بالصور والفيديو.. شاهد مغامرة الصعود 1100 متر لمعبد الإله حتحور بجبل سرابيط الخادم
تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT
يمارس السياح وعشاق السفاري رحلة ممتعة قبل شروق الشمس للصعود أعلى جبل سرابيط الخادم لمشاهد معبد الإله حتحور "سيدة الفيروز" بداية من المبيت في المخيم "كامب بركات" والاستيقاظ قبل شروق الشمس لرحلة شاقة ولكن ممتعة رحلة الصعود لجبل الفيروز .
وقد رصدت كاميرا موقع "صدي البلد" الإخباري رحلة الصعود لقمة جبل سرابيط الخادم ومعبد حتحور.
الرحلة تبدأ من السادسة صباحا بمرافقة الأدلة البدوية الذين يرافقون الرحلة باهتمام وحرص شديد لوجود منحنيات خطرة وارتفاع صخرية كبيرة .
يتسلق عشاق الهاكينج الجبال لمشاهدة كهوف ومغارات الفيروز والاستمتاع بالطبيعة الخلابة بالسير في الدروب و المدقات الجبليه .
يقول يوسف بركات أحد منظم رحلات سرابيط الخادم أن رحلة الصعود لقمة جبل سرابيط الخادم رحلة ممتعة تشمل الطبيعة الخلابة والآثار الفرعونية الذي تركها الأجداد المصريين في قمم الجبال مشيرا إلي أن بدو سرابيط الخادم هم حراس الطبيعية يحافظون عليها مثل بيوتهم فتجد المدقات ممهدة دائما والآثار يحافظون عليها مشيرا إلي أنه يتمني ان يزور كل المصريين سرابيط الخادم و يشاهدون ابداع الفراعنة في النقش علي الصخور والحجارة.
وأضاف سيد بركات دليل بدوي أنه بدو سرابيط يعملون علي الترويج لجبل سرابيط الخادم ببرامج سياحية لوادي المغارة ووادي المكتب.
وقال الدكتور طارق عنان بجامعة المنصورة أن جبل سرابيط الخادم به تكوينات جيولوجية رائعة ومتنوعة مشيرا إلي أن معبد حتحور يحتاج ترميم ليكون افضل من ذلك مشيرا إلي أن المنطقة بكر ويحتاج الترويج له وأشار عنان لابد تشجيع الشباب لزيارة هذا المكان ضمن مبادرة اعرف بلدك .
وأضافت الدكتورة رباب عبد الحكيم مدرس مساعد بكلية الآداب جامعة المنصورة أن المعبد موجود في مكان فريد ويدل أن المصري القديم أثبت وجوده قديما مشيرا إلى أن المعبد محتاج ترميم وترويج .
من جانبه أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة أن معبد سرابيط الخادم هو المعبد المصرى القديم الوحيد فى سيناء ورغم ذلك فهو غير مفتوح للزيارة رغم أهميته التاريخية والأثرية بل أن سيناء كلها أخذت اسم أرض الفيروز من أعمال استخراج الفيروز من سرابيط الخادم ووادى المغارة
وعن تاريخ أعمال التنقيب فى المعبد يشير الدكتور ريحان إلى أن أعمال البعثات الأجنبية بالمعبد بدأت بعملية مسح وتصوير للمنطقة عام ١٨٦٨ بواسطة بعثة إنجليزية، وفي عام ١٩٠٤ نشر عالم المصريات الفرنسي "ريموند وايل" العديد من لوحات المعبد، وفي نفس العام أرسل "صندوق استكشاف مصر" بعثة بإشراف العالم البريطانى "فلندرز بيتري"
وفي عام ١٩٢٨ أرسلت جامعة هارفارد بعثة أخري لدراسة الموقع وخلال الفترة بين عامي ١٩٤٧ و1948 قام عالم الأثار الأمريكي "وليام فوكسويل أولبرايت" بحفر خمسة محاجر و منجم أثناء المسح الأثري لسيناء، وفي عام ١٩٥٢ قام كل من عالمي المصريات البريطانيين "سير ألان جاردنر"، و"توماس إريك بيت" بنشر النقوش الموجودة في منطقة سرابيط الخادم والمناجم المحيطة بها و إعطائها أرقام تسلسلية أصبحت منذ ذلك الوقت المرجع الأساسي للباحثين قبل أن يترجمها عالم المصريات التشيكوسلوفاكي "ياروسلاف تشرني" في عام 1955
