عربي21:
2025-02-21@13:03:52 GMT

مجافلة طوفان الأقصى ومفاجأتها

تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT

مجافلات طوفان الأقصى كثيرة.. منها أنّ رئيس وزراء إسرائيل غير اسم معركته من السيوف الحديدية إلى "حرب القيامة"، وكان أولها انجفال إسرائيل من طوفان الأقصى، ومن نفخة الغزيين في السور الواقي، وإن إسرائيل بقيت يومين مذهولة حائرة من قرى صغيرة محاصرة تغزوها بالدراجات والمشاة وبضعة طائرات شراعية، فهي جفلة القرن، إن لم تكن جفلة القرون الآخرة.



تقول تصريحات قادة حماس أنهم فوجئوا بنجاح الطوفان وصُعقوا بضعف إسرائيل التي أكلت دابَّةُ الْأَرْضِ مِنسَأَتَها، وإن لم تكن حماس فوجئت بالنجاح، فقد فوجئت بردّ إسرائيل المدمر والذي كان يزداد تدميرا يوما بعد يوم، غير عابئة بأسراها، وفيهم ضباط كبار، وكانت تظنُّ ونحن معها في الظنِّ أن إسرائيل ستحافظ على أسراها وتقايض بهم آلاف الأسرى الفلسطينيين. وكان الأسير "العملة" هو شاليط، شاليط واحد مقابل ألف ومائتي أسير فلسطيني، وقد شطح الخيال بمحللين أو حالمين أن حماس ستطالب بالإفراج حتى عن معتقليها في الدول العربية!

وفوجئ الناس في أدنى المعمورة وأقصاها بصمود أهل غزة وصبرهم، تحت النار والجوع والحرب والمرض، وفوجئوا بعجز المؤسسات الدولية، وصمت العالم "الحر"، وإن ظهرت أصوات أعلام وشخصيات ليس أولهم الأمين العام للأمم المتحدة الممنوع من زيارة إسرائيل، وكأنَّ رئيس وزراء إسرائيل أعلى رتبة من الأمين الأمم المتحدة، أو هو الأمين العام للأمة اليهودية القوية، وإن إسرائيل حولته إلى ناشط سياسي يقف على معبر رفح مستغيثا مستنجدا مثل الزعماء العرب!

فوجئ الناس في أدنى المعمورة وأقصاها بصمود أهل غزة وصبرهم، تحت النار والجوع والحرب والمرض، وفوجئوا بعجز المؤسسات الدولية، وصمت العالم "الحر"
وفوجئنا بأن الغرب ظاهرة صوتية فيما يخص أمر إسرائيل والعرب، وأنها صورية، وأن القوانين الدولية ليست سوى حبر على ورق.

كما فوجئ كثير من الخلق بردّ حزب الله، الذي يجد له محللون عذرا، وهو تحوله عن جبهة المشاركة في الأشهر الأولى للمعركة، إلى جبهة المشاغلة والمشاغبة والإسناد.

وفوجئوا بخطاب حسن نصر الله الصامت في فيديو "الإصبع" الشهير الذي خرج فيه مهددا في الشهر الثاني من الحرب، ووضع إصبعه على الخريطة، ثم غاب، ثم فوجئوا بتحوله إلى جبهة الإسناد بدلا من وحدة الساحات.

كما فوجئ جمهور حزب الله قبل خصومه بمعركة البيجر المرعبة والخبيثة، وفوجئوا أيضا بمقتل أمين عام الحزب و"إمامه"، ومقتل قادته من الصف الأول.

ثم ما لبثوا أن فوجئوا بغياب القائد الثاني، الذي لم "يهنأ" بالمنصب، صهر قاسم سليماني، وابن خالة الأمين العام الراحل، السيد صفي الدين هاشم، ولم يخطب بعد خطاب ولاية الحزب وأمانته العامة.

وفوجئنا بتحليلات أكثر محللي الحزب، الذين نراهم على الفضائيات، وقد أخبرونا بأن المسّ بسماحة السيد يعني أن مفاعل ديمونا سيكون هو ديّة الثأر، بل إن الأمين العالم المقتول بثمانين طنا من القنابل لم يحظ بجنازة تليق بتاريخه. ووصفه محلل من محللي الحزب على الجزيرة، بالشهيد الأقدس! وهذه صفة مبالغة لا تليق إلا بالأنبياء، وتفوق وصف الحسين نفسه! وفوجئنا بارتداد المحللين الذين باتوا يقبلون بوقف إطلاق النار، بل فوجئنا بإعلان نائب سابق من نواب الحزب في البرلمان اللبناني بقوله إنَّ الأولوية لوقف إطلاق النار في جنوب لبنان، دون ربطه بوقفه في غزة!

