المرأة كساردة للقصص الشعبية والتاريخية
تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT
* تعريف الطفل بالشخصيات التاريخية العُمانية يساعده على معرفة الأحداث المهمة
* ممارسة الكتابة ما هو إلا تدوينٌ لحاضرٍ سيكون ملكًا للأجيال القادمة
* على الكتّاب شحذ أقلامهم لإعادة كتابة التاريخ بطريقة تسهل على الأجيال فهمه
*****************************************************************************
كانت المرأة وما زالت حارسة للتراث والثقافة.
أكملت الكاتبة الدكتورة وفاء الشامسية الجزء الثاني من كتاب "شخصيات تاريخية" -والذي أعدته دائرة المواطنة- بعد أن أنهت الكاتبة أزهار أحمد الجزء الأول منه، في صحفات حكت عن النوخذة ماجد المشهور وثريا البوسعيدية، وقصص حكت عن سيرة طبيب وحنان ومارد المصباح، والبيت الأثري، وعامر في مرباط.
وفي حوار مع الشامسية بمناسبة يوم المرأة العمانية سألناها فيه عن كيف يمكن للمرأة العمانية أن تحرس التراث الثقافي من خلال الكتابة، وعن التحديات التي تواجهها في كتابة التراث وحفظ الهوية الثقافية.
********************************************
*ما هو التحدي الأكبر الذي واجهك خلال البحث والكتابة عن هذه الشخصيات؟
دائما الكتابة عن الشخصيات التاريخية وعن التاريخ بشكل عام يعتبر عملا شاقًا ومجهدا، لأن الكاتب لا يكتفي بالبحث عن المعلومات الصحيحة والدقيقة، وإنما يُعنى عناية خاصة بالمعالجة الدرامية التي يصنع من خلالها الأحداث ليعيد إحياء ذلك التاريخ، واستحضار الشخصية التاريخية في قالب أدبي مقبول بعيدا عن المبالغة أو التزييف.
وعندما يتعلق الأمر بتقديم القصة أو الشخصية التاريخية للطفل، فالجهد هنا يصبح مضاعفًا؛ إذ يتطلب إصدار العمل الأدبي عناية خاصة وقدرا كبيرة من التبسيط والتسهيل غير المخل للمحتوى، مع مراعاة توافقه مع معطيات الطفل المخاطَب وقدراته، أهمية تقديم المعلومات في قالب جميل وطريف بعيدا عن المباشرة والأساليب التقليدية.
وإضافة إلى ما أشرتُ له فإن هناك صعوبة أخرى تمثّلت في قلة المعلومات الواردة عن الشخصيات النسائية في التاريخ العُماني، إذ لا يمكننا تجاهل أن المرأة في التاريخ كان يُشار لها على أنها ابنة أو زوجة أو أم لإحدى الشخصيات التاريخية العمانية، وبالتالي لا نجد معلومات حصرًا عنها، ويبقى ما يرد من قصص على لسان المؤرخين والمدوّنين لتلك الحقبة قليلا جدًا بالكاد يكفي للاشتغال عليه في كتابة قصّة ذات عمق وبُعدٍ تربوي ومعرفيّ يشبع فضول الطفل القارئ.
*كيف يمكن أن تساهم هذه الشخصيات في ترسيخ الهوية العمانية وأن تكون هذه القصص أداة قوية لنقل القيم والتقاليد اليوم؟
إن تعريف الطفل بتاريخه جزء من تأصيل هويته العُمانية، وحمايته من أي أفكار هدّامة أو هشّة مستقبلا. وتقدّم الشخصيات التاريخية نماذج يُحتذى بها كونها تعكس كثيرا من القيم التي قامت عليها الحضارة العمانية، نحو الشجاعة والعدالة والتضحية والفكر السليم والحكمة، وهذه القيم تساعد الطفل القارئ لأن يفهم ما يعنيه أن يكون جزءًا من هذا المجتمع. وتعريف الطفل بالشخصيات التاريخية العُمانية يساعده على معرفة الأحداث المهمة، وبالتالي تطوّر معه هذه المعرفة مفهوم البطولة متجاوزا بفضل ذلك مّا يراه أو يشاهده من بطولات مزيفة تُقدّم له عبر شاشات التلفاز أو اليوتيوب أو غيرها من برامج الأطفال.