وخلال سنوات الاحتلال الإسرائيلي لسيناء من ١٩٦٧ حتي ١٩٨٢ قاموا بعمل حفائر في منطقة سرابيط الخادم وحتي اليوم لم يتم نشر كل ما قاموا به من حفائر علاوة على نهبهم كل ما وصلت إليه أيديهم فى أعمال التنقيب، وبعد استعادة سيناء قام العالم المصري الدكتور "علاء شاهين" باعداد رسالة ماجستير تناول فيها جانب من تاريخ معبد سرابيط الخادم خلال الدولة الوسطي، وأخيرًا خلال عامي ١٩٩٢ و1993 قامت بعثة من جامعة ليل الفرنسية بعمل مسح للمنطقة وترميم بعض المواقع تحت اشراف عالمي المصريات الفرنسيين "دومينيك فالبيل" و"تشارلز بونيه" علاوة على أعمال ترميم
ولفت الدكتور ريحان إلى أهمية معبد سرابيط الخادم حيث أن اسم أرض الفيروز جاء من واقع أثرى جسّدته عمارة معبد سرابيط الخادم حيث سجلت أخبار حملات تعدين الفيروز على صخوره المنفصلة الذى يطلق عليها أهل سيناء سربوط، يبعد 268كم عن القاهرة وأن سبب التسمية بسرابيط الخادم هو أن السربوط مفرد سرابيط و تعنى عند أهل سيناء الصخرة الكبيرة القائمة بذاتها
وكانت كل حملة تتجه إلى سيناء لتعدين الفيروز منذ الأسرة الثالثة وحتى الأسرة العشرون تنقش أخبارها على هذه الصخرة الكبيرة القائمة بذاتها الموجودة بالمعبد أما كلمة الخادم فلأن هناك أعمدة بالمعبد تشبه الخدم السود البشرة.
وأوضح أن منطقة سرابيط الخادم لا تمثل منجم الفيروز لمصر القديمة فقط بل تضم أقدم كتابة فى العالم وهى ما يعرف بالأبجدية السينائية المبكرة Proto- Sinatic Alphabet الأبجدية الأم فى سيناء التى تعود لما بين القرنين 20- 18 قبل الميلاد ثم انتقلت إلى فلسطين فيما عرف بالأبجدية الكنعانية مابين القرنين 17 – 15 قبل الميلاد حتى انتقلت هذه الكتابة للأرض الفينيقية
وقد قام التيلفزيون الإنجليزى فى فبراير 2019 بتصوير فيلم بمعبد سرابيط الخادم بعنوان " بداية الكتابة" لمخرج إنجليزى عرض بالتيلفزيون الفرنسى والإنجليزى بمشاركة المؤرخ والآثارى الشهير بيير تاليه
ونوه الدكتور ريحان إلى الدور المصرى بعد استرداد المعبد من خلال دراسة علمية للدكتور محمد عبد المقصود الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار حيث قام مركز تسجيل الآثار بتوثيق وتصوير المعبد وتصوير جميع القطع وهناك نسخة منها بمركز تسجيل الآثار، كما تم توثيق المعبد وجميع القطع بالتعاون بين المجلس الأعلى للآثار ومركز توثيق التراث عن طريق لجنة برئاسة الدكتور محمد صالح وعدد من الآثاريين، وأن المعبد والمنطقة المحيطة به والتى تشمل مناجم الفيروز والنقوش سجلت منافع عامة بقرار رئيس مجلس الوزراء بمساحة أكثر من ألف فدان، والمعبد مسجل على القائمة المبدئية لليونسكو ويمكن إعداد ملف لترشيحه تراث عالمى استثنائى باليونسكو
ويطالب الدكتور عبد الرحيم ريحان بتجميع كل أعمال التوثيق والتصوير للمعبد منذ أيام جاردنر ووضع تصور من خلالها لخطة ترميم وإعادة اللوحات والقطع المتناثرة بالمعبد إلى أماكنها الحقيقية وتطوير المنطقة حول المعبد وتمهيد الطريق إليه وتأمينه وتزويده بالخدمات بالتعاون مع محافظة جنوب سيناء وإنشاء خدمات سياحية بالمنطقة تضم بوتيكات لبيع المنتجات السيناوية والتراثية المرتبطة بتاريخ المعبد ومطاعم وكافتيريات وعمل شبكة تلفريك تيسر الصعود للمعبد وكذلك مشروع للصوت والضوء باعتباره أقدم نموذج للمعابد المصرية المنحوتة جزئيًّا فى الصخر وإتاحة الفرصة للكتاب والصحفيين والإعلاميين لزيارة المعبد والترويج له وعمل خطة دعاية كبرى لأهمية المعبد وقيمته الأثرية وإعداد ملف لتسجيل المعبد تراث عالمى باليونسكو خاصة أنه موضوع على القائمة المؤقتة منذ عام 1994ووضع المعبد والمنطقة على خارطة السياحة المحلية والدولية.