وفوجئنا بنزوح جموع من الشعب اللبناني، المجفول إلى سوريا، وكان قسم منهم يشمتون بالشعب السوري، ويظلمونه ويضربونه، بل ويقتلونه، ولم نعتد على العظة والاعتبار بهذه السرعة في تصاريف الأقدار!

وفوجئنا بنسيان أمر حسن نصر الله، أو أنَّ الرد على قتله لم يكن يليق بوزنه ومثابته لدى راعيته إيران، ولدى محبيه ومناصريه! وأن اسم الحزب يرد مرفوعا دائما في التحليلات السياسية، مبنيا غير معرب، فهو "حزبُ الله" بالنصب والجر، وجميع حالات الإعراب.

وإن تحليلات غير قليلة تقول إنّ الحزب قد أوهن، فقد قُتل معظم قادته. وقيل في التفسير والتحليل إن هذه نتيجة الصبر الاستراتيجي في عصر السرعة والخوارزميات والمفاجآت، فالعدو لا يبالي بقواعد الحرب، وإن سبب كسرة حزب الله هو أنه تمدد كثيرا، واحتل سوريا، وبات مكشوفا للعدو، وإن الحزب انشغل بالغنائم والحفاظ على تحالفاته وعلى أصدقائه في الداخل اللبناني.

فوجئنا بردّ حزب الله بالطائرات المسيّرة أمس على عكا وحيفا وهرتلسيا، والناس ينتظرون مفاجآت أخرى قادمة، مثل تحوّل المعركة إلى حرب عالمية كبرى، لأن طفلة مثل غزة قالت للملك: الملك عريان
وفوجئنا بردود إيران، فهو يهدد على لسان قادته ساعة، ويهادن ساعة! وفوجئنا بإفلاس الغرب أخلاقيا، فليس هناك سوى أصوات ضائعة، وبقلق قادة المجتمع الدولي، وأقوال زعمائه: حان الوقت لوقف إطلاق النار، إن يقولون إلا كذبا!

الأمر الوحيد الذي لم نفاجأ به، هو صمت الحملان العربي، وما لا يغفل عنه هو تمدد الحرب، فإسرائيل غاضبة، جريحة وتريد الثأر لكبريائها الجريح، في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.

وفوجئنا بحرمان رئيس وزراء إسرائيل الأمينَ العام للأم المتحدة من زيارة إسرائيل، وليس بطرد إسرائيل من الأمم المتحدة، وفوجئنا بتحول الغرب في الشأن الفلسطيني إلى ظاهرة صوتية، وإن زعماء الدول اللاتينية والغربية مثل جنوب أفريقيا وأيرلندا وإسبانيا وفنزويلا ونيكاراغوا؛ أظهروا شجاعة أكثر من أشجع زعماء الدول العربية الصامتة الصامدة وجبنها الاستراتيجي. وفوجئنا بصمت الرئيس السوري "الاستراتيجي"، أحد أبطال محور المقاومة!

وفوجئنا بمظاهرات طلاب الجامعات في أمريكا وبسالتهم، وإجبارهم جامعاتهم على قطع العلاقات البحثية والأكاديمية مع إسرائيل، وبحرق ثلاثة أمريكيين أنفسهم احتجاجا على مشاركة حكومة دولتهم في الحرب على شعب بريء أعزل.

وفوجئنا بردود المجتمع الدولي على قصف إسرائيل لقوات اليونيفل، وبأثر قرارات محكمة العدل الدولية، التي كانت خبرا في الشهر الأول، وقد نُسيت، فليس قضاتها أكثر من عباءات سوداء وقلنسوات، وإن محكمتهم ليست سوى عرض مسرحي..

وفوجئنا بردّ حزب الله بالطائرات المسيّرة أمس على عكا وحيفا وهرتلسيا، والناس ينتظرون مفاجآت أخرى قادمة، مثل تحوّل المعركة إلى حرب عالمية كبرى، لأن طفلة مثل غزة قالت للملك: الملك عريان.

