7 نقاط تشرح لماذا تعارض مصر والسودان اتفاقية عنتيبي
تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT
الخرطوم- من جديد تطل أزمة اتفاقية الإطار التعاوني لحوض النيل (عنتيبي) برأسها مع دخولها حيز التنفيذ، اعتبارا من أمس الأحد، حيث يلقي الرفض الشديد لدولتي مصر والسودان الانضمام للمعاهدة بظلاله الكثيفة على مصيرها المشوب بالغموض.
وصادقت على الاتفاقية 5 دول هي إثيوبيا وتنزانيا وأوغندا ورواندا وكينيا، ثم دولة جنوب السودان في الثامن من يوليو/تموز الماضي، لتكون الدولة السادسة، وبالتالي مكملة لثلثي دول الحوض بما يمهد لتنفيذ الاتفاقية، التي ابتعدت عنها الكونغو ومصر والسودان وبوروندي وإريتريا.
وتنص المادة 43 من الاتفاقية على دخولها مضمار التنفيذ في اليوم الـ60، الذي يلي إيداع وثيقة التصديق لدى الاتحاد الأفريقي.
تم التفاوض حول اتفاقية عنتيبي تحت رعاية مبادرة حوض النيل، واعتمدها مجلس وزراء الحوض في 22 مايو/أيار 2009، وهي مستوحاة من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن قانون استخدام المجاري المائية في الأغراض غير الملاحية، وانضمت دولة جنوب السودان، في يوليو/تموز الماضي، إليها وهي الخطوة التي مهدت دخولها حيز التنفيذ، وبالتالي تأسيس مفوضية حوض نهر النيل.
2/ ماذا يعني تسليم الاتفاقية إلى الاتحاد الأفريقي؟في التاسع من سبتمبر/أيلول الماضي، سلمت إثيوبيا رسميا اتفاقية (عنتيبي) إلى الاتحاد الأفريقي؛ تمهيدا لدخولها حيز التنفيذ وإنشاء مفوضية حوض نهر النيل، وتم الكشف عن هذه الخطوة في رسالة إلى مجلس الأمن الدولي، بعث بها وزير الخارجية الإثيوبي تايي أصق سيلاسي جاء فيها: "إثيوبيا تود إبلاغ أعضاء المجلس بإيداع الاتفاقية لدى مفوضية الاتحاد، مما سيسهل دخولها حيز التنفيذ وإنشاء المفوضية التي ستتولى تنسيق تنفيذ اتفاقية الإطار الشامل"، واعتبر أن الاتفاقية أول إطار قانوني على مستوى دول الحوض، يمكن أن يعزز التعاون بين الدول المتشاطئة من أجل الرخاء المشترك لشعوب الحوض.
3/ ما أسباب معارضة السودان ومصر؟
يشرح الخبير في القانون الدولي فيصل عبد الرحمن علي طه أسباب الخلاف حول الاتفاقية قائلا إنها لم تكن تحظى بقبول دولتي أسفل النهر (مصر والسودان)، جراء تحفظهما على المادة 14 (ب) المتعلقة بالأمن المائي.
ويوضح للجزيرة نت أن مصر اقترحت صيغة بديلة لهذه المادة تنص على عدم التأثير سلبا على الأمن الغذائي والاستخدامات والحقوق المائية الأخرى لأي من دول حوض النيل.
ويضيف "المادة مثار الخلاف كانت تهدف لتأكيد الأهمية القانونية لمبدأ الأمن المائي، لكنها فجرت خلافا أعاد الجميع إلى نقطة البداية".
ووفقا للخبير القانوني، يتمحور التباين حول الوضع القانوني لاتفاقيتي 1929 و1959، والحصص التي ترتبت لمصر والسودان بمقتضاهما.
4/ ما المساعي التي بُذلت لرأب الصدع بين دول حوض النيل؟توالت الاجتماعات خلال السنوات الماضية للوصول إلى صيغة توافقية حول هذه المادة، لكنها -حسب عبد الرحمن- لم تحرز تقدما، ليقرر الاجتماع الاستثنائي للمجلس الوزاري الذي عُقد في كينشاسا في 22 مايو/ 2009 إلحاقها بالاتفاقية، على أن يتم البت فيها بواسطة مفوضية حوض النيل خلال 6 أشهر من إنشائها. ويردف "بالفعل تظهر المادة في الاتفاقية كملحق".