والكاتب حينما يقدّم الشخصية فإنه سيقدمها في قالب قصصي يقوم على الأحداث التي تشوبها الصراعات، وتستند إلى الأفكار والمشاعر وبالتالي تظهر في سلوكيات الشخصيات الواردة في القصص، ومعالجة هذه الأحداث يتطلّب إظهار ما تفكر فيه الشخصية، وما تشعر به، وبالتالي بيان ردة الفعل مع إظهار المبررات والأسباب وربطها بالنتائج، وهذه العملية برمّتها تضع الطفل القارئ أمام نماذج قيميّة تسهم في تعزيز منظومته الأخلاقية والفكرية والمعرفية.
* كيف يمكن للمرأة العمانية أن تكون حارسة للتراث الثقافي من خلال دورها في الكتابة؟
جميل هذه المصطلح، حارسة للتراث الثقافي، وهذا يجعلني أستحضر ما قام به الكتّاب والأدباء والفنانون على مر التاريخ، فلولاهم لضاعت حكايات وقصص وتاريخ ممتد في القدم. ومن وجهة نظري الشخصية أعتقد أن المرأة عندما تمارس الكتابة فهي تؤدي طقسًا من التفرّد الذي يستكتب روحها الحاضرة في تلك اللحظة، ملتقطة بذلك مشهدًا مليئا بالحركة والمشاعر والأفكار، لتجعله شاهدا في زمن قادمٍ على أنها كانت هناك.
هذا الدور الذي نمارسه بحبٍّ ما هو إلا تدوينٌ لحاضرٍ سيكون ملكًا للأجيال القادمة، وكما يُشار دائما بأن الكلمة إذا خرجت من الكاتب للجمهور أصبحت ملكهم؛ فإنّ الكاتبة العمانية تعي جيدا هذا الأمر، لذلك أصبحت لا تكتب لمجرد ترف الكتابة، وإنما تكتب لترصد هذا التراث المادي بكل تداعياته الاجتماعية والنفسية والأدبية، إنها قلم قوي حاضر بكل تجلياته في مختلف الميادين، وقد تجاوزت دائرة الذاتية لتؤكد تعاطيها العميق مع جميع القضايا والأفكار من حولها.
* ماهي التحديات التي تواجه المرأة العمانية في كتابة التراث وحفظ الهوية الثقافية برأيك؟
لم تعد هناك تحديات حقيقية تواجه المرأة بعدما كفلت لها السلطنة حقوقا لا حصر لها، وجعلتها النهضة الحديثة جنبا إلى جنب مع شقيقها الرجل، وبعد أن خُصّص لها يوم 17 من أكتوبر شاهدا على تميزها وتفوقها واستحقاقها للتكريم.
لكن يمكنني القول بأن المرأة قد تفرض على نفسها قيودا اجتماعية أو فكرية تمنعها من إبداء رأيها من ذلك، خصوصا مع محدودية الموارد والدعم المؤسسي، ومع القيود التي تُفرض على توجّهات النشر، إضافة إلى التغيرات الثقافية السريعة في المجتمع والتي تؤدي بدورها إلى فقدان بعض جوانب الهوية الثقافية نتيجة هذا التسارع والتواتر الذي نحاول أن نلحق بركابه.