جفلنا والمجافلات تترى!

x.com/OmarImaromar

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إسرائيل حزب الله المقاومة إسرائيل نتنياهو حزب الله المقاومة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب الله

إقرأ أيضاً:

لماذا تصرّ الحكومات العربية على تضييع الفرصة منذ طوفان الأقصى؟!

آخر تعاطف عربيّ رسميّ واضح مع الفلسطينيين كان في بدايات انتفاضة الأقصى (أواخر العام 2000)، نقلت القنوات العربية الرسمية المشهد الحيّ لاستشهاد الطفل محمد الدرّة وهو في أحضان أبيه الذي يصرخ "مات الولد"، ورصاص الجنديّ الإسرائيلي يقصد قطعا قتل الولد! كان المشهد كاشفا للطبيعة الإسرائيلية؛ التي تنعكس في ملاحقة جنودها للفلسطينيين وكأنّهم طرائد صيد. لم تكن المقالات بعدُ تُدبّج في مديح الإسرائيليين وذمّ الفلسطينيين "المغامرين المضيّعين لفرص السلام مع حمامته الأليفة إسرائيل"، في هذه الأجواء اشتهرت الأغنية العربية الجماعية "الحلم العربي" التي أخذت تبثها القنوات العربية بكثافة بالرغم من إصدار الأغنية في وقت سابق، وذهبت بعض الحكومات العربية إلى ما هو أكثر من ذلك بجمع التبرعات للفلسطينيين في غمرة الحرب من على قنواتها التلفزيونية الرسمية.

لم تكن الحكومات العربية في وارد دعم الفلسطينيين حتى النهاية في مقاومتهم لتحقيق إنجاز سياسيّ يستثمر في الانكشاف الإسرائيلي الإجرامي في مطالع انتفاضة الأقصى، بعدما أخذت "إسرائيل" تحصد المتظاهرين الفلسطينيين العزل على حواجزها التي تُقطّع بها جغرافيا الضفة الغربية، ولا في الملحمية الفدائية الفلسطينية التي تكثفت في تلك الانتفاضة. مياه كثيرة جرت أسفل الجسر العربي منذ غزو صدام حسين للكويت (1990/ 1991)، والاندفاعة العربية الجارفة للتصالح مع "إسرائيل" من بعد مؤتمر مدريد (1991) وتوقيع اتفاقية أوسلو (1993)، ثمّ ما تلا من زحف تطبيعي مثير أخذ أشكالا متعددة بين معاهدات السلام إلى المكاتب التمثيلية والتجارية إلى فتح المجال للقاءات الرسمية أو السياحة المقننة طوال عقد التسعينيات.

لكن على أيّة حال بقي قدر ما من التعاطف الظاهر، يمليه الموقع العميق للقضية الفلسطينية في الضمير العربي، والذي ولا بدّ وأن تعبّر عن الحكومات العربية بشيء من البلاغة الشكلية. إلا أنّ هذا الجانب التعاطفي في أبعاده الإنسانية والعروبية والدينية، بدأ بالسقوط، مع عمليات 11 أيلول/ سبتمبر 2001؛ بعدما تبيّن أنّ منفذيها الـ19 ينحدرون من البلاد العربية (15 من السعودية، واثنان من الإمارات، وواحد من مصر، وآخر من لبنان)، وهكذا كان لا بدّ للحكومات العربية أن تنحني للعاصفة الأمريكية التي أعلنت عزمها تغيير الشرق الأوسط، وتحوّلت هذه الانحناءة إلى عقيدة ثابتة، والثمن المدفوع، كما العادة، لكسب ودّ واشنطن، هو من القضية الفلسطينية.

حالة المقاطعة العربية لـ"إسرائيل" انتهت، وبعض الصور للانتقال عنها، كانت في الاتفاقيات الإبراهيمية، المبرمة في ولايتي ترامب ونتنياهو السابقتين والمتزامنتين. وإذا كانت هذه الاتفاقيات قد أظهرت موقفا تحالفيّا بين حكومات عربية و"إسرائيل" تتخلّص به تلك الحكومات نهائيّا من أيّ التزام، ولو في الحدود الخطابية، تجاه القضية الفلسطينية، فقد صار لكلّ حكومة ممّا تبقى من الحكومات العربية تواصلها الخاص بـ"إسرائيل"، وبعبارة أخرى: صار التواصل مع "إسرائيل" الأمر العاديّ الطبيعي، ودعم الفلسطينيين الأمر الاستثنائي الغريب.