ولا يستبعد المتحدث أن يستعصي حل الخلاف حول المادة 14 (ب)، وتستمر الاتفاقية بدون السودان ومصر. ويتابع "إذا حدث وطال بقاؤهما خارج الاتفاقية، فلن يتحقق هدف إقامة إطار تعاوني ومؤسسي لإدارة حوض النيل على أساس مبادئ مقبولة لكل دول الحوض، لأن مصر والسودان الأكثر حاجة لمياه النيل، والأكثر استخداما لها من أي دولة أخرى مشاطئة".
5/ كيف يبدو الموقف الإثيوبي من الاتفاقية؟تتخذ إثيوبيا موقفا مؤيدا لاتفاقية عنتيبي، يمكن قراءته مع خلافها المحتدم مع السودان ومصر حول سد النهضة، الذي تعارضه الدولتان. وطالبت الخرطوم والقاهرة منذ سنوات بالتوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل السد، خاصة في أوقات الجفاف، لضمان استمرار تدفق حصتهما من مياه نهر النيل.
وتظهر الخلافات بشكل قوي حول السد بين إثيوبيا ومصر، حيث تقول أديس أبابا إن القاهرة تبني مشروعات متعددة على نهر النيل دون دراسة تقييم أثر، مع تجاهل مطلق لحقوق الدول الأخرى المطلة على النهر.
في حين تتهم القاهرة أديس أبابا بتنفيذ سياسات أحادية الجانب تخالف قواعد ومبادئ القانون الدولي، في وقت يطالب فيه السودان بالتنسيق المسبق قبل البدء في عمليات الملء وفتح البوابات منعا لتضرر أراضيه وغمرها، حيث يقع سد النهضة على بعد كيلومترات من خزان الروصيرص بإقليم النيل الأزرق المحاذي لإثيوبيا.
وتعليقا على دخول اتفاقية عنتيبي حيز التنفيذ، غرد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد على منصة إكس، أمس الأحد، قائلا "إن 13 أكتوبر/تشرين الأول 2024 يمثل تتويجا لرحلة طويلة نحو الاستخدام العادل والمعقول لمياه النيل، سيُذكر هذا اليوم باعتباره معلما تاريخيا في جهودنا الجماعية لتعزيز التعاون الحقيقي في حوض النيل". ودعا آبي أحمد الدول غير الموقعة إلى الانضمام إلى "عائلة النيل، للتمكن معا من تحقيق أهدافنا المشتركة في التنمية والتكامل الإقليمي".
6/ ما فرص السودان ومصر في التعامل مع واقع عنتيبي الجديد وإمكانية تعديل الحصص؟تتخوف كل من مصر والسودان من إقامة دول المنبع مشروعات تستهلك كميات كبيرة من المياه بما يؤثر على حصصهما التاريخية، حيث تغلق اتفاقية عنتيبي الباب أمام أي مفاوضات ممكنة حيال هذه الحصص، لذلك جددتا موقفهما المعارض للمعاهدة بعد اجتماعات عقدتها الهيئة الفنية الدائمة المشتركة لمياه النيل يومي 11 و12 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وفي بيان عقب الاجتماع، جددت الدولتان التأكيد أن اتفاقية عنتيبي ليست ملزمة لهما كليا، وأن مفوضية الدول الـ6 الناشئة عن الاتفاق الإطاري غير المكتمل لا تمثل حوض النيل في أي حال من الأحوال، ودعتا دول الحوض لإعادة اللحمة، وعدم اتخاذ إجراءات أحادية تسهم في الانقسام بين دول المنابع ودول المصب.
وفي حديث للجزيرة نت، يعتقد الخبير القانوني والمحامي السوداني حاتم السنهوري أن المساس باتفاقية 1959، هو ما أغضب مصر والسودان، حيث كانت الاتفاقية -التي وُقعت قبل استقلال دول مثل كينيا– تنص على حصول القاهرة على نحو 55 مليار متر مكعب، والخرطوم على 18.5 مليار متر مكعب و"هو نصيب مجحف"، برأيه.
