سلطنة عُمان تواصل عزمها الراسخ على بناء اقتصاد متين ومتنوع
تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT
رؤية عمان 2040.. خريطة طريق لتوجيه الجهود وتعزيز القطاعات الحيوية
التنويع الاقتصادي.. حجر الأساس لبناء مستقبل مستدام يضمن الاستقرار والازدهار
بيانات النمو ترصد الأداء الجيد للقطاعات غير النفطية بالنصف الأول من العام
10.1 % قطاع الصناعات التحويلية
7.5 % قطاع النقل والتخزين
6.5 % أنشطة الزراعة والحراجة وصيد الأسماك
5.
4.7 % قطاع الإنشاءات
3.3 % الأنشطة الخدمية
8.1 % الصادرات العمانية غير النفطية
تسعى سلطنة عمان منذ عقود إلى تحقيق التنويع الاقتصادي كأحد الأهداف الإستراتيجية لتعزيز استقرارها المالي والاقتصادي. ورغم أن هذه الجهود ليست وليدة اليوم، بل تعود جذورها إلى ثمانينيات القرن الماضي، فإنها أصبحت أكثر وضوحًا وفعالية في السنوات الأخيرة، خاصة مع التحديات الاقتصادية العالمية والتقلبات المستمرة في أسعار النفط.
منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي، بدأت سلطنة عُمان في إعادة هيكلة اقتصادها الوطني من خلال مجموعة من البرامج والسياسات التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط والغاز كمصدرين رئيسيين للدخل. وقد أظهرت الحكومة إصرارًا على تعزيز القطاعات غير النفطية، مما ساهم في إيجاد بيئة اقتصادية أكثر تنوعًا واستدامة.
وتأتي رؤية عمان 2040 لتكون بمثابة خريطة طريق جديدة لتوجيه الجهود نحو التنويع الاقتصادي؛ إذ تركز هذه الرؤية على تعزيز القطاعات الحيوية مثل السياحة، والصناعات التحويلية، والزراعة، والتعدين وقطاع اللوجستيات، مما يسهم في بناء اقتصاد متين وقادر على مواجهة التحديات المستقبلية.
لقد حظيت قطاعات التنويع الاقتصادي بأولوية كبيرة في الاستراتيجيات والبرامج الوطنية، حيث تم تخصيص الموارد اللازمة لتطويرها، ويهدف هذا التوجه إلى ضمان الاستقرار الاقتصادي، ويسعى إلى إيجاد فرص عمل جديدة وتحسين مستوى الحياة.
إن التنويع الاقتصادي يعد حجر الأساس لبناء مستقبل مستدام لسلطنة عمان، خاصة في ظل التوجهات العالمية المتزايدة نحو الاعتماد على مصادر الطاقة المستدامة. ومن خلال هذه الجهود، تأمل سلطنة عمان في تحقيق التنمية المستدامة التي تعود بالنفع على الأجيال القادمة، مما يضمن لها مكانة قوية في الاقتصاد العالمي.
ويمثل التنويع الاقتصادي في سلطنة عمان رؤية طموحة تتطلب تكاتف الجهود من جميع الجهات المعنية، سواء كانت حكومية أو خاصة، لتحقيق الأهداف المنشودة وبناء اقتصاد قوي ومتنوع يضمن الاستقرار والازدهار في المستقبل.
نمو حقيقي
ورصدت بيانات نمو الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عُمان خلال الربع الثاني من العام الجاري استمرار توسع الأنشطة غير النفطية التي كانت مصدرا رئيسيا لزخم النمو الاقتصادي، حيث ارتفع النمو بنسبة 6.57% لأنشطة الزراعة والحراجة وصيد الأسماك و6.06% للأنشطة الصناعية و3.3% للأنشطة الخدمية مقارنة مع الفترة المماثلة من عام 2023.