"طوفان الأقصى" كما هو الحال مع أيّ حالة نضالية وكفاحية للفلسطينيين، كان على الضدّ من ذلك تماما، ربما حتّى الوجود الفلسطيني في ذاته محلّ تضادّ مع هذا المسار العربي العميق في التخلّص من فلسطين وأهلها، ومن ثمّ، وفي حين أنّ "طوفان الأقصى" وفّر فرصة جادّة لموقف عربي أفضل إقليميّا ودوليّا، فإنّه من غير المتوقع أن تُرحبّ الحكومات العربية بفرصة لمسار غير مألوف لها نفسيّا وعقليّا.

مسار فيه لغة جديدة، غير تلك اللغة التي ظلت الحكومات العربية تحترفها منذ مطالع التسعينيات، حتى اتحدت بها تماما، ولم تعد قادرة على رؤية العالم إلا من خلالها، لغة ليس فيها أيّ مفردة للمواجهة والصمود، ولو في مستويات التحدّي السياسي والدبلوماسي لا غير، ولو بالثبات خلف المبادرة العربية للسلام، المجحفة لا شكّ بالفلسطينيين. حتى هذه المبادرة لم تعد حاضرة في التداول السياسي العربي.

من هذا المسؤول العربي الذي يرغب في أن يصدق أنّ "إسرائيل" يمكن هزيمتها؟! ومن هذا المسؤول العربي، على الأقل في النخبة العليا في الحكومات وصناع القرار الأساسيين فيها، الذي يرغب في أن تعود الدول العربية إلى الالتزام بالقضية الفلسطينية ولو حتى التزاما خطابيّا من شأنه أن يعبئ مجتمعاتها من جديد بتبنيها، بعدما أنفقت بعض هذه الحكومات الكثير في تمويل الدعايات المشيطنة للشعب الفلسطيني كلّه، كما ظهر في الحملات الإلكترونية والصحفية منذ العام 2017؟!

هذه الحملات اضطرت أخيرا لأن تُراعي لحظة الإبادة، فتحصر هجومها على الفلسطينيين في حماس والمقاومة الفلسطينية، في تباك كاذب على الشعب الفلسطيني، فمن اتهم الفلسطينيين من قبل بلا استثناء "ببيع أرضهم لليهود" و"نكران الجميل" و"تخريب البلاد العربية"، ومن زاد على ذلك بتبني السردية الصهيونية للصراع، أو الحطّ من المكانة الدينية للمسجد الأقصى، هل هو متعاطف بالفعل مع الشعب الفلسطيني غير أنّ مشكلته فقط مع حماس "التي جلبت الإبادة لشعبها بمغامرتها غير المحسوبة"؟! وإن كان هذا هو الموقف الحقيقي لهذه الحكومات لماذا لم تفعل أيّ شيء جادّ لوقف الإبادة؟! أم أنّ ما كشفه بوب ودورد في كتابه "الحرب" صحيح، من حيث إنّ عددا من الحكومات العربية دعمت القضاء على حماس؟! وقد تبين أن طريق القضاء عليها هو إبادة شعبها.

لكن ما الفرصة التي أتاحتها السابع من أكتوبر؟!

ما كشفته عملية حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، عن محدودية القوّة الإسرائيلية، كان من شأنه أن يقوّي موقف الدول العربية حتى في علاقتها بـ"إسرائيل" علاوة على موقعها (أي الدول العربية) في السياسات الأمريكية الإقليمية والدولية، بحيث يكون لهذه الدول شرطها وكلمتها، وبما يوفّر لها مساحة للاستفادة من القضية الفلسطينية، من خلال مستويات من الدعم تحيي القضية الفلسطينية، وتعيد العرب للحديث باسمها، مما يسمح بأن يكون هذا الموقف المستأنف أداة ضغط وتحسين للشروط والمواقع في العلاقات الدولية والإقليمية.

وإذا كانت دعاية الحكومات العربية خلال العقدين الأخيرين، تُقدم فلسطين بوصفها موضوعا للاستثمار الإيراني، فقد كان يمكن لهذه الحكومات قطع الطريق على إيران، بالتقدم لمزاحمتها في العودة لتبني القضية الفلسطينية، وإذا لم يكن ذلك بغرض مبدئيّ، فليكن بغرض مصلحي متبادل بين الفلسطينيين والحكومات العربية!