وحسب السنهوري، فإن التكريس والتمترس خلف المسائل والحقوق التاريخية يُعد ضد القانون الدولي، وضد الاتفاقيات التي تتحدث عن الاستخدام العادل لثروات وموارد الدول ذات السيادة.
7/ هل يمكن إلزام مصر والسودان بالاتفاقية رغم امتناعهما عن الانضمام إليها؟يرى الخبير السنهوري أن الصراع الحالي له جانب قانوني يتحدث عن سيادة الدولة في استغلال مواردها، ومن بينها ترسيم حدود النيل، ويعتقد أن السودان ومصر أمامهما الآن المفوضية التي تمثل الطرف المعني -بعد توقيع جنوب السودان- وهي ملزمة بمراجعة الاتفاقيات وحث الدول الأخرى على الانضمام إليها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات دخولها حیز التنفیذ اتفاقیة عنتیبی مصر والسودان السودان ومصر حوض النیل دول الحوض نهر النیل
إقرأ أيضاً:
السيسي والبرهان يبحثان الأمن المائي وإعادة إعمار السودان .. جددا رفضهما أي «إجراءات أحادية» تتعلق بنهر النيل
القاهرة: الشرق الاوسط: عززتْ مصر من دعمها للسودان في ضوء ظروف الحرب الداخلية، وناقش الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، الذي يزور القاهرة، «المساهمة المصرية الفعالة في جهود إعادة الإعمار وإعادة تأهيل ما أتلفته الحرب الداخلية».
واستقبل السيسي، البرهان، في القاهرة، يوم الاثنين، وخلال جلسة محادثات مشتركة، شدد الجانبان على «مواصلة التنسيق والعمل المشترك لحفظ الأمن المائي للبلدين، ورفض الإجراءات الأحادية» بنهر النيل. وصرح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، بأن اللقاء شهد تبادل وجهات النظر والرؤى حول الأوضاع الإقليمية الراهنة، لا سيما في حوض نهر النيل والقرن الأفريقي، حيث تطابقت رؤى البلدين في ظل الارتباط الوثيق بين الأمن القومي لكل من مصر والسودان.
وتم الاتفاق على مواصلة التنسيق والعمل المشترك لحفظ الأمن المائي للدولتين، وإعمال القانون الدولي لتحقيق المنفعة المشتركة للجميع بحوض النيل، وكذلك رفض الإجراءات الأحادية في حوض النيل الأزرق، الذي ينبع من إثيوبيا ويُعد الرافد الأساسي لنهر النيل.
ويواجه مشروع «سد النهضة»، الذي تقيمه إثيوبيا على رافد حوض النيل الأزرق منذ عام 2011، باعتراضات من دولتي المصب، مصر والسودان، اللتين تطالبان باتفاق قانوني ملزم، ينظم عمليات ملء وتشغيل السد، بما لا يضر بحصتيهما المائية.
جهود إعادة الإعمار
تأتي زيارة البرهان إلى القاهرة استجابة لدعوة من الرئيس المصري، تسلمها الأسبوع الماضي، بهدف «دعم التعاون الثنائي، والتأكيد على دعم ومساندة القاهرة للخرطوم، في ظروف الحرب الداخلية الحالية». واستقبل السيسي في مطار القاهرة الفريق البرهان وتوجها إلى قصر الاتحادية، حيث أقيمت مراسم الاستقبال الرسمي، وتم عزف السلامين الوطنيين.
وقالت رئاسة الجمهورية المصرية إن السيسي بحث في اجتماع مع البرهان التطورات الميدانية الأخيرة في السودان والتقدم الذي حققه الجيش باستعادة السيطرة على العاصمة الخرطوم.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الجانبين عقدا جلسة مباحثات مغلقة، تلتها جلسة موسعة بمشاركة وفدي البلدين، حيث تم استعراض سبل تعزيز التعاون الثنائي، والمساهمة المصرية في جهود إعادة إعمار وإعادة تأهيل ما أتلفته الحرب في السودان، وذلك بالإضافة إلى مواصلة المشروعات المشتركة في عدد من المجالات الحيوية مثل الربط الكهربائي، والسكك الحديدية، والتبادل التجاري.