وأوضحت وزارة الاقتصاد أن مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثاني، بالأسعار الجارية، بلغت 14.39 مليار ريال عُماني وبنسبة 68.75%، وأشارت الوزارة إلى أن مساهمة أنشطة الزراعة والحراجة وصيد الأسماك، بالأسعار الثابتة، تمثل 2.42% من إجمالي الناتج المحلي، وحققت هذه الأنشطة معدلات نمو جيدة بلغت 6.57%، وواصلت الأنشطة الصناعية أداءها الجيد خلال الأعوام السابقة وسجلت نموا حقيقيا بنسبة 6.06% بنهاية الربع الثاني من العام الجاري، والأنشطة الخدمية 3.3%، وبالأسعار الثابتة، تمثل مساهمة القطاعين في الناتج المحلي الإجمالي 21.36% و48.38% على التوالي.
وبيَّنت وزارة الاقتصاد أن قطاع الصناعات التحويلية واصل الأداء الجيد، وسجل نموا حقيقيا بنسبة 10.1% بنهاية الربع الثاني من العام الجاري، وبلغت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي 9.98%، وارتفع نمو قطاع الإنشاءات 4.7%، وبلغت مساهمته في الناتج المحلي 8.38%، وارتفع نمو قطاع تجارة الجملة والتجزئة بنسبة 5.8% بمساهمة 8.21% في الناتج المحلي الإجمالي. كما حقق قطاع النقل والتخزين نموا بنسبة 7.5% خلال الربع الثاني من العام الجاري، وبمساهمة 6.52% من إجمالي الناتج المحلي.
في حين شهدت نسبة مساهمة الأنشطة النفطية في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية تراجعا إلى 34.41% بنهاية الربع الثاني من العام الجاري مقارنة بـ 35.83% خلال الفترة المماثلة من العام الماضي، وبالأسعار الثابتة تراجع معدل نمو الأنشطة النفطية بنسبة 2.5%، وبنسبة مساهمة 32.05% من الناتج المحلي الإجمالي.
وترصد بيانات النمو الاقتصادي للربع الثاني الأداء الجيد للقطاعات غير النفطية التي حققت نموا حقيقيا. وسجلت الصادرات العمانية غير النفطية نموا بنسبة 8.1% إلى 3.58 مليار ريال عماني بنهاية الربع الثاني من العام الجاري، مقارنة بـ 3.31 مليار ريال خلال الربع الثاني من العام السابق.
وأوضحت وزارة الاقتصاد نمو حجم الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 25.39 مليار ريال عماني وبنسبة 19.3% بنهاية الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بـ 21.27 مليار ريال عماني خلال الفترة المماثلة من العام السابق. واستحوذ نشاط النفط والغاز على ما نسبته 78.3% من إجمالي الاستثمار الأجنبي، ونشاط الوساطة المالية 4.26%، والصناعات التحويلية 8.5%، والأنشطة العقارية 4.07%، والأنشطة الأخرى 4.82%.
مخرجات مهمة
إن تكامل البرنامج الوطني للتنويع الاقتصادي "تنويع" مع البرامج الوطنية الأخرى مثل البرنامج الوطني للاستدامة المالية والبرنامج الوطني للتحول الرقمي يُعد خطوة استراتيجية نحو بناء اقتصاد متنوع ومستدام. من خلال توحيد الجهود وتعزيز التعاون بين مختلف الجهات المعنية، ويمكن لسلطنة عمان تحقيق أهدافها التنموية وتعزيز قدرتها على مواجهة التحديات الاقتصادية المستقبلية. إن النجاح في تنفيذ هذه البرامج سيسهم في وضع سلطنة عُمان على خريطة الاقتصاد العالمي كدولة قادرة على الابتكار والتطور.
وفي إطار سعي سلطنة عمان نحو تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز التنويع الاقتصادي، قام البرنامج الوطني للتنويع الاقتصادي بدور تخطيطي من خلال تزويد البرامج الوطنية الأخرى بالمخرجات المستخلصة من تحليل البيانات اللازمة. وتم التنسيق مع الجهات ذات الصلة لاستكمال عملية تنفيذ هذه المخرجات بالتعاون مع جميع الأطراف المعنية.