أخيرا، وبعدما تأكّدت صحة الرؤية التي ترى في "إسرائيل" الخطر الحقيقي المركزي القابع في قلب المنطقة العربية، وأن الغفلة عنه والتحالف معه، حوّله إلى وحش متعاظم، لا يُفكّر إلا بمنطق الهيمنة، والتي تأخذ في بعض صورها شكل الاحتلال المباشر، ولا تخفي أطماعها في الأراضي العربية القريبة منها، فقد تأكد في نتيجة لذلك، أنّ مقاومة الفلسطينيين وحدها المتراس الأوّلي لصدّ الخطر الإسرائيلي، ومن ثمّ تصبح هذه المقاومة جزءا من خطة الأمن القومي العربي، وفي الوقت نفسه موضوعا لتحسين المواقع والشروط السياسية العربية.

الذي يحصل الآن غير ذلك تماما، فمن جهة، وبعد الهجوم الدعائي لعدد من الحكومات العربية على بنيامين نتنياهو، الذي دعا ساخرا لإقامة دولة للفلسطينيين في المملكة العربية السعودية، والرفض الظاهر لخطة ترامب لتهجير سكان قطاع غزّة، تعود الحكومات العربية للهجوم على حركة حماس، والتخطيط لإقصائها عن المشهد الفلسطيني، وهذا راجع لسببين اثنين:

السبب الأوّل استنتاجها الخاطئ، على الأقل بعضها ولا سيما في الخليج، من التحوّلات الإقليمية، باعتقادها أنّ إيران الخاسر الوحيد من هذه التحولات بعد الحرب في لبنان وسقوط نظام الأسد في سوريا، وهو ما يكشف عن فهم مشوّه لديها عن القضية الفلسطينية، التي هي موجودة بشعبها ومقاوماتها المتصلة والعابرة للزمان والتوازنات الإقليمية وحتى للتيارات السياسية والأيديولوجية الفلسطينية، وهذا يعني أنّ هذه الحكومات لا تنظر للقضية الفلسطينية قضية قائمة بنفسها معبّرة عن مظلومية شعبها، وإنما تنظر إليها بوصفها مادة للاستثمار الإيراني لا غير، وفي حين أنّ ضمور النفوذ الإيراني ينبغي أن يُخلّص هذه الحكومات من وهم إمكان التحالف مع "إسرائيل" لمواجهة إيران، فإن استنتاجها معاكس تماما.

السبب الثاني؛ هو ما سبق ذكره، فهذه الحكومات بنخبها العليا نشأت خلال الثلاثين سنة الأخيرة، على التطبع الكامل مع الوجود "الإسرائيلي" والسعي الحثيث للتخلص من القضية الفلسطينية، وقد ترسخت على أساس ذلك سياسات وعلاقات وتحالفات ومصالح سرّية وعلنية. والمؤكد أن طول أمد هذا المسار، يحوّل السياسة إلى ما يشبه العقيدة، بحيث يصعب التخلص من حضورها العميق المهمين على العقل والقلب، وبما يجعل التحوّل نحو مواجهة "إسرائيل" مسألة تحتاج فائض عقل وشجاعة وأخلاق ورؤية طموحة، وذلك كلّه ذوّبته العقود الثلاثة الأخيرة حتى لا يكاد يُرى منه شيء.

x.com/sariorabi

مقالات مشابهة

  • صحفي إسرائيلي: الضيف صاحب قرار عملية طوفان الأقصى
  • بالأسماء.. القسام تفرج عن 6 أسرى إسرائيليين ضمن الدفعة السابعة
  • حجة.. مسير للدفعة الثالثة من خريجي طوفان الأقصى
  • «أبو عبيدة» يعلن تسليم جثامين أسرى «إسرائيليين» غدا الخميس
  • صنعاء.. مناورة لخريجي دورات طوفان الأقصى بمديرية بني مطر
  • إسرائيل بَقِيَت في 5 نقاط.. كيف سيكون ردّ حزب الله؟
  • مطار بيروت يُغلق أبوابه في أثناء تشييع الأمين العام السابق لحزب الله
  • مطار بيروت يُغلق أبوابه أثناء تشييع الأمين العام السابق لحزب الله
  • صنعاء تحتضن المؤتمر العلمي الأول للجامعات اليمنية حول معركة “طوفان الأقصى”
  • لماذا تصرّ الحكومات العربية على تضييع الفرصة منذ طوفان الأقصى؟!