* هل تؤمنين بوجود فجوة بين الجيل الجديد والقديم فيما يتعلق بالتراث والتاريخ؟ وكيف نجعل الكتابة سدا للفجوة؟
الفجوات موجودة حتى بين أبناء الجيل الواحد، فنحن نتعامل مع بشر، ولكل إنسان خصائصه وطبائعه التي قد تلتقي وتختلف مع الآخر، وبما أن النفس البشرية لا يمكننا تأطيرها بإطار معين أو تسييرها وفق منهج علمي مقنن؛ فإن الاختلافات تحدث، والفجوات تتسرّب بين الأجيال.
نحن نقف ناظرين للماضي، بينما يقف الجيل الحالي متطلعا للمستقبل، وما بين الماضي والمستقبل هناك حاضر لا بد أن نصنعه معًا، وهذا الأمر يحتّم علينا استنزاف كل ما لدينا من طاقات ومن بينها طاقة الكتابة كي يتحقق التمازج وتتقرّب وجهات النظر. والإنسان بطبعه يميل للحجة والبرهان والدليل، كذلك يميل إلى القصص والحكايات المليئة بالمشاعر والأحاسيس، لذلك أصبحت الكتابة جسرًا يستلُّ من الماضي ليؤثر على الحاضر، ويسمح باتخاذ قرارات تسهم في بناء المستقبل. وفي ظل التسارع التكنولوجي الذي صرنا نعيشه أصبح لزاما على الكتّاب شحذ أقلامهم لإعادة كتابة التاريخ بطريقة تسهل على الأجيال فهمه، والإعادة هنا لا تحتمل التزوير بطبيعة الحال، بل التفسير والتحليل والمعالجة باللغة التي تضمن سدّ الفجوات الناتجة عن عدم الفهم أو القدرة على التخيل واستيعاب الدروس والعبر.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الشخصیات التاریخیة الهویة الثقافیة من خلال
إقرأ أيضاً:
دينا أبو حلوة: الكتابة الأدبية كالروح بالجسد وطه حسين مثلي الأعلي
تصدرت سيدات مصر، الفوز بجوائز القصة القصيرة، التي أطلقتها مؤسسة روزاليوسف الصحفية علي مستوي الوطن العربي، شارك فيها العديد من المتسابقين بالوطن العربي.
من جانبها أكدت الكاتبة الشابة دينا صبحي أبو حلوة، إحدي الفائزات المصريات، إنها تشعر بكل الفخر بالمشاركة الفعلية بتلك المسابقة والتي ضمت العديد من شباب الكتاب بالوطن العربي مما كان له عظيم الاثر بنقل التجارب و الخبرات بين المشاركين، مشيرة إلي أن مصر تذخر بالعديد والعديد من الكوادر الشابة التي اثبتت قدرتها علي المنافسة في مجال الادب و الشعر ليس علي مستوي الوطن العربي فقط بل علي المستوي العالمي.
وأكدت أن مصر كانت وستظل منارة الشعر والأدب في العالم أجمع وعلم من أبرز أعلام الأدب في العصر الحديث أبرزهم الدكتور طه حسين الذي تتخذه قدوة وحافز لها للوصول الي جوائز عالمية منها جايزة نوبل للأدب، مما جعلها تشارك منذ نعومة أظفارها في العديد من المسابقات وكذلك بمؤلفات عديدة بمعرض الكتاب والذي يعد نافذة حقيقية لشباب مصر وشباتها للانطلاقة الصحيحة نحو تحقيق الوصول إلي العالمية.
وأوصت الكاتبة بتخصيص مكتبة صغيرة في كل بيت مصري يضم مؤلفات أدبية بسيطة تصلح لجميع الأعمار وتعتبر عنصر جذب للأطفال والشباب لتوسيع الأفق والفكر وتكون بداية لخطوات الفكر السليم بعيدا عن أي تطرف أو استغلال للشباب فالقراءة والأدب تمثل الروح بالنسبة للجسد "فلا جسد بدون روح" – علي حد تعبيرها - وأنها علي أتم الاستعداد لتزويد تلك المكتبات الصغيرة بمؤلفاتها مجانا لتضمن وجود نشء قادر علي مواجهة التحديات بالعصر الحديث.