وعن أم بجمة وأهميتها التاريخية والسياحية يشير الدكتور ريحان بأنها تضم بقايا منازل عمال تعدين المنجنيز أيام الاحتلال الإنجليزى لمصر ويستغل أهل المنطقة هذه المواقع حاليًا فى رحلات السفارى بالأودية بين سرابيط الخادم وسانت كاترين والتى تضعها الدولة فى الحسبان ضمن مشروع التجلى الأعظم المنتظر افتتاح المرحلة الأولى منه إبريل القادم ويتضمن حسن استثمار هذه الأودية وتنظيم الرحلات عبرها لتحقيق أكبر قدر من الاستفادة لأهالى المنطقة
وتابع الدكتور ريحان أن أهل سرابيط الخادم قادرون على تأمين الأفواج السياحية من مصريين وأجانب واستلامهم من منطقة أبو زنيمة للوصول بهم إلى المعبد وعودتهم آمنين إليها وتنظيم رحلات السفارى لهم بزيارة المعبد ومنه إلى دير سانت كاترين مرورًا بأودية بها كثبان رملية ناعمة ومناظر طبيعية ساحرة وتكوينات جيولوجية مميزة فى وادى خميلة ووادى برك وحجر أم لغاه حيث يسمع الإنسان صدى صوته ووادى سهب إلى الشيخ عواد ومنها إلى سانت كاترين لمدة 4 أيام.
وهناك برنامج آخر لمدة يومين يتضمن زيارة غابة الأعمدة وهى تكوينات من أحجار بركانية شرق منطقة سرابيط الخادم بجوار جبل حمير وبها أشجار متحجرة وبرنامج لزيارة كانيون يمثل منظر طبيعى من وادى ضيق جدًا بين جبلين طوله 15م فى وادى بعبع وكان ينقل عبر هذا الوادى من خلال واير حديد يشبه التلفريك المنجنيز والفيروز من مناطق التعدين إلى ميناء أبو زنيمة كما يشمل الكانيون عين طبيعية بمنطقة أبو صور بها نخيل بجوار مناجم الفيروز والمنجنيز.
كما يعرف أهل سرابيط أماكن الفيروز حاليًا ويحتاجون إلى صناعة قائمة على تعدين الفيروز بالمنطقة لخروجه بشكل أجمل لتوفير منتج راقى من الفيروز يصدر للخارج ويباع بالمنطقة.
واوضح الدكتور عبد الرحيم ريحان إنه مشروع ترميم بالمعبد بدأ عام ٢٠٠٥ بتكلفة وقتها حوالى ١١ مليون جنيه تحت إشراف الدكتور غريب سنبل رئيس الإدارة المركزية للصيانة والترميم الأسبق، وتم فيه تمهيد الطريق الموصل إلى المعبد بنحت أحجار جبل سرابيط الخادم بعمل سلالم واستراحات بطول الطريق الرئيسى المؤدى إلى المعبد ومغارات الفيروز وعمل استراحات بأماكن متفرقة كما تم رصف الطريق الوعر من قرية سرابيط الخادم وحتى الاستراحة التى تم بنائها من ميزانية المشروع
معبد حتحور في سرابيط الخادمالمصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: جنوب سيناء الصعود جبل سرابيط الخادم حتحور سرابیط الخادم الدکتور ریحان IMG ٢٠٢٤١٠٠٥ الفیروز من فی عام
إقرأ أيضاً:
لماذا يقتحم المتطرفون المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي؟
جاء موسم عيد الفِصح العبري هذا العام في ظلّ أحداث ملتهبة، وباقتحامات غير مسبوقة من حيث الكمّ والنوع. فمن حيث الكم، كانت أعداد المقتحمين المسجدَ الأقصى المبارك هذا العام في هذا الموسم أعلى منها في العام الماضي 2024 بنسبة تصل إلى حوالي 30٪ تقريبًا، وهذه نسبة مرتفعة جدًا في عام واحد، بل ووصلت نسبة الارتفاع عن العام الذي سبقه 2023 إلى أكثر من 90٪.