ويواجه السودان حرباً داخلية، منذ أكثر من عامين، بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، وتدعو القاهرة، منذ اندلاع المواجهات المسلحة في منتصف أبريل (نيسان) 2023، إلى ضرورة «وقف إطلاق النار، والحفاظ على وحدة واستقرار السودان، ومؤسساته الوطنية».
وسبق أن رحب السودان بدور للشركات المصرية في ملف إعادة الإعمار، واتفق البلدان في جلسة مشاورات سياسية بالقاهرة، في فبراير (شباط) الماضي، على «تشكيل فريق مشترك من البلدين لدراسة عملية إعادة الإعمار، مع وضع التصور للبدء في عملية إعادة الإعمار والجدول الزمني».
وضمن محادثات السيسي والبرهان، جرت مناقشة مواصلة المشروعات المشتركة في عدد من المجالات الحيوية، مثل الربط الكهربائي، والسكك الحديدية، والتبادل التجاري، والثقافي، والعلمي، والتعاون في مجالات الصحة، والزراعة، والصناعة، والتعدين، بما يحقق هدف التكامل، والاستغلال الأمثل للإمكانات الضخمة بين البلدين، حسب الرئاسة المصرية.
على صعيد تطورات الحرب الداخلية، تناولت مشاورات الرئيس المصري، ورئيس مجلس السيادة السوداني، «التقدم الميداني الأخير الذي حققته القوات المسلحة السودانية، باستعادة السيطرة على العاصمة الخرطوم». وحسب الرئاسة المصرية، «اتفق الجانبان على ضرورة تكثيف الجهود لتوفير الدعم والمساعدة اللازمين للسودانيين المقيمين في مناطق الحرب».
وحقق الجيش السوداني أخيراً تقدماً ملحوظاً في الحرب الداخلية باستعادة العاصمة الخرطوم، ومن قبلها مناطق حيوية، مثل ولاية الجزيرة (جنوب الخرطوم)، إلى جانب الولايات الشرقية التي يسيطر عليها، بينما تزداد حدة المواجهات في مناطق أخرى، مثل مدينة أم درمان، ومدينة الفاشر، في إقليم درافور.
وأكد السفير السوداني في القاهرة، عماد الدين عدوي، «وجود إرادة لدى بلاده لتعميق العلاقات مع مصر»، مضيفاً أن لقاء السيسي والبرهان «عكس عمق ومتانة العلاقات المصرية السودانية، وتطابق الرؤى والمواقف»، كما قال المستشار في السفارة السودانية بالقاهرة، اللواء أمين مجذوب، لـ«الشرق الأوسط» إن بلاده تقدر الدور الذي تقوم به مصر في تقريب وجهات النظر وجمع القوي السياسية السودانية، بالإضافة إلى لعب أدوار إقليمية بين السودان والدول الأخرى في محاولة لإنهاء الحرب في البلاد.
وكان الرئيس السيسي أعلن رفضه تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة «قوات الدعم السريع» المقرر الإعلان عنها قريباً، وعدها مهددة لوحدة السودان وسيادته.
ويعتقد مساعد وزير الخارجية المصري السابق لشؤون السودان، السفير حسام عيسى، أن «القاهرة تدعم مؤسسات الدولة السودانية، في مقدمتها الجيش»، مشيراً إلى أن زيارة البرهان تأتي ضمن مساعي القاهرة لـ«إنهاء المأساة الإنسانية التي تسببها الحرب».
وتسبب الحرب السودانية في نزوح نحو 14 مليون سوداني داخل وخارج البلاد، حسب تقديرات الأمم المتحدة، بينهم نحو مليون و200 ألف سوداني نزحوا إلى مصر، حسب إحصاءات رسمية.
وقال عيسى، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن زيارة البرهان «تأتي في مرحلة مهمة من الحرب، حقق فيها الجيش تقدماً ميدانياً، ما يمهد الطريق أمام جهود إعادة إعمار المدن التي طالتها الحرب، وتهيئة الخرطوم لإعادة الحكومة السودانية إليها مرة أخرى، بدلاً من مدينة بورتسودان».