في مقال نشرته أمس الأحد، اعتبرت صحيفة لوموند أن المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية دونالد ترامب غيّر سلوكه وبات يعتبر أن المسيحيين يحبون إسرائيل أكثر من اليهود أنفسهم.

وقال البروفيسور بجامعات العلوم السياسية بفرنسا جون بيير فيليو، في مقال بالصحيفة، إن ترامب صعّد من موجة اتهاماته لمواطنيه اليهود بضعف "الولاء" تجاه إسرائيل وتجاه المعسكر الجمهوري.

اقرأ أيضا list of 3 itemslist 1 of 36 عيوب قاتلة لدى دونالد ترامبlist 2 of 3أورورا.. ساحة حرب يقودها ترامب "لتحرير أميركا"list 3 of 3ترامب زاعما زيارتها: غزة أفضل مكان بالشرق الأوسطend of list

ومع تزايد حدة حماسه مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقررة في الخامس من الشهر المقبل، تصاعدت العدائية في خطاب ترامب الذي لم يستثنِ اليهود الأميركيين، قائلا إنه "يجب عليهم أن يخضعوا لفحص عقلي" إذا استمروا في عدم التصويت له.

وحسب المقال، أعطى أكثر من ثلاثة أرباع اليهود الأميركيين أصواتهم للمرشحة الديمقراطية السابقة هيلاري كلينتون عام 2016 وللرئيس الديمقراطي الحالي جو بايدن في 2020.

ويعتبر ترامب أن ما قام بها خلال ولايته من 2017 إلى 2021 لصالح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يجب أن تكسبه دعم اليهود الأميركيين دون شروط.

واستذكر فيليو حادثة في 2019، عندما أطلق ترامب على نتنياهو خلال كلمة أمام يهود جمهوريين مصطلح "رئيس وزرائكم"، لكنه تراجع اليوم عن هذا الحماس، معتبرا أن "المسيحيين يحبون إسرائيل أكثر من اليهود".

التاريخ الطويل للصهيونية المسيحية

وحسب ترامب، فإن هؤلاء "المسيحيين" الذين يدعمون إسرائيل، يشاركون أكثر من اليهود في "صهيونية مسيحية" ظهرت في البروتستانتية الأنغلوساكسونية بين 1840 و1850، أي نصف قرن قبل الصهيونية اليهودية الحقيقية.

وبينما تسعى الصهيونية اليهودية إلى بناء الشعب اليهودي كأمة في مواجهة معاداة السامية الأوروبية، تتطور الصهيونية المسيحية بناء على قراءة تسمى "إنجيلية" للعهد القديم، وهي الخلاص للمؤمنين المسيحيين، ويعتمد في هذا المعتقد الإنجيلي، على "استعادة" الشعب اليهودي "أرض إسرائيل"، وهي "استعادة" تشكل شرطا مسبقا لإقامة ملكوت الله، حسب معتقدهم.

وقال الكاتب إن مدينة شيكاغو استضافت عام 1890 أي قبل 7 سنوات من المؤتمر التأسيسي للصهيونية اليهودية في بازل، مؤتمرا ينظمه واعظ إنجيلي ينادي بـ"إعادة فلسطين إلى اليهود".

ويدعم المنتخبون من الحركة الإنجيلية بنفس الحماس القيود المفروضة بين 1921 و1924 على الهجرة، وخاصة اليهودية، إلى الولايات المتحدة، وإقامة "وطن قومي للشعب اليهودي" في فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني.

ويرى فيليو أن هذه الصهيونية المسيحية، التي تم تعزيزها بالفعل بإنشاء إسرائيل في 1948، أصبحت أكثر قوة بعد احتلال إسرائيل في عام 1967 للقدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة.

ويرى الإنجيليون الأميركيون في هذا الاحتلال تحقيقا للنبوات، بينما تظل الجالية اليهودية غالبا ملتزمة بتسوية تفاوضية قائمة على مبدأ "الأرض مقابل السلام".