ولا غرابة في هذه التّصعيدات المحمومة، فالفِصح العبري يعتبر واحدًا من المحطات المركزية السنوية للاعتداء على المسجد الأقصى، وتغيير الوضع القائم فيه جذريًا.
في ساعة واحدة فقط خلال أيام هذا الاقتحام هذا العام، وتحديدًا في اليوم الثالث لهذا الموسم، وصل مجموع المستوطنين الموجودين داخل المسجد الأقصى في نفس اللحظة إلى أكثر من 600 مستوطن، وهذا عدد غير مسبوق فعليًا، وكان في تلك اللحظة يفوق مجموع أعداد المسلمين الموجودين داخل المسجد، خاصةً في ظل المنع المستمر لموظفي الأوقاف والحراس والمصلين المسلمين من دخول المسجد في أوقات دخول المستوطنين تطبيقًا لسياسة التقسيم الزماني.
أما من حيث النوعية، فقد ترافقت هذه الاقتحامات مع أداء صلوات علنية ورقصات كبيرة استفزازية في المسجد الأقصى، ولا سيما في ساحته الشرقية التي باتت تشبه كنيسًا غير مرئي مقامًا على أرض المسجد الأقصى.
إعلانوهذا ما حدا بعضو الكنيست المتطرف عن حزب الليكود عميت هاليفي للتصريح لموقع القناة السابعة الإسرائيلية، بأن هذا الحدث يمثل "انتصارًا كاملًا" لإسرائيل، مستعيرًا هذا التعبير من رئيس حكومته نتنياهو الذي ينادي دائمًا بما يسميه "النصر الكامل" في حربه على قطاع غزة.
وللمفارقة، فهذا الشخص هو صاحب مقترح تقسيم الأقصى بنسبة 30٪ للمسلمين، و70٪ لليهود، الذي قدمه للكنيست منتصف عام 2023.
في نفس اليوم تناقلت نشرات الأخبار صورَ الاقتحامات الضخمة – التي قامت بها مجموعات المستوطنين، بقيادة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير- المسجدَ الإبراهيمي في الخليل الذي أغلق بالكامل في وجه المسلمين لصالح المستوطنين، بزعم احتفالهم بالفصح العبري.
علمًا أن هذا الإغلاق يأتي بعد انتهاء شهر رمضان المبارك الذي شهد بالمقابل رفض سلطات الاحتلال لأول مرة إغلاق المسجد الإبراهيمي في وجه المستوطنين لصالح المسلمين، في أيام الجمعة في شهر رمضان، كما كان معمولًا به ضمن سياسة التقسيم الزمني التي تعمل بها منذ خمسين عامًا في المسجد الإبراهيمي، فتم بذلك تجاوز هذه السياسة وبات المسجد الإبراهيمي كنيسًا بالكامل حسب التعامل الإسرائيلي.
هذه الأحداث تفتح سؤالًا حول جدلية الاقتحامات نفسها، ولماذا تصرّ عليها جماعات المعبد المتطرّفة، وما هي ظروف القيام بها بهذا الشكل والكمّ، وماذا تعني زيادة أعداد المقتحمين المسجدَ الأقصى كل عام؟ خاصةً إذا علمنا أن الحاخامية الرسمية لدولة الاحتلال لا تزال لا تعترف بهذه الاقتحامات، ولا بالطقوس التي تتم خلالها.
لدراسة هذا الأمر ينبغي أن نفهم أن الخلاف على موضوع دخول اليهود منطقة المسجد الأقصى بين التيارات الدينية في إسرائيل قديمٌ فعليًا، ونحن نتحدث هنا عن تيارين رئيسيين: الأول هو التيار الديني التقليدي الذي تمثله في هذه المعادلة مؤسسة الحاخامية الكبرى لدولة الاحتلال، والثاني هو التيار الديني الخَلاصي الذي يمثل آراءَه الدينية التقاءُ مدرستين متطرفتين كبيرتين هما: مدرسة الحاخام غرشون سلمون بتركيزه على ضرورة إقامة المعبد الثالث لقدوم المسيح، ومدرسة الحاخام مائير كاهانا زعيم حركة "كاخ" الإرهابية بتركيزه على ضرورة "تطهير" منطقة المسجد الأقصى من الوجود الإسلامي، للتمهيد لقدوم المسيح، وما تفرع عنها من مؤسسات متطرفة ينضوي أغلبها اليوم ضمن ما يسمى تيار "الصهيونية الدينية".