بناءً على ذلك، خرج البرنامج بحزمة من المخرجات المهمة وهي: التجمعات الاقتصادية المتكاملة، وسياسات التنويع الاقتصادي، ومبادرات تنفيذية. وركز البرنامج في المرحلة الأولى على تحليل التحديات والفجوات والفرص المتاحة في الاقتصاد العماني. وقد استخدم عددًا من الأدوات الإستراتيجية لرصد هذه العناصر، حيث قام بتحليلها وفرزها، ووضع حلولًا ومبادرات لمعالجتها. تم تقسيم هذه الحلول إلى ثلاثة مسارات رئيسة وهي: الاقتصاد الكلي، والقطاعات الاقتصادية، والعلاقات التشابكية بين القطاعات.
وتعد السياسات المتعلقة بالتنويع الاقتصادي حجر الزاوية لتحقيق التنمية المستدامة في سلطنة عمان. من خلال تنفيذ هذه السياسات بشكل فعّال، يمكن لسلطنة عمان تعزيز قدرتها الاقتصادية وتقليل الاعتماد على قطاع النفط والغاز، مما يسهم في بناء اقتصاد متنوع ومستدام يضمن الاستقرار والازدهار في المستقبل. وتمثل السياسات المتعلقة بالتنويع الاقتصادي مجموعة من التوجهات الوطنية التي تحدد مسارات وطنية شاملة، حيث تتطلب هذه السياسات عددًا من الأدوات والوسائل والإجراءات لتحقيق أهداف اقتصادية محددة. تهدف هذه السياسات إلى تعزيز النمو الاقتصادي، وإيجاد فرص عمل جديدة، وتقليل الاعتماد على القطاعات الاقتصادية الحساسة للتقلبات العالمية.
اعتمد برنامج "تنويع" جملة من السياسات التي تسعى إلى تعظيم القيمة الاقتصادية للمعادن في الشق السفلي، حيث سيتم العمل على تعزيز القيمة المضافة لبعض المعادن الخام بنسب محددة وفق خطة زمنية واضحة. وزيادة القيمة المضافة للأنشطة الاقتصادية، وتعظيم العائد الاقتصادي من الصادرات السمكية، بالإضافة إلى اعتماد توجيه الأولوية لتوفير الغاز الطبيعي والهيدروجين الأخضر لمشاريع الصناعات المحلية وفرض حصص تصدير نسبية على الغاز موائمة لمتطلبات الصناعات المحلية مع إمكانية استيراد الغاز من الأسواق الدولية.
ومن المتوقع أن تؤدي هذه السياسات إلى تعزيز الناتج المحلي الإجمالي وزيادة المحتوى المحلي، مما يسهم في خلق فرص عمل جديدة وتعزيز تنافسية الاقتصاد العماني. كما ستساعد على جذب الاستثمارات وتعزيز الابتكار، مما يعزز من قدرة السلطنة على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية.
وتهدف سلطنة عمان من خلال المبادرات المتعلقة بالتنويع الاقتصادي إلى تحسين أدائها الاقتصادي. تشمل هذه المبادرات مختلف القطاعات، وتعد من العوامل الرئيسية في تطوير الاقتصاد المحلي وتحسين مستوى الحياة. وتهدف هذه المبادرات إلى تحفيز النمو الاقتصادي وإيجاد فرص عمل جديدة، مع توفير الدعم اللازم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتحفيز الاستثمار في القطاعات الجديدة والمتنوعة.
واعتمد برنامج "تنويع" عددا من السياسات في هذا الصدد منها تنظيم بيع وشراء المعادن، حيث يهدف البرنامج إلى تسويق المعادن في السوق الدولي بشكل مباشر. هذا التوجه يسعى إلى زيادة القدرة التفاوضية على أسعار المعادن وبالتالي زيادة مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي. ومن المتوقع أن يسهم هذا التنظيم في بناء شراكات اقتصادية تعزز من مكانة سلطنة عمان كمركز عالمي لتجارة المعادن في المستقبل.
وتعمل المبادرة الثانية على تعزيز التكامل بين الموانئ البرية والبحرية والجوية تحت مظلة واحدة. ويهدف هذا التوجه إلى استدامة الأعمال ورفع كفاءة القطاع، مما يعزز من تنافسية الموانئ العمانية. بالإضافة إلى ذلك، سيتم تطوير تشريعات ولوائح منظمة تضمن استدامة تكاملية للموانئ، مما يسهل حركة التجارة ويعزز من موقع عمان كمركز لوجستي إقليمي.