وعلى عكس ذلك، يرفض الصهاينة المسيحيون بشدة أي تنازل إقليمي، مما دفع في عام 1995، إسحاق رابين، رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، المنخرط في عملية سلام مع منظمة التحرير الفلسطينية، إلى إدانة "الضغوط في الكونغرس الأميركي ضد الحكومة الإسرائيلية المنتخبة ديمقراطيا".

وبعد فترة وجيزة، اغتيل رابين على يد متطرف يهودي وإسرائيلي، واعتبره جون هاجي، مؤسس حركة المسيحيين المتحدين من أجل إسرائيل في تكساس، "مسرعا للنبوة التوراتية".

انتهاكات متزايدة لمعاداة السامية

واعتمد نتنياهو -الذي كان في السلطة بإسرائيل من عام 1996 إلى 1999، ثم من 2009 إلى 2021، ومرة أخرى منذ ما يقرب من عامين- في الولايات المتحدة على الصهاينة المسيحيين بدلا من الجالية اليهودية، التي اعتبرها تقدمية ونقدية للغاية. في المقابل، يقدم له المحافظون الإنجيليون دعما غير مشروط لأنه يستند على الإيمان وليس على المنطق.

وتوجت مثل هذه التحالفات تحت رئاسة ترامب الذي نفذ بين عامي 2018 و2019 سلسلة من الخطوات أضرت بالشرعية الدولية في المنطقة، لكن ذلك لاقى استحسانا كبيرا لدى نتنياهو، وهي:

نقل السفارة الأميركية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس (وهو إجراء لم يتبعه سوى غواتيمالا وهندوراس وكوسوفو وبابوا غينيا الجديدة). انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق الدولي بشأن البرنامج النووي الإيراني، مما أبطله فعلا. تعليق التمويلات الأميركية لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان السورية المحتلة منذ 1967. قام نتنياهو بإطلاق اسم "ترامب" على مستوطنة جديدة في الجولان.

ومنذ مغادرة ترامب البيت الأبيض عام 2021، لم يتوقف عن تعزيز خطابه التآمري، إلى درجة جعل مواطنيه اليهود مسؤولين عن هزيمته المحتملة في الانتخابات المقبلة، حسب فيليو.

ومع ذلك، يضيف الكاتب، فإن مثل هذه الانحرافات الخطيرة لا ينبغي أن تكون مفاجئة عندما نعلم المصير المخصص لليهود في نهاية الزمان وفقًا للصهاينة المسيحيين (سيتم إبادة ثلثي اليهود وسيكون ثلث واحد فقط قادرا على البقاء بفضل تحوله إلى المسيحية).

ويختم فيليو مقاله بالقول إن هؤلاء الأصوليين الأميركيين يرون حرفيا "هرمجدون" المواجهة الأبوكاليبتية (النهائية) في مجدو، شمال غربي مدينة جنين الفلسطينية (شمال إسرائيل). ومن ثم فإن مثل هذه النبوءات تتردد بطريقة مشؤومة بشكل خاص في هذه الأوقات من المزايدات الانتخابية في الولايات المتحدة والتصعيد الجامح في المنطقة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الولایات المتحدة أکثر من

إقرأ أيضاً:

أميركا تدع حرب لبنان تأخذ مسارها .. تقرير يكشف

سرايا - بعد أن ألمح مسؤولون أميركيون إلى أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تدفع نحو استخدام هجوم إسرائيل على حزب الله كفرصة لإنهاء هيمنته التي استمرت لفترة طويلة من خلال انتخاب رئيس لبناني جديد، يبدو أن الولايات المتحدة استقرت على نهجها هذا.

فقد أفاد تقرير جديد لوكالة "رويترز" اليوم السبت، بأن المسؤولين الأميركيين تراجعوا عن دعواتهم لوقف إطلاق النار بدعوى تغير الظروف.

