح، ودراسة تطبيق قاعدة «المنتج الأجنبي المباشر» على مخرجات الذكاء الاصطناعي، لمنع الشركات الصينية من الاستفادة من النماذج الأمريكية الرائدة، كما فعلت مع معدات تصنيع أشباه الموصلات.

ستكون هذه الإجراءات أكثر فاعلية إذا تبنتها دول أخرى. لذا، تحتاج واشنطن إلى تنسيق سياساتها مع شركائها في آسيا وأوروبا ومناطق أخرى لإنشاء كتلة دولية قادرة على إبطاء انتشار النماذج الصينية. ورغم ضخامة السوق الصينية، فإنها تظل صغيرة مقارنة بالسوق العالمية، وهو المجال الأكثر أهمية الذي يجب أن تركز عليه الولايات المتحدة لضمان هيمنة النظام البيئي الغربي للحوسبة والذكاء الاصطناعي في المستقبل.

ورغم أن القيود الأمريكية على تصدير الشرائح المتقدمة حدّت من قدرة الصين على الوصول إليها، فإن بكين ترى في الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر، المبني على تقنيات أقل تقدمًا، مسارًا استراتيجيًا لاكتساب حصة سوقية أكبر. ومن المرجح أن تستمر النماذج الصينية في التحسن عبر الابتكار الخوارزمي، والتحسينات الهندسية، والتصنيع المحلي للرقائق، بالإضافة إلى أساليب غير مشروعة، مثل التدريب غير المصرح به على مخرجات النماذج الأمريكية، والتحايل على ضوابط التصدير. ومع استمرار الصين في تحسين أداء نماذجها وأسعارها، فإن الحاجة إلى استراتيجية أمريكية متماسكة تصبح أكثر إلحاحًا.

يجب على واشنطن أن تتبنى استراتيجية استباقية تضمن توفير بدائل أمريكية متفوقة فور إصدار الصين لنماذجها الجديدة، ما يعزز الريادة الأمريكية في الذكاء الاصطناعي. يتطلب ذلك تحسين الإطار التنظيمي، مثل ذلك الذي وضعته إدارة بايدن لضبط انتشار التكنولوجيا، إلى جانب تسخير الموارد الحكومية لدعم النماذج المتقدمة قبل إتاحتها للعامة. تقف إدارة ترامب المقبلة أمام «لحظة لينكس» حاسمة، حيث يمكنها إما ترسيخ الهيمنة الأمريكية على الذكاء الاصطناعي المفتوح المصدر، أو المخاطرة بفقدان النفوذ لصالح الصين، التي قد تعيد توجيه السوق نحو تقنياتها الخاصة.

جاريد دانمون هو المستشار الأول للمبادرات الاستراتيجية في وحدة الابتكار الدفاعي (DIU)

نشر المقال في Foreign Affairs

مقالات مشابهة

  • مجلس الشورى يُعبر عن الاعتزاز بالموقف القيادة في نصرة فلسطين
  • الصدر يعلق على استخدام الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي يفك لغزاً علمياً استعصى على العلماء لعقد كامل
  • مجلس الخدمة الاتحادي يدمج الذكاء الاصطناعي في التوظيف بالعراق
  • مجلس الخدمة يعتزم إدخال الذكاء الاصطناعي في عمليات التوظيف
  • مجلس الشورى: القوات المسلحة اليمنية قادرة على ردع العدوان والتصدي للتصعيد الأمريكي
  • استشاري: الذكاء الاصطناعي يفرض تحديات على بعض الوظائف التقليدية
  • بين الابتكار والسيطرة.. هيمنة الذكاء الاصطناعي الصيني
  • الذكاء الاصطناعي والدخول إلى خصوصيات البشر
  • الجديد وصل .. جوجل تتحدى آبل في مجال الذكاء الاصطناعي الشخصي