إعلانفمؤسسة الحاخامية الرسمية الكبرى في إسرائيل ما زالت تتمسك برأيها التقليدي في منع اليهود من دخول منطقة المسجد الأقصى بالكامل؛ بسبب ما يسمى "نجاسة الموتى" التي لا يتم التطهر منها إلا برماد بقرة حمراء، الأمر الذي يعتبر معجزةً منتَظرةً لدى التيار الديني الحريدي التقليدي في العالم.
ففي أعراف هذه الأوساط، لم تظهر في الأرض بقرة حمراء كاملة مطابقة للشروط الشرعية منذ ألفَي سنة إلى اليوم، وهنا أتت قصة البقرات الحمراء الخمس التي ولدت في تكساس بالولايات المتحدة وأُتي بها إلى البلاد عام 2022 لتضفي المزيد من الانقسام على المجتمع المتدين في هذا الموضوع.
حيث إن الأسطورة الدينية التي تؤمن بها الأوساط الدينية بشكل عام تقول إن طقس التطهير ذلك قد تم في التاريخ اليهودي تسع مرات، ويفترض أن المرة العاشرة القادمة ستكون على يد المسيح المنتظر.
وهو الأمر الذي جعل المؤسسة الدينية التقليدية ترفض الاعتراف بالبقرات الحمراء أميركية المولد. وترى هذه المؤسسة التقليدية أنه عندما يحين الوقت المناسب فإن المعجزات المنتظرة ستظهر من تلقاء نفسها، سواء البقرة الحمراء، أو نزول المسيح المخلص المنتظر، أو نزول بيت الرب (المعبد الثالث) من السماء ليحل على الأرض.
في مقابل هذه المدرسة، تأتي مدرسة التيار الديني الخَلاصي الذي يقود عملية الاقتحامات، وتغيير الوضع القائم في الأقصى، والذي ينطلق من فكرة أنه هو الذي يقع عليه واجب "تنفيذ إرادة الرب" في إحداث المعجزات التي ينتظرونها. وهذه النظرية تنطلق منها فكرة الاقتحامات تحت عنوان أن المقتحمين يمثلون "يد الله العظمى".
وتقوم هذه النظرية في الأساس على أن المعجزات الإلهية المذكورة في الكتب المقدسة لا بدّ لها من يد تنفذها وتجعلها حقيقةً واقعةً، وهو الأمر الذي كان ينادي به كل من الحاخام مائير كاهانا زعيم حركة كاخ، والحاخام غرشون سلمون زعيم جماعة أمناء جبل المعبد. بخلاف واحد أساسي بين الطرفين؛ حيث كان كاهانا يرى أن الأولوية يجب أن تكون "لتطهير" الأرض المقدسة من الفلسطينيين وتخصيصها لليهود فقط أولًا، وهو ما سيكون مقدمة نزول المسيح ليبني المعبد الثالث. وبالمقابل كان سلمون يرى أولوية العمل على بناء بيت الرب (المعبد الثالث) في المسجد الأقصى، وهو ما سيكون مقدمة نزول المسيح.
إعلانويزاوج اليوم تيار الصهيونية الدينية بين آراء الطرفين، حيث يعمل على صعيد إزالة الوجود الإسلامي من المسجد الأقصى، والفلسطيني بالكامل من الأراضي الفلسطينية، في نفس الوقت الذي يعمل فيه على إقامة المعبد الثالث داخل المسجد الأقصى.
وبالرغم من التّباين الواضح بين كاهانا وسلمون، فإن تيار الصهيونيّة الدينية نجح في دمج الآراء تحت عنوان موحّد، هو تغيير الوضع الراهن في المسجد الأقصى، وتحقيق السيادة اليهوديّة الكاملة عليه.
هذا الأمر هو الذي تنطلق منه فكرة الاقتحامات المتعددة للمسجد الأقصى، فتيار الصهيونية الدينية الذي تتبع له جماعات المعبد المتطرفة، يرى أن تغيير الوضع القائم لا بدّ أن يمرّ من بوابة العدد، وتحقيق الأمر الواقع على الأرض.