وأشار التقرير إلى أن هذ النهج يبدو جدياً بالنسبة للولايات المتحدة، مستشهدين بكلام المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في مؤتمر صحافي قبل أيام حينما قال: "ندعم إسرائيل في شن هذه الهجمات بهدف تدمير البنية التحتية لحزب الله حتى نتمكن في نهاية المطاف من التوصل إلى حل دبلوماسي".

وذكر أن أميركا استقرت بعد دبلوماسية مكثفة على مدى أسابيع بهدف وقف إطلاق النار، على نهج مختلف تماما مبني على ترك الصراع الدائر في لبنان يأخذ مساره.

كما لفت إلى أن هذا التغيير يعكس في المسار التضارب في الأهداف الأميركية المتمثلة في احتواء الصراع المتنامي في الشرق الأوسط، وفي الوقت ذاته إضعاف حزب الله المدعوم من إيران بشكل كبير.

كذلك أشار إلى ما قاله جون ألترمان المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية، بأن الولايات المتحدة تريد أن تؤدي الحملة الإسرائيلية إلى إضعاف قدرات حزب الله بيد أن عليها أن توازن بين ذلك، وبين احتمال خلق فراغ في لبنان أو إشعال فتيل حرب إقليمية.

وأضاف أن نهج واشنطن يبدو كما يلي "إذا لم تتمكن من تغيير النهج الإسرائيلي، فمن الأفضل أن تحاول توجيهه بطريقة بناءة".

زعماء لبنانيين رئيسيين
وكانت أميركا قبل أسبوعين طالبت مع فرنسا بوقف فوري لإطلاق النار لمدة 21 يوما لدرء غزو إسرائيلي للبنان، لكن هذه الجهود تعثرت بسبب اغتيال إسرائيل للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وبدء العمليات البرية الإسرائيلية في جنوب لبنان في الأول من أكتوبر/تشرين الأول والغارات الجوية الإسرائيلية التي طالت قياديين بالحزب في قلب بيروت.

ومن المؤكد أن الولايات المتحدة وإسرائيل ستستفيدان من إلحاق الهزيمة بعدو مشترك هو حزب الله الذي تستخدمه طهران لتهديد الحدود الشمالية لإسرائيل، رغم أن تشجيع الحملة العسكرية الإسرائيلية المتوسعة ينذر باندلاع صراع يخرج عن السيطرة، وفقا لـ"رويترز".

أما المبادرة الأميركية الفرنسية، فكانت تعتمد على زعماء لبنانيين رئيسيين، بما في ذلك رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يمثل قناة رئيسية لحزب الله في مفاوضات وقف إطلاق النار، وفقاً لدبلوماسيين مطلعين على المناقشات.

يذكر أنه ومنذ نهاية عهد الرئيس اللبناني السابق ميشال عون الذي كان متحالفاً مع الحزب، نهاية العام 2022، لم يتمكن البرلمان من الاجتماع لانتخاب رئيس جديد، جراء الخلافات السياسية بين الأحزاب المهيمنة على المشهد في البلاد، وعلى رأسهم حزب الله.


مقالات مشابهة

  • إيران توقف مباحثاتها مع أميركا
  • خبراء يحذرون من جر إسرائيل أميركا إلى حرب واسعة
  • نتنياهو: سنواصل عملنا على ضمان أمن إسرائيل في مختلف الجبهات
  • إيران: أميركا تعرض حياة جنودها للخطر بنشرهم في إسرائيل
  • أميركا تدع حرب لبنان تأخذ مسارها .. تقرير يكشف
  • أورورا.. ساحة حرب ترامب لتحرير أميركا
  • الشبكة اليهودية الدولية المناهضة للصهيونية تطالب بطرد سفيرة إسرائيل ببريطانيا
  • في يوم الغفران..يهود في بريطانيا يطالبون بطرد سفيرة إسرائيل
  • انتخابات أميركا.. أسواق المال تترقب بحذر سباق ترامب وهاريس