وتسعى سلطنة عمان أيضًا إلى تنويع مصادر استيراد السلع الغذائية الأساسية من خلال وضع إستراتيجية إمداد تحسبًا لأي أزمة طارئة قد تؤثر على استيراد هذه السلع. ويهدف ذلك إلى ضمان الحصول على السلع بأسعار تنافسية، مما يساعد على الحد من مخاطر عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي الناجم عن الاعتماد على مصادر محدودة للاستيراد.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی الناتج المحلی الإجمالی التنویع الاقتصادی خلال الربع الثانی النمو الاقتصادی البرنامج الوطنی فرص عمل جدیدة هذه السیاسات الاعتماد على ملیار ریال ع غیر النفطیة بناء اقتصاد سلطنة عمان السیاسات ا على تعزیز لسلطنة ع من خلال یسهم فی
إقرأ أيضاً:
إطلاق أول وثيقة تأمين مخصصة للرياضات الجوية
احتفلت اللجنة العُمانية للرياضات الجوية بإطلاق أول وثيقة تأمين مخصصة للرياضات الجوية، في خطوة تُعدّ الأولى من نوعها على مستوى سلطنة عمان، وذلك برعاية صاحب السمو السيد الدكتور أدهم بن تركي آل سعيد في فندق إنتر ستي بالخوير. وتأتي هذه المبادرة بالتعاون مع الهيئة العامة لسوق المال والشركة العمانية لإعادة التأمين، بهدف تعزيز الأمان وتطوير قطاع الرياضات الجوية.
وتُمثّل هذه الوثيقة نقلة نوعية في دعم رياضات المغامرة، لا سيما الطيران الشراعي، الذي يُعدّ من أكثر الرياضات أمانا وانتشارا عالميا بين الشباب والكبار، كما يُسهم هذا التطور في تمكين ممارسي الرياضات الجوية من الانخراط في سوق سياحة المغامرات.
وشهد الحفل حضورا واسعا من ممثلي الجهات الرسمية، قادة الفرق الرياضية، والشركات المتخصصة. بدأت الفعالية بكلمة الدكتور عبدالمنعم بن محمد السعيدي، عضو اللجنة العمانية للرياضات الجوية، الذي أشاد بالتكامل بين مختلف الجهات لإصدار الوثيقة. وأوضح السعيدي أن سلطنة عمان تمتلك 14 فريقا رياضيا معتمدا في هذا المجال، و400 طيار ممارس من الجنسين، بالإضافة إلى 8 مدربين عمانيين معتمدين و9 مساعدين، كما أشار إلى انضمام سلطنة عمان إلى الاتحاد الدولي للرياضات الجوية، وقدم الدكتور عبدالمنعم الشكر لراعي الحفل والجهات الداعمة، وأشاد بالدور الريادي لشركة ظفار للتأمين التي كانت أول من أصدر وثيقة تأمين للطيران الشراعي بالتعاون مع الشركة العُمانية لإعادة التأمين.
وفي كلمة ألقتها حوراء المانعية، ممثلة شركة ظفار للتأمين، أكدت أن الوثيقة تُبرز التزام الشركة بتعزيز الأمان لممارسي الرياضات الجوية، مشيرة إلى سعي الشركة لتقديم حلول تأمينية مبتكرة تلبّي احتياجات الطيارين والممارسين، بما يعزز تجربة طيران آمنة وممتعة.
بينما أشار رئيس اللجنة العمانية للرياضات الجوية، أحمد بن زاهر العلوي، إلى النمو السريع في شعبية الرياضات الجوية في سلطنة عمان، وأوضح أن المقومات الطبيعية في سلطنة عمان، من أجواء معتدلة وتضاريس مثالية، تجعلها وجهة مميزة لممارسة هذه الرياضة طوال العام، كما أكد العلوي أن وجود مدربين محليين مؤهلين يُسهم في دعم الممارسين، وأن الرياضات الجوية تمتلك إمكانات كبيرة لتكون عامل جذب سياحي يعزز من نمو القطاع السياحي في سلطنة عمان.