والخطوة الأولى في هذا السياق تتمثل بالطبع في جمع أكبر عدد من اليهود اليوم داخل المسجد الأقصى، بحيث تتحوّل القضية إلى قضيةِ رأي عامّ، ومسألة لا نقاش فيها على المستوى الإسرائيلي.
فتكثيف الوجود اليهودي في الأقصى عبر كثرة الاقتحامات، وأداء الطقوس الدينية كاملةً داخل المسجد لا بد أن يعد – في نظر هذه الجماعات – معجزةً إلهيةً بحد ذاته.
لأنه يعطي إشارةً للرب على جدية الشعب اليهودي في بناء بيت الرب (المعبد الثالث) واستئناف الحياة الدينية في المنطقة كما ترويها النصوص الدينية المقدسة لديهم، وهو ما سيُلجِئ الرب في النهاية – حسب تعبير هذه الجماعات – إلى الاستجابة لشعبه والإذن بنزول المسيح المخلص عليهم.
وهكذا تكون هذه الجماعات قد "أجبرت" الرب على تنفيذ وعوده المكتوبة في النصوص المقدسة.
بناءً على ذلك، فإن أفراد هذه الجماعات يرون في كسر فتوى الحاخامية التقليدية، والتوجه بأعداد كبيرة إلى المسجد الأقصى، تثبيتًا لكونهم "رسلًا" لله في بيته، يقيمون كافة الشعائر الدينية حتى يضطر الإله إلى الاستجابة لهم، بل إن هذه الجماعات ترى أنه كلما ازدادت الأعداد، فإنها تفسر ذلك على أنه إشارةٌ إلهيةٌ خفيةً بالموافقة على نهجهم، وإلا لكان الرب قد أرسل عليهم عقابًا وقوةً قاهرةً تمنعهم من دخول بيته المقدس.
إعلانهذه النظرية الخطيرة تعني أن المؤمنين بها لا يرون خطورةً فيما يفعلونه من تصعيد داخل المسجد الأقصى، لأنهم يؤمنون بأنهم أداةٌ إلهية في مهمة إلهية لمساعدة الرب على تنفيذ وعوده، وهذه مسألة خطيرة أدت في السابق إلى كوارث لم يكن أقلّها إحراق الجامع القبلي في المسجد الأقصى في أغسطس/ آب عام 1969 على يد المسيحي الأسترالي المتطرف دينيس مايكل روهان، الذي ادعى أثناء محاكمته أنه أحرق المسجد الأقصى تنفيذًا لنبوءة في سِفر زكريا بالتوراة، وأنه كان مجرد أداة لتنفيذ مشيئة الرب، وهذا يعني أن تيار الصهيونية المسيحية لا يقل خطورةً في آرائه الرعناء عن هذه الجماعات، فهو يدعمها بكل قوته ويرى فيها أملًا بعودة المسيح.
إن الحقيقة التي يجب أن نفهمها هي أن الصمت العربي والإسلامي على هذه التطورات، تفسره هذه الجماعات المتطرفة على أنه إشارةٌ إلهيةٌ بالرضا عن تحركاتها، مما يغريها بالمزيد من التقدم في مشاريعها، وهذا عكس ما يظن الداعون إلى الصمت بدعوى "عدم استفزاز" الاحتلال، والذين يدعون أن أي تحرك مضاد للاحتلال في المسجد الأقصى يعتبر "استفزازًا"، وأن الصمتَ والصبرَ على ما يفعله سيجعلانه فاقدًا للمبررات.
فالاحتلال – عبر تيار الصهيونية الدينية – لا ينتظر المبررات، وإنما يرى أن هذا الصمت المخيم على الحكومات والشعوب العربية والمسلمة فيما يتعلق بما يجري في المسجد الأقصى يعتبر إشارةً إلهيةً للمضي قدمًا أكثر وأكثر في فرض السيادة الإسرائيلية الكاملة التي كان يطالب بها مائير كاهانا، وبناء المعبد الثالث مكان المسجد الأقصى، كما كان ينادي غرشون سلمون.
والعكس صحيح، فإن تصاعد الرفض والمقاومة الشعبية العارمة لهذه المشروعات، كما حدث في عدة هبّات جماهيرية سابقة في القدس يفسره أفراد هذه الجماعات على أنه إشارةٌ إلهية برفض تحركاتهم وعدم الرضا عنها، وبالتالي التوقف عن الاعتداء على المسجد الأقصى.
إعلانالآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline